هاجم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم شخصيات سياسيّة وأمنيّة قال إنها تقوم بحماية الأندية والملاهي الليليّة من محاسبة القوانين وتستقدم فتيات من محافظات مختلفة لاستخدامهن في quot;تقديم خدماتquot;... وحذر من خطورة الاتجاه نحو تنفيذ الترشيق الحكومي على مراحل وقال إن ذلك سيتحول الى معضلة أكبر تضاف الى مشاكل البلاد والى الخلافات بين القوى السياسية... منتقدا بعض الزعامات العربية التي تتشبث بالسلطة حتى وان أدى ذلك الى تقسيم بلدانها ضمانا لبقائها.


انتقد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم ظاهرة انتشار الأندية والملاهي الليلية في العاصمة والتي قال إنها اتسعت بشكل كبير دون موافقات أو ترخيص قانوني معبرا عن الأسف لعدم التزامها ومراعاتها للآداب العامة وعدم احترامها للمواطنين.

وخص بالذكر منطقة الكرادة في بغداد والتي قال إنها معروفة بالتزامها الديني ونسيجها الاجتماعي المحافظ مشيرا الى ان الاحصائيات تؤكد ان هذه المنطقة وحدها تضم 72 ناديًا ليليًا غير مرخص معتبرا أن هذه الظاهرة تمثل خرقا واعتداء سافرا على حرية المواطن وحالة غريبة وغير متعارف عليها حتى في الدول الغربية التي تخضع مثل هكذا اماكن فيها الى ضوابط وقوانين صارمة. وانتقد ارتياد بعض الشخصيات المهمة لهذه الملاهي واستغلال مناصبهم في حمايتها ومنع تطبيق القوانين عند التعامل معها.

واضاف الحكيم أن ما يثير الاسف الشديد أن بعض المرتادين لهذه الملاهي هم من الشخصيات الامنية والسياسية المهمة والتي التي لم يسمها لكنه قال انها تقوم بحمايتها من عقوبات القانون إضافة الى استخدامها الفتيات القاصرات اللواتي يتم إحضارهن من محافظات عراقية مختلفة quot;لتقديم الخدماتquot; وهو أمر لا يليق بمدينة تتمسك بأعرافها وقيمها كبغداد كما قال.

خطورة الترشيق الحكومي على مراحل

وعلى صعيد آخر اشار الحكيم في كلمة له خلال الملتقى الثقافي الاسبوعي للمجلس الاعلى في بغداد بحضور حشد من مواطني العاصمة الليلة الماضية الى ضرورة الاتفاق على رؤية سياسية موحدة وواضحة لموضوع الترشيق الحكومي داخل قبة مجلس النواب ومن ثم جدولة الترشيق بعد الاتفاق على هذه الرؤية بين الكتل السياسية. واكد ضرورة اعتماد الكفاءة والنزاهة ومراعاة التوازن في توزيع الحقائب الوزارية والمناصب الاخرى مشيرا الى ان الترشيق الوزاري لا يعني عقوبة للمسؤول في المؤسسات المشمولة به مبينا ان الترشيق هو إجراء ضروري جاء استجابة للمطالب الشعبية ولتسهيل قنوات القرار الذي يخدم المواطن ويصب في صالحه.

وشدد الحكيم على ضرورة ان يكون الترشيق الحكومي كاملا لا منقوصا. وحذر من ان الترشيق المنقوص الذي يعتمد نظام المراحل المتمثل بإلغاء وزارات الدولة اولا ومن ثم مرحلة دمج الوزارات المتشابهة في مهامها ومن ثم الترشيق على مستوى وكلاء الوزراء والهيئات المستقلة سيتحول الى مشكلة أكبر ومعضلة جديدة تضاف الى مشاكل البلاد ويعمق الخلافات بين القوى السياسية.

واضاف ان الترشيق المنقوص سيأخذ وقتا طويلا وأن الموضوع الذي يراد له ان يعالج بخطوة واحدة سيعالج على مراحل ما سيولد جدلية جديدة بين الأطراف مستشهدا بطريقة حل المشاكل على دفعات ومنها موضوع الوزارات الامنية التي بقيت شاغرة لحد الان رغم مضي 8 اشهر على تشكيل الحكومة الحالية.

واعتبر فراغ الوزارات الامنية المهمة لهذه الفترة الطويلة سابقة خطرة لم تحدث في تأريخ العراق السياسي متسائلا بالقول quot;اذا كان تأخر الوزارات الامنية نتيجة تبعات الحكومة المنقوصة فما بالك بالترشيق المنقوصquot;.

وأكد ضرورة اعتماد النزاهة والكفاءة في اختيار الوزراء وقال إن الاشكالية الاساسية هي في طرح مشروع الترشيق بشكل منقوص وليس بشكل كامل حيث يجري الحديث اليوم عن ترشيق يبدأ بإلغاء وزارات الدولة ثم في المرحلة الثانية دمج وزارات لها مهام متقاربة ثم في خطوة ثالثة يتم الترشيق في وكالات الوزارات والمؤسسات العامة... ثم في المرحلة الرابعة الهيئات المستقلة ثم يتم الرجوع للعودة الى الترشيق في مرتبة خامسة وسادسة وسابعة.

واشار الى ان هذا المنهج في الترشيق الذي اريد له ان يحل مشاكل البلد ويسرع في حل المعضلات التي تواجه المواطنين سيتحول الى مشكلة اخرى من مشاكل البلد ومعضلة من المعضلات السياسية التي ستنشغل بها الساحة السياسية لفترة اخرى من الزمن.

وقال quot;نحن امام ظاهرة نادرة في التاريخ السياسي وهي الحكومة المنقوصة..فقد مرت أشهر طويلة دون أن تتشكل الوزارات الامنية التي هي وزارات مهمة..فاذا كنا كل هذه الفترة لم ننجح في ان نتقدم خطوة باتجاه إتمام الحكومة المنقوصة فمتى سنتمكن من تحقيق الترشيق المنقوص؟quot;.

يذكر ان مجلس النواب العراقي وافق الاثنين الماضي مبدئيا على طلب رئيس الوزراء نوري المالكي بتقليص عدد وزارات حكومته من 42 وزارة الى 29 من خلال إلغاء وزارات الدولة الثلاث عشرة كمرحلة أولى تتبعها ثانية بدمج بعض الوزارات المتقاربة في اختصاصاتها.

وانتقد الحكيم التصلب والتصعيد في المواقف السياسية بين الكتل السياسية ما ينعكس سلبا على المواطن العراقي مشيرا الى ان الشارع العراقي قد ملّ من المناكفات والتراشق بين الفرقاء السياسيين ومذكرا بأن العراقيين بأمس الحاجة الى التهدئة ومعالجة الازمات ووحدة الصف وإنجاح الحوار بين الفرقاء السياسيين والالتزام بالاتفاقات المبرمة بينهم والاسراع في تسمية الوزراء الامنيين المستقلين. وفي وقت سابق انتقد الحكيم العروض التي قدمها الوزراء العراقيون مؤخرا عن إنجازات وزاراتهم خلال المائة يوم للاصلاح وقال انها كانت انشائية وأهملت هموم الناس.

واضاف ان الجلسات العلنية لمجلس الحكومة التي عرض خلالها الوزراء ماحققوه خلال مهلة الايام المائة التي اعلنها رئيس الحكومة نوري المالكي لاصلاح الاوضاع العراقية استجابة لمطالب تظاهرات الاحتجاج التي عمت البلاد في شباط (فبراير) الماضي وان كانت خطوة ايجابية لكنها لم تكترث لهموم المواطنين ولم تلامس احتياجهم للخدمات مثل الكهرباء والماء وغيرها.

وقال انه كان الاجدر بالوزراء ان يستعرضوا خططهم لتخفيف هموم الناس والاهتمام بها حتى يشعروا بأن مسؤوليهم يتابعون أحوالهم منتقدا الصيغة الانشائية لخطابات الوزراء. وكانت القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي قد هددت أمس بالعمل على سحب الثقة عن الحكومة الحالية والدعوة لانتخابات مبكرة فيما اذا لم ينفذ زعيم ائتلاف دولة القانون رئيس الحكومة نوري المالكي لاتفاقات اربيل التي تم التوصل اليها اواخر العام الماضي لتحقيق الشراكة الوطنية بين القوى السياسية.

دعوة لمراعاة حقوق الناس في قانون حرية التعبير والتجمع

واشار الحكيم الى اهمية مشروع قانون حرية التعبير والتجمع المعد من قبل مجلس رئاسة الوزراء تمهيدا لمناقشة مجلس النواب له قريبا مشددا على ضرورة ان يكون هذا القانون من أهم القوانين التي تهتم برأي الناس المختلف مع الحكومة. واشار الى ان هذا القانون ينظر له اقليميا ودوليا كمؤشر عن صدقية النظام الديمقراطي في العراق واحترامه لحقوق الانسان وتوفيره للحريات داعيا الى التأكد من توفر المعايير الصحيحة في مواده.. وقال إن هذه هي مسؤولية مجلس النواب لأنه مرجعية الشعب في ضمان حق التعبير.

وكانت منظمة مراقبة حقوق الإنسان quot;هيومن رايتس ووتشquot; دعت الاسبوع الماضي مجلس النواب العراقي إلى عدم الموافقة على مشروع قانون حرية التعبير والتجمع بسبب تضييقه على الحريات مؤكدة أن مشروع القانون يسمح للسلطات بالتضييق على الحقوق المحمية بدعوى المصلحة العامة والنظام العام أو الآداب العامة والتجريم المقترح لحرية التعبير وإهانة الرموز المقدسة.

ودعا نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة جو ستورك العراق إلى quot;مراجعة مشروع القانون لأبعاد الأحكام القانونية الواردة فيه التي تضيق على هذه الحرياتquot;. وأضاف أن quot;هذه الأحكام وكذلك التجريم المقترح لحرية التعبير في ما يخص الإهانات للرموز المقدسة أو الأشخاص يخرق بوضوح القانون الدوليquot;.

عودة اتحاد الأدباء العراقيين الى الاتحاد العربي

ومن جهة اخرى اعتبر الحكيم عودة اتحاد الأدباء والكتاب في العراق واستعادة عضويته في quot;الاتحاد الامquot; اتحاد الادباء والكتاب العرب فضلا عن عودة عضوية نقابة المحامين الى الاتحاد العربي حدثين مهمين مبينا ان التجميد كان لأسباب سياسية مشيرا إلىان عودة الاتحادات والمنظمات العراقية الى المحيط العربي يؤكد ان المشروع العراقي قد انطلق وسبق اشقاؤه العرب بعقد من الزمن.

وعن تقرير الامم المتحدة الاخير الذي اشار الى وجود 15 مليون طفل في العراق منهم 5 ملايين يتيم وهي نسبة تصل الى 16 % من مجموع السكان ما يجعل العراق يحتضن النسبة الاكبر في عدد الايتام.

وعبر عن الاسف لهذا العدد الضخم من الايتام مقابل وجود 19 دارا فقط لرعايتهم اربع منها في بغداد والباقي في المحافظات داعيا الى اعتبار شهر رمضان شهرا لكفالة اليتيم ورعايته وتوفير فرص العيش لهم. وحث الحكومة ومنظمات المجتمع المدني وميسوري الحال على تحمل مسؤولياتهم تجاه هذه الشريحة المهمة في المجتمع.

وعلى صعيد اخر اشاد الحكيم بإجراءات وزارة التخطيط لتوسيع صلاحيات الحكومات المحلية في المحافظات معتبرا هذه الخطوة موفقة وبالاتجاه الصحيح. ودعا الى ضرورة منح الصلاحيات للحكومات المحلية المنتخبة لانها quot;ادرى باحتياجات محافظتها من وزير يجلس في بغداد ولا يعرف شيئا عن المحافظة او ربما لم يزرها ولو لمرة واحدةquot;.

واوضح ان هناك مشاريع في المحافظات تنفق عليها الاموال وهي ليست من اولويات مواطنيها فضلا عن انه لا يحق للحكومة المحلية ان تتدخل في عمل هذه المشاريع او في اختيار المقاولين كونها منحت من قبل الوزارات حصرا.

واكد الحكيم دعمه لخطوة توسيع صلاحيات الحكومات المحلية التي بدورها ستدعم النظام الاتحادي في العراق وتجعل مسؤولية الحكومة في بغداد تقتصر على الاشراف والمتابعة وتزويد المحافظات بالخبرات اللازمة والخطط التنموية.

حكام عرب متشبثون بالسلطة رغم تعرض بلدانهم للتقسيم

واشار الحكيم الى ان المنطقة العربية تعيش فترة صعبة وقال quot;هناك دول تحررت واخرى لم تتحرر بعدquot; منتقدا بعض الزعامات العربية التي تتشبث بالسلطة حتى لو كان ذلك سيؤدي الى تقسيم بلدانها ضمانا لبقائها في السلطة quot;من باب ان تحكم جزءا من الوطن ولا تتنازل لارادة الشعوب التواقة للحرية والتنميةquot;.

واشاد بموقف الشباب المصري الذي رفض توسيع صلاحيات الحكومة الانتقالية داعيا الشعوب العربية الى المضي قدما في صياغة الدساتير وإجراء الانتخابات والاعتماد على ارادة الشعب في اختياره لمن يدير ثرواته وطموحاته باخلاص.

وطالب تلك الزعامات بالدخول في حوارات صادقة مع المعارضة مبينا ان ذلك هو المنفذ الوحيد لاستعادة ثقة الشعب. وشدد على انه لامناص من تلبية مطالب الشعوب وقال انه من دون ذلك ستكون البلدان العربية امام خيارات صعبة... مؤكدا ان التشبث بالسلطة لن يزيد الحكام الا عزلة عن شعوبهم.