حذر مختصون وسياسيون ونواب عراقيون من مخاطر الظروف القانونية والنفسية والإقتصادية والإجتماعية التي تعيشها أكثر من 1.5 مليون أرملة من ضحايا العنف والحروب التي شهدتها البلاد ووصفوا هذه الاوضاع بالمحنة مؤكدين أنهاأوضاع تحمل أبعاداً وانعكاسات كارثية في حال عدم تداركها داعين الى استراتيجية وطنية تمكنهن من ممارسة دورهن الفاعل في المجتمع فيما تم الاعلان عن إطلاق حملة للنهوض بواقعهن.


دعا مؤتمر عراقي الى وضع استراتيجية وطنية تتشارك فيها جميع مؤسسات الدولة بالاشتراك مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية لبحث أوضاع الأرامل ووضع الحلول اللازمة لهذه المشاكل ضمن فترات زمنية محددة تخضع فيها آلية تنفيذ مفردات هذه الاستراتيجية للمتابعة والتقييم الدوري.وطالب باتخاذ الإجراءات بشأن التسريع والتوحيد بإصدار القوانين ذات الصلة المباشرة بتمكين المرأة بلا معيل ( قانون الضمان الإجتماعي لغير العاملين، قانون القروض الصغيرة، رعاية المرأة التي لا عائل لها) لرفع المعاناة عن الأرامل.وأكد ضرورة تنظيم قاعدة بيانات تخص الأرامل لتكون مصدراً أساساً تبنى عليه عمليات البحوث والدراسات، والتقارير الدورية المتعلقة بحقوق الإنسان للمرأة والجهات ذات العلاقة وكذلك الرأي العام تدار من قبل الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط او جهة مختصة ثانية.

جاء ذلك خلال مؤتمر عقده مجلس النواب العراقي في بغداد اليوم بالتعاون مع هيئة الاغاثة الدولية من اجل الدعم والدفاع عن حقوق الارامل العراقيات تحت شعار quot;حياة كريمة للارامل...ضمان لمستقبل العراقquot; بهدف الاسهام في تحسين اوضاعهن على جميع الصعد وذلك بمشاركة اكثر 200 ممثل لهيئات حكومية ومنظمات دولية وأخرى للمجتمع المدني.

وشدد المؤتمرون على ضرورة الاهتمام بشريحة الارامل وصياغة تشريعات واليات عمل لإطلاق مشاريع للتخفيف من حدة مشاكلهن وتحقيق شراكتهن في المجتمع انطلاقا من الحقوق التي كفلها الدستور والمواثيق الدولية فضلا عن العمل على تشريع القوانين الداعمة لقضاياهن وتذليل العقبات التي تواجهن في طريق اكتساب حقوقهن المشروعة فضلا عن انشاء الية للتواصل الفعال بين مجلس النواب وشريحة الأرامل.

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق قد اكدت الشهر الماضي وجود أكثر من مليون امرأة معيلة في العراق ينفق حوالي 70 بالمائة منهن أكثر مما يكسبن مطالبة المعنيين باتخاذ إجراءات من شأنها تحسين أوضاع المعيلات في العراق.

تحذير من خطورة أوضاع الأرامل العراقيات

وأشار رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي في كلمة له الى أن دقة وخطورة قضية الارامل تضع الدولة امام مسؤولية تاريخية كبرى تقضي بإعطاء المرأة بشكل عام والأرملة خصوصا استحقاقها الطبيعي في الحياة لممارسة دورها بشكل طبيعي.

واضاف انquot; من اقسى المحن التي يمر بها الشعب العراقي هي محنة الارامل كونها محنة كارثية تمس بنية المجتمع العراقي فعندما تقترب نسبة الارامل من 10 بالمائة من مجموع النساء العراقيات وتعيش ظروفا اقتصادية صعبة واعرافا اجتماعية ضنكة وغياب الدولة عن واقعهن فعلينا ان ندرك ان نمو الكارثة مستمر وأخطارها العميقة ستتواصلquot;.

ودعا النجيفي الحكومة إلى مغادرة النظرة السلبية من أوضاع المرأة الأرملة والشروع بتشغيل الأرامل وفتح الورش لتطوير المهارات النسوية وتوفير الفرصة لإقامة مشاغل خاصة من خلال منح القروض الميسرة. وقال ان توفير أسباب الاستقرار والسعادة والديمومة يكمن في تشريع قانون يحدد للأرامل العراقيات غير القادرات على العمل في معاشات ورواتب تقيهن غول الفقر.

وأكد ضرورة إعادة النظر في مقادير المنح والمساعدات التي تمنح للأرامل كونها أدنى بكثير من استحقاقهن في ظل الظروف الاقتصادية الحالية. ودعا أعضاء مجلس النواب إلى تشريع القوانين الخاصة بالأرامل بأسرع وقت ممكن.

وطالب النجيفي المواطنين وعلماء الدين باحاطة الارامل بالحماية التي تستحق ورعايتهن لتدارك الأخطار العميقة التي ترشحت وستترشح عن الأوضاع المأسوية للأرامل العراقيات. ودعا الحكومة الى الاهتمام بهن وفتح الورش ومنح القروض الميسرة لهن اضافة الى تشريع قانون يحدد للارامل العراقيات رواتب تقيهن من الفقر واعادة النظر بالمنح والمساعدات الحالية موضحا ان مجلس النواب سيشرع قريبا قانون الضمان الاجتماعي وقانون دعم المشاريع الصغيرة المدرة للدخل.

إطلاق حملة للنهوض بواقع الارامل

واكد احمد الخالدي مدير برنامج تمكين الارامل في هيئة الاغاثة الدولية ان الهيئة تسعى الى المساهمة بتلبية حاجات الفئات المعرضة للخطر وتوفير المساعدة لهن من خلال تنفيذها عددا من المشاريع في مختلف القطاعات.

واشار الخالدي الى اطلاق حملة لتمكين الارامل وفقا لاستبيان شامل في 7 محافظات استمر منذ نحو عام لتحديد احتياجات الارامل واقتراحه لحلول ناجعة للنهوض بواقعهن عن طريق تقديم منح لهن لتطوير واقعهن داعيا الجهات المعنية العراقية للتعاون مع الهيئة من اجل خدمة شريحة الارامل.

من جانبها حذرت النائبة انتصار الجبوري رئيسة لجنة المرأة والطفولة والأسرة في مجلس النواب من ان العوز والفاقة التي تعانيها الارملة العرقية تمثل امراضا اجتماعية خطرة تحمل ابعادا وانعكاسات لاتحمد عقباها في حال عدم تداركها.

ولفتت الى ان اللجنة ستقدم الدعم والمساندة لشبكة كفاية الارملة من اجل تحقيق اهدافها لتطوير واقع النساء وخاصة الارامل وتوفير الامن الاجتماعي لهن بالتعاون مع هيئة الاغاثة والتواصل مع هذه الشريحة عبر الموقع الالكتروني للمجلس مشيرة الى سعي اللجنة لتشريع القوانين التي تسهم برفع مستوى الأرامل.

ثلاثة محاور للنقاش

وناقش المؤتمر ثلاثة محاور حيث خصص الاول لعرض الاستبيان الذي اعده مركز الاستشارات القانونية وحقوق الانسان التابع لهيئة الاغاثة الدولية حيث اظهر وجود مليون و593 الفا و457 ارملة بنسبة تبلغ 10 بالمائة من عدد النساء في العراق. وبين الاستبيان ان 39 بالمائة من الارامل يحصلن على رواتب شهرية فيما يحصل 11بالمائة على اعانات بينما بقية النسبة يعملن موظفات واوضح ان نسبة قليلة من الارامل حصلن على شهادات عليا.

وبحث المحور الثاني أوضاع الأرامل ومشاكلهن حيث طالبت تأميم العزاوي من هيئة الإغاثة الدولية بضرورة اهتمام جميع مؤسسات الدولة بالارامل من خلال التعاون بين مختلف الجهات المعنية وتشريع قوانين ووضع استراتيجية واضحة تهتم بجميع حقوق الارملة من خلال إشراك منظمات المجتمع المدني ورصد الميزانيات الخاصة بالبرامج والاسراع بايجاد فرص العمل وإنشاء مراكز للرعاية الاجتماعية والثقافية والصحة النفسية لهن.

أما المحور الثالث فقد ركز على شبكة الكفاية الاجتماعية حيث اوضحت النائبة هدى سجاد عضو لجنة المرأة والطفولة ان مشروع الدعم والدفاع عن الارامل بصدد اعداد quot;شبكة كفاية الارملةquot; لتضم مجموعة من منظمات المجتمع المدني التي تهتم بشريحة الارامل وكفايتهم والتواصل بين هذه الشريحة ومجلس النواب.

واوضحت ان الشبكة تهدف الى تحقيق الكفاية والامان للارملة والدفع بتشريعات قانونية لحمايتها وتوفير كفاية اجتماعية سواء بالسعي مع الحكومة او المنظمات الدولية لتحقيق العيش لها ومساعدتها اجتماعيا اضافة الى تحقيق كفاية اقتصادية ليكون لها دور منتج في المجتمع فضلا عن توفير الكفاية الصحية التي تعينها واسرتها على تأمين الوضع الصحي.

وأشارت الى أن العمل في هذا المجال سيتم عبر مراحل عدة منها البحث والإحصاء للوصول الى كل أرملة ثم التواصل البناء بين الجهات الراعية والجهات المستفيدة من خلال موقع الكتروني يمكن الوصول اليه فضلا عن الاستفادة من التقارير الدولية والزيارات الميدانية من قبل ممثلي الشبكة.

توصيات لتمكين الأرامل من نيل حقوقهن

وقد شهد المؤتمر تنظيم ثلاث ورش عمل اختصت الأولى بالجانب التشريعي والثانية بالتمثيلي فيما اختصت الثالثة بالجانب الحواري وخرج بتوصيات مهمة لتحسين أوضاع الارامل العراقيات. فقد دعا المؤتمر الى إنشاء استراتيجية وطنية تتشارك فيها جميع مؤسسات الدولة بالاشتراك مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية لبحث أوضاع الأرامل ووضع الحلول اللازمة لهذه المشاكل ضمن فترات زمنية محددة تخضع فيها آلية تنفيذ مفردات هذه الاستراتيجية للمتابعة والتقييم الدوري.

وطالب باتخاذ الإجراءات بشأن التسريع والتوحيد بإصدار القوانين ذات الصلة المباشرة بتمكين المرأة بلا معيل ( قانون الضمان الإجتماعي لغير العاملين، قانون القروض الصغيرة، رعاية المرأة التي لا عائل لها) لرفع المعاناة عن الأرامل.

واكد ضرورة تنظيم قاعدة بيانات تخص الأرامل لتكون مصدراً أساساً تبنى عليه عمليات البحوث والدراسات، والتقارير الدورية المتعلقة بحقوق الإنسان للمرأة والجهات ذات العلاقة وكذلك الرأي العام تدار من قبل الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط او جهة مختصة ثانية.

وأوصى بتوفير مراكز طبية متخصصة لمعالجة الصدمات والإنتكاسات النفسية الناتجة من حالات العنف والنزاعات المسلحة والإرهاب (القتل، التهجير، التفجير، الإختطاف...) وإشراك أساتذة الجامعات من أخصائيي علم النفس والإجتماع للمساهمة في علاج هذه الحالات.

واشار الى اهمية انجاز معاملات الحصول على الراتب التقاعدي الذي تحصل عليه الأرامل والبت فيها بشكل إستثنائي وسريع والتخفيف عن كاهلهن بتبسيط عمليات المراجعات العديدة وإيجاد البدائل الإجرائية لها كأن تقوم دائرة التقاعد بتخصيص جهاز متخصص من موظفيها للمتابعة الإستثنائية مع دوائر الدولة ذات العلاقة.

وطالب بمراجعة وتقييم برامج الاعانات التـي تـقـدم للأرامل سـواء طبقـا لتعليمـات شبكـة الحمـايـة الأجتماعية او من خـلال دائـرة رعاية المرأة و المرتبطـة بمكتب رئيس الوزراء مع الأخذ في الأعتبـــار أن مبـدأ الاعانـة الماديـة المباشـر قـد لايكـون كافياً أو صحيحـا بحيث تجعل هذه البرامج من المـرأة الأرملة اكثر اعتماداً علـى ذاتها... موضحا ان هذا يتطلب ان تبادر دائرة العمل والتشغيل في وزارة العمـل والشؤون الاجتماعية الـى توسيع نشاطاتها لتشمل اعدادا اكبر من الأرامل المستفيدات من الاعانـة ضمن شــروط معينة.

وايضا اوصى المؤتمر بضرورة تيسير قبول ابناء وبنات الأرامل في المعاهد المهنية وفي التعليم الجامعي وتسهيل قبولهم في البرامج التدريبية لدائرة العمل والتدريب المهني وكذلك تيسير حصولهم على الوظائف من أجل المساهمة في رفع مستواهم التعليمي وإعالة أسرهم اضافة الى إنشاء مؤسسات للخدمة الاجتماعية تختص بهذه الشريحة وتعمل على تهيئة البرامج التأهيلية والترفيهية لها وإنشاء فروع في المحافظات بإشراف كادر من النساء من ذوات الاختصاص العلمي والعملي.

ودعا الى إشراك منظمات المجتمع المدني المهتمة بشؤون الأرامل وحقوق الإنسان للمرأة بكافة البرامج المتعلقة بالأرامل وتقديم الدعم المالي لها والتدريبات اللازمة لرفع قدراتها وخبراتها.. وتعزيز مبدأ التعاون الدولي في مجال الدعم وبناء القدرات مع المنظمات الأممية والدولية.

وشدد المؤتمر على ضرورة عقد إتفاق شراكة بين مجلس النواب ولجنة المرأة والأسرة والطفولة، من جهة وبين هيئة الإغاثة وشبكة تمكين الأرامل من جهة أخرى لغرض المتابعة والعمل على تنفيذ توصيات المؤتمر والمشاريع المستقبلية، ولتحقيق أهداف حملة تمكين الأرامل.

واكد أهمية إلزامية التعليم للإناث لغاية نهاية المرحلة المتوسطة وتثقيف وتوعية المرأة بالحقوق الانسانية والاجتماعية والاقتصادية التي كفلها الدستور.ودعا إلى اعتبار وزارة الدولة لشؤون المرأة من الوزارات السيادية واللحاق بجميع الدوائر المختصة بشؤون المرأة بهذه الوزارة إضافة الى زيادة التخصيصات المالية لعام 2012 للدوائر المهتمة بشؤون المرأة لتحسين الوضع المعاشي لهن.

وكانت الحكومة العراقية قد قررت عام 2008 تخصيص راتب شهري يبلغ حوالى 120 دولارا للواتي ليس لديهن مورد ثابت وقالت مستشارة الرئيس العراقي لشؤون المرأة سلمى جابو أن الجهاز المركزي للإحصاء يؤكد وجود نحو مليون أرملة وأربعة ملايين يتيم في بلد يبلغ عدد سكانه نحو 30 مليون نسمة.

وتسبب تردي الأوضاع الأمنية التي أعقبت دخول القوات الأميركية إلى العراق عام 2003 بقتل الآلاف من العراقيين واعتقال أعداد مماثلة وفقدان الكثير ما أرغم العديد من النساء على العمل في ميادين شتى لتوفير القوت لأسرهن. واعلنت أن الحكومة العراقية نهاية آذار (مارس) الماضي أن عدد القتلى العراقيين منذ عام 2003 تجاوز 66 ألفا و200 شخص لكن إحصائيات لمؤسسات غربية تؤكد أن عدد القتلى العراقيين منذ بداية دخول القوات الأميركية للبلاد قد تجاوز المليون شخص وأن العراق فقد حوالي 3 بالمائة من عدد سكانه البالغ 30 مليونا منذ عام 2003.