الشيشة تتحول إلى فضاءات للانحراف في المغرب

شكلّت النرجيلة عبر سنوات عديدة في لبنان مصدرًا للهو والتسلية والمتعة لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين، وحين يجول المرء في عدد من المقاهي اول ما يلفت انتباهه منظر الزبائن الذين تحلقوا في دوائر وتوزعوا افرادًا وجماعات وهم يدخنون النرجيلة.


تحوّل عدد من المقاهي في لبنان ذات الطابع الغربي الى تقديم النرجيلة التي تشكل مصدرًا للهو والمتعة لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين. ويثير إقبال الكثير على تدخين النرجيلة السؤال: هل هذا دليل صحة من خلال إعادة التراث القديم؟

وبعيدًا عن مدى تقبل المجتمع للنرجيلة في لبنان خصوصًا في ما يتعلق تدخينها من قبل النساء، تقول الدكتورة في علم الاجتماع رغد فرح ان العودة الى الاصول العربية امر جيد، اذا ما استبعدنا مضار التدخين وخصوصًا النرجيلة، لكن الاجدى لو عدنا الى تقاليد عربية اخرى كحسن الضيافة والشهامة والدفاع عن الاصدقاء والاقارب، فهذه عادات نفتخر بها اكثر من افتخارنا الى عودة موضة النرجيلة العربية واحتلالها حيزًا كبيرًا في مقاهي لبنان.

حملات ضد النرجيلة؟

اللافت في لبنان اخيرًا اقرار قانون يمنع التدخين في الاماكن العامة، وربما ما نريده في لبنان فعلاً هو قانون يمنع كل انواع التدخين بما فيها النرجيلة لان مضارها الصحية تبقى اكثر بكثير من مضار السيجارة، وفي هذا الصدد يفنِّد الدكتور رجا حداد لإيلاف مضار النرجيلة بالتالي:

اولاً تؤدي الى أمراض الرئة ومجرى التنفس.
كما تؤدي الى النوبات القلبية والدماغية لان النرجيلة مثل التدخين تؤدي إلى الإصابة بالنوبات القلبية نتيجة تصلب الشرايين.
كذلك يجب الا نستثني السرطان وامراض الجهاز الهضمي وكذلك آثار ضارة في الاعصاب صداع نسيان فقدان الذاكرة ومنه إلى الرجفان ومن ثم سرطان الدماغ . بالإضافة إلى كل ذلك فالنرجيلة تساعد على ظهور التجاعيد، إصفرار الأسنان ظهور رائحة فم كريهة وسعال.

طقوس خاصة للنرجيلة

يتم التركيز في صناعة النرجيلة على بلورتها التي تملأ بالمياه وعلى قالبها المصنوع من النحاس او الخشب وعلى خرطومها الذي يتفنن البعض في تزيينه وزخرفته.

ويؤكد مدخنو النرجيلة أن لتدخين النرجيلة ادابه وقوانينه ومنها مثلاً انه لا يجوز ابدا ان تضع quot;الشيشةquot; على رأس الطاولة في المقاهي فهذا يعني انك تتحدى الجميع وتتجاهلهم كما لا يجوز لأحد ان ينفض سيجارته على صحن quot;النرجيلةquot; لان هذا يعني الاحتقار.

اما اذا اراد المرء تسليم نرجيلته الى شخص اخر فيجب عليه طي الخرطوم وتسليمه الى الشخص الذي يطلب ان يشاركك في تدخين النرجيلة احترامًا.

وتختلف انواع التنباك باختلاف نوعيته وجودته فالنوع الرديء في العاصمة بيروت يسمى quot;الطعشquot; اما اجود انواع التنباك فهو quot;التنباك العجميquot; الذي يزرع ويصنع في ايران وهو غالي الثمن لكنه اطيب واجود من الانواع الاخرى.

ويزرع التنباك ايضًا في لبنان خصوصًا في منطقة الجنوب والشمال كما يستورد لبنان انواعًا اخرى من سوريا ومصر (المعسل). وحاول عدد من المزارعين اللبنانيين زراعة نوع من التنباك العجمي لكن هذه الزراعة لم تعط النتائج المرجوة وسمي هذا النوع بالتنباك ذي النكهة العجمية.

وينقى التنباك من بعض الشوائب كالقش والعيدان القاسية ثم ينقع في المياه لمدة ساعتين ويدلك باليد في قطعة من القماش بعد عصره ثم يوضع على رأس quot;النرجيلةquot; بطريقة جيدة بعد ان يتم احداث ثقب في وسط الرأس بواسطة المخرز وتضاف اليه الجمرة ليصبح جاهزًا للتدخين. ويتفنن البعض في صنع التنباك باضافة حبوب الهال أو السكر أو العسل اليه.

مدخنو نرجيلة

ويرفض المدخنون اعتبار النرجيلة وليدة البطالة. فهي، وان كانت ترافق جلسات من هو عاطل عن العمل، فهي تعتبر وسيلة من وسائل تقطيع الوقت، وترافق الشباب العاملين في أوقات فراغهم. فالبنسبة لهم ان الوقت المكرّس للنرجيلة هو وقت quot;مقدّسquot; يجب احترامه.

وأشد ما يزعج رياض، العامل في أحد مطاعم بيروت، هو عدم التوازن في جدول عمله، ويقول إن quot;اكثر الايام قساوة علي هي تلك التي يكون فيها دوامي متأخرًا في الليل، لأنني وقتها أحرم من النرجيلة مساءً، فأفتقد جوّ الشباب، شبّان quot;الشِّلةquot; التي أخالطها مساءً بعد انتهاء عملهم النهاريquot;.

كما أن النرجيلة ليست وسيلة تسلية ترافق اجتماعات الشبان، بل هي الداعي الى اللقاءات وعليها منعقدها: تكون النرجيلة موجودة فيحضر الشباب. وهي السبب في الاجتماع، والسبب في فضّ الجلسة.

ويقول كمال ان الذي يدخن النرجيلة بحق وجدارة فله طقوس خاصة ومنها انه لا quot;يسحبquot; في النَفَس لأكثر من ثلاثة أرباع الساعة، أو ساعة. ويضيف :quot; كثيرون هم من يتطفلون على النرجيلة ويتعدون عليها بوقاحة.

يقول فادي إن quot;صاحب الراسquot; لا يدخن مع المبتدئ، لأن هذا يمرر النرجيلة من يد الى يد quot;مخنّقةquot;. والمتطفل على النرجيلة يظهر تطفله في كيفية ترتيب الفحم على رأس النرجيلة. فهو يضعها بشكل عشوائي، ويرفض الخبير إلا ترتيبها بشكل منظم وهندسي. ويعارض آخر هذا الرأي، مشيدًا بفاعلية الطريقة المشار إليها والتي أصبحت من أبرز وسائل إشعال الفحم.