لم يكن قرار العاهل السعودي بتمكين المرأة في بلاده من حقها في المشاركة السياسية حدثا عاديا بالنسبة لوسائل الإعلام الدولية والمهتمين بالشأن السعودي. ورغم أن القرار لقي ترحيبا واسعا، إلا أن الجميع أكد اهمية إستمرار هذا النوع من الإصلاحات وبقدر أكثر من الشجاعة خصوصا وأن المناخ العربي يسمح بذلك.


منال الشريف التي ثارت على الأعراف وقادت سيارتها

لقي قرار الملك عبد الله الذي مكّن المرأة السعودية من حقّها في التصويت في الانتخابات البلدية ترحيبا كبيرا في الأوساط الإعلامية الدولية بما فيها الفرنسية، والتي أجمعت على كون القرار quot;تاريخياquot;، بحسب تعبير لونوفيل أوبسرفتور، في بلد ظل فيه النصف الثاني للمجتمع على هامش المشاركة السياسية.

ووصفت quot;أوبسرفاتورquot; الملك عبدالله بن عبد العزيز بالإصلاحي الذي يحاول عصرنة مجتمع جد محافظ بحذر شديد...quot;، كما أشارت إلى كونه فتح المجال للجنس اللطيف للدخول إلى مجلس الشورى الذي لا ينتخب و إنما يعيّن أعضاؤه.

المجلة الفرنسية وقفت عند من أصبح يطلق عليها quot;أيقونة الحركة النسائيةquot; في السعودية منال الشريف التي ثارت على الأعراف والقوانين المحلية أخيرا، وقادت سيارتها بنفسها ما عرضها للاعتقال حيث قضت عشرة أيام خلف القضبان.

وقالت الشريف في تصريح لها بشأن هذا المكسب للمرأة السعودية، quot;لأول مرة ستشارك النساء في اتخاد القرارات...quot;، مضيفة أن quot;المهم هو أنها تعرف طريقها إلى التطبيق...quot;.

بدورها وقفت quot;ليبراسيونquot; عند الحدث مطولا، وقالت هذه الصحيفة، quot;لأول مرة تحصل المرأة السعودية على حق التصويت والترشيح للانتخابات في مملكة جد محافظة...quot;، مذكرة بعمر ولاية المجالس البلدية المنتخبة التي تحصر في أربع سنوات.

فيما استبعدت جريدة quot;لاكرواquot; أي تحرك من لدن رجال الدين السعوديين ضد خطوة من هذا النوع، على غرار ما حصل سنة 1965 عندما سمح الملك فيصل بدخول أجهزة التلفاز لبيوت السعوديين، على اعتبار أن الربيع العربي فرض مقاربات للأوضاع الأكثر تقدمية وأرغم الأصولية الدينية على الدخول في مرحلة كمون.

ويشكل هذا القرار برأي الصحيفة نفسها quot;تقدما حقيقيا بخصوص حقوق المرأة في السعوديةquot;.

وكتبت الصحيفة أن الملك عبد الله quot;أعلن منذ 15 مارس-آذار بناء نصف مليون سكن، وخلق 60 ألف منصب شغل في الإدارة والرفع من الحد الأدنى للأجور إلى 550 يورو زيادة على مساعدة شهرية للمعطلين...quot;

إصلاحات مجتمعية

في إيلاف أيضا: المرأة السعودية تتفرد بالأضواء بعد القرارات الملكيّة

يرى ملاحظون أن هذه الخطوة في زعزعة بعض التقاليد في السعودية تندرج في سياق الإصلاحات التي تعهد بها العاهل السعودي، موضحين أنها مبادرة لا يستهان بها بالنظر إلى طبيعة المجتمع السعودي الذي يحتل فيه رجال الدين وزنا خاصا.

المختص في الشأن السعودي الباحث ستيفان لاكروا، يعتقد أن quot;هذه الإصلاحات لا يمكن اعتبارها سياسية وإنما مجتمعية تتوخى إعادة الاعتبار للمرأة دون المساس بجوهر النظام السياسي...quot;،الذي ما زال كما في باقي الأنظمة العربية يغيب فيها ما يعرف بتوازن السلطة وإن كان بدرجات متفاوتة بين هذه البلدان.

ويستحضر هذا الباحث، في حوار خاص لصحيفة ليبراسيون، الإشكالات الثقافية للمجتمع السعودي التي قد تحول دون رؤية مجالس منتخبة على الشاكلة التي تعرف بها الدول الديمقراطية، حيث تجد فيها الرجال إلى جانب النساء. فهو يفترض أن توضع النساء في قاعة معزولة و يتم استعمال وسائل تقنية للتواصل بين الطرفين.

المشوار ما زال طويلا

وعلقت الإعلامية صوفيا فوكار في تصريح لـ quot;إيلافquot; على هذه الخطوة قائلة quot;إنها خطوة شجاعة و تاريخية بالنسبة إلى الأخوات السعوديات و للمجتمع السعودي ككل،و سابقة من نوعها في الحياة السياسية السعودية إذا ما تم تطبيقها بحكمة و موضوعية...quot;

ويقتضي ذلك بحسب فوكار quot;رفع الوصاية المشددة على المرأة السعودية وتمتيعها بكامل حقوقها السياسية...quot;، مستدركة، quot;لكن لا يمكن اعتبارها في الوقت نفسه قاصرة في المناحي الحياتية الأخرى، ويلزمها طلب الإذن والمشورة من وليها...quot;

وتساءلت هذه الإعلامية quot;كيف للمرأة السعودية أن تقود قاطرة التغيير من داخل مجلس الشورى والمجالس البلدية،و هي في الوقت نفسه غير قادرة على قيادة السيارة، و هل قرار الترشيح سيكون بقرار فردي منها أم أنه سيحتاج إلى إذن من ولي أمرها؟quot;. لتصل إلى أن quot;تصريح رئيس مجلس الشورى، الذي اعتبر بأن مشاركة المرأة تتوقف على وضع ترتيبات داخل القاعات و المكاتب و تنظيم الدخول بحيث يكون دخول النساء منفصلا عن الرجال، يشير الى أن المشوار ما زال طويلا أمام السعوديات حتى يتم الاعتراف بهن ومنحهن حقوقهن الكاملة دون قيد أو شرط...quot;.