ليبيون يحتفلون بدخول الثوار إلى طرابلس

ربما يفكر طغاة العالم في الآلية التي تمكّنهم من تجنب مصير العقيد معمّر القذافي، وتقدم مجلة فورين بوليسي سبعة دروس لهؤلاء الطغاة للنجاة من المصير نفسه، ومنها التحكم في وسائل الإعلام وامتلاك سلاح نووي.


في ظل الوضعية الصعبة التي يواجهها الآن العقيد الليبي معّمر القذافي، بعد النجاحات التي حققها الثوار خلال الساعات القليلة الماضية على الصعيد العسكري، قد يكون السؤال الأبرز الذي يدور في ذهنه الآن: ما الذي حدث لكي تؤول الأمور إلى ما هي عليه الآن بالنسبة إليه وإلى نظام حكمه، خصوصاً مع تزايد تقلص أعداد الموالين له.

قالت في هذا الشأن مجلة quot;فورين بوليسيquot; الأميركية إن القذافي، وفي إطار حرصه على البقاء في السلطة، قام بتنفيذكل التكتيكات التي يمكنها الحيلولة دون وقوع انقلاب، وهو في ذلك نجح في استغلال الروابط الأسرية والعرقية والدينية، وأنشأ قوات أمنية متداخلة تراقب بعضها بعضًا، وأغدق المال على خصومه المحتملين.

عمل القذافي كذلك على كسر شوكة قوات الجيش التابعة له، بحيث لا يمكنها إيذاءه، ثم استعان بالمرتزقة والبلطجية لمواجهة شعبه الثائر بكل وحشية. وخرج عبر خطابات ميدانية وأخرى تلفزيونية ليعنّف معارضيه، ويلقي باللوم على قوى خارجية، يراها ضالعة في الأحداث التي تشهدها بلاده، ويتوعد بأن يكون رده سريعًا.

رغم كل هذه المحاولات، لم يفلح القذافي في الصمود أمام إصرار الثوار، ورغبتهم في الإطاحة بنظامه، وجاءت ليلة الحادي والعشرين من شهر آب/ أغسطس الجاري لتسطر بداية النهاية لأكثر طغاة إفريقيا استمراراً في الحكم. بيد أن المجلة أرادت أن تضع يدها على الأمور التي أدت إلى سقوط وانهيار كيان القذافي بهذا الشكل.

ولفتت المجلة إلى أن بداية مسلسل الانهيار كانت مع موافقة مجلس الأمن على تمرير قرار يجيز للناتو القيام بعمليات عسكرية في ليبيا. وبدون الـ 7505 طلعة جوية التي نفذها الناتو وحلفاؤه طوال فترة الصراع، لم يتمكن الثوار من فرض سيطرتهم على العاصمة، طرابلس.

ورأت المجلة أن الدرس الأول الذي يجب أن يستفيد منه أي طاغية حول العالم في ظل الأحداث المتلاحقة التي تشهدها ليبيا، هو القيام بكل شيء ممكن لتجنب حدوث تدخل عسكري أجنبي. لكنها اعترفت بأن قول أمر كهذا شيء... وتنفيذه شيء آخر، حيث تنوعت ردود فعل القوى الغربية تجاه الأنظمة الوحشية أثناء الربيع العربي. ثم تحدثت عن سبعة تكتيكات يمكن لباقي الطغاة المنتشرين حول العالم أن يستعينوا بها بغية تجنب المصير الذي يواجهه القذافي الآن.

أول هذه التكتيكات، وفقاً للمجلة، هو عدم الإعلان عن الخطط التي تعتزم القيام بها. حيث اعتبرت المجلة أن ذلك كان الخطأ الأكثر جسامة الذي وقع فيه القذافي. فقد ظهر في السابع عشر من آذار/ مارس الماضي على شاشة التلفزيون مخاطباً أبناء بنغازي، في وقت كانت لا تزال فيه المناقشات مستمرة داخل الأمم المتحدة بشأن رد الفعل المناسب على ما يجري في ليبيا.

وقال حينها إن قواته ستصل إلى بنغازي في تلك الليلة، وتعهّد بألا يبدي أي رحمة أو رأفة بالمقاتلين الأجانب أو الإسلاميين أو الخونة. ورأت المجلة أن الرئيس السوري، بشار الأسد، تعلّم هذا الدرس جيداً، حيث اكتفى في مقابلة مع التلفزيون السوري أول أمس بوصف الإصلاحات التي تعهد أن يقوم بها نظامه.

التكتيك الثاني هو إلقاء اللوم على الآخرين، حيث يتعين الإشارة بأصابع الاتهام حال حدوث انتفاضة شعبية إلى وجود عوامل خارجية، والتأكيد على أن الغالبية العظمى من الناس مازالوا يدعمونك، وأن الاحتجاجات يتم تمويلها ودعمها من جانب وكالات استخبارات أجنبية ووسائل إعلام غربية وإسرائيل وجورج سوروس ومقاتلين إسلاميين.

أما التكتيك الثالث فهو التحكم في وسائل الإعلام، وهو التكتيك الذي يعيه جيداً الطغاة المهتاجون حول العالم، حيث أظهر أحدث تقرير صادر من مؤسسة quot;فريدم هاوسquot; بخصوص تقويم حرية الصحافة أن أسوأ 10 دول تصنيفاً في ما يتعلق بحريات الصحافة عبارة عن نماذج لكيانات ديكتاتورية، مثل بيلاروسيا وبورما وكوبا وغينيا الاستوائية واريتريا وإيران وليبيا وكوريا الشمالية وتركمنستان وأوزبكستان.

في حين يتلخص التكتيك الرابع في عدم الاستعانة بالقوة الجوية، فما أصعب أن تفتك بشعبك عن طريق القصف الجوي. ولفتت المجلة في تلك الجزئية إلى أن أنصار حماية المدنيين باستخدام القوة العسكرية يدعمون باستمرار فرض مناطق خاصة بحظر الطيران.

بالنسبة إلى التكتيك الخامس فهو أن تكون حليفاً، إما للولايات المتحدة أو لروسيا. حيث دائماً ما تكون هناك حاجة إلى صديق بارز لديه حق الفيتو في مجلس الأمن. وأوضحت المجلة هنا أن القوى الكبرى تقرّ خطابياً القيم العالمية لحقوق الإنسان والحريات ndash; إلى أن تتعارض تلك القيم مع مصالحها الإستراتيجية الأوسع في النطاق.

التكتيك السادس هو التأكد من عدم طلب أعدائك للمساعدة، والتأكد من إغلاقهم أفواههم. وأكدت فورين بوليسي في هذا الجانب أن آخر شيء تحتاجه هو أن تُشعِر القوى الغربية بأن هناك بديلاً ديمقراطياً في بلادك أو أن شعبك سوف يهلل ويهتف لتدخل أجنبي تقوده بلدان غربية.

ورغم عدم وجود وسيلة يمكنها إسكات السوريين المناهضين لنظام الأسد، إلا أن رفضهم التدخل العسكري في شؤون بلادهم كان أحد العوامل الرئيسة التي استبقت النظر جدياً في الخيار العسكري هناك.

أما التكتيك السابع والأخير، فهو أن تحاول امتلاك قنبلة نووية بأي شكل من الأشكال. حيث قالت المجلة هنا إنه وطوال تاريخ الحقبة النووية، لم تنجح محاولات غزو أي دولة كان في حوزتها أسلحة نووية. فبعد ذلك كله، لا يوجد ثمة شيء أكثر فاعلية لمنع التدخل الخارجي سوى امتلاك القدرة على القيام بضربة نووية انتقامية.

واعتبرت المجلة أن القذافي وقع في ذلك الخطأ الفاضح، حين تخلّت ليبيا عامي 2003 و2004 عن برامجها الخاصة بالأسلحة النووية، التي أنفقت عليها ما يقرب من 200 مليون دولار، وقامت بتسليم الآلاف من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم ومخططات خاصة بالأسلحة النووية إلى الولايات المتحدة الأميركية.