رغم أن ردود الفعل على ما أعلنه البطريرك بشارة بطرس الراعي قد تركزت في الأوساط المسيحية، فان اللافت كان دخول مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي جوزو، المعروف بمواقفه المتشددة من حزب الله وسلاحه، على الخط حيث وصف كلام الراعي بـ quot;الخطرquot;.


البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في باريس

بيروت: أثارت مواقف البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في باريس من الوضع في سوريا وسلاح المقاومة في لبنان استياءً ملحوظاً لدى القيادات المسيحية في قوى 14 آذار، التي سارعت للرد عليها، ولكن دون بلوغ هذه الردود مرحلة صدامية بانتظار عودته من رحلته الخارجية التي شملت فرنسا والفاتيكان للاستفسار منه عن الاسباب التي حدت به الى اتخاذ هذه المواقف على حد قول نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية سجعان قزي لـ quot;إيلافquot;.

وكان البطريرك الراعي قد أبدى، بعد لقائه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وعدداً من كبار المسؤولين الفرنسيين، تخوفه على الاقليات المسيحية من مشروع الشرق الاوسط الجديد ومن مجيء انظمة متطرفة بدلاً من بعض الانظمة العلمانية الموجودة حالياً في اشارة إلى النظام في سوريا.

كما تمنى منح الرئيس السوري بشار الأسد فرصة أخرى لإقرار الإصلاحات التي وعد بها. كذلك فاجأ البطريرك الراعي الاوساط المسيحية بصورة خاصة وفريق 14 آذار بشكل عام بقوله إن سلاح المقاومة لا يمكن سحبه في الوقت الحاضر قبل إزالة الاسباب التي اوجدته وهي العدوان الإسرائيلي على لبنان واحتلاله أراضي لبنانية، علماً ان مطلب نزع سلاح المقاومة في اطار خطة استراتيجية شاملة للدفاع عن لبنان يكون عمادها الجيش اللبناني يتصدر العنوان الرئيس لحركة 14 اذار كما بات شغلها الشاغل.

وفيما رد رئيس حزب quot;القوات اللبنانيةquot; الدكتور سمير جعجع على البطريرك الراعي من دون ان يسميه مشيراً الى quot;ان ربط مصير المسيحيين في الشرق بانظمة توتاليتارية هو تزوير للتاريخ ولهويتناquot;، ابدى النائب انطوان زهرا (القوات اللبنانية) في تصريح لـ quot;إيلافquot; استغرابه لتصريحات الراعي، quot;وإن كان الاخير يعبر فيها عن هواجس الوجود المسيحي في الشرق الاوسط انطلاقاً من الثقافات المعممة منذ مئات السنينquot;، لافتاً الى quot;ان الوجود المسيحي غير مرتبط بحمايات معينة من قبل انظمة او غيرها بل بالدور الذي يقوم به هذا الوجود والموقع الذي يحتله بين محيطهquot;.

وقال زهرا إنه يخالف رأي البطريرك الراعي في نظرته إلى الوضع في سوريا وتخوفه من النظام البديل ولا يعتبر ان هناك خطراً على الاقليات المسيحية في سوريا في حال مجيء نظام بديل من نظام الأسد.

من جهته توقف نائب رئيس حزب quot;الكتائب اللبنانيةquot; سجعان قزي عند ثلاثة أمور في كلام البطريرك مار بطرس بشارة الراعي quot;أولها صدوره بعد اجتماعه مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وكبار المسؤولين في الدولة الفرنسية الذين يخالفونه الرأي في نظرتهم الى الموضوع السوري . ثانيها اتخاذه مواقف ذات شأن داخلي واعلانها من دولة اوروبية . ثالثها اطلاق هذه المواقف السياسية التي لها بعد مصيري من دون العودة الى مجلس المطارنة في لبنان والى المرجعيات السياسية المسيحية رابعها تناقض المواقف المذكورة مع مواقف سابقة للبطريرك الراعي قبل ان يصبح بطريركاً ومن هنا لابد من انتظار عودته للوقوف على الخلفيات التي حدت بهلاتخاذها عملاً بالمثل اللبناني المعروف quot;لا تلوم الغائب حتى يحضرquot; .

واذ اكد قزي ان كلام البطريرك الراعي في فرنسا بخصوص الوجود المسيحي والتخوف من تبدل النظام السوري أثار ردود فعل غير ايجابية في الأوساط، quot;خصوصاً ان الرأي العام المسيحي غير مهيأ لسماع مثل هذا الكلام يصدر عن بطريرك الموارنةquot;، اوضح في الوقت نفسه انه quot;من المبكر فتح حملات ضده بانتظار التفسير الذي سنسمعه منهquot;.

وقال قزي إنه رغم الاعتراف بوجود قلق وتخوف لدى مسيحيي الشرق لجهة عدم معرفة هوية الانظمة البديلة في بعض الدول العربية التي شهدت وتشهد انتفاضات داخلية، ومع علم الجميع اننا كنا أول من عارض النظام السوري منذ زمن ودخلنا في مواجهات عسكرية معه إلا أن ذلك لا يعني السير إلى المجهولquot;.

وإذا كانت ردود الفعل مما اعلنه البطريرك بشارة بطرس الراعي قد تركزت في الاوساط المسيحية، خصوصاً من هم في صفوف قوى 14 آذار، فان اللافت كان دخول مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي جوزو، المعروف بمواقفه المتشددة من حزب الله وسلاحه، على الخط حيث وصف كلام الراعي بـ quot;الخطيرquot;، قائلاً في تصريح له: quot;من باب الصداقة التي تربطنا بغبطته نود معرفة القصد من هذا الكلام، وهل هذا النصح جاء للتأثير على الموقف الفرنسي؟ وهل هذا في مصلحة الشعب اللبناني ام ضد مصلحته ؟ ومن هم المتشددون من وجهة نظره؟ هل هم اهل سوريا وشعب سوريا الذي يطالب بحقه في الديمقراطية وتقرير المصير؟quot;.

بدورها، علقت quot;الجماعة الاسلاميةquot; على الراعي وقالت quot;إن من حق أي شخص أن يعبر عن مواقفه وتطلعاته، ولكن ما كنا نتوقع هذا الموقف من غبطته، وخصوصا أنه توصل بالإستنتاج إلى أن أي تغيير يقدم عليه الشعب السوري سينعكس سوءا على العلاقة في لبنان بين المكونات اللبنانية، وهذا ما يدحضه التاريخ الطويل الذي أثبت أن العائلات اللبنانية عاشت مع بعضها لعقود طويلة من دون قلق أو خوف من بعضها، وأن المسلمين يحرصون حرصا كاملا على أفضل علاقة في ما بينهم ومع المكونات اللبنانية الأخرىquot;.

وأضافت: quot;إننا نذكر غبطته بأن كل مكونات الشعب العراقي دون استثناء دفعت ضريبة الإحتلال قتلا وتهجيرا، وفي أغلب الأحيان دفع المسلمون الثمن الأكبر، وإن أي مقارنة بهذا الخصوص لا ترتكز أساسا على معايير عادلةquot;gt; ورأت quot;أن إثارة النعرات الطائفية وغير الطائفية في هذه الظروف بالذات لا تعود بالمنفعة على أي من مكونات المنطقة، التي تمتعت بالعيش المشترك على مدى قرون من الزمنquot;.