يرى الإعلامي اليمني نبيل الصوفي إن إيلاف هي أولاحتراف عربيفي الصحافة الإلكترونية التي باتت فوق الزمان وأوسع من المكان. ويوضح أن شبكات التواصل الإجتماعي منبر لإشباع جوع الأفراد إلى التعبير.


صنعاء: يقول الصحافي اليمني نبيل الصوفي إن الإعلام الالكترونيهو عمل احترافي فيما الشبكات الاجتماعية مهما بلغت قوتها، فهي مجرد أدوات تواصل فردية ورغم أنها تستقطب اهتماما متزايدا في العالم العربي لكن فقط لجوع الناس وحاجتهم للتعبير الفردي. وبمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس جريدة إيلاف الإلكترونية، يقول الصوفي إنها quot;أول اشتغال عربي على صحافة الكترونية، ولكن حتى الآن لا ينظر إليها كما فعلاً تستحق. ولا تزال المؤسسات التقليدية العربية مانعة لمجرد الاعتراف بهذا العملquot;.

الإنترنت استقطب كل المعارك السياسية
ولا يربط الصوفي بين تأثير الإعلام الإلكتروني والحرية، فالانترنت مكّن الجميع من إنشاء وسائط للتعبير عن أنفسهم، سواء جماعات أو حتى أفراد. وأصبح للمرء فضاء يستخدمه او يشاركه فيه آخرون، أيا كانت حاجته أو رأيه أو نشاطه. ويوضح أن هذا يجعل السيطرة عليه بالغة الصعوبة. وكان الإنترنت أسرع من مناوئيه، ففيما تحتاج الدول إلى تقنيات باهظة الثمن للسيطرة، كما تفعل الصين مثلا، فإن الأفراد في المقابل لا يحتاجون أكثر من جهاز كمبيوتر مرتبط بالشبكة.

ويضيف أن التحدي في العالم العربي كان أكبر، لان المجتمع يتصارع في السياسات. ويصف الأنظمة السياسية العربية بـ quot;شديدة الوهن في علاقتها باحتياجات الناسquot; لافتاً إلى أن المسألة لا علاقة لها بالاستبداد ولا بالفقر، بل بقصور الرؤى الإدارية للنخب السياسية.

ويوضح قائلاً: quot;تعيش النخب العربية السياسية اهتمامات شخصية شديدة الاختلاف عمّا توظف من اجله المؤسسات العامة، لذا لم تحمنا دول التحرر العربي من الاستبداد ولا منحتنا ايجابيات الدول المستبدة. هذه النخب تدّعي الاهتمام بالتنمية أو بالحرية أو بالتعددية أو بالتنمية الصحية أو الرياضية، وهي في الحقيقة لا تفقه شيئا عن هذه الاحتياجاتquot;. يتابع: quot;الصين مثلا، وهي القلعة الباقية للقسوة الأحادية ضد التعدد السياسي، لكنّها حولت دخل الفرد الصيني، إلى مؤشر لتُقيِم هي وشعبها والعالم أداء الدولة الصينية.quot;

ويرى الصوفي أن في مجتمعنا العربي، تقوم أحزاب، بحيث لا فرق في أداء الأحزاب الحاكمة أو المعارضة. فالفرد رجلا أو امرأة، في أي عمر أو من أي جنس أو عرق أو منطقة أو اهتمام، لم يتحول إلى مصدر تحديد خيارات الحزب، وعليه، بقي المجتمع العربي مخنوقا سياسيا، سواء في الدول التعددية أو الأحادية، ومن هنا استقطب الإنترنت كل المعارك السياسية، لأنها معارك تختصر المعارك الكلية برمتها.

ويشير إلى أنه على الرغم من أن مستخدم الإنترنت العربي، يعاني المحظورات المختلفة، دينيا واجتماعيا، سواء بمحاصرة المحتويات المختلفة أو بحظر مواقع غير سياسية، كمواقع التبشير أو مواقع الجنس، فإن الجميع لا يتحدث عن هذا، بل يركز فقط على السياسة، لان الجميع يؤمن أن حجر الزاوية في التخلف هي السياسات. ومن هنا كسب الإنترنت قوته الأولى.

الإعلام التقليدي تحده الحدود... والإلكتروني فوق الزمان وأوسع من المكان

يختصر الصوفي الحديث حول تميز الإعلام التقليدي عن الإلكتروني بجملة أن الأخير quot;فوق الزمان، وأوسع من المكان، وأقرب لكل واحد منا من حبل الوريد، وموضوع حبل الوريد ليس شركا، فالإعلام فعلا حبل وريد لكل التحولات.quot;

ويؤكّد نجاح الإعلام الالكتروني حيث أخفق الإعلام التقليدي في تحريك الشعوب العربية. ويقول إنه فتح أفقاً... فبعد أن كان الإعلام التقليدي أول الأدوات التي تحدها الحدود، جاء الإنترنت وهتك ستار التواطؤ العربي الجمعي ضد الحرية الفردية أولا وأخيرا.

الشبكات الاجتماعية مجرد إشباع لجوع الناس للتعبير الفردي

يعتبر الصوفي الإعلام الالكتروني بأنه عمل احترافي أيضا، فالشبكات الاجتماعية مهما بلغت قوتها، هي مجرد أدوات تواصل فردية. ويؤكّد أنها تستقطب اهتماما متزايدا في العالم العربي ولكن فقط لجوع الناس وحاجتهم للتعبير الفردي. ويقول: quot;في كل وقت الناس يعودون للإعلام الالكتروني لأنه هو الذي يمنحهم آذانا ليسمعوا بها وعيونا ليروا بها.. quot; وبعد ذلك هم يستخدمون الشبكات للنقاش ووصف المجريات من زوايا شخصية.

ويصف الشبكات الاجتماعية بأنها جهد فردي، والصحافي الذي يكتب خبرا لموقع إلكتروني قد يتحيز فيه ويوجّهه، وشدّد على أن صياغة المواد للإعلام الالكتروني تختلف كلياً عن صياغتها في شبكات التواصل.

ويعطي مثالاً عن الفايسبوك في اليمن الذي يتحول وكأنه موقع إخباري ومنتدى للنقاش، لكن مع الوقت ينتبه الناس أن تعاملا كهذا يهدر الفايسبوك والإعلام الالكتروني في وقت واحد، quot;فسهولة فتح مستشفيات وبيع أدوية، لا تعني انه يمكن لمن فعل ذلك انه صار طبيبا.quot;

احتياجات الإعلام الالكتروني في ضوء المتغيرات في المشهد العربي

يرى الصوفي أن الإعلام الإلكتروني يحتاج تطويرا، quot;فهو للأسف حتى الآن لا يزال، ينظر له كتابع..quot;

ويضيء على تجربة إيلاف ويصفها بأنها أول احتراف عربي في صحافة الكترونية.. ولكن حتى الآن لا ينظر إليها كما تستحق فعلا..لا تزال المؤسسات التقليدية العربية مانعة لمجرد الاعتراف بهذا العمل.

ويشير إلى أن الحديث اليوم لا يجب أن يكون عن مستقبل الإعلام الالكتروني فحسب، بل عن الإعلام الإلكتروني نفسه كمستقبل للإعلام برمته.

يستبعد الصوفي إمكانية قوننة الإعلام الإلكتروني في هذا العصر، مشيراً إلى حاجة الإعلام للقوننة من ناحية العمل التنظيمي، التجاري. ويعتبر محاولات السيطرة السياسية أو غيرها، موضوعًا مستحيلا، لكن الصراعات قد تكلف الكثير من الجهد والوقت حتى يكف التفكير التقليدي في العالم العربي عن مثل هكذا محاولات.

موقع الإعلام من السلطة الرابعة مرتبط بمواجهة التقاسم الجماعي له

لا يجزم الصوفي بالقول إن كان الإعلام الالكتروني قد أعاد للسلطة الرابعة مكانتها بعد أن سيطر الإعلام الرسمي العربي لعقود طويلة. فمن جهة يعتبر الأمر صحيحاً، لكنه يعود ويقول إن الأمر ليس في مواجهة الإعلام الرسمي، بل في مواجهة التقاسم الجماعي للإعلام.. فالجماعات في كل الدول العربية سياسية كانت أو ثقافية أو إثنية أو غيرها، تقاسمت السيطرة.. وكل طرف له مؤسساته الإعلامية، لكن في المحصلة تنظر هذه الجماعات لأي علاقة لها بالأفراد على أنها علاقة محرمة شرعا وقانونا، وكانت تمنع الأفراد من دخول ملعب الإعلام، وجاء الإعلام الالكتروني ليقول لها: الشخصيات الطبيعية هي الأقوى وصاحبة المبدأ الأكمل، في إدارة الحياة وليست الشخصيات الاعتبارية، التي هي المؤسسات والجماعات.