من الغريب أن الحكومة الباكستانية لا تزال ملتزمة الصمت إزاء مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن على أراضيها، صمت لم يخرقه سوى بيان يتيم أصدرته وزارة الخارجية (الباكستانية) ظهر اليوم يؤكد أن الولايات المتحدة هي التي قامت بتنفيذ العملية، التي أدت إلى طيّ صفحة بن لادن، ولم تشترك فيها القوات الباكستانية.


جنود في بالكستان يتابعون أخبار مقتل اسامة بن لادن

إسلام آباد: أوضح بيان لوزارة الخارجية الباكستانية أن الرئيس الأميركي باراك أوباما اتصل بنظيره الباكستاني زرداري لإطلاعه على مقتل بن لادن، في حين نقل عن رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني أن باكستان لن تسمح لأحد باستخدام أراضيها ضد أي أحد.

كما إن المبعوث الأميركي الخاص مارك كراسمان أجرى لقاء مع رئيس الوزراء على رأس وفد اليوم الاثنين. وقد أشارت تقارير إلى أن رئيس الوزراء قال لكراسمان إنه لا ينبغي إطلاق أي تصريحات مثيرة حول مقتل بن لادن.

على صعيد آخر، هددت حركة طالبان باكستان المحظورة بتنفيذ عمليات ضد المصالح الأميركية والباكستانية انتقامًا لمقتل أسامة بن لادن؛ إلا أنه لم يتم إصدار أي بيان خاص في هذا الصدد.

وكان الشعب الباكستاني صحا من النوم يوم أمس (الاثنين) ليفاجأ بخبر مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن في مدينة أيبت آباد، التي تؤوي أكبر كلية عسكرية لتخريج الضباط، إضافة إلى إيوائها مراكز التجنيد في عدد من الفيالق العسكرية. وبدأ الضباب حول هذا الموضوع يتقشع مع مرور الوقت، ووصول ممثلي وسائل الإعلام إلى المنطقة لنقل ما يجري هناك مباشرة على الهواء.

قتل أسامة بن لادن في حي يقع على مسافة نحو 800 متر من الكلية العسكرية في سفح جبال أيبت آباد؛ إلا أن الحي يقع وسط حقول خضراء وعلى مسافة من الطريق العام.

من جهة أخرى، أفادت مصادر من مدينة أيبت آباد أنه تم اعتقال بعض الناس من منطقة quot;بلال تاونquot; في مدينة أيبت آباد، ونقلوا إلى موقع مجهول، بينما استمرت عملية نقل الأغراض والأنقاض من موقع الهجوم بشاحنات عسكرية حتى المساء. وقد وردت أخبار تفيد بخروج مسيرة في مدينة كويتا عاصمة إقليم بلوشستان، تؤيّد أسامة بن لادن، وقادها النائب على لوائح جمعية علماء الإسلام المولوي عصمة الله.

ويقال إن عدد المشاركين فيها كان يتراوح بين 1000 إلى 1200 شخص، في حين تتضارب آراء الشارع الباكستاني حول أسامة بن لادن بين مؤيد ومعارض؛ لكن معظمهم يرون أن العملية الأخيرة تدل على أن الولايات المتحدة تملك زمام الأمور في باكستان. كما إن المواطنين يرون أن الحكومة قد سمحت للولايات المتحدة التلاعب بأجواء البلاد وأراضيها حتى لم يبق للاستقلال معنى.

على صعيد آخر، يرى محللون أن مقتل بن لادن في مدينة عسكرية باكستانية سوف يكون سببًا لازدياد الضغوط الأميركية على باكستان من أجل اضطرارها إلى إجراء عمليات عسكرية حسب رغبتها، كما إن العملية الأخيرة تؤكد أن الولايات المتحدة لا تلقي بالاً لاستقلال باكستان وحساسياتها عندما يؤول الأمر إلى مصالحها.

في سياق مقابل، جددت الهند اتهامها باكستان بإيواء الإرهابيين وتصدير الإرهاب إلى العالم، مبررة ذلك بمقتل بن لادن ليس على الحدود الباكستانية، بل في مدينة ذات أهمية عسكرية.

بينما صرح الرئيس الباكستاني السابق الجنرال مشرف بأن مقتل بن لادن أمر مستحسن، مستدركًا بأنه كان ينبغي للقوات الباكستانية أن تقوم بتلك العملية بدلاً من السماح للقوات الأجنبية بتنفيذها، ومؤكدًا أنه لم يسمح للقوات الأميركية بأي عملية على الأراضي الباكستانية، بل الأجهزة الباكستانية هي التي قامت بالعمليات ضد القاعدة وتمكنت من اعتقال عشرات من عناصرها. ويتوقع أن تتبلور مواقف جميع الأطراف اليوم الثلاثاء.

هذا ويشير الخبراء إلى أن العملية الأخيرة ستكون ورقة ضغط بيد الولايات المتحدة لممارسة الضغط على باكستان لعمل المزيد في مجال مكافحة الإرهاب. وقد بدأت القيادات الأميركية تلمح إلى ذلك، حيث نقلت وسائل الإعلام تصريحات لنائب أميركي يدعو باكستان إلى تأكيد إخلاصها في الحرب على الإرهاب؛ لكن من يسأل كيف تمكنت الولايات المتحدة من تنفيذ عملية عسكرية في مدينة عسكرية باكستانية بدون إطلاع أحد؟.

الأكثر عرابة من ذلك أنه لم يتصد أحد إلى تلك المروحيات الأربع التي وصلت إلى موقع العملية. فهل سيواصل الحكام الباكستانيون بعد ذلك أيضًا الحديث عن استقلال البلاد واحترام حدودها؟.

إلى ذلك، دافع الرئيس الباكستاني اصف علي زرداري الاثنين عن بلاده ضد الاتهامات التي وجهت لها بعدم قيامها بمطاردة زعيم القاعدة اسامة بن لادن بما فيه الكفاية، مشددا على ان باكستان quot;شاركتquot; في العمل.

وقال في مقال نشرته صحيفة الواشنطن بوست quot;بالرغم من ان الاحداث التي جرت الاحد لم تكن ثمرة عملية مشتركة، فان عقدا من التعاون والشراكة بين الولايات المتحدة وباكستان ادى الى تصفية بن لادن المرادف للتهديد الدائم للعالم المتمدنquot;.

واضاف quot;نحن الباكستانيين شعرنا ببعض الارتياح لكون مساعدتنا في تحديد بريد لبن لادن قد ادى في نهاية الامر الى الاحداث التي جرت في هذا اليومquot;.

وكان سفير باكستان في الولايات المتحدة اعلن الاثنين ان اسلام اباد بدات quot;تحقيقا كاملاquot; حول اخفاقات اجهزتها الاستخبارية في عملية مطاردة اسامة بن لادن الذي قتله كوماندوس اميركي في مدينة قريبة من العاصمة الباكستانيةquot;.

وقال حسين حقاني لمحطة سي ان ان quot;من الاكيد انه كانت لبن لادن شبكة دعم. السؤال هو معرفة ما اذا كانت هذه الشبكة داخل الحكومة، داخل الدولة الباكستانية او المجتمع الباكستانيquot;.

واضاف quot;نعلم جميعًا ان بعض الاشخاص يشاطرون بن لادن التفكيرquot;. واوضح quot;من الثابت اذن انه كان يحظى بحماية من قبل بعض الاشخاصquot;.

وقال السفير الباكستاني في واشنطن quot;سوف نجري تحقيقًا كاملاً لتحديد سبب عدم نجاح اجهزتنا المخابراتية في تحديد مكانه في وقت مبكرquot;.