عشر سنوات انقضت على أحداث سبتمبر التي دمر فيها برج التجارة العالمي وقتل فيها العشرات، لم تستطع أن تخفف موجة العداء والكراهية تجاه المسلمين الأميركيين بل إن استطلاعات الرأي الحديثة تشير إلى تزايد التمييز العنصري تجاهم على الرغم من الجهود المبذولة لفتح باب الحوار والتقارب ما بين الطرفين للتعريف الحقيقي بالإسلام واندماجهم في المجتمع الأميركي وإقامة مشاريع خيرية وتطوعية يعود ريعها للصالح العام والمشاركة في الحياة السياسية.


تأتي الذكرى العاشرة للحادي عشر من أيلول/ سبتمبر اليوم الذي لا ينسى في حياة كل الأميركيين مختلفا عن سابقاته. حيث إن الذكرى هذا العام تصادف مقتل أسامة بن لان زعيم تنظيم القاعدة والعدو رقم واحد للشعب والحكومة الأميركية كونه المتسبب الأول في الحادث.

وقد أثر ما حدث كثيرا على نظرة الغرب تجاه الإسلام والمسلمين ووصمهم بصفة الإرهاب الذي هو مخالف للعقيدة الإسلامية المنادية بالتسامح والحرية والعدالة. ومن خلال تلك الوصمة تعرض الكثير من المسلمين والعرب للكثير من المضايقات والتجسس عليهم في المساجد. حتى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي قام بتجنيد مجموعة من المخبرين وزرعهم في المساجد ليس فقط بهدف التجسس وانما بتحريضهم وتأليبهم بقصد معرفة ميولهم والإيقاع بهم.

وإبان الأحداث قام أعضاء الجالية المسلمة في كل آنحاء المدن والولايات الأميركية والتي تعد أقل من 1% من مجموع السكان الأصليين في أميركا بحملات توعية عن الدين الإسلامي والمشاركة في أنشطة كثيرة للتعريف بالدين وصلت لحد المشاركة في الحياة السياسية والوصول للكونغرس الأميركي من خلال ممثلين عنهم للدفاع عن المسلمين.

من جهته أعرب نهاد عوض المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأميركية quot; كيرquot;عن أسفه تجاه ما يحدث للمسلمين في بعض الأحيان من مضايقات وتمييز عنصري بعد مضي كل هذه السنوات، وعن النظرة السلبية المستمرة غير المبررة من بعض الأشخاص وليس المجتمع الأميركي ككل، وبعد كل الجهود المضنية التي يقوم بها من يمثل الجالية المسلمة في كل المدن والولايات.

نهاد عوض المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأميركية quot; كيرquot;

وعلل عوض أن ذلك التشويه المتعمد يعود لعدة أسباب أهمها التغطية الإعلامية السلبية من قبل محطات التلفزة الأميركية التي لها أجندات خاصة في تشويه صورة المسلمين وتصويرهم على أنهم مجهوعة إرهابية، ونشوء منظمات خاصة بعد الأحداث مدعومة من اليمين المتطرف وتحظى بمصداقية عالية في وسائل الإعلام الأميركية تعمل بشكل ممتهن على تشويه صورة الإسلام. كما أن دخول الولايات المتحدة في حروب متفرقة كحربها على أفغانستان والعراق ومجابهتها بالرفض وتلقيها مشاعر العداء من قبل سكان تلك البلاد الذين أغلبهم من المسلمين.

كما أن التشويه المتعمد يأتي كنوع من محاربة الإسلام من قبل أشخاص لا يريدون الإنفتاح عليه ومعرفته ولهم نفوذ على المستوى السياسي والإعلامي كأمثال ألن ويست وبيتر كينغ المسؤول عن لجنة الأمن القومي في الكونغرس.

فقد أشارت استطلاعات الرأي الأخيرة إلى ازدياد النظرة السلبية تجاه الإسلام والمسلمين بنسبة 10% عما كانت عليه في السابق بعيد أحداث سبتمبر. ويشير مؤسس مجلس العلاقات الأميركية quot;كيرquot; إلى أن ازدياد ظاهرة العداء والكراهية للإسلام لا تنفي حقيقة أن الدين الإسلامي هو الدين الأسرع انتشاراً في أميركا.

ويرى نهاد عوض أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر فرضت على المسلمين والعرب الأميركيين الإندماج أكثر في المجتمع الأميركي والمشاركة في الحياة العامة والسياسية وإقامة حملات توعية وندوات وانشاء مؤسسات خيرية وإقامة مشاريع يعود ريعها للصالح العام وهو ما يعد شيئا إيجابيا كونها حولت المسلم الأميركي إلى عنصر فعال في المجتمع، فهو الآن يعطي صورة حقيقة جيدة عن دينه وليس ما تروج له وسائل الإعلام أو ما خلفته أحداث سبتمبر.

ومن جهة أخرى خلق نوعا من الخوف والحذر في داخل المسلمين تجاه ما ينطقون به حتى لا يساء فهمهم وذلك لشعورهم بأنهم مستهدفون، فاستطلاعات الرأي الأخيرة أشارت إلى أن أكثر من 50 % من المسلمين يشعرون بالاستهداف.

وأكد عوض في الوقت ذاته أن ثورات الربيع العربي لم تعط صورة سلبية عن المسلمين بل العكس صحيح قائلا: quot;الثورات العربية وضعت وجها انسانيا لتاريخ المنطقة وأسهمت في إلهام العالم كله بالتوجه السلمي في المطالبة بالحرية والديمقراطية، بل وساهمت في تكذيب النظريات الخاصة بعدم فاعلية الشعوب العربية ولا تستحق الديمقراطية.