مع صعوبة تحقّق السيناريو القائم على تدخّل عسكريّ دولي يطيح بالنظام في سوريا على غرار ما حصل في ليبيا، يرى محللون أنّ الإطاحة بالنظام لا تزال ممكنة، فالمهمّ إتباع خطوات عملية ومدروسة تساعد الثوار السوريين أمام جبروت آلة القمع.


ملف خاص: سوريا... الثورة

دمشق: نشرت quot;المجلة الأسبوعيةquot; التركية تحليلاً تناولت فيه الاستراتيجيات العسكرية والسياسية التي ينتهجها النظام السوري في محاولة لإنهاء الاحتجاجات وإعادة السيطرة على الوضع الأمني في البلاد، ومواجهة الضغوط الدولية والعقوبات المفروضة.

وأشارت الصحيفة إلى أن quot;نظام الأسد قتل حوالي 3 آلاف مواطن سوري بريء منذ اندلاع الانتفاضة السورية حتى اليوم، ولا يبدو أن أحداً سيقدر على وقف آلة القتل هذهquot;.

واعتبرت الصحيفة أن كسب الوقت هو جوهر الإستراتيجية التي يعتمدها الرئيس السوري بشار الأسد في التعامل مع الانتفاضة الشعبية ولمقاومة الضغط الخارجي ليكون الرابح الأكبر في النهاية.

وأضافت الصحيفة أن هذه الإستراتيجية تعتمد على ثلاثة محاور رئيسة:

1/ المحور العسكري: وهو نهج واضح منذ البداية، فالأسد قرر شنّ عملية عسكرية وأمنية حاسمةتهدف إلى إيصال رسالة قوية بأن النظام لن يركع أو يضعف، وسيضع حداً للاحتجاجات الشعبية مهما كان الثمن.

2/ المحور السياسي: ويهدف إلى تخفيف واحتواء أي ضغوط خارجية ضد النظام، وتقسيم المجتمع الدولي للتأكد من أنه لن يتم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن اتخاذ تدابير ملموسة ضده.

كما تهدف الإستراتيجية السياسية إلى امتصاص غضب الشعب، وتقسيم جبهة المعارضة عن طريق وضع الكرة في ملعبها، لتنقسم بين أولئك الذين سوف يستجيبون لدعوات الحوار وأولئك الذين يرفضونها، لأن النظام أثبت عدم جدارته في هذا السياق على مدى عقود.

3/ المحور الإعلامي: يعتمد النظام السوري على إعلاميين ذوي خبرة في صنع البروباغندا والحرب النفسية التي تركز على مسألتين: الأولى، أن هناك مؤامرة ضد سوريا لكونها المعقل الوحيد للمقاومة ضد إسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة. والثانية أن النظام يواجه الإرهابيين والإسلاميين المتطرفين ووكلاء يعملون لحساب الغرب لزعزعة الاستقرار في سوريا.

وبينما يحاول النظام السوري كسب المزيد من الوقت، ينكر تمامًا وجود مشكلة حقيقية وخطرة، فضلاً عن تجاهل المطالب المشروعة للشعب. فعلى سبيل المثال، لم يخاطب الرئيس الأسد المواطنين السوريين بصورة مباشرة ولا مرة واحدة حتى الآن!quot;.

فمعظم الدول - بما فيها تلك التي quot;من المفترض أن تكنّ العداء للأسدquot; - تريد منه البقاء في السلطة لمصالحها الخاصة، وتقول الصحيفة: quot;أراد بعض اللاعبين الدوليين والإقليميين بقاء الأسد في السلطة، ولكن في حالة أضعف أكثر سيضطر لعقد تسوية معهم.

ويريد الآخرون منه البقاء، ولكن لإجراء إصلاحات حقيقية من أجل إنقاذ نفسه، وإنقاذهم من الأزمة الحالية والمعضلة التي وضعهم فيهاquot;.

يبدو أن هذا الانقسام يساعد الأسد في كسب المزيد من الوقت، بينما ينبغي اتخاذ إجراءات حاسمة وقوية ومباشرة ضده.

وعلى الرغم من السياسات القوية التي ينتهجها الأسد، يبدو أن الشيء الايجابي الوحيد هو أن الشعب السوري لن يستسلم ويتوقف عن التظاهر والنزول إلى الشارع quot;لأنهم يعرفون أنه عندما سيعودون إلى بيوتهم، سيختفي كل واحد منهم، وسيكون مصيرهم إما الخطف أو التعذيب أو القتل على يد رجال الاستخبارات التابعين للأسدquot;.

ما الذي ينبغي عمله؟

أجابت الصحيفة التركية عن هذا السؤال، مشيرة إلى أن اللجوء إلى الخيار العسكري ضد نظام الأسد صعب جدًا أن يتحقق في الوقت الراهن، كما إن الشعب السوري في المقام الأول، لن يرضى بهذا الخيار. لكن ذلك لا يعني أنه لا يوجد شيء يمكن القيام به ضد نظام الأسد.

النظام السوري ضعيف في مستويات عديدة، لكن نقاط الضعف هذه لم تستهدف حتى اليوم، ولم تستغلّ من أجل دعم انتفاضة الشعب وإرغام الأسد على تنفيذ المطالب أو القضاء على نظامه.

وأضافت: quot;ينبغي اتخاذ العديد من الخطوات على الفور ضد النظام لتحقيق هذه الأهداف بما في ذلك:

هزّ أركان النظام: لا بدّ من اتخاذ إجراءات تحدث انشقاقاً في نظام الأسد، لذا ينبغي عزل النظام السوري، وتطبيق الضغوط السياسية والدبلوماسية، مثل طرد السفراء السوريين وتعليق عضوية سوريا في المؤسسات الإقليمية والدولية.

القضاء على أوراق الأسد القوية واستهداف حلفائه: يحظى نظام الأسد على دعم كبير في كل المستويات من حلفائه. فالصين وروسيا أعطتا الأسد فرصة جديدة عبر مواجهة قرار فرض عقوبات أكثر صرامة.

وقدمت إيران ثلاثة مليارات دولار للأسد في الأشهر القليلة الأولى من الانتفاضة، إضافة إلى مساعدات غير مشروطة مع 290.000 برميل من النفط مجانًا، وكذلك 9 مليارات دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2012 لمنع سقوطه.

كما إن حزب الله يستخدم الحكومة اللبنانية وكل إمكانياتها لدعم الأسد. وبالتالي، ينبغي القضاء على جميع هؤلاء اللاعبين أو استهدافهم بالضغوط الدولية.

حرمان النظام من الموارد: يعتبر نظام الأسد ضعيفًا جدًا على الصعيد الاقتصادي.

فحوالي ربع دخل الدولة في سوريا يأتي من النفط، الذي يتيح للنظام دفع رواتب قوات الأمن التابعة له، وتمويل الحملة العسكرية ضد المواطنين. لذلك سيكون استهداف هذا القطاع مهمًا جدًا في العقوبات، والتأكد من أن النظام لا يحصل على أي دعم مالي أو عسكري خارجي.

في هذا السياق، على المعارضة أن تتخذ خطوات جدية، وأن تتّحد من أجل العمل على خطط سياسية وإعلامية وحشد الدعم للانتفاضة على الساحة الإقليمية والدولية، على أن يتمّ ذلك من خلال شرح القضية السورية ومخاطر سياسة النظام السوري على المنطقة خصوصاً والعالم عموماً.