نيوز اوف ذي ويرلد تنصتت على أقارب الصبية القتيلة ميلي داولَر

تورطت صحيفة laquo;نيوز اوف ذي ويرلدraquo; الأسبوعية المملوكة لروبرت ميردوخ بإحدى أكبر الفضائح الإعلامية في بريطانيا إذ اتضح أنها ظلت تتنصت على هواتف أقارب الضحايا في عدد من جرائم القتل الشهيرة والعمليات الإرهابية. ووصف رئيس الوزراء نفسه هذا التطور بأنه laquo;مريع ومقززraquo;.


تقف بريطانيا هذه الأيام مصعوقة أمام المدى الذي يمكن ان تصل اليه وسائل الإعلام في سعيها للحصول على الخبر الحصري. فقد أميط اللثام عن ان صحيفة التابلويد الشعبية laquo;نيوز اوف ذي ويرلدraquo; - وهي نسخة الأحد من جريدة laquo;الصنraquo; وأكثر صحف التابلويد شعبية - تنصتت على عدد كبير من أقارب القتلى سواء في جرائم عادية أو في عمليات إرهابية، وأنها أيضا laquo;تستأجرraquo; شرطيين للحصول على بعض معلوماتها.

الفضيحة الأخيرة تتوج سلسلة من عمليات تنصت على المكالمات الهاتفية لعدد من مشاهير الفن والرياضة والسياسة ونجوم المجتمع في عهد رئيس تحرير نيوز اوف ذي ويرلد السابق آندي كولسون. وقد أقرت الصحيفة بالذنب وخصصت شركتها الأم laquo;نيوز كوربوريشنraquo;، المملوكة لإمبراطور الإعلام الاسترالي روبرت ميردوخ، ميزانية قيل إنها تراوحت بين 20 و30 مليون جنيه (حوالى 33 إلى 50 مليون دولار) من أجل تعويض هذه الشخصيات على الرغم من ثرائها الفاحش.

وقبل يومين، كشفت صحيفة منافسة هي laquo;غارديانraquo; أن شرطة سكوتلانديارد توصلت الى أن هاتف فتاة تدعى ميلي داولَر (13 عاما)، كانت قد اختطفت في مارس / آذار 2002 وعثر على جثتها في سبتمبر / ايلول من العام نفسه، تعرض لمحو رسائله الصوتية على يد صحافيين عاملين في نيوز اوف ذي ويرلد، وأن ضمن ما مُسح أدلة جنائية كان بوسعها إلقاء الضوء على جريمة قتلها.

وعلى أقارب الصبيتين القتيلتين هولي ويلز (اليسار) وجيسيكا تشابمان

وأعلن والدا الفتاة القتيلة فورا أنهما بصدد رفع دعوى قضائية على الصحيفة وشركتها الأم. وأدى النبأ الى حالة من الهياج الشعبي والإعلامي وأثار جدلا حامي الوطيس حول المضامين الأخلاقية التي ينطوي عليها وحرية الصحافة والحدود التي يجب ألا تتخطاها.

وبلغ الأمر حد أن رئيس الوزراء، ديفيد كامرون، نفسه اضطر إلى التصريح بقوله: laquo;ما يحدث الآن ما عاد يمسّ النجوم والمشاهير وحسب وإنما ضحايا القتل والإرهاب أيضا. لا يمكن وصف هذا السلوك إلا بأنه مريع ومقززraquo;.

والأربعاء أتت الأنباء بقنبلة إعلامية أخرى إذ زُعم أن الصحيفة نفسها تنصتت على هواتف عدد غير معروف من أقارب الضحايا في الهجوم الإرهابي على شبكة المواصلات اللندنية في 7 يوليو / تموز 2005، الذي قُتل فيه 52 شخصا وصار يعرف باسم هجوم 7/7. وأكد محامي بعض اولئك الأقارب لوسائل الإعلام أنهم أُطلعوا على أن هواتفهم تعرضت للهجوم من قبل الصحيفة في 2005.

وأردفت فضائيتا laquo;بي بي سي نيوزraquo; وlaquo;سكاي نيوزraquo; الإخباريتين (وهذه الأخيرة مملوكة لميردوخ ايضا) أن المسؤولين في laquo;نيوز كوربوريشنraquo; أكدوا هذا النبأ بعد اطلاعهم على عدد من الوثائق المتعلقة بنيوز اوف ذي ويرلد. وقالتا إن هؤلاء المسؤولين على وشك تسليمهما لشرطة سكوتلانديارد رغم أن هذه الأخيرة تعلم بمحتوياتها سلفا على الأرجح.

وعلى ذكر الشرطة فقد وُجه اتهام آخر الى نيوز اوف ذي ويرلد يفيد أنها ظلت laquo;تستأجرraquo; عاملين داخل سكوتلانديارد نفسها من أجل الحصول على معلومات حصرية لها في ما يتعلق بالجرائم الخطرة. وقيل إن خير وسيلة للتحري في ممارسات الصحيفة هو تشكيل لجنة تحقيق مستقلة باعتبار أن الشرطة نفسها صارت طرفا متهما بالتواطؤ معها.

ويقال الآن ايضا إن الصحيفة تنصتت ايضا على هواتف أقارب صبيتين، هما هولي ويلز وجيسيكا تشابمان، قتلتا في قريتهما سوهام، مقاطعة كيمبريدشاير، في 2002 عندما كانتا في سن العاشرة. واتضح ان حارسا في مدرسة القرية يدعى كيفين هنتلي دعاهما الى منزله وقتلهما في فورة غضب بعد مشادة مع صديقته، وبعد إدانته حكم عليه بالسجن مدى الحياة.

كما ان الصحيفة - إضافة الى التعويضات الهائلة التي ظلت تدفعها منذ بداية العام وتلك التي ستدفعها حتما لضحاياها الجدد - بدأت تخسر أهم وأكبر مواردها المالية المتمثلة في كبار المعلنين. ففي أعقاب تفجر فضيحة ميلي داولر قبل يومين، أعلنت شركة السيارات العملاقة laquo;فوردraquo; سحب إعلاناتها منها. وجاء في بيان أصدرته صباح الأربعاء: laquo;نحن حريصون الى أبعد مدى على المعايير التي يلتزم بها اولئك الذين نتعامل معهمraquo;. وقالت شركات كبرى مثل laquo;فيرجين ميدياraquo; وlaquo;تيسكوraquo; وlaquo;هاليفاكسraquo; إنها قد تسحب إعلاناتها اعتمادا على تطورات الأيام القليلة المقبلة.

ما يحدث في بريطانيا الآن عاصفة هوجاء أثارتها نيوز اوف ذي ويرلد ولا يعلم أحد أي تشعبات ستأخذها أو متى تهدأ. لكن المؤكد هو أنها ستؤثر بشكل عميق في الممارسات الصحافية في إطار حرية الإعلام وإعادة تعريف من أين تبدأ الصحافة التحقيقية وأين يتعيّن عليها التوقف.

روبرت ميردوخ
تلقي الضوء على فضيحة دوقة يورك وقتها