باشر المكلف بتشكيل حكومة إقليم كردستان العراق الجديدة نجيرفان بارزاني اتصالاته اليوم لإنجاز مهمته باجتماع مع زعيم كتلة التغيير المعارضة نشيروان مصطفى، وبحث معه إمكانية مشاركتها في الحكومة المنتظرة وشروطها، بينما أعلن حزب الرئيس طالباني رسميًا ترشيح نائبه الأول كوسرت رسول لمنصب نائب رئيس الإقليم.. في وقت حذرت الكتلة العراقية بزعامة أياد علاوي من إفشال المؤتمر الوطني المنتظر لحل الأزمة السياسية، قائلة إن ذلك سيقتل آخر أمل في الشراكة الوطنية.


نجيرفان بارزاني أثناء لقائه نشيروان مصطفى

أسامة مهدي: اجتمع نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني المرشح لرئاسة حكومة كردستان نجيرفان بارزاني في مدينة السليمانية (330 كم شمال بغداد) اليوم مع رئيس حركة التغييرالمعارضة نوشيروان مصطفى لبحث تشكيل حكومة الاقليم الجديدة والأوضاع في كردستان، وخاصة بعد التظاهرات الاحتجاجية التي شهدها الاقليم في مطلع العام الماضي ومطالب المعارضة.

وقد أكد بارزاني رغبته في إشراك قوى المعارضة في التشكيلة الحكومية الجديدة، وقام فعلاً بتكثيف حواراته مع معارضين وزياراته لمقار عدد من القوى السياسية. وكشف عن أبرز مهام حكومته، التي لم يعلن وقتًا محددًا لترؤسها، قائلا إنها ستكون مكملة لعمل الحكومة السابقة برئاسة برهم صالح، وستعمل على تتمة وعودها، التي قطعتها، من تطبيق الخطط والبرامج التي تصبّ في مصلحة المواطن الكردستاني.

واشار بارزاني، وهو ابن اخ رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وزوج ابنته، الى ان الاشهر المقبلة ستكون مهمة جدًا لخلق ارضية خصبة للحوار وتقريب وجهات النظر مع الاطراف الاخرى في كردستان، فضلا عن تنظيم الاوضاع السياسية الداخلية في الاقليم. واكد ان الاوضاع الحالية تحتاج حكومة، يشارك بها جميع الأطراف في اقليم كردستان، وتغليب المصلحة العامة لشعب كردستان على المصلحة الحزبية والسياسية.
واضاف بارزاني انه سيجري في الايام المقبلة لقاءات عدة مع قادة الكتل السياسية في الاقليم، في محاولة منه لمشاركة الجميع في التشكيلة الجديدة، معربا عن امله في أن تعدل المعارضة عن قرار عدم المشاركة في حكومته، ومشددًا على ان حكومته الجديدة تحتاج إلى تعاون ومساندة جميع الاطراف.

وكانت حركة التغيير قد انسحبت في أواخر عام 2010 من ائتلاف الكتل الكردستانية على خلفية رفض الحزبين الحاكمين في الإقليم مشروع الإصلاح السياسي الذي قدمته. وقال رئيس كتلة الحركة في مجلس النواب العراقي شورش حاجي إن quot;الحركة قررت الانسحاب من ائتلاف الكتل الكردستانية لرفض الحزبين الحاكمين في الإقليم المشروع، الذي جسد المطالب الرئيسة لشعب كردستان، وسبل تطوير العملية الديمقراطية في الإقليمquot;.

وحصلت حركة التغيير على ثمانية مقاعد في مجلس النواب العراقي، كانت كلها من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني، وكانت قدمت في أواسط صيف عام 2010 مشروعًا للإصلاح السياسي في اقليم كردستان حول رئاسة الإقليم ورئاسة مجلس الوزراء، طالبت فيه بتعديل النظام الداخلي للبرلمان وتنشيطه وتنظيم عمل القوات المسلحة في كردستان، بتحويل عمل القوات المسلحة الحزبية إلى قوات وطنية، ومنع التحزب داخل تلك المؤسسة، والتدخل الحزبي في المؤسسات الحكومية، وتنظيم المنح المالية للأحزاب بقانون وضمان حرية التعبير.

يذكر أن عدد مقاعد حركة التغيير في برلمان كردستان يبلغ 25 مقعدًا من مجموع عدد الأعضاء الكلي البالغ 111 عضوًا.. حيث تشكل مع القوى المعارضة الأخرى، وهي الاتحاد الإسلامي (ستة مقاعد) والجماعة الإسلامية (أربعة مقاعد) ما مجموعه 35 مقعدًا، في حين يحوز التحالف الكردستاني، الذي يضم الحزبين الكرديين الرئيسين، وهما الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني والاتحاد الوطني بزعامة طالباني، على 59 مقعدا.

على الصعيد نفسه، أعلن الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني رسميًا عن ترشيح النائب الأول للأمين العام للاتحاد الوطني كوسرت رسول علي لتولي منصب نائب رئيس اقليم كردستان.

وقال المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني آزاد جندياني ان ترشيح رسول جاء خلال إجتماع للمكتب السياسي للاتحاد عقد في منزل رئيس حكومة الاقليم برهم صالح في عاصمة الاقليم أربيل (220 كم شمال بغداد). ويأتي هذا الترشيح ضمن الاتفاق المعقود بين الحزبين الكرديين الرئيسيين بزعامة طالباني وبارزاني في تغيير قيادات السلطة في الاقليم، حيث يجري تبادل المواقع في رئاسة البرلمان والحكومة وموقعي نائب رئيس البرلمان والحكومة كل عامين. وقد تولى الاتحاد الوطني رئاسة الحكومة والديمقراطي الكردستاني رئاسة البرلمان خلال العامين الأخيرين، حيث تولى برهم صالح رئاسة الحكومة وكمال كركوكي رئاسة البرلمان.

وهذه هي المرة الثالثة التي يترأس فيها بارزاني حكومة الإقليم، حيث تولاها للمرة الاولى من عام 1999 إلى 2005 رئيسًا لحكومة إقليم كردستان في إدارة أربيل، ثم أصبح رئيسًا للحكومة الموحدة بين عامي 2005 و2007، وكان يفترض أن يسلم الرئاسة إلى الاتحاد الوطني، لكن الرئيس جلال طالباني مدد له سنتين أخريين، ليتم قيادة التشكيلة الخامسة إلى حين إجراء الانتخابات البرلمانية في 25 يوليو (تموز) من عام 2009.

أما برهم صالح فقد تسلم رئاسة حكومة الإقليم مرتين، الأولى من عام 2001 إلى عام 2003 رئيسًا لحكومة الإقليم في إدارة السليمانية، قبل التوحيد، ثم رئيسًا للتشكيلة السادسة منذ تشرين الأول (اكتوبر) عام 2009 وحتى الآن.. وبذلك انحصرت رئاسة حكومة الإقليم طوال السنوات الثلاث عشرة السابقة بين نجيرفان بارزاني وبرهم صالح بالتناوب.

تحذير من افشال المؤتمر الوطني وقتل آخر أمل في الشراكة الوطنية
حذرت الكتلة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق أياد علاوي من إفشال المؤتمر الوطني المنتظر لحل الأزمة السياسية، قائلة ان ذلك سيقتل آخر أمل في الشراكة الوطنية.

ووجّه مستشار القائمة العراقية هاني عاشور تحذيرًا quot;من قتل آخر أمل في الشراكة الوطنية من خلال محاولات تذويب المؤتمر الوطني وتحويله الى لقاء عابر للقوى السياسية. واضاف في تصريح مكتوب تسلمته quot;ايلافquot; اليوم quot;ان هذا التوجه يعني إحباط آمال الشعب العراقي في بناء دولته المستقرة واستهانة بدعوات الرموز السياسية والوطنية العراقية كالرئيس جلال طالباني والسيد مسعود بارزاني والسيد مقتدى الصدر والسيد عمار الحكيم الداعين إلى مؤتمر وطنيquot;.

وقال عاشور إن المحاولات بدأت بتغيير اسم المؤتمر الوطني إلى لقاء قوى سياسية ومحاولات تأخيره وإفشاله، ما يدل على عدم توفر حسن النوايا، مشيرا الى ان ذلك بقدر ما يشكل استهانة بالشعب العراقي الراغب في رؤية قياداته السياسية موحدة تقود البلاد نحو الاستقرار، فإنه سيتحول الى مخالفة متعمدة لرغبات الشعب ومحاولات لقذف العراق الى أجواء أزمات جديدة.

وأوضح عاشور ان الأيام الأخيرة كشفت عن عدم وجود رغبة لدى الحكومة في عقد المؤتمر الوطني خشية صدور قرارات منه، تعتقد بعض الجهات الحكومية النافذة أنها ستقلص من سلطتها على القرار السياسي. وقال ان ملامح عرقلة المؤتمر الوطني صارت واضحة من محاولة تغيير اسمه الى عدم تقبل سماع وجهات نظر الكتل السياسية في الوضع العراقي، ما يعني انه لن يخرج بمحصلة وطنية، ما دام يتقاطع مع رغبة الحكومة في عدم إشراك القوى السياسية في القرار العراقي والإمعان في قتل آخر أمل في الشراكة الوطنية.

وكان ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي قال عقب اجتماع لقيادته امس انه سيطلق على المؤتمر الوطني العام، الذي دعا اليه الرئيس طالباني والمنتظر عقده في مطلع الشهر المقبل في محاولة لحل الازمة السياسية في البلاد.. سيطلق عليه quot;لقاء القوى السياسيةquot;.

ومن المنتظر ان تبحث قيادة الكتلة العراقية بعد غد الخميس امكانية اتخاذ قرار بالتحول من الشراكة في الحكومة الى المعارضة. فبعد مناقشات بين المشاركين في الاجتماع حول الموضوع الليلة الماضية، قرر رئيس الكتلة علاوي منح الاعضاء مزيدا من الوقت ودراسة كل هذه الخيارات على مدى اليومين المقبلين، والاجتماع مجددًا الخميس لاتخاذ قرار حاسم.

وكانت الكتلة العراقية اتخذت في السابع عشر من الشهر الماضي قرارًا بمقاطعة مجلسي الحكومة والنواب احتجاجًا على اتهامات الحكومة لنائب رئيس الجمهورية القيادي فيها طارق الهاشمي بالتحريض على الإرهاب وإصدار امر باعتقاله، وكذلك بسبب طلب رئيس الوزراء نوري المالكي من البرلمان سحب الثقة من نائبه القيادي في العراقية صالح المطلك، لتشبيهه إياه بالدكتاتور. وللعراقية 81 نائبًا من مجموع 325 نائبًا هم مجموع أعضاء مجلس النواب، اضافة الى ستة وزراء في الحكومة الحالية.

تأتي هذه التطورات بعد مرور اكثر من شهر على اندلاع الأزمة السياسية، التي اثيرت بعد اتهام السلطات للهاشمي القيادي في العراقية بدعم الارهاب. وكانت الكتلة العراقية قررت مقاطعة البرلمان وجلسات مجلس الوزراء احتجاجًا على ما اسمته تفرد رئيس الوزراء نوري المالكي بالسلطة وعدم ايفائه بمبدأ الشراكة الوطنية.

واصدرت السلطات العراقية مذكرة توقيف بحق الهاشمي، كما طالب رئيس الوزراء بحجب الثقة عن نائبه صالح المطلك، الذي ينتمي كذلك إلى العراقية اثر تصريحات له، وصف بها المالكي بديكتاتور أسوأ من صدام. وفر الهاشمي الى اقليم كردستان، حيث يحل ضيفًا على الرئيس طالباني، ورفضت السلطات في الاقليم تسليمه الى القضاء في بغداد.

وحثت كل من الولايات المتحدة والامم المتحدة الاطراف العراقية الى التهدئة، ودعتا الى حوار وطني، لكن هذا لم يحصل حتى الآن. وأعادت الأزمة السياسية الحالية في العراق التوتر الطائفي إلى البلاد، حيث ضربت أعمال العنف خلال الأيام القليلة الماضية، وأسفرت عن مقتل 200 شخص، استهدفت مناطق مختلفة، وتصاعدت ضد المشاركين في أربعينية الإمام الحسين في كربلاء في مطلع الأسبوع الماضي.