الإعلام الالكتروني كان أداة مهمة تحرك من خلالها الشباب العربي

إنتقد خبيران في الإعلام سياسة الحجب التي تتبعها السلطات في بعض الدول على المواقع الإلكترونية، مؤكدين أنها سياسة غير فاعلة، ويمكن تجاوزها بسهولة. كما أكد الخبيران الفلسطينيان في حديث مع إيلاف أن الإعلام الإلكتروني لم يكن محرك الثورات العربية، وإنما كان الأداة إلى ذلك.


أكد خبيران في المجال الإعلامي في فلسطين أن الإعلام الالكتروني كان أداة مهمة تحرّك وتنفّس من خلالها الثوار والشباب العربي لتميزه كثيرًا عن الإعلام التقليدي خلال الثورات العربية.

وقال الخبيران في حديث خاص مع quot;إيلافquot;: quot;إن الإعلام الالكتروني كان الأداة الفاعلة التي استخدمتها الشعوب في حراكها وثوراتها بعد وصول الشعوب إلى حد كبير من النضوج والوعي، الأمر الذي ساهم في انطلاق هذه الثورات لتصل إلى ما وصلت إليهquot;.

حجب المواقع غير فعّال

في هذا الاطار، أكد الدكتور عاطف سلامة، عميد كلية الاعلام في جامعة النجاح الوطنية، في لقاء خاص مع quot;إيلافquot;، أن الحجب الدائم للمواقع الالكترونية يكون غير فعال ومؤقتًا ولا يجدي من يحجبه نفعًا، لأنه سرعان ما تتغير هذه المواقعquot;.

وأشار سلامة إلى أن هناك بعض المواقع ومؤسسات الإعلام الالكتروني التي حجبت، ولاقت في المقابل مواقع أخرى تبرعت وتطوعت لنقل أخبارها ومعلوماتها، وبالتالي تجاوزت المنع المفروض عليها.

وقال سلامة: quot;إن ما يتميز به الاعلام الالكتروني يتمثل في أمرين، هو أنه أولا وقبل كل شيء يتميز بالسرعة الهائلة وبشكل دائم ومتواصل، بعكس الصحافة التقليدية التي تنشر أخبارها في اليوم التالي، والشيء الثاني والأساسي الذي لا يقل أهمية أن هامش أو إمكانية الرقابة على الإعلام الالكتروني هي أقل بكثير من إمكانية الرقابة على الإعلام التقليديquot;.

وأضاف: quot;تتمتع هذه المواقع والصحف الالكترونية، بما فيها صحيفة إيلاف، وكل من يحمل الخبر، بهامش كبير نسبيًا من الحرية في الكتابة والتأثير مقارنة بالإعلام التقليديquot;.

تداخل بين الالكترون والتشبيك

وحول ما يتميز به الإعلام الالكتروني عن الشبكات الاجتماعية، أكد سلامة أنه وفي حقيقة الأمر أن الإعلام الالكتروني والشبكات الاجتماعية تكمّل بعضها بعضًا، حيث إن التجزئة غير ممكنة.

ولفت سلامة إلى أن هناك حالة من التكامل، ولا يمكن الفصل بينهما، فكل ما يتعلق بالإعلام الالكتروني متوافر في الشبكات الاجتماعية، موضحًا أن هذه الأيام بتنا نشهد ما يسمى بـquot; الانفو ميدياquot;، أي الجمع بين وسائل عدة مع بعضها بعضها، حيث أصبح بالإمكان من خلال الهاتف النقال أن تدخل إلى الانترنت والمواقع بمعنى أنه أصبح هناك تداخل قوي جدًا وترابط وتشابك بين هذه الوسائل.

وأشار سلامة إلى أنه لا يمكن الفصل أو المفاضلة بينهما، وإنما لكل وسيلة إمكانية تكمل الإمكانية الأخرى. وفي ما يتعلق بنقاط الالتقاء ما بين الإعلام الالكتروني مع الشبكات الاجتماعية، أكد الأستاذ المشارك في كلية الإعلام في جامعة النجاح الوطنية، وجود العديد من النقاط، أهمها أنه إعلام مباشر سريع، نرى فيه اليوم مشاركة وتفاعلاً كبيرين من الجمهور.

وقال: quot;أصبحنا نرى ما يسمى بـquot;المواطن الصحافيquot;، حيث أصبح المواطن يلعب دورًا تحتاجه الفضائيات التي باتت تطلب من الناس أن يشاركوا ويساهموا بالتصوير وإعداد التقارير أو تزويدها بالمعلومات، وبالتالي فإن نقل المعلومة من خلال الشبكات الاجتماعية هو مهم ومهم جدًا، ورأينا تأثيره وتأثير هذه الشبكات في الثورات العربية والأحداث الكبيرة وفي تنظيم المظاهرات والنشاطات والفعاليات.

وأكد الدكتور سلامة، أن التداخل بينهما أصبح قويًا جدًا لدرجة إنه لا يمكن أن نتخيل عملاً جزئيًا لهذا أو ذاك من دون الآخر.

وحول ما إذا كانت هناك نقاط اختلاف أو تباعد بين الإعلام الالكتروني والشبكات الاجتماعية، قال عميد كلية الإعلام: quot;لكل وسيلة ظروف، ولكل وسيلة ميزتهاquot;.

وسيلة للتأثير

في ما يتعلق بنجاح الإعلام الالكتروني، حيث اخفق الإعلام التقليدي، أكد سلامة أن الإعلام الالكتروني قد نجح بالفعل، وقال: quot;لا أريد أن أقول إن الإعلام التقليدي أخفق، ولكن الإعلام الالكتروني ساهم مساهمة كبيرة في عملية التأثير على الشعوب العربيةquot;.

وأضاف: quot;الإعلام الالكتروني هو جزء له دوره، ولكن لا يمكن أن نأتي ونقول إن الفضائيات ليس لها دور، موضحًا أن الإعلام لم يقد إلى الثورات التي حدثت في البلدان العربية، ولكن الذي ساهم في الثورة العربية الكبرى الحديثة هو نضوج الشعوب العربية في مختلف الأقطار العربية لهذه الثورة، حيث أصبح هناك نضج وتراكم تاريخي قادا في هذا الاتجاهquot;.

ونوه عميد كلية الإعلام، إلى أن وسائل الإعلام الالكتروني والشبكات الاجتماعية شكلت آلة وعاملاً ووسيلة سهلة وسريعة وفعالة جدًا في التفاعل بنقل المعلومات، وبذلك أصبح يمكن أن نسميها أداة للثورة، وليس مسببًا لها.

وقال: quot;بدون أن يكون هناك نضوج وبدون أن تصل هذه الشعوب إلى درجة معينة من النضوج ومن الوعي الاجتماعي نحو الحراك الاجتماعي والتغيير والثورة معًا لم تقم هذه الثورات أبدًا، حتى وإن كان هناك إعلام الكترونيquot;.

نحو التطور

وعن مستقبل الإعلام الالكتروني في ضوء التغيرات التي جرت في العالم العربي، قال سلامة: quot;التغيرات ليست فقط في العالم العربي، وإنما بشكل عام، والتطورات تتجه نحو المزيد من تأثير هذه الأساليب، خاصة على فئات الشبابquot;.

وأكد أن التوجه يسير نحو دمج وسائل عدة في وسيلة واحدة، بحيث يمكنك الآن استخدام الهاتف النقال والدخول إلى الانترنت وكل المواقع، وباتت كل الإمكانيات الهائلة مفتوحة اليوم أمام المواطن.

وقال: quot;الآن ومع هذا الإعلام وهذه الشبكات، أصبح المواطن الذي كان سابقًا متلقيًا للمعلومات، صحافيًا ومرسلاً ومزودًا بالأحداث والأخبار على خلاف ما كان، ويعد ذلك تجديدًا يتجذر ويزداد ويرتفع إلى الأمام، في ظل الاختراعات والتطوراتquot;.

وحول إمكانية وجود توجه نحو قوننة الإعلام الالكتروني، أكد أنه لا يعتقد أن يقوم أحد اليوم، سواء أكان نظامًا أو سلطة بتقنين أو بمنع أو حظر الإعلام الالكتروني، موضحًا أنه ربما يكون هنا أو هناك بعض المحاولات لمنع جزئي، ولكن في حقيقة الأمر ما يميز هذا التوجه أنه لا يمكن حجبه أو إيقافه.

الغرس الثقافي

وقال: quot;نعلم أن إحدى النظريات الإعلامية المشهورة والمعتمدة هو ما يسمى بنظرية quot;الغرس الثقافيquot; بمعنى تعريض مجموعة من الناس لوسائل إعلام تقليدي خاصة، عادة تابعة للدولة، وبالتالي تصاغ صورة الواقع حسب ما تعطى وتزود به من معلوماتquot;.

وأضاف: quot;بالتالي تكون هذه الصورة مشوهة، ومن الأمثلة على ذلك المجتمع الإسرائيلي اليهودي، الذي يتلقى كل معلوماته من الإعلام الإسرائيلي العبري، وهو غير منفتح على أي إعلام آخر، وبالتالي الغرس الثقافي هناك، أي لدى المواطن اليهودي، كبير جدًا، حيث تكون معلوماته مشوهة وأحادية الجانب وغير موضوعية، كما إن وعيه للأمور نابع مما يتلقاهquot;.

وأكد سلامة، أن هذا الشيء أصبح غير ممكن تمامًا كالرقابة، حيث أصبح العالم منفتحًا بوساطة الإعلام الالكتروني والشبكات والمواقع الاجتماعية، وكل ما يدور الآن في الحياة الإعلامية، الأمر الذي ساهم في انفتاح الإنسان العربي وغيره نحو العالم.

وعما إذا كان الإعلام الالكتروني أعاد إلى السلطة الرابعة مكانتها، قال عميد كلية الإعلام: quot;نعم، وبالفعل ممكن أن أقول إن الإعلام الالكتروني لعب دورًا في استعادة الإعلام لمكانته ودوره كسلطة رابعة، لأننا بتنا نرى تغطية الأحداث مباشرة وبسرعة هائلةquot;.

وأضاف: quot;إن لم يكن ذلك من الصحافي، فمن المواطن الصحافي، ولا يمكن اليوم إخفاء أي شيء، وبالتالي تكون عملية الرقابة كالحراسة، والسلطة الرابعة هي أقوى بكثير على الأنظمة القمعية وغير القمعيةquot;.

سرعة واتساع

بدوره، أكد المدون والإعلامي أمين أبو وردة، أن الإعلام الالكتروني يتميز عن الإعلام التقليدي بالسرعة والاتساع واستخدام كل المؤثرات، إضافة إلى الجرأة وفتح المجال للتغذية الراجعة والمشاركة المباشرة، وسهولة الحصول والوصول إليه.

ونوه إلى أنه يتميز عن الشبكات الاجتماعية في عدم التركيز على الجوانب الشخصية والانطباعات، رغم أنه يلتقي معه في مجالات السرعة والاتساع والجرأة، وغالبًا ما يرتبط الإعلام الالكتروني بالتمويل أو الجهة التابعة بخلاف الشبكات الاجتماعية.

وعن نقاط الالتقاء بين الإعلام الالكتروني والشبكات الاجتماعية، قال أبو وردة: quot;إن نقاط الالتقاء تتمثل في الجدية في طرح الموضوعات، والتركيز على القضايا السياسية والاجتماعية وإفساح المجال في الرد والمشاركةquot;.

وأضاف: quot;إن نقاط التباعد والاختلاف تتمثل في طرح القضايا الشخصية باتساع وإفساح المجال للآراء الشخصية فقط في الشبكات الاجتماعية والتبعية للمالك أو المانح أو المشرف في الإعلام الالكتروني بعكس الشبكات الاجتماعية.

نجاحات ملموسة

في ما يتعلق بنجاح الإعلام الالكتروني، حيث أخفق الإعلام التقليدي في تحريك الشعوب العربية، رأى أبو وردة، أن الإعلام الالكتروني حقق نجاحات ملموسة متتالية بعد عقود طويلة من الإخفاقات التي مني بها الإعلام التقليدي في تحريك الجماهير العربية، بل أضحى الإعلام التقليدي بوقًا للأنظمة المستبدة في إبقاء الجماهير ميتة من دون حراك.

وقال: quot;هذا يسجل للإعلام الالكتروني، ومنه صحيفة إيلاف الالكترونية، الذي وصل إلى كل فئات المجتمع، في ظل التطور الحضاري، وبخاصة انتشار الانترنتquot;.

وعن مستقبل الإعلام الالكتروني في ضوء التغيّرات التي تحققت في العالم العربي، قال المدون والإعلامي أبو وردة: quot;باعتقادي أن المستقبل المنظور الآن يتجه نحو الإعلام الالكتروني، الذي استفاد من التطور التكنولوجي المتسارع في الإعلام، والذي يدمج وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية في صفحة الكترونية، مما جعلها البديل الأمثل للأشكال التقليديةquot;.

وأكد أن الخبر والحدث والمعلومة تنتقل الآن وبسرعة كبيرة عبر الموقع الالكتروني، مما جعلها مصدرًا للتبادل والتأثير بين كل الجهات ذات العلاقة.

وفي ما يتعلق بالتوجه نحو قوننة الإعلام الالكتروني ومدى التوجه نحو عصر جديد انطلاقًا من هذا المعيار، أكد أبو وردة، أن التوجه نحو القوننة جاء من قبل السلطات التي أضحت تخشى من تأثير الاعلام الالكتروني في محاولة لوضع اليد عليه والحد من تأثيره.

وأوضح أن هذه المحاولات جاءت تحت إطار قوننة الإعلام الالكتروني بسبب عدم القدرة بالاشكال التقليدية على محاصرته والحد منه، وبالتالي فإن القوننة ليست بريئة بقدر ما هي محاولة للتحايل عليه.

عزز دور السلطة الرابعة

وعما إذا كان الإعلام الالكتروني قد أعاد إلى السلطة الرابعة مكانتها، قال أبو وردة: quot;نعم بالتأكيد لقد اعاد الاعلام الالكتروني، وما تبعه من برامج التواصل الاجتماعي للسلطة الرابعة هيبتها وتأثيرها، وتمكنت من تحقيق الكثير من الاهداف والتغييرات التي يمكن القول إنها ثورات وانقلابات عجزت دول عظمى عن تحقيقها، وهذا يعطيها الحق لأن يطلق عليها الان السلطة الأولىquot;.

وأضاف: quot;من آثارها إجبار الإعلام الرسمي على تغيير سلوكه وطريقة مخاطبته للجمهور لأن استمراره على النهج السابق يعني مماته الى الأبد واندثاره، وهناك أمثلة حاضرة الآن في ظل ربيع الثورات العربية لدور الاعلام الالكتروني ومخرجاته في رفع قيمته وتأثيره.

على الصعيد الفلسطيني، وفي أحدث تبعات الإعلام الالكتروني والشبكات الاجتماعية، كان ما تناقله المدوّن منير الجاغوب، الذي كتب تدوينة سريعة أخيرًا، عن انتشار يافطات كبيرة على مداخل بعض المدن الفلسطينية، تشير إلى أن يوم القيامة سيكون في الحادي والعشرين من الشهر الجاري، وطالب بإزالتها، حيث لاقى الأمر اهتمامًا واسعًا من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وصولاً إلى المسؤولين، حيث أوعزت الدكتورة ليلى غنام محافظ مدينة رام الله قرارا بإزالتها على الفور، كما ساهم الإعلام الالكتروني والشبكات الاجتماعية في الحراك الفلسطيني لإنهاء الانقسام، وكان له دور بارز، كما أكد عدد من المسؤولين والناشطين في هذا المجال.