تفيد تقارير بأن تركيا وإيران تتسابقان لتعزيز مواقعهما في سوريا التي تُعد الآن الحلقة الأضعف في المنطقة، وأن الغائب الأكبر عن اللعبة السورية ذات الرهانات الكبيرة هي أميركا ومعها الاوروبيونالذين ما زالوا يختفون وراء laquo;دبلوماسية متخاذلة وأقوال أخلاقية لا معنى لهاraquo;.

لعبة قوى بين ايران وتركيا... والمواجهة الأكبر في سوريا

لندن: استأثر رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان خلال الفترة الماضية باهتمام المراقبين وما سجلته تركيا من نقاط في معرض التنافس مع ايران على الزعامة والنفوذ في منطقة الشرق الأوسط، حيث تحلم تركيا وايران بإحياء امبراطوريات آفلة، كما تقول صحيفة نيويورك بوست.

ويستثمر إردوغان والرئيس الايراني محمود احمدي نجاد مشاعر العداء لاسرائيل من أجل كسب التأييد بين شعوب المنطقة. كما تتسابق تركيا وايران لتعزيز مواقعهما في سوريا التي تُعد الآن الحلقة الأضعف في المنطقة، على حد وصف نيويورك بوست.

ويتقدم إردوغان المنتخب ديمقراطيا وصاحب الشعبية الواسعة بعدما نجح في تحويل تركيا الى قوة اقتصادية كبرى في المنطقة، على احمدي نجاد المكروه لسوء إدارته وتردي وضع الاقتصاد الايراني في عهده وشدة قمعه. ولكن حكام الشرق الأوسط الاستبداديين كثيرا ما يلجأون الى المغامرات عندما يكونون محاصرين في الداخل، وايران تقترب من بناء قدرة على انتاج قنبلة نووية وصواريخ لإيصالها الى هدفها.

وكان إردوغان بدأ جولة ظافرة في الشرق الأوسط حيث لاقى حفاوة شعبية من حشود المحبين في مصر وتونس وليبيا بكلماته التي استعرض فيها شرور اسرائيل. كما هدد بمواجهة بحرية مع اسرائيل أخافت المسؤولين الاميركيين والاوروبيين والأطلسيين الذين جميعهم يتوسلون بأنقرة أن تهدّئ اعصابها.

في هذه الأثناء قدم احمدي نجاد الذي يتلهف لجذب الاضواء اليه quot;تنازلاquot; كبيرا للولايات المتحدة حين تعهد الافراج عن الاميركيين شين باور وجوش فتال المعتقلين في ايران بتهمة التجسس، ثم تعين عليه ان يدخل في صراع مع السلطة القضائية في طهران التي لم تعد تهاب سلطته في محاولة لتنفيذ وعده.

ولكن لعبة القوى بين ايران وتركيا تذهب أبعد من مبادرات والتفاتات كهذه. وساحة المواجهة الأكثر أهمية هي سوريا.

وكانت ايران دعمت الرئيس بشار الأسد على طول الخط لكنها بدأت تنأى بنفسها عن حكمه. فإن حاجة ايران كبيرة الى سوريا وخاصة بوصفها جسرا الى حزب الله ، وكيلها في لبنان، وان الاعتماد على عائلة الأسد حصرا رهان محفوف بالمخاطر ولذا يستعد الملالي لصباح اليوم التالي، على حد تعبير نيويورك بوست.

وكان الخبير المختص بشؤون ايران ماير جاويد انفار كتب مؤخرا ان من المستبعد ان تقف ايران متفرجة إذا سقط الأسد واندلعت حرب أهلية في سوريا. ولكن تركيا ايضا لن تقف متفرجة. فإن حدودها الجنوبية تشهد نشاطا واسعا مع استعداد رجال الأعمال والقوات التركية والباحثين عن الفرص لليوم الذي ستصبح فيه سوريا محمية تركية، كما يرى الخبير جاويد انفار.

ولكن اردوغان بعد المواقف الحازمة التي اتخذها في مواجهة الأسد، حليفه السابق، بدأ يتذبذب من جديد. وفي كلمته الأولى التي ألقاها في القاهرة تجاهل عمليا الوضع في سوريا. والأنكى من ذلك ان ناشطين سوريين مناوئين لنظام الأسد يتهمون انقرة بتسليم المقدم حسين هرموش الى دمشق. وكان هرموش هرب من سوريا قبل اشهر وبدأ ينشط ضد نظام الأسد من مخيم للاجئين قرب الحدود السورية. واعلنت سوريا إلقاء القبض عليه في دمشق فيما نفت انقرة إعادة هرموش أو اي سوري آخر ضد ارادته.

إزاء هذا الوضع يُثار السؤال عما إذا كانت تركيا مع الأسد أم ضده، مع المعارضة المطالبة بالديمقراطية أم مع الاسلاميين منها فقط. وترى صحيفة نيويورك بوست ان الاجابة عن هذا السؤال تتمثل في ان انقرة، مثلها مثل طهران، تلعب جميع الأطراف ضد الوسط. وتضيف ان العربية السعودية ايضا تمارس هذه اللعبة مشيرة الى quot;ان الرياض تأمل باستخدام بترودولاراتها لدعم حليف قوي سياسيا في سوريا ما بعد الأسد. ولكن المال ليس كافيا. فالقوى المهيمنة، في سوريا كما في بقية الشرق الأوسط، هي مرة أخرى قوى غير عربية: الفرس والاتراكquot;، كما تذهب نيويورك بوست.

والغائب الأكبر عن اللعبة السورية ذات الرهانات الكبيرة هي اميركا ومعها الاوروبيون، الذين ما زالوا يختفون وراء دبلوماسية متخاذلة واقوال اخلاقية لا معنى لها.

ويُسجل للسفير الاميركي في سوريا روبرت فورد وقوفه بثبات الى جانب القوى الديمقراطية. quot;ولكن هذا لن يشتري لنا مقعدا على طاولة اللعب حيث جميع الآخرين يرفعون الرهانات بموارد حقيقيةquot;، كما تقول الصحيفة محذرة من quot;ان الشرق الأوسط منطقة متفجرة بحيث لا يمكن ان تُترك لأهواء الاتراك والفرس الذين يزدادون خطورةquot;.