جانب من الندوة التي تحدثت عن دعم الشعب السوري

قال ناشطون وحقوقيون سوريون إن ما يجري في سوريا هي حرب حقيقية معلنة من قبل نظام مجرم ضد شعب أعزل، وبحسب الناشطين فإن إيران وحزب الله يشاركان في المعارك الدائرة في سوريا ويقتلون عناصر الجيش الذين يرفضون إطلاق النار على المدنيين.


دعت شخصيات سورية أمس في الجزائر إلى ضرورة التدخل العاجل من اجل إيقاف quot;المجازر المروّعةquot; التي يرتكبها نظام الرئيس بشار الأسد في حق المدنيين العزل في مختلف المحافظات السورية.

وكشف رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا الدكتور عمار القربي أن ما يحدث حالياً في بلاده هي حرب إبادة حقيقية، متهمًا إيران وحزب لله اللبناني بالتدخل السافر في الشأن السوري من خلال دعم نظام الأسد، وقتل أفراد من الجيش السوري يرفضون إطلاق النار على المتظاهرين. جاء ذلك خلال ندوة نظمتها لجنة دعم مطالب الشعب السوري في التغيير في المركز الدولي للصحافة في الجزائر بالتنسيق مع مؤسسة الشروق للإعلام.

وفي حديثه أشار الدكتور سالم السالم إلىالجرائم المروعة التي يرتكبها نظام بشار الأسد في حق المدنيين العزل، موضحًا أن البداية كانت من خلال quot;التنكيل بالأطفال وقلع أظافرهم والتنكيل بجثثهم، وحرمانهمحتى من براءة الأطفال وما أصاب الرجال والنساء أكثر هولاًquot;.

يضيف قائلاً quot;عندما يدخلون القرى يبدأون حصارها بالدبابات، ثم بقطع الماء والكهرباء وإغلاق المشافي، ثم قصفها بالأسلحة الثقيلة وإطلاق أيادي الشبيحة ليطلقون النار على أي شيء يتحرك، وبعد ذلك حملة مداهمة للبيوت مع الاعتقالات المنظمة والعشوائية للمواطنين، وما يرافق ذلك من نهب واغتصابquot;.

يضيف الدكتور السالم quot;إن أهلنا في سوريا، وخاصة في المدن المحاصرة، يفطرون على الخبز اليابس وأحيانًا لا يجدون ما يفطرون عليه، إن شعبنا في سوريا يعيش مأساة حقيقية الآن... هناك الآلاف من العوائل التي نزحت من المد،ن واتجهت إلى الريف، هؤلاء يعيشون في ظروف صعبة للغاية، فلا مأوى ولا مال، ولولا شهامة أبنائنا في الريف الذين تبقى قدرتهم محدودة في إيواء آلاف المواطنين النازحين من المدن، وإن حملة النظام الممنهجة في الترويع وتعذيب المدنيين التي مورست بشكل غير مسبوق لم ولن تثني أهلنا في سوريا عن مواصلة الثورة بشكل سلمي والمطالبة بحقوقهم في الحرية و الكرامة والعدل والديمقراطيةquot;.

ودعا بالمناسبة الجزائريين إلى مد يد العون إلى الشعب السوري، قائلا quot;إن أواصر الأخوة والمحبة و المصير المشترك بين الجزائر وسوريا ممتدة منذ التاريخ وحتى ما قبل الأمير عبد القادر، وهذا ما رسخ الترابط بين الشعبين الجزائري والسوري، واستمرت هذه العلاقة إبان ثورة التحرير الجزائرية، حيث وقف الشعب السوري إلى جانب شقيقه الجزائري، وكان النشيد الوطني الجزائري يردد في المدارس، وكانت هناك حالة استنفار شعبي في سوريالنصرة الثورة الجزائرية، ونحن من خلال هذه الندوة متأكدون بأن الإخوة في الجزائر لا يتركون إخوانهم في سوريا من دون الوقوف إلى جانبهم على المستويات كافة،لافتًا إلى أن السوريين يتطلعون إلى مساعدة الشعب الجزائري كواجب أخ لأخيه في وقت المحنةquot;.

من جانبه أفاد أشار الدكتور عمار القربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا أن quot; الشعب السوري يتساءل عن الدور العربي الذي كان دون المستوى، ومن ذلك الجزائر التي كانت غائبة عن أحداث سوريا، خاصة وأن سوريا كانت داعمًا مهمًا للجزائر خلال حرب التحرير، والعلاقات السورية الجزائرية كانت دائما قوية، لكن للأسف خلال هذه الأيام وجهت الكثير من الملاحظات للموقف الجزائري تجاه ما يتعرض له الشعب السوري من إبادة منظمة، ونحن نتحدث بشكل خاص عن الموقف الرسمي للدولة الجزائريةquot;.

عن الأوضاع حاليًا في سوريا، يقول الدكتور القربي إن quot;الذي يحدث في سوريا لم يحدث خلال خمسة أشهر فقط من الآن، وإنما جذور هذه الأحداث ممتدة عبر خمسين سنة خلت، وسوريا ليست دولة حديثة هي دولة عمرها آلاف السنين، سوريا حتى فترة الخمسينات كانت دولة مدنية فيها ديمقراطية،في مدينة دمشق فقط كانت هناك سبع صحف سياسية يومية، سوريا من بين أولى الدول في المنطقة التي شهدت الصحافة والحرف المطبوع في 1870، المرأة في سوريا كانت فيها تتمتع بحقها في التصويت قبل فرنسا، الحقوق المدنية في بلدنا كانت كلها مصانة، إلى أن جاء حزب البعث بالانقلاب العسكري و تمت مصادرة الشعب والسلطة مع فرض الأحكام العرفية وقانون الطوارئ،وتكرس هذا الواقع مع وصول حافظ الأسد إلى السلطة سنة 1971quot;.

وأشار الدكتور القربي إلى خمسة أسباب أساسية فجرت الثورة الشعبية في بلاد الشام،والسبب الأساسي حسب القربيهو quot;قانون الطوارئ، وهو قانون حكم حتى الأجنة في بطون النساء، هذا القانون صادر كل قوانين الحياة المدنية من حريات وغيرها، بل صادر المجتمع أصلاً، ولم يترك غير الفساد والقتل والتدمير والديكتاتورية واستبداد الشعب، سوريا تحولت بسبب هذا القانون من بلد يشهد حياة مدنية إلى بلد مقفر ينتشر فيهكتاب التقارير والفاسدينquot;.

وأضاف: quot;مئات الآلاف خلال الخمسين سنة زجّ بهم في السجون، الناس اللذين كانوا في قاع وأسفل المجتمع السوري أصبحوا هم الذين يحكمون يسيرون البلد، والنخبة المثقفة تم تهجيرها وتشريدها ومن بقي داخل البلد مصيره السجن والتعذيبquot;.

وقال: quot;القضية الثانية هي قضية الدستور السوري، ورغم أن نص الدستور يحوي مواد تدافع عن الحريات المدنية، إلا أنه مجرد حبر على ورق، ليس بسبب وجود قانون الطوارئ فقط، لكن هناك المادة الثامنة التي تقول إن حزب البعث هو قائد الدولة وقائد المجتمع إذا انقسم البلد إلى قسمين مواطن هو quot;ابن الستquot; ومواطن هو quot;ابن الجاريةquot;.

وتابع قائلا: quot;المواطن الذي ينتمي إلى حزب البعث هو الذي تتاح فرصة التدريس في الجامعة أمامه و يتقلد المسؤوليات، والمواطن الذي لا ينتمي إلى البعث يصبح عبدًاوخادمًا للسلطة التي هي عصابة تترأسها أسرة واحدة هي أسرة الأسد، حقيقة هناك حزب، لكنه مجرد ديكور، تم وضعه لسرقة البلد تحت ذريعة ما يسمى بالمشروعية الحزبيةquot;.

ويضيف الدكتور القربي قائلاً quot;أيضًا بالنسبة إلى قضية السلطات في سوريا حتى في القانون السوري لا يوجد فصل بين السلطات، فرئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية، وفي الوقت نفسه هو رئيس مجلس القضاء الأعلى، وفي الوقت نفسهالسلطة التنفيذية هي التي تقوم بوضع السلطة التشريعية ، إذًا نحن نتحدث عن سلطة واحدة هي الخصم وهي الحكم،وهي التي قادت البلاد إلى هذا المأزق، و اليوم بعد ما حدث في بلاد عربية أخرى من ثورات على غرار تونس ومصر وغيرها السوريون شعروا بأنهم ليسوا اقل شأنًا من أشقائهم العرب، لذلك بدأت بعض العبارات تطلق في أكثر من مدينة وخاصة في مدينة درعا... أطفال عمرهم لا يتجاوز 11 سنة كتبوا العبارات نفسهاالتي رفعت في دول عربية أخرى quot;الشعب يريد إسقاط النظامquot;.

وكان المصير تعذيبهم وحرقهم بالسجائر، ولدينا صور تثبت ذلك، وأيضًا نزع أظافرهم وإذلالهم، ولما قام الأهالي وطالبوا بإطلاق سراح هؤلاء الأطفال كان الرد بتهديد هؤلاء الأهالي بمصير الأطفال نفسه، لذلك كان الحل الوحيد للناس هو الاعتصام، وترافق هذا مع اعتصام في وزارة الداخلية مباشرة لكن السلطة استخدمت إطلاق النا،ر وقتلت أربعة أشخاص، وأثناء التشييع في اليوم الثاني قتلوا 12 شخصquot;.

وتابع: quot;إذا من أعلن الثورة هو بشار الأسد بتصرفاته الجنونية الرعناء، هو الذي دفع السوريين إلى النزول إلى الشوارع... هذا النظام هو المسؤول عن كل الأحداث التي نعيشها، انطلقت الأحداث من درعا إلى ريف دمشق، ومن دمشق إلى بانياس فحماه فحمصquot;.

ويقول القربي إأن ما حدث في سوريا منذ بداية الثورة هو أعظم من دخول أي بلد في حرب، واضاف :quot;اليوم بعد خمسة أشهر نستطيع أن نقول إن سوريا بلد منكوب في حقوق الإنسان، وعندما نتحدث عن بلد منكوب نعني بذلك بلد خرج من الحرب، والذي حدث في سوريا خلال الأشهر الخمسةالماضية هو أكثر من بلد تعرض إلى حرب إبادة، اليوم ما يجري في سوريا هي حرب حقيقية معلنة من قبل نظام مجرم استخدم كل الأسلحة المحرمة والمسموحة والدبابات الثقيلة والخفيفة، واستخدم القتل والتعذيب والتهجير والتنكيل.

واليوم في سوريا لدينا حتى الآن 2700 شهيدًا،ونحن نتحدث عن هذا الرقم نستذكر مصر التي كانت مفتوحة أمام الصحافة الدولية، وتحدثوا في البداية عن 300 شهيد، بعد ذلك اكتشفوا أن هذا العدد أكثر فما بالك بما يجري في سوريا المغلقة أمام الصحافة الدوليةquot;.

وتابع القربي: quot;عدد الأشخاص الذين تعرضوا إلى الاعتقال في سوريا من بداية الثورة وإلى الآن أكثر من 30 ألف شخص، وعدد الأشخاص المختفين قسرًا نحو 5 آلاف شخص، وعدد اللاجئين خارج سوريا أكثر من 25 ألف نازح، هذه النسبة تتعلق بالمخيمات النظامية لأن هناك نسبة كبيرة من الأهالي نزحت نحو الداخل، ولم تستطع المكوث في المخيمات، إذا نحن نتحدث عن كارثة إنسانية في سوريا أكثر من 113 طفل تم قتلهم واستهدافهم، كل هذه الجرائم ترتكب أمام مرأى العالم، والأمم المتحدة و الدول العربية، ومعاناة الشعب السوري لا تتعلق فقط بقضايا التعذيب والقتل، وإنما هناك واقع اقتصادي صعب، هناك نقص حاد في المواد الاستهلاكية، هناك آلاف من الناس لم تستطع الالتحاق بعملها، هناك العديد منهم فصل عن عمله بسبب شبهة مشاركته في تظاهرات، وهناك طرد لطلاب من مدارسهمquot;.

واتهم الدكتور القربي صراحة إيران وحزب الله اللبناني بدعم النظام السوري من خلال دعمه بالسلاح.وأضاف الدكتور أن quot;هناك أفرادًا من إيران وحزب الله يقومون باغتيال أفراد من الجيش السوري لرفضهم إطلاق الرصاص على المتظاهرينquot;.

الدكتور ميشال سطوف ممثل لجنة دعم مطالب الشعب السوري في التغيير دعا وسائل الإعلام العربية إلى ضرورة الرد على التضليل الإعلامي الذي تمارسه وسائل الإعلام الموالية للنظام السوري، و اعتبر أن أهمية الثورة السورية لا تأتي فقط من ثباتوصمود الشعب واتساع رقعتها في أرجاء سوريا، ولا من سلميتها وتمسكها بمبدأ الوحدة الوطنية، وأن الشعب السوري واحد ولا خوف من سوريا وعلى ثورتها من تدخلات خارجية، بل بالعكس، هي تطالب بوقف التدخل الخارجي ورفع الغطاء عن النظام السوري ووقف التحالفات التي تدعم إجرامهذا النظام.

وقال quot;الثورة السورية لا تحتاج دبابات ولا تحتاج مدافع، حتى دبابات ومدافع الجيش السوري الشعب ليس بحاجة إليها، وإنما نحن نطالب من الجيش السوري أن يبقى في حدود مسؤولياته أن يبقى حاميًا للوطن وحاميًا للشعب، وأن لا يتدخل في الشأن السياسي، ما عدا ذلك يستطيع الشعب السوري أن يحل أزمتهومشكلته بنفسهquot;.

وحسب الدكتور ميشال، فإن quot;أهمية هذه الثورة تأتي من كونها تواجه أعتى قلعة استبدادية هي قلعة للفساد سميناها منذ ثلاثين عاًام بالعهد الأسدي المغلق والذي يرفض الانفتاح على مطالب الشعب و على خيارات الشعب السوري المتعلقة بالحرية والحداثة والتطورquot;.

إلى ذلك عبّرت شخصيات جزائرية عن دعمها ومساندتها نضالات الشعب السوري في تقرير مصيره و هنأ بالمناسبة الوزير السابق عبد العزيز رحابي الشعب السوري بثورته، داعيًا إياه إلى ضرورة مواصلة الثورة السلمية والتمسك بوحدة الصف، وخاطب السوريين quot;أنهم إذا أرادوا الحرية فعليهم دفع ثمن ذلكquot;.

مذكّرًا بالمناسبة بالثمن الذي دفعته الجزائر في وقت سابق نظير مطالبة الشعب الجزائري بالديمقراطية وحرية التعبير، اعتبر ان سوريا تستفيد من رياح التغيير التي هبّت على العالم العربي، بحيث هناك توافق في المطالب الشعبية في العالم العربي، أن عهد التخويف بالإيديولوجيات والبعبع الإسلامي أو صراع العلماني الإسلامي قد ولّى لأن الشعب العربي الآن وصل إلى درجة من الوعي السياسي من خلاله يتم تجاوز الاختلافات المذهبية والإيديولوجية.

وأضاف: quot;الكل يتطلع إلى مزيد من الحرية والديمقراطية والعيش الكريمquot;. أما البروفيسور خياطي فاعتبر أن الطرف الجزائري مستعد لأي فكرة من اجل تنسيق الجهود لدعم الشعب السوري ماديًا أو معنويًا، على غرار تنظيم حملات سابقة لدعم شعوب أخرى، آخرها إغاثة الشعب الصومالي.

أما رئيس التنسيقية الوطنية لدعم الشعب السورية الدكتور حريتي فدعا النظام الجزائري إلى ضرورة الوقوف إلى جانب الشعب السوري وإجبار النظام السوري على وقف العنف، وقال انه من العيب ترك سوريا تحترق وحدها، وأهاب بالشعب الجزائري أن يتكاتف ويدعم الشعب السوري بمختلف الطرق والوسائل.

وجدد المشاركون في الندوة من جالية سورية وشخصيات جزائرية مطالبهم بضرورة طرد السفير السوري من الجزائر كوسيلة ضغط على النظام السوري لوقف مجازره المرعبة بحق المدنيين.