السويد رحّلت عددا من العراقيين

أبعدت دولة السويد عددا من طالبي اللجوء العراقيين قسراً عن أراضيها مؤخراً حيث ينتظر هؤلاء مستقبل مبهم وغياب تام لفرص عمل بعد أن قضوا سنوات في الهجرة دون ان يحصلوا على حقّ الاقامة.



وطأت أقدام سيف أحمد أرض مطار بغداد الأربعاء الماضي (31 آب / أغسطس) بعد غربة دامت خمس سنوات قضاها متنقلا بين الأردن وسوريا واليونان والسويد، لكنه يعود الآن على متن طائرة مع عدد من العراقيين المعادين قسرا الى بلدهم .

ولم يحصل سيف على اللجوء في السويد ، لعدم كفاية الأدلة التي يمنح بسببها اللجوء لذا قررت السلطات السويدية ترحيله ، حيث قدم الى العاصمة العراقية بغداد وكان في استقباله شقيقه وكاتب التحقيق ، حيث بين ضابط في أمن المطار لنا أن أي إجراء قانوني بحق العائدين قسرا سوف لن يتخذ وان بإمكانهم ان يقرروا كيف سيتصرفون .

عائدون ضائعون

ويبدو أحمد محظوظا إذ وجد من يستقبله من أهله على ارض المطار ، فهناك عائدون ليس لهم من ينتظرهم ، مثل لؤي حقي الذي حزم حقيبته على ظهره وعلامة الحزن على وجهه مؤكدا ان لا احد له في العراق ، فأمه هي آخر من تركها في العراق وماتت قبل عامين وها هو الآن يقف مذهولا لا يعرف الى أين يتجه.

وتجبر دول أوروبية كالسويد وهولندا والدانمارك لاجئين عراقيين على العودة لانها تصنف العراق ضمن الدول الآمنة التي لا تشكل فيها العودة خطورة على حياة المبعدين قسرا ولاسيما ان بعض هذه الدول وقعت مذكرة تفاهم مع الحكومة العراقية بشأن عودة اللاجئين ، حيث يعتبر بعض اللاجئين هذه المذكرة السبب الرئيس في إبعادهم الى العراق .

ويقول رسول احمد الذي عاد قسرا العام الماضي الى العراق ويعمل الان في مطعم في كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد)، انه ابعد مجبرا من الدانمارك بعدما قررت السلطات هناك ان العودة الى العراق لا تشوبها أية خطورة .

ويضيف احمد .. كان امرا مقلقا بالنسبة لي في البداية لكني اليوم بعدما وجدت عملا مناسبا اشعر بالسعادة بين اهلي .ويضيف : بدأ دخلي الشهري يفوق بكثير ما كنت أتقاضاه في السويد.

ويتابع: اغلب العراقيين في الدانمارك يودون العودة الى العراق اذا توفر الأمن وتحسن الوضع الاقتصادي .

الهجرة مستمرة

ورغم العودة القسرية وتحسن الأوضاع في البلاد الا ان هناك الكثير من العراقيين لاسيما المتواجدين في سوريا والاردن واغلبهم من الصابئة والمسيحيين ما زالوا يبحثون عن التوطين في بلد آخر .

ومنذ عام 2003 يقدر عدد العراقيين المهاجرين الى الخارج حوالى أربعة ملايين عراقي .

ويتحدث امير حسن عن عودته القسرية الى العراق رغم انه أمضى أكثر من سبعة أعوام في ألمانيا حيث عمل هناك وأتقن اللغة، لكن ذلك لم يجد نفعا ، فما ان حصل على رفض منحه حق اللجوء حتى دهمت شقته قوات الشرطة لتجبره على ركوب طائرة متوجهة الى بغداد.

أما رؤوف كامل العائد من الدانمارك ، فقد عاد مضطرا الى العراق عام 2011 بعدما وجد نفسه من دون عمل او مساعدة اجتماعية بعدما رفض طلبه في اللجوء .
وتنص حقوق اللجوء بين الدول على توفير الحماية للشخص اللاجئ يستحق بموجبها جميع الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان ، لكن ذلك لن يكون ساري المفعول الا اذا منح الشخص الحق رسميا من الدولة التي طلب فيها اللجوء بحسب المحامي كامل وصفي الخبير في القانون الدولي .

ويتابع وصفي : اغلب الدول تلائم قوانينها مع الظروف السياسية المتغيرة في هذا البلد او ذاك ، وفي ما يخص الشأن العراقي فان اغلب قوانين الدول المضيفة تعتبر العراق اليوم بلدا آمنا لا توجد فيه خطورة على الشخص العائد .
لكن الكثير من اللاجئين والحقوقيين يتهمون تلك الدول بان وراء رفض اللجوء لأعداد كبيرة من طالبيه يعود الى أسباب داخلية تتعلق بالانتخابات إضافة إلى أسباب سياسية واقتصادية ، بل وحتى دينية أيضا .

وعاد المهندس كريم النجار الى مدينته المحاويل ( 70 كلم جنوبي بغداد) عام 2009 من المانيا ، بعدما شمله قرار إلغاء السلطات الألمانية وضع اللجوء للمئات من العراقيينرغم انهم حصلوا على هذا الوضع منذ زمن النظام العراقي السابق .

ومنذ عودة النجار الى العراق ، حاول العودة الى وظيفته في التصنيع العسكري السابق دون جدوى ، ما اضطره إلى ممارسة الأعمال التجارية .
ويقول النجار ان اغلب العائدين الى العراق اصيبوا باليأس بسبب عدم تمكنهم من دمج أنفسهم اقتصاديا في المجتمع واضطر بعضهم الى تكرار تجربة الهجرة لعلها تفلح هذه المرة .

الصعود الى الطائرة بالقوة

ويروي حسام السعدي العائد قسرا من بريطانيا في أوائل عام 2010 انه تعرض للضرب في لندن لدى صعوده الطائرة وفي بغداد ايضا لإجباره على الهبوط من الطائرة. وأضاف:
منذ عودتي وانا ابحث عن عمل من دون جدوى ولو توفر المال اللازم لعدت ثانية الى أوروبا .

وكانت الحروب المتعاقبة والأوضاع الاقتصادية و الامنية المتدهورة اضطرت الكثير من العراقيين إلى مغادرة وطنهم، والسعي إلى التوطين في الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا واستراليا ونيوزلندا والولايات المتحدة الأميركية، لاسيما بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 .
لكن تحسن الأوضاع الأمنية الاقتصادية دفع بالكثير من الدول الى دفع العراقيين باتجاه العودة الى بلدهم عبر سن قوانين جديدة تعتبر العراق بلدا آمنا ومستقرا ، ما يحتم على اللاجئين العودة الى العراق .

ودفعت القوانين الجديدة سلطات الهجرة البريطانية لرفض طلب لجوء سليم حسين من المحمودية ( عاد الى العراق عام 2009 ) ، فحين تقرر رفض طلب اللجوء منع من استئناف القرار واجبر على مغادرة البلاد خلال ثلاثة اسابيع ، بعدما توقف الدعم المالي .

تأهيل العائدين

ويعاني اغلب العائدين الى العراق من الإهمال الحكومي وحتى المجتمعي لهم .

ويقترح وصفي منح العائدين مبالغ شهرية لحين استقرارهم وإيجاد عمل لهم ، إضافة الى تأهيلهم نفسيا ومجتمعيا واقتصاديا عبر دعم إقامتهم للمشاريع ، وتوفير فرص العمل لهم ولاسيما انهم ليسوا بالعدد الكبير جدا .

وبحسب أديب رزاق الذي عاش أربع سنوات في الدانمارك قبل عودته فانه طيلة فترة بقائه هناك كان يتقاضى راتبا شهريا رغم عدم حسم ملفه في اللجوء كما ان الحكومة الدانماركية دعمت رغبته في التأهل للعمل فدخل دروس تعلم اللغة ودروسا مجتمعية أخرى ، كل ذلك لتأهيله للعب دور ايجابي في المجتمع رغم إقامته الموقتة هناك .

ويعاني أغلب العراقيين العائدين قسرا الى الوطن الأممن الإهمال وغياب فرص العمل ، إضافة إلى غياب المؤسسات الاجتماعية التي تستقبل هؤلاء لاسيما أولئك الذين ليس لديهم من يستقبلهم.