تفجير quot;ارهابيquot; استهدف الخميس منطقة يؤمّها السياح في مدينة مراكش واسفر عن مقتل 16 شخصًا

تعددت القراءات حول الجهة التي كانت وراء جريمة مراكش، محاولةً فهم الدوافع والأبعاد التي رسمتها الجهة المتورطة في هذا العمل الإرهابي وأهدافها من قتل أبرياء، في بلد يعيش فورة سياسية، يعوّل عليها في تحديد معالم تغيير ينشده المغاربة كافة.


باريس: وسائل الإعلام الفرنسية تعاملت مع الحدث كخبر رئيس، وخصصته له حيزًا مهمًا بالأخبار والتحليل، وذلك للمكانة التي يحتلها المغرب، وخصوصًا مدينة مراكش، في قلوب الفرنسيين، الذين فضل الكثير منهم الاستقرار في العديد من المدن المغربية، كالحمراء، زيادة على الاستثمار في هذا البلد المغاربي.

وإن كانت كل المعطيات تشير إلى أن الإرهاب ضرب بقوة من جديد مدينة غير عادية في الحياة السياحية والاقتصادية للمغرب، فقد صعب على الإعلام الفرنسي تسمية جهة معينة على أنها كانت وراء هذا الاعتداء، مذكرة بالماضي الدموي لمجموعة من الجماعات الإسلامية المتطرفة.

ويقرّ مراقبون أن هؤلاء المتورطين في هذا العمل الإجرامي لا ينسجمون مع رؤية العاهل المغربي للمشروع السياسي الحداثي، الذي يحمله لمصلحة البلاد، وينزعجون من إطلاق وتسريعورشات الإصلاحات التي تسير في اتجاهه، معبّرين عن ذلك بأعمال من صنف هذا الاعتداء.

تساؤلات تفرض نفسها

عن استهداف المغرب في هذا التوقيتتحديدًا،يقول المحلل السياسي المغربي مصطفى طوسة: quot;توقيت هذا الاعتداء يطرح تساؤلات عدة..هل لذلك علاقة بالمعادلة الأمنية الإقليمية التي يمرّ بها المغرب، والتي تتميز بانتعاش خطر لخلايا القاعدة المهجرة من الجزائر إلى منطقة الساحل الصحراوي؟، هل هي جواب على انخراط المغرب الفعال وغير المعلن في محاربة هذا التنظيم؟quot;.

المحلل السياسي المغربي مصطفى طوسة

ويضيف في السياق عينه أنquot;هناك تساؤلات عدة تصعب الإجابة عنهافي الظرف الحالي، وعلينا انتظار أن ينجلي الخيط الأبيض من الأسود، عبر تحريات أجهزة الأمن ومعرفة الجهة التي تبنت هذه العملية...quot;.

ويؤكد طوسة أن quot;هذه العملية سيكون لها انعكاسات على المشهد السياسي المغربيquot;، مستدركاً، quot;لكنلا أتوقعأن تكون هناك فرملة مفاجئة لعملية الإصلاح السياسي التي يشهدها حاليًا المغرب مواكبة لتداعيات الربيع الديمقراطي العربي...quot;.

وذلك، يعتقد مصطفى طوسة، quot;لاعتبار بسيط، وهوأن هذه العملية أصبحت ضرورة سياسية حيوية لضمان نوع من الاستمرارية وتجنب قطيعة على الطريق التونسية أو المصرية... quot;.

ويتابع هذا المختص في الشأن المغربي والعلاقات المغربية الفرنسية، quot;هذا لا يعني أنه داخل البيت المغربي لا توجد قوى ستسعى إلى استثمار هذه المعطيات الجديدة لفرض رؤى أمنية تهددها الشفافية التي يفرضها الأداء الديمقراطيquot;.

من المستفيد من هكذا اعتداء؟

عن المستفيد من هذا الاعتداء، يقول طوسة، quot;بصراحة... المستفيدون ينقسمون إلى فئتين، الفئة الأولى مكونة من العدو الخارجي، الذي يجد مصلحة إستراتيجية في إبقاء المغرب في بؤرة من الصراع الدائم والانكماش المستمر وعدم الاستقرار... ففي العقدين الأخيرين، عاش المغرب في علاقة مد وجزر بين الشمال الاسباني المناوئوالشرق الجزائري المعاديquot;.

أما الفئة الثانية فيحصرها طوسة في quot;القوى التي ترفض أي تغيير سياسي في المغرب، وتريد الحفاظ على النظام القديم الذي يضمن لها مصالحها، ويغلق الباب أمام إمكانية مساءلتها...quot;.

لا يربط الإعلامي والمحلل السياسي الحادث بالعفو، الذي استفاد منه العديد من الإسلاميين، لكون quot;الخطوة التي قام بها المغرب بإفراغ سجونه من عناصر إسلامية عرفت بتطرفها، كان من المفروض، نظريًا، أن تحصنه ضد هذه الاعتداءات...quot;، ويضيف quot;لكن لا أعتقد أن بين الحدثين علاقة ،إلا إذا دخلنا في فرضية انتقام، وهي في رأيي مستبعدةquot;.

وعكس ما اعتقده بعض المراقبين أن هذا العمل الإرهابي كان بمثابة رسالة كذلك إلى باريس، لا يعتقد مصطفى طوسة quot;أن هذه الفرضية واردة في اعتداء مراكش، لأنه إذا سلمنا أن تنظيم القاعد في المغرب الإسلامي هو الذي يقف وراء هذه العملية، فهذا التنظيم في علاقة مع الفرنسيين عبر عملية خطف واحتجاز مواطنين فرنسيين ..quot;.

مصادر طبية مغربية تتحدث عن مقتل ثمانية فرنسيين

ويستطرد في الاتجاه نفسه أن quot;عملية توجيه رسالة الى باريس بالمرور عبر بوابة مراكش يبدو أقرب إلى الخيال العلمي منه إلى الواقع السياسي.... فمرتكب اعتداء مراكش كان يريد صدى وآذانًا مغربيةhellip;quot;، بحسب تعبيره.

تخوفات الصحافي الفرنسي جوزيف التوال

من جهته، فسّر الصحافي الفرنسي المعروف جوزيف التوال استهداف مراكش لكونها quot;المدينة التي تجلب الكثير من السياح الوافدين من العالم بأسرهquot;، مضيفًا أنها quot;كانت طريقة، مؤسفة، لخلق أكبر قدر من ردود الفعل على مستوى العديد من الدولquot;.

ويعتقد طوال quot;أن الامتداد الديمقراطي لحركة 20 فبراير لا يخيف الملكية فقط، وإنما الإرهاب الإسلامي كذلكquot;، على حد تعبيره، وإن كان quot;ليس هناك أي شيء بالمطلق يمكنه أن يبرر الإرهابquot;.مشيرًا إلى quot;أن الحركة تقوت أكثر بعد خطاب 9 مارسquot;.

وللمرور قدمًا نحوالديمقراطية، رغم هذه الظروف، يقول التوال quot;على الشعب المغربي الانخراط في دينامية حركة 20 فبراير لخلق شروط ديمقراطية شرعيةquot;.

كما عبّر عن quot;تخوفهquot; من أن يتكرر ما quot;حدث خلال حقبة الحسن الثاني، الذي استغل الحرب الباردة، لإرساء سنوات الرصاصquot;، بأن quot;يجازف محمد السادسquot;، هذه المرة، quot;بسلك الطريق نفسه باسم محاربة الإرهابquot;، على حد تعبيره.