يرى الخبراء أن تأثير الإعلام الإلكتروني سيزداد أكثر من الإعلام التقليدي

حاورت ايلاف عددًا من الإعلاميين الإماراتيين حول واقع الاعلام الإلكتروني في زمن الثورات والتحركات الشعبية، المفكر والناقد العربي صالح هويدي اعتبر أن الاعلام الالكتروني أحدث ثورة إعلامية وضعت المادة والخبر والصوت والصورة بين أيدي القراء دون تمييز .اما الصحافية عائشة عبد الرحمن فتحدثت عن تجربة الإمارات في تطوير هذا النوع من الإعلام ، بينما تطرق الاعلامي أحمد حافظإلى دور الاعلام الالكتروني في إنجاح الثورات العربية .


أكد المفكر والناقد العربي الدكتور صالح هويدي أن الإعلام الإلكتروني برز بوصفه ثمرة لمرحلة ما بعد الحداثة وعصر العولمة الذي شهد تحولات طالت نواحي عدة من حياتنا المعاصرة ، لافتاً إلى أن الكثير من الأفراد وجدوا في الإعلام الإلكتروني بغيتهم في التواصل بيسر وحرية بعيدا عن الرقابة والحظر والتابوهات.ومن العوامل التي ساعدت الإعلام الإلكتروني على البروز في عالمنا العربي افتقار الاعلام التقليدي إلى المعايير الموضوعية - شأن سائر مجالات حياتنا- التي تتيح لعدد غير قليل من المواهب والإمكانات الجيدة العمل ضمن منظومتها، والتعبير عن إمكاناتها، لتبقى مهمشة، بعيدة عن ميدانها.
وفي العالم العربي، حيث يعاني النظام السياسي أزمات مزمنة وإشكالات مركبة تتصل بالحريات الشخصية والعدالة الاجتماعية والفقر والفساد والبطالة وانتشار الأمية والتخلف، يصبح الإعلام الإلكتروني أداة ناجعة للتعبير عن المواقف والكشف عن التجاوزات وتعرية المسكوت عنه.
معتبرا أن ذلك تجلّى حين التقت إرادة الجماهير أداتَها التي مكّنتها من تحقيق التواصل مع الملايين، خلال لحظات، لإبلاغ رسالتها، وفضح ممارسات الأنظمة، وتقديمها إلى العالم- حقيقة عارية دون quot;رتوشquot;- بالصوت والصورة، لتحدث هذا الدوي الساحر المهول وغير المتوقع.


واضاف quot;لقد دخل الاعلام الالكتروني منذ تلك اللحظة الفارقة مرحلة جديدة لم يعد فيها أمام الإعلام الحكومي فرص كبيرة للمنع والحجب والعرقلة. فكل ما يمكن أن تلجأ إليه الأنظمة ومن خلفها الإعلام التقليدي من تقنين أو خنق يمكن للاعلام الإلكتروني الالتفاف عليه وتجاوزه، عن طريق الحلول التقنية والفكر المتطور الدائب الذي يقف وراءهquot;.
وعن الاعلام الالكتروني في ظل الثورات والتحركات الشعبية الحالية، يقول quot;لا شك في أن الإعلام الإلكتروني الجديد قد أعاد السلطة للجماهير، ودعم السلطة الرابعة بروافد أكثر صدقاً وجرأة وسرعة في الوصول إلى الحقيقة وتغطية الأحداثquot;. مؤكداً أن تأثير الإعلام الإلكتروني سيزداد لأن المستقبل معه، فهو صوت المجتمع وصوت الشارع وسيتولى مهمة قيادة المجتمعات نحو غد أفضل وحياة كريمة.

من جهتها، أكدت الإعلامية الإماراتية عائشة عبد الرحمن أن الإمارات تعتبرمن أولى دول المنطقة التي عزّزت دور الإعلام الالكتروني من خلال تبنيها فكرة الحكومة الالكترونية التي أثبتت كفاءتها بشكل ساهم في الارتقاء الحضاري للإمارات ، حيث أصبح اليوم بإمكان أي شخص مقيم على أرض الإمارات أن ينجز جميع معاملاته الكترونياً خلال دقائق معدودة من مقر إقامته أو عمله دون الحاجة إلى الذهاب إلى المؤسسات الحكومية، واضافت quot;اعتقد أن الإمارات استطاعت أن تقضي بنسبة 85 % على الأمية الالكترونية بين مواطنيها وألزمت غالبية المقيمين على أراضيها بالتعاطي مع التقنيات الحديثة وهو الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تعزيز التواصل مع الإعلام الالكتروني الذي أجبر جميع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية على الاعتراف بدوره الفاعل والمؤثر في مختلف القضايا المطروحة بعد تميزه عن الإعلام التقليدي من خلال تقديم الخبر فور حدوثه بالصوت والصورة.
والاهم وفق عبد الرحمن أن الاعلام الالكتروني منح جميع القراء بلا تفضيل ميزة التعبير عن آرائهم في مجريات الأحداث من خلال مساحة التعليق على جميع ما ينشر دون قيود ، باستثناء ما يتعلق بالمعتقدات من إساءة، مشيرة إلى أن الاتجاه نحو التخصص في الصحف الالكترونية منحها طابع التعددية واضافت quot; نجد أن هناك صحفًا إخبارية أثبتت كفاءتها بجدارة واستطاعت التأثير في وقت قصيرفي صحف ورقية تجاوز عمرها عقودًا عدة ، إلى جانب الصحف الاقتصادية والرياضية والفنية التي باتت بمثابة مراكز معلومات ضخمة يمكن الاستعارة منها في أي وقت ممكن دون أي قيود تذكرquot;.


وذكرت أن الإمارات نجحت في تدشين عدد من الصحف الالكترونية المتخصصة ، فضلاً عن أن جميع المؤسسات الإعلامية في الإمارات بما فيها الصحف الورقية حرصت في ظل التطور التقني على إطلاق مواقع الكترونية لها لضمان مواكبة ومسايرة مختلف الصحف الالكترونية التي تتفوق على الفضائيات في نشر الخبر فور وقوعه بتفاصيل أشمل.
وقالت الإعلامية عائشة عبد الرحمن، quot;أصبحنا اليوم نسمع عن ونشارك في ندوات ومؤتمرات تعقد خصيصاً بهدف دراسة وتأثير الإعلام الالكتروني بعدما عانى الإعلام الالكتروني في بداياته التهميش والتقليل من دوره وأهميتهquot;. لافتة إلى أنه تم مؤخراً عقد ندوة في مركز الدوحة لحرية الإعلام في دولة قطر تحت عنوان quot; الإعلام والثورات العربية.. دوره وتأثيرهquot; حيث حرصت تلك الندوة على استعراض الدور الإيجابي للإعلام الالكتروني في تمكين المجتمعات والأفراد من التعبير عن مطالبهم ونشر المعلومة في زمن الرقابة.
وقد أوصت هذه الندوة بضرورة ايجاد الأطر القانونية التي تنظم الاعلام الالكتروني بما يضمن مصداقية ودقة ما يتم يتناقله من معلومات وصور وقد دعا المشاركون فيها مختلف الأنظمة والحكومات العربية إلى وقف ملاحقة الصحافيين وجميع مستخدمي الإعلام الالكتروني واستهدافهم والتضييق عليهم بما يتماشى والمواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحرية وصول الصحافيين إلى مواقع الأحداث. كما تطرقت تلك الندوة الى ضرورة كفّ الحكومات عن اتّباع سياسة حجب وإغلاق المواقع الاجتماعية والتشويش على إرسال المحطات الإخبارية واعتقال المدونين والمراسلين والكتّاب والمصوّرين.

الأبواب المغلقة
من جانبه، رأىالكاتب الصحافي أحمد حافظ رئيس تحرير صحيفة quot;وكالة سبورتquot; الالكترونية أن انطلاقة الصحافة الالكترونية شكلت ظاهرة إعلامية ناضجة ومتجددة ارتبط نفوذها بثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فأصبح المشهد الإعلامي ملكاً للجميع بعد أن كان مقتصراً على فئة محدودة من الناس، وهو الأمر الذي مكّن الصحافة الإلكترونية من فتح آفاق جديدة وأخرى مغلقة كان الإعلام التقليدي الرسمي مسيطرًا عليها، الأمر الذي ساهم بشكل كبيرفي التأثير في صناع القرار من ناحية، و تشكيل الرأي العام الذي استطاع أن يصنع ثوراته في مختلف الدول العربية من ناحية أخرى.
واضاف quot;استطاعت الصحافة الالكترونية أن تصنع نوعا من أنواع التلاحم بين مختلف الشعوب العربية الامر الذي ساهم ولا يزال يساهم في نجاح الثورات العربية quot;، موضحاً أن أخلاقيات العمل الإعلامي المسؤول ظهرت بشكل أكثر عمقا في الإعلام الالكتروني حيث لم يعد الرقيب حكومياً كما كان بالأمس بل أصبح الرقيب هو الضمير المهني للقائمين على الصحافة الالكترونية.

دعاية مضادة
وأشار حافظ إلى أن الصحافة الورقية تربّعت على مدى قرن ونصف القرن على القمة، إلا أنها تتجه حالياً نحو الانحدار لتسلم العرش لجيل جديد من الإعلام التقني الحديث لما تمتلكه من أدوات يعجز الإعلام الورقي عن مسايرتها، مؤكداً أن الصحافة الالكترونية باتت تكتسب الغطاء الشرعي لها بعد إطلاق الاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية في القاهرة تلك الخطوة التي تعكس مدى الاهتمام بالصحافة الإلكترونية في الوطن العربي.
وعلى الرغم من اقتناع الاعلامي أحمد حافظ بأن الغلبة خلال العقد المقبل ستكون للاعلام الالكتروني الا انه حذر من الفوضى التي ترافق إنشاء المواقع الالكترونية المتخصصة ببث الدعايات المضادة من جهات مشبوهة لا مرجعيات لها .
و أكد رئيس تحرير صحيفة quot;وكالة سبورتquot; الالكترونية أن أسهم أسواق الطباعة شهدت على مدار الأعوام الماضية انخفاضاً ملحوظاً، بخلاف بعض المطبوعات العالمية التي حافظت إلى حد ما على ثباتها عبر تقديم حلول تقنية تواكب القارئ العصري، في حين شهدت الصحافة الالكترونية إقبالا كبيراً من مختلف شرائح القراء، ومن المتوقع أن تتساوى عائدات قطاعي الطباعة والانترنت معاً بحلول العام 2018.

الإتحاد والشرعية
الإتحاد العربي للصحافة الإلكترونية هو أحد أنشطة الجمعية العربية للفضاء الإلكتروني وهي مؤسسة غير ربحية تعمل لخدمة المجتمع في المجالات الثقافية والاجتماعية والإعلامية.
ويمثل الإتحاد العربي للصحافة الإلكترونية أهم أنشطة الجمعية حيث يتولى مسؤولية تدعيم وتنمية مهارات العاملين في المهنة من خلال التدريب والعمل على مواكبة التطورات التكنولوجية عالميا وتسهيل حصول الأعضاء عليها. اضافة الى التعاون مع المؤسسات الإعلامية سواء على المستوى العربي أو الدولي والعملعلى نقل وتبادل الخبرات اضافة الى التنسيق العام لكل أنشطة الصحافة الإلكترونية في العالم العربي ومنح الشرعية الرسمية والمهنية للعاملين في الصحافة الإلكترونية ، إلى جانب تولي مهمة الدفاع عن حقوق وحريات الإعلاميين ضد أي اضطهاد فكري أو سياسي أو مهني قد يواجهونه خلال تأدية رسالتهم الإعلامية. كما تتولى المنظمة مهمة الدفاع القانوني لأعضائها أمام الجهات المعنية سواء المحلية أو الإقليمية أو الدولية.

ونشأت الصحافة الإلكترونية كوسيلة تعبير حديثة تتوافق مع الواقع العالمي الجديد، ونجحت في تأسيس أوضاع مهنية وعلاقات عمل جديدة ونظمت حقوقا إعلامية غير مسبوقة، كما قدمت إضافات كثيرة للمجال الإعلامي المكتوب والمرئي والمسموع، من خلال استخدام تقنيات التكنولوجيا الحديثة والتعاطي معها.
وفي إطار الأوضاع الإعلامية الجديدة للصحافة الإلكترونية التي فرضت نفسها بقوة على الواقع الإعلامي العربي، لم تظهر جهة أو هيئة أو تنظيم يجمع العاملين في الصحافة الإلكترونية ويساعد على تذليل الصعاب أمامهم لتأدية رسالتهم الإعلامية وتنظيم عملهم بالتعاون مع المؤسسات التابعين لها، على الرغم من ظهور بعض المحاولات المتفرقة التي بذلت جهودا لتحقيق هذا الأمل.
وانطلاقا من هذه الاسباب أخذ الاتحاد العربي للصحافة الالكترونية على عاتقه مهمة إنشاء كيان تنظيمي يعتبر المرجعية المهنية للعاملين في الصحافة الإلكترونية وأعلن من القاهرة عن إنشاء منظمة quot;الاتحاد العربي للصحافة الإلكترونيةquot; تحت شعار quot;إعلاميون بلا حدودquot; وهي منظمة مدنية تم تشكيلها بناء على الرغبة المتوافقة لجميع الأعضاء.
وقررت هيئة تأسيس الاتحاد أن تتخذ من القاهرة مقرا رئيسا للمنظمة، على أن يتم تأسيس فروع أخرى تتبنى الأهداف نفسها في مدن عربية أخرى.