تلقي التظاهرات في سوريا بظلالها على الوضع في العراق، ويرى مراقبون أن رئيس الوزراء نوري المالكي حين استجاب لرغبة إيران في تأكيده على دعم الأسد أسهم بطريقة أو بأخرى في زيادة الاحتقان بين الشيعة والسنّة.


نوري المالكي

فيما تتوالى إدانات الزعماء العرب ودول العالم لحملة التنكيل التي يواصلها نظام الرئيس بشار الأسد ضد المحتجين المسالمين، اتخذ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي موقفاً وديًا بشكل لافت من النظام السوري، ودعا المحتجين إلى الامتناع عن quot;تخريبquot; الدولة، واستقبل وفدًا رسميًا سوريا في بغداد، حيث وقع الجانبان جملة اتفاقيات اقتصادية وتجارية.

ولاحظ مراقبون أن دعم المالكي للأسد يبين ما يصفونه بحجم التغيير الذي حدث في موقع العراق بين دول الشرق الأوسط وتوجهه نحو إقامة محور تقوده إيران.كما يرى هؤلاء المراقبون أن موقف المالكي أسهم في زيادة الاحتقان بين شيعة العراق، الذين سلَّم قادتهم برواية الأسد عن وقوف تنظيم القاعدة وراء الانتفاضة، وسنّته الذين أدان قادتهم بطش النظام السوري بالمتظاهرين.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن نائب مدير برنامج الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية يوست هلترمان قوله quot;إن الغليان الذي نشهده في سوريا فاقم الانقسامات الطائفية القديمة في العراق لأن الزعماء الشيعة أصبحوا قريبين من الأسد، والسنة يقفون مع الشعبquot;.

وأضاف هلترمان quot;أن المالكي شديد الاعتماد على إيران من اجل البقاء في السلطة، وإيران تدعم سوريا على طول الخط.وقام الإيرانيون والسوريون بدور حاسم في تسليمه مقاليد السلطة قبل عام وإبقائه في الحكم، وبالتالي فانه يجد نفسه في وضع صعبquot;، بحسب هلترمان.

وكان القادة العراقيون اتهموا سوريا بالسماح بتسلل الانتحاريين والمسلحين إلى العراق خلال أعمال العنف الطائفي التي اندلعت بعد الغزو الأميركي.

وفي حين أن علاقات العراق وسوريا لم تكن طيبة حتى قبل الغزو، فإن اواصر وثيقة تربط بين النظامين السوري والإيراني، وهو عامل كان له تأثيره في تعديل العلاقات بين سوريا والعراق.وفي العام الماضي دفعت ايران الرئيس السوري إلى دعم ترشيح المالكي لرئاسة الحكومة ومساعدته على الفوز بولاية ثانية.ومنذ ذلك الحين تعززت علاقات المالكي والأسد، واقترن ذلك بتوقيع اتفاقيات تجارية وزيادة الاستثمارات السورية في العراق.

لكن رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي طالب الأسد يوم الثلاثاء الماضي بتلبية مطالب الشعب السوري والامتناع عن الاستخدام المفرط للقوة وعسكرة المجتمع.وقال النجيفي quot;إن ما يحدث من قمع للحريات وإراقة للدم السوري مدان وغير مقبولquot;.

كما دعا حلفاء سوريا في تركيا إلى إنهاء سفك الدماء، مثلما دعا قادة الدول الغربية.ولكن المالكي استقبل في تموز وفدًا من المسؤولين ورجال الأعمال السوريين لبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية، بما في ذلك بناء أنبوب لنقل الغاز من إيران عبر الأراضي العراقية إلى سوريا.وفي مقابلة تلفزيونية هذا الأسبوع قال المالكي إن على المحتجين أن يلجأوا إلى العملية الديمقراطية للتعبير عن مظالمهم وهو يعرف حق المعرفة ان لا مكان في ظل نظام الأسد للانتخابات التعددية الحرة في سوريا.

وأنحى المالكي بالمسؤولية على المحتجين في المقام الأول من دون ان يقول شيئا يُذكر عن مطالبة النظام بوقف إراقة الدماء على النقيض من موقف التحالف الذي ينتمي إليه المالكي ضد النظام الملكي في البحرين وتصديه لحركة الاحتجاج بين الغالبية الشيعية، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

وكان القادة العراقيون، شيعة وسنة، بدأوا، قبل الانتفاضة السورية، يعملون معًا بعد أشهر من القطيعة التي شلت عمل الحكومة.ولم يُجهَض هذا التعاون بعد، لكن الخلاف حول الموقف من الوضع في سوريا يهدد بعودة الاحتقان إلى العلاقات.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن شاكر الدراجي عضو ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي قوله ان المحتجين في سوريا أعضاء في تنظيم القاعدة، وان إسرائيل ودول الخليج تقف وراء التظاهرات. وقال انه إذا أُطيح نظام الأسد ستأتي عناصر القاعدة محله، وتستخدم سوريا قاعدة للهجوم على العراق والمنطقة.

لكن جابر الجابري عضو ائتلاف العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي اعترض على هذا الرأي.ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الجابري قوله quot;إن ما يجري في سوريا ليس سببه جماعة إرهابية، كما يقول البعض، فهذا قول ليس دقيقًاquot;.

وأضاف الجابري quot;أن مدنًا كاملة تنتفض للتظاهر ضد النظام، ونحن ندعو الحكومة السورية إلى الاستماع لمطالب الشعب وإنهاء العنف ضد شعبهاquot;.