يسود الانقسام صفوف المعارضين لنظام الرئيس بشار الاسد بسبب الخلافات التكتيكية والتنظيمية. ففيما يلتفون حول ضرورة رحيله، يتشتتون بعيداً عن منصة موحدة رغم عقد الاجتماعات وتشكيل لجان. وبعد انتخاب مجلس الخلاص الوطني في اسطنبول، تم احباط خططهم في تعيين حكومة ظل وأملهم في جبهة موحدة.

جانب من مؤتمر المعارضة فياسطنبول

بيروت: بلغ عدد المتظاهرين في الشوارع السورية مستويات قياسية، لكن حركة المعارضة تكافح من أجل تشكيل جبهة موحدة، فيما يسودها الإحباط بسبب انقسامات عميقة حول التكتيكات إضافة إلى الفوضى الناتجة من سوء التنظيم أو عدمه.

يتفق معارضو النظام السوري على ضرورة رحيل الرئيس بشار الاسد ورؤساء الاجهزة الامنية التابعين له، لكنهم حتى اليوم لم يتمكنوا من الالتفاف حول منصة واحدة، على الرغم من عقد نحو خمسة اجتماعات وتشكيل ما لا يقل عن أربع لجان منفصلة في سوريا وتركيا وفرنسا.

في أحدث خطوة احتجاجية لصفوف المعارضة، انتَخب المعارضون في اسطنبول يوم السبت (نحو 350 فرداً) مجلس الخلاص الوطني المؤلف من 25 عضوا ولكن تم إحباط خططهم في تعيين حكومة ظل بعد أن فشل المعارضون في عقد اجتماع مشابه في سوريا بسبب تعرضهم لهجوم من قبل الموالين للنظام.

quot;من المستحيل تشكيل حكومة ظل من هنا، من دون المشاركة الكاملة للشعب داخل سوريا، وهذا ما لا نريدهquot;، قال عمر المقداد في اجتماع اسطنبول.

ويحذر المحللون من أن سوريا يمكن أن تتجه نحو طريق مسدود مماثلة لتلك التي في اليمن، حيث تعاني المعارضة الإحباط نتيجة عدم القدرة على إنجاح المبادرات الرامية إلى تشكيل جبهة معارضة موحدة.

ورأى أحد المحللين في دمشق الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن quot;الحركة بحاجة الى مزيد من الدفع وإلى تنظيم واجهة موحدة لجذب المزيد من الناسquot;.

كانت آخر الجهود الجدية لتنظيم المعارضة في عام 2005، عندما عقد تجمع إعلان دمشق الذي ضم المثقفين العلمانيين والأكراد والإسلاميين. وقد اعتقل وسجن كثيرون منهم في وقت لاحق.

تواجه المعارضة اليوم خلافات لم يسبق لها مثيل وتناضل من أجل مواكبة الاحداث في الشارع، وتعاني الانقسامات بين المعارضين في سوريا وفي المنفى، صغارا وكبارا.

امتد الاحباط إلى اسطنبول، ما دفع أحدهم إلى الصراخ: quot;كم من آلاف الناس يجب أن يموتوا قبل أن نقوم بعملنا في النهاية؟quot; وعلا صوت تصفيق الحضور تأييداً.

quot;لحزب البعث رؤية جيدة أحياناً وكذلك بعض من معارضيهquot; قال مسعود عكا، كاتب كردي ومعارض منفي في النروج، مضيفاً quot;من الصعب جدا خلق جبهة موحدة في ظل الاختلافات الكثيرة وضعف الثقة بينناquot;.

وأشار عكا إلى أن الجماعات الكردية، من مكونات المعارضة الأكثر تنظيما من خلال العديد من الأحزاب غير القانونية انما النشطة في شمال شرقي سورية، ولكنهم يعانون الانقسام بين أنفسهم والآخرين.

وغادرت مجموعة من الأكراد المؤتمر بعد ان طلب من المجتمعين الموافقة على مزيد من الاستقلال الاقليمي ويدعون أنهم تعرضوا للتهميش.

فيما يبحث السوريون عن بديل سياسي بعد أربعة أشهر من الاحتجاجات التي خلفت أكثر من 1500 قتيل، يعتبر أعضاء المعارضة أن الاختلافات في الرأي دليل على الحيوية، إلا انهم يعترفون بأن عدم القدرة على توحيد الصفوف يضر الحركة.

quot;أنا أكره النظام الحالي، لكني بحاجة إلى رؤية بديلة ذات مصداقيةquot;، يقول أحد الشباب في دمشق، متسائلاً: quot;ما الآلية التي ستعتمدها المعارضة للإطاحة بالأسد؟ ماذا سيفعلون في مجال السياسة بعد ذلك؟ كل شيء مشوش حتى الانquot;.

الجو في دمشق كان مخيبا للآمال على نحو مماثل. quot;لا توجد خطط لعقد اجتماع آخر قريبا لان هناك الكثير من المقاومة من الشارع وداخل المعارضةquot;، قال أحد أعضاء المعارضة الذي كان من المقرر ان يحضر اجتماع دمشق يوم السبت، معبراً عن قلقه من أن تصبح الاحتجاجات quot;أكثر عنفا في غياب التوجيهquot;.

وأشارت التقارير الأخيرةإلى ارتفاع عدد المحتجين في مواجهة الجيش وقوات الأمن الذين يواصلون شن الغارات. وتم اعتقال عدد من النشطاء في منطقة الزبداني القريبة من الحدود اللبنانية، في حين طوقت القوات السورية منطقة أبو كمال على الحدود مع العراق يوم الاحد، وذلك بعد انشقاق في شرق البلاد وفقاً لما نقله سكان هذه المناطق.

واعتُقل علي العبد الله، كاتب اطلق سراحه من السجن منذ أربع سنوات وخضع لعملية جراحية في القلب قبل ثلاثة أسابيع، أثناء وجوده في منزله في قرية quot;قطنةquot; قرب دمشق، حيث أقيمت نقاط تفتيش.

وكشفت محاولات الحكومة في عقد مؤتمرات دعم للرئيس بشار الأسد عن انقسامات مماثلة داخل النظام. فخلال مؤتمر quot;الحوار الوطنيquot; الذي عقد في مطلع الاسبوع الماضي على الرغم من مقاطعة المعارضة، برزت حدة الانقسامات بين الإصلاحيين والمتشددين على البيان الختامي.