خرج مراسلون سابقون في صحيفة quot;نيوز أوف ذا وورلدquot; البريطانية المغلقة عن صمتهم، إذ اعترفوا بممارسات غير قانونية ارتكبتها الادارة التحريرية العليا للصحيفة، مؤكدين أن نفي مسؤولي التحرير علمهم بتلك الممارسات يثير الدهشة، خاصة أنهم كانوا يشرفون ويعقدون اجتماعات شبه يومية للوقوف على التفاصيل كافة.


لم تقف الانتقادات الموجهة إلى صحيفة quot;نيوز أوف ذا وورلدquot; البريطانية عند المراقبين الاعلاميين او العاملين في المجال الصحافي من مختلف دول العالم، وانما خرجت تلك الانتقادات من رحم الصحيفة المغلقة أخيراً، إذ ابدى المراسلون العاملون فيها سابقاً عن بالغ دهشتهم من نفي قرنائهم الذين مارسوا عملهم حتى إغلاق الصحيفة لعلمهم بالممارسات غير القانونية التي كانت متبعة في الصحيفة للانفراد بنشر مواد صحافية.

واعترف المراسلون السابقون، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، بأن قضية التنصت التي تورطت بها الصحيفة البريطانية الأوسع انتشاراً لم تكن الأولى من نوعها، كما إنها لم تكن غريبة عن العاملين داخل الصحيفة، وإنما كان الجميع على علم تام بما يجري خلف الكواليس، لتبرير الحصول على الخبر والسبق الصحافي.

تبرير الابتزاز وغياب الميثاق الصحافي

ووفقاً لما جاء من اعترافات على لسان العاملين السابقين في الصحيفة البريطانية المغلقة، انتهج مجلس تحرير quot;نيوز أوف ذا وورلدquot; الحفاظ على علاقاته اليومية المتشعبة بعدد ليس بالقليل من المجرمين والخارجين على القانون، وعكف على تبرير الابتزاز وعدم الالتزام بآداب المهنة والميثاق الصحافي.

وفي وقت يتقاسم المسؤولان عن رئاسة تحرير الصحيفة البريطانية المغلقة quot;رفقا بروكسquot;، وquot;إندي كولسونquot; نفيهما العلم بأية تجاوزات قانونية يرتكبها محررو ومراسلو الصحيفة للحصول على الاخبار والتقارير، وتقديمهما استقالتهما على خلفية فضيحة التنصت المنسوبة للصحيفة، يشكك مراسلون قدامى في الصحيفة عينها، ويؤكدون انه من المستحيل تغييب رؤساء تحرير صحيفة بقيمة وقامة quot;نيوز أوف ذا وورلدquot; عما يجري من اساليب مختلفة لنشر تقارير صحافية، خاصة من ذلك النوع بالغ الحساسية، الذي كانت تنفرد بنشره الصحيفة البريطانية الاوسع انتشاراً.

وفي حديث مع الصحيفة العبرية، وصف مراسل سابق لـ quot;نيوز أوف ذا وورلدquot; رفضه الاستمرار في عمله تحت قيادة quot;بروكسquot; بقوله: quot;كان خروجي من الصحيفة أشبه بالهروب من مكان مقزز، يرفض الانسان العودة اليه مجدداًquot;.

واضاف: quot;لقد واصلت العمل في الصحيفة في الفترة ما بين 2000 الى 2003، وخلال هذه الفترة تكشف لي أن عدداً ليس بالقليل من المحررين في الصحيفة اخترق نظم تشغيل الهواتف المحمولة لعدد من المشاهير والشخصيات العامة، وقاموا بالتنصت عليهم، فضلاً عن ضلوعهم في التشويش على تحقيقات خاصة بقضايا قتلquot;.

وكانت بروكس التي استقالت من عملها أخيراً، اشارت الى انها تشعر بمسؤولية عميقة حيال الشخصيات التيتضررت نتيجة لعمليات التنصت التي مارسها مراسلون غير مسؤولين ضدهم، وقالت في سياق خطاب نشرته وسائل الاعلام البريطانية: quot;اؤكد اسفي على ما جرى داخل الصحيفةquot;. كما نشرت quot;نيوز انترناشيونالquot;، وquot;نيوز كوربquot;، اللتان كانت تترأسهما بروكس، بيانات تحمل مضمون الاعتذار عن الفضيحة نفسه، مخاطبة بذلك ما وصفته بـ quot;الأمة بأسرهاquot;.

أساليب غير قانونية لجلب الأخبار

غير انه خلافاً لذلك، ووفقاً لما جاء على لسان مراسلين سابقين في الصحيفة البريطانية، كانت الادارة التحريرية العليا للصحيفة متورطة في تشجيع المراسلين على اتباع اساليب غير قانونية لجلب الاخبار والتقارير، كما طالبت الادارة عينها المراسلين بالحصول على اخبار خاصة لمصلحة الصحيفة quot;مهما كان الثمن المدفوع مقابل ذلكquot;.

الا ان احد المراسلين القدامى في الصحيفة اعرب في حديث لـ quot;يديعوت احرونوتquot; عن قناعته بأن عدداً كبيراً من المراسلين في الصحيفة كان يمارس عمله بشكل تقليدي، ولم يكن على علم بما يجري خلف الكواليس من ممارسات غير مشروعة لتحصيل الاخبار.

واضاف: quot;ان ادارة التحرير العليا كانت لا تفرض هذه الممارسات على المراسلين الجدد او القدامى، الا بعد تأكدها من انهم يفتقرون الضمير المهني، وانهم على استعداد لفعل اي شي مقابل الحصول على الخبر بمنطق الغاية تبرر الوسيلة، حتى اذا كانت تلك الوسيلة مخالفة للقانون وميثاق العمل الصحافي والاعلاميquot;.

ويرى مراسل سابق في الصحيفة البريطانية، ان مراسلي quot;نيوز أوف ذا وورلدquot;، سقطوا في شراك فخ التنصت للمرة الاولى عام 2005، عندما نشرت الصحيفة تقريراً حول إصابة الامير وليام فيأحد ساقيه، وعلى خلفية هذا التقرير قدمت الاسرة الملكية البريطانية شكوى الى الشرطة، وبعد مرور ما يربو على العام حكم بالسجن لمدة ستة اشهر على مراسل الصحيفة quot;كلايب غودمانquot;، والمحقق الخاص quot;غلان مولكيرquot; بالسجن لمدة ستة اشهر على خلفية ادانتهما بالتنصت على هواتف محمولة تابعة لشخصيات عامة.

quot;كولسونquot; الذي كان يشغل في حينه منصب رئيس تحرير الصحيفة استقال من منصبه فوراً، كما انه على غرار موقف quot;بروكسquot;، انكر جملة وتفصيلاً علمه بارتكاب مراسلي الصحيفة لجرائم من هذا النوع للحصول على خبر او تقرير انفرادي للصحيفة.

ونفت الصحيفة عينها عندئذ قيام اي من محرريها او مراسليها بتصرف مماثل، الامر الذي اثار سخرية وتهكم المراسلين السابقين في الصحيفة، سيما انهم كانوا داخل المطبخ التحريري، وعلى علم بما يجري في اعماقه، وعلى حد قول هؤلاء المراسلين: quot;الادارة التحريرية العليا، التي تراقب بحرص بالغ ميزانيات الصحيفة، كانت على علم بما يتقاضاه كل محقق خاص يساعد مراسلي الصحيفة في الحصول على الاخبار والتقارير بشكل غير قانونيquot;.

المصدر الأكثر إجراماً

الاكثر من ذلك بحسب مراسل سابق عمل في الصحيفة لمدة سبع سنوات، ان quot;بروكسquot;، وquot;إندي كولسونquot; كانا حريصين على الحصول على كل المعلومات ذات الصلة بالنشاط اليومي لمراسلي الصحيفة، كما كانت تجري عمليات استجواب شبه يومية كثيراً ما استغرقت ساعتين للحديث عن مصدر التقرير او الخبر الذي ستنفرد الصحيفة بنشره.

واعترف صحافي سابق آخر في quot;نيوز أوف ذا وورلدquot; بقوله: quot;ان مراسلي الصحيفة لم يطلبوا من المحققين بشكل مباشر الحصول على الخبر او التقرير، وانما كانوا يحصلون على مساعدات في وقت تصادف حصولهم على معلومة سرية من واقع عملهم واختلاطهم بعدد ليس بالقليل من المصادرquot;.

واضاف الصحافي، الذي رفض الكشف عن هويته لصحيفة يديعوت احرونوت: quot;بين الفينة والاخرى كانت تأتينا تسجيلات محادثات الهاتف المحمول لشخصية ما، وفي احيان غير متباعدة تكشفت لنا الحالة الصحية لعدد كبير من المشاهير، فلا يمكن لأحد في الصحيفة انكار ذلكquot;.

وبحسب ما نقلته الصحيفة العبرية عن مراسل سابق آخر، لم يكن سراً اعتماد مراسلي صحيفة quot;نيوز أوف ذا وورلدquot; على عدد كبير من المجرمين للحصول على معلومات او تقارير حول قضية معينة، واضاف: quot;حرصنا على توطيد علاقتنا طيلة الوقت بمجرمين محترفين وخارجين على القانون، فكان هؤلاء في معظم الوقت مصادرنا لجمع المعلوماتquot;.

ويقول المراسل الذي عمل في السابق لدى صحيفة الـ quot;صنquot;، التابعة لمجموعة مردوخ الاعلامية: quot;كنا نتبارى بمدى اجرام مصدر كل مراسل، فالمراسل الاكثر تباهياً بنفسه هو ذاك الذي يستقي معلوماته من مصدر بالغ الاجرام، وكان احدنا يتباهى امام الاخر بقوله: مصدري قاتل. الشيء الايجابي ان المصادر من هذا النوع كانت تساعدنا اذا تعرضنا لأزمة شخصيةquot;.