لم تكن زيارة الملكة الهولندية بياتركيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي بدأتها يوم الأحد، لتسبب إثارة كبيرة داخل هولندا، لو لم يتلقف زعيم حزب الحرية اليميني المتشدد خيرت فيلدرز زيارتها لمسجد الشيخ زايد في مدينة أبوظبي وارتداءها الحجاب الإسلامي مع زوجة ولي العهد الأميرة ماكسيما.


ملكة هولندا مرتدية حجابًا إسلاميًا أثناء زيارتها مسجد الشيخ زايد في أبوظبي

عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: أثارت صور الملكة الهولندية بياتركيس غضب النائب اليميني المتشدد، حيث ظهرت الملكة بياتريكس مرتدية عباءة سوداء وحجاباً أزرق اللون طويلاً فوق قبعتها الكبيرة، وبصحبتها نجلها الأمير فيليم الكسندر وزوجته الأميرة مكسيما، التي ارتدت زياً عربيًا إسلاميًا.

واتهم فيلدرز الملكة بتشجيعها على اضطهاد النساء في العالم الإسلامي بارتدائها وزوجة ولي العهد زياً، تُجبر على ارتادئه النساء المسلمات، حسب زعيم حزب الحرية الهولندي، الذي يتخذ مواقف متشددة تجاه المسلمين في أوروبا، متخوفًا من أن تتحول هذه البلاد الصغيرة المساحة إلى قلعة إسلامية متشددة، إن لم تسنّ قوانين متشددة تجاه سفر المسليمن وإقامتهم في أوروبا.

وكان فيلدرز أنتج فيلماً في آذار (مارس) عام 2008 أسماه quot;فتنةquot;، تحدث فيه عن علاقة أو تأثير الإسلام والقرآن على الإرهاب. وجوبه برفض داخل هولندا وخارجها.

ويعيش السياسي الهولندي اليميني منذ عام 2004 في وضع أمني خاص، ومحاطًا بحماية شخصية كبيرة، وعادة ما يغير مكان سكنه، ولا يظهر في المناسبات العامة داخل هولندا أو خارجها إلا محاطًا بإجراءات أمنية مشددة. ولدى حزبه quot;حزب الحريةquot; 24 مقعداً، وهو ثالث حزب من حيث عدد المقاعد في البرلمان، المكون من 150 مقعداً.

لكن زعيم حزب دي 66 الكسندر بيختولد رد على انتقاد فيلدرز للملكة بياتريكس، وسأله عن سبب انتقاده غطاء رأس الملكة في زيارتها لدولة الإمارات العربية المتحدة، فيما هو يرتدي غطاء رأس أيضًا خلال زيارته لإسرائيل، ويعتمر القلنسوة اليهودية عند زيارته لحائط المبكى في القدس.

من جانبه قال وزير الخارجية الهولندي يوري روزنتال إن زيارة أي مكان ديني، سواء كان مسجداً أو كنيسة أو كنيس أو معبد، تقتضي مراعاة واحترام العادات فيه. وأكد روزنتال على أن صادرات الإمارات لهولندا بلغت 3 مليارات يورو في العام. وأشاد وزير الخارجية الهولندي بمواقف دولة الإمارات السياسية، خاصة في كل من ليبيا وأفغانستان.

وأجمع عدد من خصوم النائب اليميني فيلدرز أنه يتصيد ويهول الواقع للفت الانتباه. مقللين من ارتداء الملكة للحجاب الإسلامي خلال زيارتها لمسجد الشيخ زايد في أبوظبي، مشبهين إياه بوضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري الوطني في ميدان الدام من قبل ضيوف هولندا الرسميين. فزيارتها للمسجد تدخل ضمن المراسيم الخاصة بكبار ضيوف دولة الإمارات العربية المتحدة.

فيلدز معتمرًا القلنسوة اليهودية عند زيارته حائط المبكى في القدس

ويعتبر مسجد الشيخ زايد في إمارة أبوظبي صرحًا إسلاميًا بارزًا في دولة الإمارات العربية المتحدة. ويعرف محليًا بمسجد الشيخ زايد أو المسجد الكبير. ويعدّ رابع أكبر مسجد في العالم من حيث المساحة الكلية بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي ومسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء، بمساحة تبلغ 412.22 مترًا مربعًا بدون البحيرات العاكسة حوله، وأحد أكبر عشرة مساجد في العالم من حيث حجم المسجد. ويتسع المسجد لأكثر من 7000 مصل في الداخل، ومن الممكن، مع استعمال المساحات الخارجية، أن يتسع لحوالى 40.000 مصل في كل أقسام مبنى المسجد.

وتم إكساء المسجد بالمرمر الإيطالي، وافترشت أرضياته بـ 6000 متر مربع من السجاد الإيراني. ومن معالمه مآذنه الأربع في أركان الصحن الخارجي، بارتفاع 107 أمتار للمأذنة، وكلها مكسية كاملة بالرخام الأبيض. وكان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الراحل الشيخ زايد بن نهيان أمر ببنائه في العام 1996، وتم الانتهاء من أعمال البناء فيه في آذار (مارس) 2008. وبلغ إجمالي تكلفته مليارين و167 مليون درهم إماراتي.

تأتي زيارة الملكة بياتريكس، التي تحمل الرقم 50 خارج المملكة الهولندية، بدعوة رسمية من رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وستنقلها بعد الإمارات إلى سلطنة عُمان، حيث تم تأجيل هذه الزيارة، التي كانت مقررة منذ العام الماضي، لكن ظروف المنطقة الأمنية أجّلتها إلى الوقت الحالي، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الهولندية.