يلف الغموض رهان عائلة القذافي المتواجدة في الجزائر منذ صبيحة الأحد الماضي، على وقع تحفظ رسمي كبير، وتشير المعلومات التي حصلت عليها quot;إيلافquot; إلى أنّ إقامة عائلة القذافي جرى تغييرها قبل 48 ساعة، ولا تزال مُحاطة بـquot;سياج من الشروطquot;، ولم ترشح أي أصداء عن استعداد الجانب الجزائري لتسليم أبناء القذافي من عدمه.


الجزائر: ذكرت مصادر لـquot;إيلافquot; أنّ عدد أفراد عائلة القذافي الذين دخلوا الجزائر الأحد يقدّر بعشرة أشخاص، إضافة إلى 21 فردا من مرافقيهم، وتتضمن القائمة زوجة معمر القذافي صفية فركاش وأنجاله عائشة، هنيبعل ومحمد إضافة إلى ثمانية من أحفاده، قبل أن تنضم إليهم الرضيعة quot;صفيةquot; التي أنجبتها عائشة الثلاثاء 30 آب/أغسطس (03:30 توقيت غرينتش)، بعدما كان يُتوقع أن تحدث الولادة بحر الشهر الجاري، علما أنّ الوضع تمّ بشكل طبيعي، ولا تعاني عائشة ومولودتها من أي مشاكل صحية.

ووسط تكتم رسمي شديد وتحاشي الخارجية كما الرئاسة والإعلام الحكومي الخوض في ظروف إقامة العائلة في الجزائر، أشارت مصادر مطلّعة إلى أنّ هؤلاء الذين قدموا إلى الجزائر على متن سبع سيارات من طراز quot;مرسيدسquot; كانت مؤمنّة بمركبات رباعية الدفع، أقاموا على مدار يومين في إحدى الإستراحات الرئاسية بهضبة مرتفعة أعالي منطقة جانت (3200 كلم جنوبي الجزائر)، وهي استراحة حلّ بها سيف الإسلام القذافي في كانون الثاني/يناير الماضي، كما أقام فيها قبل ثلاث سنوات، النجم الكروي الفرنسي زين الدين زيدان الجزائري الأصل، حيث قضى أياماً برفقة والديه وشقيقه الأكبر quot;نور الدينquot;.

كما تُعرف الإقامة التي تواجد بها آل القذافي، باحتضانها كبار المسؤولين الجزائريين الذين يفضلون تمضية بعض الأيام الشتوية بها، وتتسم إقامة جانت بنظامها الأمني الصارم، حيث تحاط برعاية متكاملة من فرق الحرس الجمهوري والجيش وكذا الدرك.

ولاعتبارات غير معروفة، جرى نقل أفراد عائلة القذافي ليلة الثلاثاء 30 آب/أغسطس، إلى إقامة رسمية في ضواحي العاصمة الجزائرية، وجرى تسويغ هذا الترحيل على لسان الكاتب الصحافي quot;عبد النور بوخمخمquot; بـquot;مخاوف أمنيةquot;.

ولا يبدو أنّ الجزائر ستقوم بتسليم زوجة القذافي وأنجاله إلى المجلس الانتقالي الليبي، مستندة إلى أنّ هؤلاء quot;استجاروا بهاquot;، كما أنهم لم يشغلوا أي مناصب رسمية في ليبيا، ولم يثبت تورطهم في القمع، بيد أنّ مراقبين يتساءلون كيف ستتعاطى الجزائر إذا ما جرى استصدار مذكرات جلب دولية ضدّهم.

ويُجهل لحد الساعة عما إذا كانت السلطات الجزائرية ألزمت quot;ضيوفهاquot; بشروط، حتى وإن تناقلت وسائل إعلامية محلية أنباء عن منع آل القذافي - لا سيما هنيبعل ومحمد - من القيام بأي اتصالات خارجية، فضلا عن معلومات غير مؤكدة تحدثت عن إلزام عائلة القذافي بالسفر لاحقا واتخاذ الجزائر محطة فحسب.

إلى ذلك، ذكر مصدر رئاسي لصحيفة quot;الوطنquot; أنّ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة امتنع عن الردّ على معمر القذافي لدى محاولة الأخير التواصل معه هاتفيا عشية عيد الفطر، وأفيد أنّ بوتفليقة أبلغ طاقمه الحكومي لدى اجتماعه بهم قبل 96 ساعة، إنّ الجزائر ستحترم كافة التزاماتها وستقوم بتسليم القذافي للجنائية الدولية إذا ما دخل أراضيها، استجابة لمذكرة إيقاف صدرت بحقه وعدد من معاونيه قبل أشهر لاتهامهم بالضلوع في جرائم حرب.

وفيما لم تعرف الجزائر احتجاجات شعبية مناهضة لاستضافة أنجال القذافي، انقسم الرأي العام المحلي بين مؤيدين ومعترضين على الخطوة، بهذا الصدد، رأى quot;جمال بن عبد السلامquot; رئيس حركة الإصلاح الإسلامية، في تصريح لـquot;إيلافquot; أنّ استقبال الجزائر لعائلة القذافي quot;أمر طبيعيquot; ويندرج في خانة اللفتة الانسانية، مشيرا إلى أنّ ما حدث في ليبيا خاص ويختلف عن باقي الثورات العربية.

ويسجل بن عبد السلام أنّ الصراع في ليبيا حسمه الناتو، مبدياً قناعته أنّ الغرب تورّط في المستنقع الليبي لأجل نهب ثروات البلاد لا غير، ويعتبر الزعيم الإسلامي الجزائري الشاب أنّ كلامه لا يعني الدفاع عن استبداد القذافي ودكتاتوريته، لكنّه يعارض استنساخ ما حصل في العراق قبل ثماني سنوات، حينما أسقط الحلفاء نظام صدام في ربيع 2003.

وعلى النقيض، يصف المتخصص في الشأن السياسي quot;فيصل معطاويquot; استضافة الجزائر لآل القذافي بـ quot;الإهانة الحقيقيةquot; لمواطنيه، مشكّكاً في quot;الطابع الإنسانيquot; الذي حرصت الرواية الرسمية الجزائرية على إسباغها على العملية.

وبينما حملت شبكة فايسبوك عديد التعليقات المستهجنة من قبيل: quot;لا مرحبا بالقذافي وعائلته المجرمة في الجزائرquot;، انتقد quot;محسن بلعباسquot; المتحدث باسم الحزب العلماني المعارض quot;التجمع من أجل الثقافة والديمقراطيةquot; ارتضاء السلطات استضافة عائلة القذافي، وصنّفها كمؤشر على ما سماها quot;نوايا النظامquot;، ودلالة على رفض الجزائر أي اتجاه للتغيير.