في حديث شامل أمام سفراء فرنسا في الخارج، تناول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي التطورات الاخيرة على الساحة العربية. واذ اعتبر ساركوزي ان على الربيع العربي ان يبرهن ان الديموقراطية لا تتعارض مع الاسلام، انتقد سياسة القمع التي يتبعها النظام السوري كما تحدث عن quot;ضربة وقائيةquot; ضد مواقع إيران النووية.


باريس: إعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاربعاء ان الرئيس السوري quot;ارتكب ما لا يمكن اصلاحهquot; ضد حركة الاحتجاج في بلاده وquot;اخطأ بالاعتقاد انه محمي من قبل شعبهquot;.

وقال الرئيس الفرنسي خلال المؤتمر السنوي للسفراء الفرنسيين في باريس quot;يخطئ النظام السوري ان اعتقد ان شعبه يحميه. الرئيس السوري ارتكب ما لا يمكن اصلاحه. فرنسا وشركاؤها ستفعل كل ما هو ممكن قانونيًا من اجل ان تنتصر تطلعات الشعب السوري الى الحرية والديموقراطيةquot;.

واضاف quot;اشعر بأسف لأن مجلس الامن الدولي ما زال لا يتحمل مسؤولياته تجاه المأساة السوريةquot; في اشارة الى معارضة روسيا والصين في مجلس الامن الدولي تعزيز العقوبات ضد نظام بشار الاسد. ولكن ساركوزي استبعد اية مبادرة فرنسية أخرى خارج الاطار القانوني للامم المتحدة. وقال quot;علينا ان نعمل جاهدين للتوصل الى تفاهم وتعزيز العقوباتquot;.

وحول الملف النووي الايرني، حذر ساركوزي طهران من احتمال توجيه ضربة وقائية لمنشآتها النووية اذا ما اصرّت على طموحاتها في هذا المجال، مع تأكيده ان مثل هذه العملية ستؤدي الى quot;ازمة كبيرةquot;.

وقال ساركوزي quot;ان طموحاتها العسكرية النووية والصاروخية تشكل تهديدًا متناميًا يمكن ان يؤدي الى ضربة وقائية للمنشآت الايرانية، الامر الذي سيؤدي الى ازمة كبيرة لا ترغب فرنسا فيها بتاتاquot;.

ولم يذكر ساركوزي البلدان التي ربما تسعى إلى تنفيذ مثل هذا الهجوم على المنشآت النووية الايرانية، لكن تقارير صحافية تفيد بان اسرائيل فكرت في ضرب المواقع الايرانية لاعتقادها انها باتت قريبة من حيازة السلاح النووي.

كما اعلن ساركوزي من جهة ثانية تأييده تعزيز العقوبات على ايران بقوله ان quot;ايران ترفض اجراء مفاوضات جدية. ايران تعمد الى استفزازات جديدة. وازاء هذا التحدي، يتعين على المجتمع الدولي ان يرد بجدية، وهو قادر على ذلك متى كان موحدًا وحازمًا واذا كانت العقوبات اشد. نخطئ ان قللنا من شأن العقوبات التي يزداد تاثيرها كل يومquot;.

الى ذلك، امل ساركوزي أن تتحدث دول الاتحاد الاوروبي السبع والعشرون بـquot;صوت واحدquot; بشأن مسالة الاعتراف بالدولة الفلسطينية في ايلول/سبتمبر في الامم المتحدة. وقال quot;آمل ان تتحدث دول الاتحاد الاوروبي السبع والعشرون بصوت واحد. علينا ان نتحمل مسؤولياتنا معًا. فرنسا ستتخذ مبادرات، نحن نريد وحدة اوروباquot;.

وشدد ساركوزي على ان quot;الامن الحقيقي الوحيد هو السلام. وسنحصل عليه بوساطة اقامة دولة فلسطينية اولاً. امن اسرائيل سيتم توفيره بصورة افضل مع دولة فلسطينية ديموقراطية، حديثة وقابلة للحياة على حدودها. فرنسا لم تتوقف عن التذكير بذلكquot;.

واضاف quot;وفي الوقت نفسه، ان اسرائيل، وتقولها فرنسا، لها الحق في الوجود والامن الذي وهو (حق) ثابتquot;.

وذكر رئيس الدولة الفرنسية ايضًا بضرورة تحريك عملية السلام في الشرق الاوسط quot;ايا كانت نتيجة التصويتquot; في ايلول/سبتمبر.

وأمل ساركوزي مرة اخرى في تغيير quot;طريقة التفاوضquot;. وقال ان quot;دور الولايات المتحدة لا جدال فيه ولا يمكن الاستغناء عنه (...) لكن القول انه لا يمكنهم النجاح بمفردهم لا يشكل انتقادًا لأصدقائنا الاميركيين، يتعين توسيع حلقة التفاوضquot;.

واضاف quot;ليس لأوروبا ان تطلب اذنًا للمشاركة في المفاوضاتquot;، مذكّرًا بان الاتحاد الاوروبي هو الشريك الاقتصادي الاول لاسرائيل واول جهة مانحة للمساعدات للفلسطينيين.

كما تناول ساركوزي في كلمته موقفه حيال الربيع العربي، واعلن ان التحدي المطروح امام هذا الربيع العربي هو ان quot;يظهر بالفعل ان ترسيخ القيم الديموقراطية لا يتعارض مع الاسلامquot;. وقال إن المتظاهرين الشبان في الدول العربية quot;اظهروا انه لا يوجد استثناء عربي، كما لم يكن يوجد استثناء في اوروبا الشرقية التي حكمت شعوبها انظمة ديكتاتوريةquot;.

واضاف quot;هذه الشعوب، هؤلاء الشبان اظهروا ان هناك قيمًا عالمية والديموقراطية تأتي في طليعة هذه القيمquot;.

وتابع الرئيس الفرنسي قائلا quot;قارننا في بعض الاحيان هذا الزلزال الديموقراطي بسقوط جدار برلين وانهيار الكتلة الشيوعية. هذا صحيح من حيث الاهمية التاريخية. هذا صحيح ايضًا بالنسبة إلى عمى بصيرة اولئك الذين ما كانوا يريدون ان يروا ان الاوربيين في اوروبا الشرقية يتمتعون بالحق في الحرية عينه الذي يتمتع به الاوروبيون في الشطر الغربي واولئك الذين ما كانوا يريدون ان يروا ان الشعوب العربية لها الحقوق نفسها في الحصول الحرية مثل الشعوب الغربيةquot;.

واشار مع ذلك الى انه يوجد quot;ثلاثة اختلافات تجعل مجرى الاحداث اكثر تعقيدًا، وكما كان الوضع بالنسبة إلى أوروبا الشرقية بعد سقوط جدار برلينquot;.

وقال quot;الاختلاف الاول هو ديموغرافي: دول الامبراطورية السوفياتية انهت عملية انتقالها الديموغرافي. والدول العربية التزمت بهذا الامر فقط. كل عام يدخل الى سوق العمل ملايين الشبان، ومعظمهم من حملة الشهاداتquot;.

واضاف ان الاختلاف الثاني يتعلق بالدين، مشيرًا الى ان quot;الدين لا يزال مرجعًا مركزيًا: كل التحدي امام الربيع العربي هو ان يظهر بالفعل ان ترسيخ هذه القيم الديموقراطية لا يتعارض مع الاسلامquot;.

واوضح quot;اخيرا، بالنسبة إلى دول اوروبا الوسطى والشرقية، الطريق كان مرسومًا وهو الاندماج الاوروبي. في جنوب المتوسط، لا يوجد شيء من هذا القبيل، وهذا يشدد على اهمية الشراكة التي يجب تطويرها في اطار احترام استقلال وسيادةquot; الدول العربية.

القمع في سوريا مستمر

أعلنت مجموعات الدفاع عن حقوق الانسان ان القوات السورية قامت الاربعاء باعتقلات جديدة، واضرمت النيران في منازل نهاية في شهر رمضان، الذي قتل خلاله 473 شخصا في عمليات القمع ضد المتظاهرين.

ولكن رغم الاحتجاجات والعقوبات الغربية فان النظام السوري ما زال متصلبًا، ويواصل ارسال قواته لقمع المتظاهرين بشكل شبه يومي في سوريا، حيث قضى 2200 شخص معظمهم من المدنيين خلال خمسة اشهر من الاحتجاجات، حسب الامم المتحدة.

وفي محافظة حماه (وسط) تمركزت الدبابات في منطقة القصور، وانتشرت قوات الامن باعداد كبيرة في منطقة الحاضر، حسب اللجان المحلية للتنسيق.

وقالت اللجان في بيان ان اصوات عيارات نارية متقطعة سمعت، وتم اعتقال عدد كبير من المتظاهرين. واضاف البيان ان قوات الامن تجوب المدينة على متن سيارات البيك اب المجهزة بالرشاشات في محاولة quot;لارهاب المواطنينquot;.

من جهته، افاد ناشط حقوقي الاربعاء ان عناصر من الامن اقتحمت مكتب المحامي مصطفى سليمان في حلب واقتادته الى مكان مجهول.

وذكر المحامي والناشط الحقوق ابراهيم ملكي في اتصال هاتفي quot;ان عناصر من الامن مدججة بالسلاح اقتحمت مكتب المحامي مصطفى سليمان منتصف ليل الاثنين الثلاثاء وقامت باعتقاله مع زوجته وشخص زائرquot;. واشار الى الناشط ان quot;عناصر الامن عبثت بمحتويات المكتب وملفاته واستولت عليهاquot;.

وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان 473 شخصا قتلوا في سوريا خلال شهر رمضان، بينهم 360 مدنيًا و113 عنصرا من الجيش وقوى الأمن الداخلي.

وقال المرصد، ومقره لندن، في بيان وصل لفرانس برس quot;بلغ عدد الشهداء الذين قتلوا خلال شهر رمضان 473 شخصًا، بينهم 360 مدنيًا و113 من الجيش وقوى الأمن الداخليquot;.

واضاف المرصد ان من بين القتلى 28 شخصا quot;قضوا تحت التعذيب أو خلال الاعتقال في رمضان غالبيتهم من محافظة حمصquot;.

ومن بين القتلى 25 شخصًا دون سن الثامنة عشرة و 14 امرأة، بحسب المرصد.

على صعيد آخر، افاد المرصد ان قوات الامن السورية اقتحمت صباح الاربعاء بلدة الحولة في محافظه حمص quot;ونفذت حملة مداهمة ترافقت مع تحطيم لاثاث بعض المنازل، واسفرت الحملة عن اعتقال 16 شخصا حتى الانquot;.

واضاف المرصد ان الحملة الامنية quot;تأتي اثر الغضب الذي ساد في البلدة بعد تسلم الاهالي أول من أمس جثامين 13 من ابنائهم الذين اختطفتها قوات الامن خلال الاسبوع الاول من الشهر الجاريquot;.

وفي المساء، تظاهر الاف الاشخاص في عدد من المدن، منها حمص وحماه، وسمعت عيارات نارية في منطقة دمشق.

وكانت منظمة العفو الدولية افادت الثلاثاء في تقرير ان عدد الوفيات في السجون السورية سجل ارتفاعًا كبيرًا في العام 2011 معتبرة ان ذلك يشكل quot;امتدادًا للازدراء الوحشي نفسهللحياة البشريةquot; في سوريا.

وقالت المنظمة في تقريرها quot;إن ما لا يقل عن 88 شخصًا قضوا نحبهم في الحجز في سوريا خلال حملة قمع دموية ضد المحتجين المؤيدين للاصلاح دامت خمسة أشهرquot;.