أثار اختفاء كمية ضخمة من الصواريخ المتطورة المضادة للطائرات إثر غارة على مستودع في طرابلس مخاوف من قيام عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي بتهريب هذه الاسلحة التي سُرقت من ترسانة معمر القذافي الى النيجر أو مالي أو موريتانيا.


مخاوف جدية من إمكانيّة وقوع أسلحة ليبية متطورة بيد عناصر القاعدة في المغرب الإسلاميّ

طرابلس: جاءت الغارة على مستودع الأسلحة في طرابلس في وقت ينشط تنظيم القاعدة في منطقة الساحل التي أصبحت ملاذا لمسلحيه.

ورغم عدم وجود أدلة قاطعة فإن مراقبين يرجحون ان الصواريخ التي تطمع بها الجماعات الارهابية لقدرتها على إسقاط الطائرات المحلقة على ارتفاع منخفض وجدت طريقها الى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، كما يقول نصار ودادي رئيس قسم الحقوق المدنية في منظمة المؤتمر الإسلامي الأميركي.

ونقلت مجلة تايم عن ودادي قوله quot;ان الشبكات الوحيدة التي لديها قدرة مالية على شراء هذه الأسلحة المنهوبة هي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي أو العصابات التقليدية لتهريب السلاح في المنطقة، وتحديدا في النيجر وتشاد.

ولدى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي موارد مالية كبيرة جمعها من الفديات، وهو المرجح ان يبتاع هذه الأسلحةquot;.

وإزاء احتمال وقوع quot;السلاح المفضل لدى الجماعات الإرهابيةquot;، كما يسميه ودادي بيد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، لم يعد بالإمكان النظر الى التنظيم على انه مصدر تهديد محلي.

وأكد ودادي quot;ان هذه المشكلة ليست محلية بل سنرى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي يفرض سطوته بصورة متزايدة ويبسط سيطرته على مناطق كاملة ويعزز وجوده، وسنرى مزيدا من الأعمال المسلحة ضد الموريتانيين والجزائريين ومالي والنيجرquot;.

والأسلحة المفقودة هي النسخة الأكثر تطورا من صواريخ ارض ـ جو روسية الصنع من طراز أس أي ـ 24 ، ونسخة أقدم من طراز أسي أي ـ 7.

وتتسم هذه الصواريخ بدرجة عالية من الدقة ويمكن اطلاقها بسهولة من الكتف أو من حوض شاحنة صغيرة ، وهي قادرة على اسقاط الطائرات التي تحلق على ارتفاع منخفض.

وفي عام 2002 استخدم عناصر القاعدة صواريخ أس أي ـ 27 في محاولة فاشلة لإسقاط طائرة ركاب اسرائيلية فوق ميناء مومباسا في كينيا.

ويخشى خبراء أمنيون أن يحاول تنظيم القاعدة استخدامها لأغراض مماثلة في منطقة الساحل الفقيرة، إذ تحولت هذه المنطقة التي تعاني ضعف السلطة وانتشار عصابات التهريب والاحباط الاقتصادي المزمن الى برميل بارود ينتظر عود كبريت من النوع الذي توفره الصواريخ المسروقة.

وسرت في الأيام الماضية شائعات ان القذافي يفكر في الفرار الى بوركينا فاسو أو النيجر، ولا سيما أن صحارى المنطقة وجبالها الوعرة النائية التي مكنت تنظيم القاعدة من النمو، يمكن أن توفر ملاذا حتى للهارب الأول على قائمة المطلوبين حاليا.

واستخدم تنظيم القاعدة خلال السنوات الماضية فديات مالية كبيرة من خطف مواطنين غربيين لبناء خزينته، وشراء قبائل محلية تشعر بالتهميش على أيدي حكوماتها.

وقال صاحب متجر في اواغادوغو عاصمة بوركينا فاسو ان فقره يدفعه الى quot;الترحيب بالقذافي أو أي أحد آخر يدفع لي مالاquot;.

ورغم ان ثروة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ليست معروفة على وجه الدقة فإن متوسط حجم الفدية يبلغ ملايين الدولارات، وفي آب/اغسطس تفاوض التنظيم بشأن الافراج عن رهينتين اسبانيّتين مقابل 10 ملايين دولار.

وقال الباحث باراك بارفي من معهد اميركا الجديدة لمجلة تايم ان المنطقة توفر لتنظيم القاعدة الوضع الأمثل الذي يتطلع اليه تقليديا، وهو دول ضعيفة ومساحات شاسعة خارج سلطة الحكومة وجماعات عرقية ناقمة، وبالتالي ليس من المستغرب ان يقيم تنظيم القاعدة مرتكزات له في هذه المنطقة.

ويرى الخبير في شؤون غرب افريقيا في معهد تشاتهام هاوس للأبحاث في لندن بول ميلي ان تنظيم القاعدة تمكن من العمل بسهولة نسبية في المناطق الوسطى من الصحراء الكبرى لكونها منطقة عصية على جيوش المنطقة الصغيرة سيئة التسليح.

وأضاف ان سحق التنظيم سيكون مهمة جسيمة حتى للجيوش القوية، وتمتد سطوة القاعدة في المنطقة من السيطرة على طرق تهريب المخدرات عبر الحدود الليبية مرورا بالمنطقة عموما الى التحالف مع جماعات محلية في جبال مالي.

وأشار الباحث بارفي إلى وجود اتفاق غير مكتوب بين تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ومالي على ألا تتحرك الحكومة ضد قواعده إذا امتنع عن تنفيذ هجمات أو عمليات خطف في اراضيها.

وكانت منظمة quot;سايتquot; الاميركية للرقابة الأمنية نسبت الى تنظيم القاعدة في المنطقة 32 هجوما استهدفت قوى الأمن الجزائرية بين 7 تموز/يوليو و29 آب/أغسطس.

وكانت غالبية هذه الهجمات التي اوقعت اكثر من 200 قتيل وجريح تفجيرات انتحارية مباشرة.

وسيثير وقوع أسلحة القذافي بيد التنظيم مخاوف كبيرة في موريتانيا والجزائر اللتين تتصدران أهداف التنظيم.

ويقول الباحث بافري ان من الجائز تماما ان تجد اسلحة متطورة مثل الصواريخ المضادة للطائرات والمدافع المضادة للدبابات طريقها الى تنظيم القاعدة وتمكنه من تنفيذ هجمات أكبر وأخطر.

ولعل الأسلحة التي يثير وقوعها بأيدي تنظيم القاعدة مخاوف حكومات المنطقة ستدفع القوى الغربية الى التحرك، ولكن مراقبين يرون ان مثل هذا التحرك قد يأتي ضعيفا وبعد فوات الأوان.

ويقول ودادي من منظمة المؤتمر الاسلامي الاميركي ان الجيش الفرنسي موجود حاليا على الأرض في موريتانيا رغم انه لا يعترف بحجم هذا الوجود، ومن المرجح ان الحكومتين الفرنسية والجزائرية تبحثان الآن في بلدان المنطقة عن الأسلحة المفقودة.

وعلى الموريتانيين ان يقلقوا أكثر من الآخرين لأن لديهم اسطولا جويا محدودا للغاية قوامه مقاتلات برازيلية عتيقة تشكل فريسة سهلة لصواريخ أس أي ـ 24 ، بحسب ودادي الذي يعتبر ان موريتانيا quot;تقف على الخط الأماميquot; في المعركة ضد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، وكذلك فرنسا التي تقع المنطقة في دائرة نفوذها حيث تتألف دول الساحل من مستعمراتها السابقة والفرنسية ما زالت اللغة السائدة على نطاق واسع في عموم غرب أفريقيا.

ويبقى أن ننتظر لنرى ما إذا كانت هذه الرقعة من الرمال والواحات اصبحت مأوى الصواريخ المفقودة وربما مأوى القذافي نفسه في زاوية من صحاريها.