في اليوم الثالث من المشاورات المتواصلة في مجلس الأمن تمكن أعضاء المجلس الأربعاء من الاتفاق على نص يدين القمع الذي يقوم به نظام بشار الأسد في سوريا ضد المتظاهرين. وعلم أن لبنان، العضو في مجلس الأمن، تنصل من البيان، وقال دبلوماسي لبناني في الاجتماع إن البيان لن يساعد على إنهاء الأزمة.


نيويورك: دان مجلس الامن الدولي الاربعاء حملة القمع الدامية التي تشنها الحكومة السورية ضد المتظاهرين، ودعا الى quot;محاسبةquot; المسؤولين عنها. وعقب التصويت على البيان، قالت الولايات المتحدة انها غير معنية ببقاء الرئيس السوري بشار الاسد في السلطة لمجرد المحافظة على quot;الاستقرارquot; الاقليمي، في مؤشر على تشديد موقفها من حملة القمع quot;الفظيعةquot; ضد المتظاهرين.

ورأى بعض المحللين ان واشنطن تخشى من الدعوة الى تنحّي الاسد مباشرة بسبب المخاوف من حدوث فوضى امنية او حرب اهلية، وفراغ سلطة في الشرق الاوسط في حال سقوط نظامه.

الا ان المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني قال ان واشنطن لا تعتبر الاسد شخصًا quot;لا يمكن الاستغناء عنهquot;، ووصفه بأنه quot;غير قادر وغير مستعدquot; على الاستجابة على تظلمات شعبه. واضاف ان quot;الولايات المتحدة غير معنية ببقاء الاسد في السلطة. نحن لا نريد ان نراه باقيا في سوريا من اجل الاستقرار، بل اننا نعتبره سببًا في انعدام الاستقرار في سورياquot;.

بدوره، رحّب وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه ببيان مجلس الامن وادان اعمال القمع في سوريا، ورأى فيه quot;تحولاً في موقف المجتمع الدوليquot;.

وقال جوبيه في بيان ان بيان مجلس الامن quot;يشكل تحولا في موقف المجتمع الدوليquot;. واضاف انه quot;بات اليوم على السلطات السورية ان تعمل على وقف استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين، وان تطبق الاصلاحات الضرورية للرد على التطلعات المشروعة للشعب السوريquot;.

وجاء في بيان رئاسة مجلسالامن الدولي الذيتم الاتفاق على نصه بعد أسابيع من المفاوضات الصعبة، ان المجلس المؤلف من 15 عضوًا quot;يدين الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان واستخدام القوة ضد المدنيين من قبل السلطات السوريةquot;.

وقد صدر النص على شكل بيان، وجاء فيه ان الدول الاعضاء في المجلس quot;تدين الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان واستخدام القوة ضد المدنيين من قبل السلطات السوريةquot;.

وستكون هذه المرة الاولى التي يصدر فيها مجلس الامن موقفًا من الاحتجاجات الواسعة ضد نظام الاسد، التي بدات في الخامس عشر من اذار/مارس الماضي، والتي ادى قمعها الى سقوط اكثر من الفي شخص معظمهم مدنيون، حسب منظمات حقوقية.

وكانت بريطانيا وفرنسا والمانيا والبرتغال قدمت مشروع قرار الى مجلس الامن، ووجه برفض من روسيا والصين اللتين تملكان حق النقض. الا ان تدهور الاوضاع في سوريا وسقوط نحو 140 قتيلا الاحد الماضي وحده، دفع المترددين الى اتخاذ موقف ولو على شكل بيان بدلاً من قرار.

وارسل نص البيان الى حكومات الدول الـ15 للموافقة عليه قبل عرضه على التصويت.

واعربت الدول الـ15 في بيانها عن quot;قلقها الشديد ازاء الوضع المتدهور في سوريا، وعن اسفها العميق لمقتل المئات من الناس، وتدعو الى الوقف الفوري لكل اعمال العنف، كما تدعو جميع الاطراف الى ممارسة اقصى درجات ضبط النفس والامتناع عن الاعمال الانتقامية، بما في ذلك شنّ هجمات على المؤسسات الحكوميةquot;.

كما دعت السلطات السورية quot;الى الاحترام الكامل لحقوق الانسان وتنفيذ التزاماتها بموجب القانون الدولي، ومحاسبة المسؤولين عن العنفquot;.

واذا كانت هذه الدول quot;تأخذ علمًا بالالتزامات التي اعلنتها السلطات السورية بالاصلاحquot; فانها في المقابل quot;تأسف لعدم حدوث تقدم في تنفيدها وتدعو الحكومة السورية الى الوفاء بالتزاماتهاquot;.

كما انها quot;تعيد تاكيد التزامها القوي بسيادة واستقلال ووحدة اراضي سوريا، وتؤكد على ان الحل الوحيد للازمة الحالية في سوريا هو من خلال عملية سياسية شاملة يقودها السوريون بهدف تلبية التطلعات المشروعة للشعب بطريقة فعالة تتيح الممارسة الكاملة للحريات الاساسية للشعب بكامله بما في ذلك حرية التعبير والتجمع السلميquot;.

كما يدعو البيان السلطات السورية الى quot;السماح بدخول المنظمات الانسانية الدولية والعاملين فيها بسرعة الى سوريا ومن دون اية عوائق والتعاون الكامل مع مكتب المفوض الاعلى لحقوق الانسانquot;.

واخيرا طلبت الدول الـ15 من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون quot;اطلاع مجلس الامن على الوضع في سوريا خلال سبعة ايامquot;.

ويبدو ان تعديلات اجريت على النص الذي تم التداول به الثلاثاء، ما دفع روسيا الى التوقف عن التهديد باستخدام حق النقض. وقال السفير الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين ان النسخة الجديدة quot;متوازنةquot;.

وقبل الاحداث الدامية التي وقعت الاحد الماضي، وخصوصًا في حماه، كانت روسيا والصين ودول اخرى، مثل البرازيل وجنوب افريقيا، تعارض اصدار موقف من الاحداث في سوريا متخوفة من ان يفتح هذا الامر الباب امام تدخل عسكري في سوريا كما حصل في ليبيا.

في المقابل كانت الدول الاوروبية صاحبة مشروع القرار والولايات المتحدة تؤكد ان لا نية لديها على الاطلاق للتدخل عسكريًا في سوريا.

ويبدو ان احداث حماه الاخيرة والمعلومات حول محاصرة الدبابات لهذه المدينة ومدن اخرى دفعت الدول المترددة الى الموافقة اخيرًا على هذا البيان.

وجرى نقاش حول طريقة اخراج هذا النص، فعارضت روسيا والصين اصداره على شكل قرار لذلك تم الاتفاق على ان يكون على شكل بيان.

واعرب الاوروبيون عن ارتياحهم لهذا الاتفاق، معتبرين انه يبقي على القسم الاكبر من العناصر القوية فيه والتي قاتلوا من اجل الابقاء عليها.

وخلال المناقشات كانت روسيا مع دول اخرى تطالب بأن تتم ادانة اعمال العنف الصادرة من المتظاهرين ايضًا، الى جانب ادانة قمع قوات الامن السورية.

الا ان دبلوماسيًا غربيًا اعتبر ان هذا الطلب quot;لم يكن منطقيًاquot;، وقال السفير البريطاني لدى الامم المتحدة مارك ليال غرانت quot;شرحنا موقفنا بشكل واضح، وكانت لدينا خطوط حمراء عدة، ما كان يمكن ان نقبل بتجاوزهاquot;.

نص بيان مجلس الامن حول سوريا:

ان مجلس الامن يعرب عن قلقه الشديد ازاء تدهور الوضع في سوريا، وعن اسفه العميق لمقتل المئات.

يدين المجلس الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان واستخدام القوة ضد المدنيين من قبل السلطات السورية.

يطالب المجلس بالوقف الفوري لكل اعمال العنف، ويدعو جميع الاطراف الى ممارسة اقصى درجات ضبط النفس والامتناع عن الاعمال الانتقامية بما في ذلك شن هجمات على المؤسسات الحكومية.

يدعو المجلس السلطات السورية الى الاحترام الكامل لحقوق الانسان وتنفيذ التزاماتها بموجب القانون الدولي. يجب محاسبة المسؤولين عن العنف.

يأخذ المجلس علمًا بالالتزامات التي قطعتها السلطات السورية بالاصلاح، ويأسف لعدم حدوث تقدم في تنفيدها ويدعو الحكومة السورية الى الوفاء بالتزاماتها.

يعيد المجلس تأكيد التزامه القوي بسيادة واستقلال ووحدة اراضي سوريا، ويؤكد على ان الحل الوحيد للازمة الحالية في سوريا هو من خلال عملية سياسية لا تستثني احدًا، يقودها السوريون، بهدف تلبية التطلعات المشروعة للشعب بطريقة فعالة تتيح الممارسة الكاملة للحريات الاساسية لجميع الشعب بكامله بما في ذلك حرية التعبير والتجمع السلمي.

يدعو المجلس السلطات السورية الى تحسين الوضع الانساني في مناطق الازمة عن طريق وقف استخدام العنف ضد المدن المتضررة، والسماح بدخول المنظمات الانسانية الدولية والعاملين فيها بسرعة ومن دون اية عوائق والتعاون الكامل مع مكتب المفوض الاعلى لحقوق الانسان.

يطلب المجلس من الامين العام للامم المتحدة اطلاعه على الوضع في سوريا خلال سبعة ايامquot;.