العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني

في الوقت الذي شهد الأردن حدثاً استثنائياً باجراء تعديلات على الدستور طالت 42 مادة، وبمبادرة من الملك عبدالله الثاني الذي شكل لجنة خاصة لهذه الغاية، تصر قوى معارضة على إجهاض هذا الانجاز والمضي قدماً لمتابعة الحراك الشعبي.


توعدت قوى معارضة نحو تصعيد الحراك الشعبي في الأردن لأن التعديلات المعلن عنها لم تعبر عن جوهر مطالب الشارع وفق وجهة نظر قيادات الحراك الشعبي لأنها لم تمس القضايا الجوهرية والتي وفق قناعتهم أن تصبح الحكومات منتخبة في الأردن.

وثمة جو سياسي منقسم بين فرقاء قوى المعارضة للتعديلات والموالاة المؤيدة للتعديلات منذ الإعلان عنها منذ أيام. فما يزال الحراك الشعبي مستمر لقناعته أن التعديلات لم تلب طموح الشارع وسقف مطالبهم.

وفي هذا السياق وجهّت quot;إيلافquot; تساؤلات حول التشويش على التعديلات ورفضها. فتوقع عضو المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين أرحيل غرايبة أن يستمر الحراك الشعبي في الأردن في تحركاته بعد الإعلان عن التعديلات الدستورية والدليل على ذلك مسيرات الجمعة تحت شعار quot;جمعة الوحدةquot;، مبرراً ذلك بأن التعديلات لم تلب مطالب الشارع الإصلاحيّة وكانت عبارة عن تعديلات مجتزئة لا قيمة لها.

أما الناطق الإعلامي باسم اللجنة الاصلاحية لـ quot;حي الطفايلةquot; محمد الحراسيس يصف quot;مخرجات التعديلات الدستورية عبارة عن ترقيعات ولم ترتق إلى تعديلات جوهرية وأساسية ولم تنسجم مع مطالب الشارع بأن يكون الشعب مصدر السلطات، والحكومة منتخبة.

وعند سؤاله كيف في ظل غياب حياة حزبية حمّل المسؤولية إلى أجهزة الدولة المختلفة التي quot;قتلت الوعي السياسي لدى المواطن ويعتقد ان الحراك الشعبي قادر على الائتلاف والتوافق والاتحاد لقيادة الحريات السياسية وتحقيق حلم الحكومات المنتخبةquot;.

من جانبه، يؤكد مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الجامعة الأردنية الدكتور موسي اشتيوي ان quot;التعديلات هي بمثابة قضية مفصلية رغم اختلاف وجهات النظر حولها، ويعتقد ان quot;التعديلات كانت محرجة للقوى المعارضة خصوصا انها استجابت للكثير من مطالب الشارع. ويرفض اشتيوى الوصاية واتخاذ القرار عن الشعب الأردني.

بدوره، يقّسم النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الأردني الدكتور حميد البطانية الحراك الشعبي الأردني الى قسمين الاول منه ينظر الى التعديلات انها تلبي جزء من مطالب الاصلاح السياسي الشامل المطلوب وفي ذات الوقت يحرص الى المزيد لكنه حريص على امن واستقرار الوطن.

فيما النوع الثاني له اجندة خاصة لذا يرفض التعديلات الدستورية ويسعى الى تصعيد الحراك الشعبي لاخذ الأردن الى حالة انقسام وتأزيم وفق البطانية.

واللافت ان قوى المعارضة لم تنظر بايجابية ازاء بعض التعديلات التي طرأت على دستور عبدالله الثاني ولعل أبرزها إنشاء المحكمة الدستورية لبت دستورية القوانين وإنشاء هيئة مستقلّة للإشراف على الانتخابات، ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم المدنية، وإناطة محاكمة الوزراء بالمحاكم العليا المدنية، واصبح الطعن في نتائج الانتخابات أمام القضاء المدني، وتم تقييد صلاحيّات السلطة التنفيذية بوضع قوانين موقتة في ثلاث حالات فقط، هي: الكوارث والحرب والنفقات التي لا تحتمل التأجيل.

وتعليقا على ما سبق يقول غرابية إن ما فائدة المحكمة الدستورية (رغم أنها كانت أحد مطالب الحركة الاسلامية) ويقول quot;إنها ستكون اداة قمع بيد الدولة بحكم ان الأردن دولة غير ديمقراطيةquot;. مضيفا ان اللجنة المكلفة بالدستور عملت بوجهة نظر الدولة ولم تمنح الشعب فرصة صياغة دستوره.

والمح إلى أن quot;أجهزة الدولة تحاول احتواء الحراك الشعبي عبر الضغط عليه وتقديم الترضيات لنا لكن نحن ما نرفض لاننا نبحث عن حقوقناquot;. وأكد أن quot;الحراك الشعبي مستمر في الأردن إلى حين إعلانها دولة ديمقراطية مدنية وهذا يتم بتعبير سلمي دون فوضي وعنفquot;.

أما الحراسيس يعتقد أن الحراك الشعبي الأردني بات حالياً يستقطب الكثير من المواطنين لانه بات قناعة لديهم للمطالبة بتصحيح المسار الحالي ومعالجة اختلالات نظام اجهزة الدولة المختلفة.

لكن الدكتور اشتيوي يؤيد استمرار الحراك الشعبي بعد الاعلان عن التعديلات الدستورية وذلك ليكون وسيلة ضغط ايجابية على الحكومة والبرلمان بشرط ان يكون هدفه من اجل تسريع منظومة الاصلاح السياسي لاقرارالتعديلات الدستورية وليس جر الوطن الى ازمات او انقسامات كون تلك التعديلات لم تنسجم مع طرح برنامج حزب أو تيار ما بحسب اشتيوي.

وطالب النائب البطانية من الحراك الشعبي منح الحكومة والبرلمان الوقت لاقرار التعديلات الدستورية كونها تشكل حجر الاساس في بناء الاصلاح السياسي الاجتماعي الاقتصادي الشامل بحكم ان الملك عبدالله الثاني هو حامي الدستور ويقود مسيرة الاصلاح الى حين تحقيقه.

ومع الاعلان عن توصيات التعديلات الدستورية التي باتت عهدة حكومية تجهزّ في ديوان التشريع لترحليها الى البرلمان واقرارها في الدورة الاستثنائية الحالية لتصبح سارية المفعول ونافذة، لتستكمل حزمة التشريعات الاصلاحية خصوصا قانون انتخاب عصري توافقي وقانون احزاب قادر على خلق حياة حزبية.