لندن: تهدد فضيحة التنصت على الهواتف التي تتواصل تداعياتها في بريطانيا بتلطيخ سمعة أشهر قوة بوليسية في العالم بعد الكشف عن علاقات quot;اسكتلند ياردquot; بصحافيين وموظفين سابقين وحاليين في شركة نيوز انترناشنال، الذراع البريطانية لامبراطورية مردوك الاعلامية.

ويرى مراقبون ان الفضيحة التي تسببت في غلق صحيفة quot;نيوز اوف ذي وورلدquot; بعدما كانت اوسع الصحف الاسبوعية الناطقة بالانكليزية انتشارا في العالم، يمكن ان تؤدي الى اسقاط رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ايضا أو خروجه منها مضعضعا في احسن الأحوال.

وتتبدى خطورة وضع كاميرون في حقيقة ان اكبر مكاتب الرهان رفعت احتمالات سقوط كاميرون يوم الاثنين من 1 الى 20 لتكون 1 الى 3. وكانت طوابير من البريطانيين امتدت خارج مجلس العموم البريطاني بأمل حضور جلسة استجواب مردوك ونجله أمام لجنة الثقافة والاعلام. وفي غرفة اخرى من المبنى كانت لجنة الشؤون الداخلية تستجوب السر بول ستيفنسون قائد شرطة اسكتلند يارد حتى استقالته قبل ثلاثة ايام.

وأرادت اللجنة من ستيفنسون ان يوضح لماذا لم تواصل اسكتلند يارد تحقيقها في تنصت نيوز اوف ذي وورلد على رسائل صوتية موجهة الى الاميرين وليام وهاري ليشمل التحقيق ايضا التنصت على هواتف آلاف آخرين بينهم ذوو ضحايا تفجيرات 7 تموز/يوليو 2005 وعائلات جنود بريطانيين قُتلوا في افغانستان وهاتف مراهقة مخطوفة اتضح انها كانت مقتولة. كما ارادت اللجنة البرلمانية ان تعرف لما لم تكتشف اسكتلند يارد ان الصحيفة ربما كانت تدفع رشاوى الى ضباط فيها مقابل معلومات.

استقال ستيفنسون تاركا وراءه العديد من الاسئلة بلا اجابة. ولكن الصورة التي رسمها كانت صورة مخلوق غريب اشبه بالاخطبوك الذي تمتد اذرعه من شركة نيوز انترناشنال الى اعلى المستويات سواء في جهاز الشرطة أو مفاصل الدولة العليا. واستقال بعدما اتضح ان مصحا استضافه مجانا لعدة ايام وان هذا المصح كان يستعين بخدمات نيل والس النائب السابق لرئيس تحرير نيوز اوف ذي وورلد. واستقال جون ييتس نائب ستيفنسون بعد اتهامه بتشغيل ابنة والس في اسكتلند يارد.

ونفى قائد اسكتلند يارد ونائبه المستقيلان ارتكابهما مخالفات. ولكن ما لا يمكن نفيه هو العلاقات الوثيقة بين اسكتلند يارد ونيوز انترناشنال. وتشير مجلة تايم في هذا الشأن الى ان 10 اعضاء في فريق اسكتلند يارد المؤلف من 45 ناطقا صحفيا عملوا سابقا لصحيفة نيوز اوف ذي وورلد. وان 30 في المئة من لقاءات ستيفنسون مع ممثلي وسائل الاعلام خلال الفترة الواقعة بين 2005 و2010 كانت مع صحفيين من الصحيفة اياها أو شقيقتها اليومية ذي صن أو ذي صندي تايمز أو ذي تايمز واربعتها من مطبوعات نيوز انترناشنال. وتساءل ستيفنسون لمن يتحدث من وسائل الاعلام إذا كانت حصة نيوز انترناشنال 42 في المئة من القراء في بريطانيا!

وتعتبر مجلة تايم ان هذا الرضوخ لسطوة نيوز انترناشنال كان وراء قرار كاميرون تعيين اندي كولسون رئيس التحرير السابق لصحيفة نيوز اوف ذي وورلد مستشاره الاعلامي في عام 2007. وكان كولسون استقال من رئاسة تحرير الصحيفة في العام نفسه لدوره المفترض في عمليات تنصت على افراد من العائلة المالكة.

وقام والس بمساعدة كولسون لفترة وجيزة في تسويق سياسات كاميرون. واستقال كولسون من العمل في مكتب كاميرون في بداية هذا العام واعتقلته الشرطة في 8 تموز/يوليو لدوره المفترض في عمليات تنصت ودفع رشاوى الى ضباط في الشرطة. كما اعتقل والس بعد ستة ايام للاشتباه بضلوعه في عمليات تنصت.

واعلن كاميرون ان قائد شرطة من خارج اسكتلند يارد سيتولى مسؤولية التحقيق في قضيتي التنصت والرشاوى. ولاحظ مراقبون ان هذه ضربة لشرطة اسكتلند يارد وقد تكون تداعياتها اسوأ على رئيس الوزراء نفسه. فهو اعترف في جلسة البرلمان يوم الأربعاء بأنه إذا ثبتت التهمة على كولسون quot;ستكون تلك لحظة لتقديم أعمق اعتذار.

وفي هذه الحالة أقول لكم اني لن اتوانىquot;. واثار الاعلان تساؤلات عما إذا كان كاميرون يعني ذلك تقديم استقالته. لم يفصح كاميرون عما يعنيه باعلانه ولكن مكاتب الرهان زادت احتمالات سقوطه بعد الأربعاء الى 50 في المئة، بحسب مجلة تايم.

ولعل الزمن وعطلة البرلمان الصيفية سيعملان لصالح رئيس الوزراء ولكن هذه الفضيحة انعطفت في مسارات مفاجئة من كل صنف. ولعل من اهم آثارها انقطاع حبل الود الذي كان يربط بين اسكتلند يارد وشركة نيوز انترناشنال وحلول علاقة جديدة عنوانها الحذر والتطير من وسائل الاعلام عموما.