فيما اتهم برلماني عراقي نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني بالتورط في عقود وهمية قيمتها 1.7 مليار دولار في وزارة الكهرباء بعلم من رئيس الوزراء نوري المالكي.. فقد دعا زعيم الكتلة العراقية أياد علاوي إلى محاسبة جميع المتورطين من المسؤولين الكبار في الفساد، الذي شدد على أنه يشمل البنية الحكومية كاملة... بينما تجري محاولات للتغطية على الفضيحة من خلال الإعلان عن إلغاء هذه العقود، وعدم دفع أي من مبالغها من أجل إيقاف تبادل الاتهامات بين السياسيين وكبار المسؤولين.


رعد شلال سعيد

أسامة مهدي: قالت الكتلة العراقية بزعامة علاوي انها تتابع بقلق شديد منذ مدة الفساد المالي والاداري المستشري في مفاصل الدولة كافة، وعلى وجه الخصوص في وزارة الكهرباء، حيث تبذل لجنة النفط والطاقة في مجلس النواب العراقي منذ تشكيلها جهداً خاصاً في متابعة تفاصيل هذا الملف الشائك، بما في ذلك لجنة التحقيق البرلمانية في فساد وزارة الكهرباء.

واضاف ان ما كُشف أخيراً من عقود مع شركات وهمية لم يكن مفاجئاً لكتلة العراقية ومؤيديها والخيّرين من أبناء هذا الوطن في أنحاء العالم، حيث إن الفساد الذي كشف وسيكشف عنه في وزارة الكهرباء، ليس وليد الساعة، ولا يقتصر على الأشهر الخمسة التي تولى فيها الوزير الحالي رعد شلال مهماته.

واشارت الى ان وزارة الكهرباء كانت تحت ادارة حسين الشهرستاني بعد اقالة الوزير السابق كريم وحيد، كما إن طاقم الوزارة من المتنفذين وغير المتنفذيين لا يزالون موجودين منذ زمن وحيد والشهرستاني، إضافة الى فترة شلال. وقالت quot;ان الشهرستاني quot;هو المسؤول الاول عن ملف الطاقة بكل تفاصيله، ومعلوم للجميع أنه يتابع كل صغيرة وكبيرة في موضوعات الطاقةquot;.

واوضحت quot;ان الأمانة العامة لمجلس الوزراء ورئيس مجلس الوزراء (نوري المالكي) شخصياً يتدخلون في أمور التعاقدات كافة، ولا يستطيع أي وزير أن يوقّع عقداً مهماً دون الرجوع اليهما، بل إن قيمة العقد تتجاوز صلاحيات الوزير، وبالتالي لابد ان العقود ذات العلاقة قد عرضت على رئيس الوزراء ونائبه لشؤون الطاقةquot;. وقالت quot;معلوم كذلك ان الفساد الذي كشف أخيراً، والذي كنا طرفاً أساسياً في كشفه، يشمل ndash;للأسف- البنية الحكومية كاملةquot;.

وشددت الكتلة على انها في الوقت الذي تحرص فيه على ان يكون وزراؤها وبقية الوزراء جميعاً خارج الشبهات ويعملون للخدمة العامة وللمصلحة الوطنية بتضحية واخلاص، فإنها وقادتها لن يدافعوا عن الفساد والمفسدين، ولذا فإنها ستطالب بابعاد ومحاسبة كل مسؤول تثبت التحقيقات تورطه بالفساد، بمن فيهم وزير الكهرباء الحالي quot;الذي ينتمي الى الكتلةquot; في حالة ثبوت الاتهامات.

وطالبت الحكومة ومجلس النواب بإتخاذ أقسى الاجراءات بحق بقية الوزراء والمسؤولين المفسدين quot;الذين كُشِفت ممارساتهم الفاسدة ومن سَيُكشَف فسادهم من خلال التحقيقات الجارية، وخاصة في وزارات التجارة والنفط والدفاع والداخلية وغيرهاquot;. وعبّرتعن أملها في أن لا يقتصر الأمر على ملف وزارة الكهرباء وعلى وزيرها وحده، وانما يشمل الحساب بقية المتورطين من المسؤولين الكبار في هذا الفساد كما قالت.

وكان اعلن في بغداد الاحد الماضي ان المالكي أصدر قرارًا بإقالة الوزير على خلفية توقيعه عقودًا وهمية تصل قيمتها إلى مليار و700 مليون دولار. وقالت مصادر حكومية ان قرار الاقالة صدر بعد التأكد من انه قد وقع عقودًا تجارية وهمية باسم الوزارة بقيمة تصل إلى مليار و700 مليون دولار، موضحة ان المالكي قد امر بفتح تحقيق في الامر.

وكانت تقارير محلية اشارت قبل ايام الى ان السفير العراقي في كندا ابلغ الحكومة أن الشركة المتعاقدة مع وزارة الكهرباء هي شركة وهمية. وقالت ان وزارة الكهرباء تعاقدت مع شركة quot;نيناquot; على نصب 25 محطة بواقع ألفين وخمسين ميكا واط، وتم إلغاء هذا العقد ثم تعاقدت مع شركة quot;أكس أكسquot; الكورية، وتمّ إلغاء هذا العقد أيضاً، ثم بعدها تعاقدت مع شركة ألمانية على بناء 10 محطات لتوليد الطاقة الكهربائية في العراق، مشيرًا الى ان السفير العراقي في كندا ابلغهم عن ان الشركات التي تعاقدت معها وزارة الكهرباء أخيرًا كانت وهمية.

وقد اعترض عدد من نواب القائمة العراقية التي رشحت الوزير لهذا المنصب على هذا الإجراء، مؤكدين أنّه يجب أن يتم التصويت على الإقالة داخل مجلس النواب بعد استجوابه.

اتهام الشهرستاني بعقود الكهرباء الوهمية
خلال مؤتمر صحافي في بغداد اليوم، اتهم النائب المستقل حاليًا رئيس لجنة النزاهة سابقًا صباح الساعدي الشهرستاني بالتورط في العقود الوهمية التي أبرمتها وزارة الكهرباء، وقال ان وزير الكهرباء رعد شلال هو كبش فداء لمفسدين كبار، كان لهم اطلاع على عقود هذه الشركات باعتبارها وهمية.

واكد الساعدي ان المالكي مطلع على تلك العقود قبل توقيعها، كما هاجم السياسيين، وقال انهم يحمون الفاسدين، وخاصة في الأحزاب المشاركة في السلطة. واشار الى ان وزارة الكهرباء معروفة بأنها أكثر الوزارات فسادًا، موضحًا ان المتورط في العقود الوهمية وقيمتها 1.7 مليار دولار ليس فقط وزير الكهرباء رعد شلال، وإنما نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني.

واكد ان اللجنة الوزارية لشؤون الطاقة برئاسة الشهرستاني وافقت على عقد توريد محطات الديزل من شركة ألمانية بمبلغ مليار و250 مليون دولار، وعلى العقد الآخر بمليار و175 مليون ليكون المجموع مليارين و475 مليون دولار.

ثم عرض وثيقة قال إنها تثبت بأن الشهرستاني موقع على العقد، وقد ارسل نسخة منه الى المالكي quot;ما يؤكد أن رئيس الوزراء مطلع على العقد أيضاquot; على حد قوله. واوضح ان quot;الوثيقة تثبت بأن وزير الكهرباء رعد شلال هو كبش فداء لأن نسخة من العقد أرسلت إلى رئيس الوزراء، وهو يعلم بالعقدquot;. وتساءل عن سبب عدم اقالة الشهرستاني quot;لأنه وقع على هذا العقد ايضًاquot;.

واشار الى انه في اجتماعات مجلس الوزراء الاخيرة بعد نهاية المائة يوم التي حددها المالكي للاصلاح امتدحالشهرستاني هذه الشركات، وأثنى على عقودها، وأشاد بهذه الشركات علناً عندما كان النقاش عن موضوع التعاقدات بالآجل. واضاف الساعدي أن المبلغ الذي أُنفق على الكهرباء بلغ 27 مليار دولار، وبعدما طلب المالكي في برنامجه الحكومي للسنوات الأربع المقبلة 30 مليار دولار، مما يوصل المبلغ الإجمالي الى 57 مليار دولار، لكنه يتم إصلاح المنظومة الكهربائية حتى الآن.

الشهرستاني يكذب الوثيقة ويؤكد انها مزورة
لكن نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني كذب الوثيقة التي ابرزها الساعدي، واكد انها محرّفة. وقال مكتب الشهرستاني في بيان صحافي تلقت quot;ايلافquot; نسخة منه اليوم quot;نشرت بعض وسائل الاعلام وثيقة صادرة من مكتب نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة الدكتور حسين الشهرستاني بتاريخ 13/6/2011 قد تم تحريفها لغرض طمس الحقائق.. ونود ان ننشر الوثيقة الاصلية لوسائل الاعلام ليطلع عليها الشعب العراقي، والتي تؤكد ان قرار لجنة شؤون الطاقة قد الزم وزارة الكهرباء بالتعاقد مع الشركات المصنعة الاصلية، وليست الوسيطة. وسيحتفظ مكتبنا بحقه القانوني بإقامة الشكوى الجزائية على الجهات التي حرّفت الوثائق الرسميةquot;.

يأتي نشر هذه الوثيقة بمثابة اتهام لوزير الكهرباء بالمسؤولية الاولى عن توقيع العقود quot;الوهميةquot;، على اعتبار ان الشهرستاني قد اوصى بتوقيع عقود مع شركات اصلية، الامر الذي لم يلتزم به الوزير شلال.

من جانبها أعلنت وزارة الكهرباء أن فقرات العقدين اللذين تم إبرامهما مع الشركتين الكندية والألمانية تحصن الوزارة من أي احتمال لعمليات احتيال قد تتعرض لها، وقالت انها فسخت العقود مع هاتين الشركتين في الثالث من الشهر الحالي نتيجة التصريحات الإعلامية الكثيرة والشكوك التي انتابت مسؤولي الوزارة تجاه الشركتين.

وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة مصعب سري المدرس في بيان اليوم ان وزارة الكهرباء لا تقوم بدفع دولار واحد، إلا بعد بناء المحطات وتشغيلها ومطابقتها فنياً حسب الفقرات المثبتة في العقد، وبعد دخولها الخدمة بسنة كاملة يتم تسديد القسط الأول، فيما يتم تسديد القسط الثاني بعد القسط الأول بسنة أخرى.

وأضاف المتحدث باسم وزارة الكهرباء في البيان الذي نشرته quot;السومرية نيوزquot; أن quot;المحطات سريعة النصب، وتعهدت الشركات ببنائها بفترة إنجاز لا تتعدى 13 شهرًا، كما إنها تعمل بوقود النفط الأسود المتوافر بكثرة في البلادquot;. وأشار المدرس إلى أن quot;مجلس الوزراء منح الموافقة لوزارة الكهرباء على التعاقد مع عدد من الشركات بصيغة الدفع بالآجل لبناء 50 محطة توليد سريعة النصب، طاقة كل محطة مائة ميغاواط وبطاقة إجمالية قدرها خمسة آلاف ميغاوطquot;.

واضاف انه تم بعدها التعاقد مع شركات اس تي اس الكورية الجنوبية في الثامن عشر من اذار (مارس) الماضي بمبلغ ثلاثة مليارات ومائة وخمسة وعشرين مليون دولار، وشركة كب جنت الكندية في الثاني من الشهر الماضي بمبلغ مليار ومائة وستة وستين مليون دولارquot;. واوضح ان
الوزارة تعاقدت أيضا مع شركة أم بي أج الألمانية في السادس من الشهر الماضي بمبلغ ستمائة وخمسة وعشرين مليون دولار، لبناء 40 محطة توليد كهربائية طاقة كل محطة 100 ميغاواط وبطاقة اجمالية 4000 ميغاواط وبمدة انجاز 13 شهراً، تعمل بالوقود الثقيل النفط الأسود وبصيغة الدفع بالآجل.

وأكد ان وزارة الكهرباء quot;وجراء التصريحات الإعلامية الكثيرة، إلى جانب الشكوك التي انتابت مسؤولي الوزارة، وعلى رأسهم الوزير رعد شلال، من شركتي كب جنت الكندية وأم بي أج الألمانية فقد فسخت العقود معهما وأبلغا بذلك الأربعاء الماضي.

وزير الكهرباء يهدد بفضح عقود وهمية سابقة
إزاء هذه التطورات، فقد هدد وزير الكهرباء رعد شلال بالكشف عن الكثير من quot;العقود المريبةquot; التي أبرمتها وزارة الكهرباء خلال السنوات السابقة، في إشارة إلى عقود تتعلق باستيراد توربينات ضخمة من شركتي quot;جنرال اليكتريكquot; الاميركية وquot;سيمنسquot; الألمانية، ولم يتم نصبها حتى الآن.

وأوضحت مصادر عراقية أن quot;شلال يتوافر على ملفات قوية تتعلق بعقود الكهرباء في الفترة السابقة، لاسيما أثناء تولي الوزير كريم وحيد منصبه، ومن ثم إشراف وزير النفط حسين الشهرستاني على الوزارة قبل تسلم الوزير الحالي منصبهquot;.

وكان متظاهرون في بغداد طالبوا الجمعة بإقالة وزير الكهرباء لعدم قدرته على تأمين الطاقة الكهربائية في صيف البلاد القائض. وقد رفع المتظاهرون الذين خرجوا في حركة احتجاج جديدة في ساحة التحرير في وسط بغداد الجمعة، هي الأولى في شهر رمضان، شعارات، مرددين هتافات يطالبون فيها بإقالة وزير الكهرباء، لما اعتبروه فشلاً في توفير الطاقة الكهربائية في صيف عراقي قائض، لامست فيه درجات الحرارة حاجز 54 درجة مئوية، مما اضطر السلطات الى توقيف العمل في الادارات الحكومية الاثنين الماضي.

وكان وزير الكهرباء العراقي السابق كريم وحيد قد استقال من منصبه خلال الصيف الماضي على خلفية تظاهرات الاحتجاج عمّت العراق ضد فقدان الكهرباء، والتي ادت الى اشتباكات في بعض المحافظات مع رجال الامن وخلفت قتيلين و20 مصابًا.

ويعاني العراقيون منذ الحرب الأميركية في بلادهم، والتي اسقطت النظام السابق، انقطاعًا في التيار الكهربائي وعدم القدرة على استخدام اجهزة التكييف والمراوح لفترات طويلة. لكن في هذا العام تضافر ارتفاع الحرارة مع نقص المياه لتصبح الحياة غير محتملة تقريبًا للكثيرين في شهر رمضان الحالي. ويتعرض العراقيون لانقطاع الكهرباء ما يتراوح بين ست و14 ساعة يوميًا، ومما زاد الامور سوءًا ان بعض المحافظات العراقية تعرضت لموجة من الحر الشديد على مدار الاسبوع الماضي، حيث وصلت درجات الحرارة الى 56 مئوية.

ويزيد الحر القائظ من الضغط على شبكة الكهرباء المتهالكة في العراق، ونظرًا إلى تراجع امدادات الكهرباء من الشبكة الوطنية يضطر العراقيون للاعتماد بدرحة اكبر على مولدات خاصة لتشغيل اجهزة تكييف الهواء والثلاجات.

ويحتاج العراق أكثر من 15 الف ميغاوات من الطاقة الكهربائية لتلبية الطلب في الصيف، فيما قال وزير الكهرباء في اذار (مارس) الماضي ان المتوقع ألا تتجاوز الامدادات خلال الصيف الحالي 7000 ميغاوات. وفي إجراء استهدف تخفيف حدة الغضب الشعبي المتزايد بسبب استمرار انقطاع الكهرباء، قررت الحكومة العراقية أخيرًا توفير الوقود بالمجان لمولدات الكهرباء في أحياء المدن في أنحاء البلاد، على أن تتولى هذه الأحياء تزويد السكان بالكهرباء فترة لا تقل عن 12 ساعة يوميًا بأسعار معقولة.