أكدت الشركة المصنعة لأهم الماركات الرائدة في المملكة المتحدة أنها تخضع للتحقيق من قبل مكتب الاتحاد الأوروبي لمراقبة أعمال الاحتيال، على خلفية صفقات مرتبطة برامي مخلوف، قريب الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يستمر حتى اليوم في قمع المتظاهرين بأكثر الطرق وحشية وعنفاً.


رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد

بيروت: يجري مكتب الاحتيال في الاتحاد الأوروبي حالياً تحقيقاً مع شركة تبغ عملاقة، مقرها جنيف في سويسرا، حول شحنها كميات كبيرة من السجائر إلى شركة يملكها ابن خال الرئيس السوري، رامي مخلوف، الذي يلعب دوراً كبيراً في تمويل نظام الرئيس بشار الأسد ودعمه مالياً في قمع المتظاهرين في سوريا.

ويزعم مكتب الإحتيال أن شركة تبغ عملاقة، تنتج ثلاث علامات تجارية رائدة في المملكة المتحدة، تخضع للتحقيق، بعدما شحنت الملايين من السجائر إلى شركة مرتبطة بالملياردير، المتهم بلعب دور رئيس في تمويل حملة القمع ضد الانتفاضة الشعبية في سوريا.

عكس هذا النبأ المخاوف بشأن قدرة شركات التبغ الكبيرة على استكمال العمل عبر شبكات التوزيع التابعة لها، من خلال وكلاء الطرف الثالث، الذين ينقلون منتجاتها إلى أنحاء العالم كافة.

في هذا الإطار، تواجه شركة التبغ اليابانية الدولية quot;جي تي أيquot; (JTI)، المنتجة للسجائر من نوع quot;سيلك كاتquot;، وquot;مايفير وبنسونquot; وquot;هيدجزquot;، تساؤلات حول علاقتها مع شركة مرتبطة برامي مخلوف، الذي استهدفته العقوبات الدولية المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وشحنت شركة التبغ اليابانية الدولية، عبر شركة توزّع منتجاتها في الشرق الأوسط في شهر أيار (مايو) الماضي، نحو أكثر من 90 مليون سيجارة إلى شركة الأسواق الحرة التي يمتكلها رامي مخلوف.

يذكر أن مخلوف أصبح هدفاً للمتظاهرين ضد الأسد في الأسابيع الأخيرة، في الوقت الذي تسعى فيه الأمم المتحدة إلى الاتفاق على قرار حول فرض مزيد من العقوبات، تعارضها بشدة روسيا والصين.

وأعلن متحدث باسم الشركة اليابانية، ومقرها جنيف، أن مكتب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الغشّ يعمل على مراجعة شحنات الشركة إلى سوريا، في إطار التحقيق في شبكة توزيع الشركة.

وأشار إلى quot;تعاونquot; الشركة مع مكتب الاتحاد الأوروبي، موضحاً أن السوق السورية الحرّة غير خاضعة للعقوبات والقيود التجارية، وأن الشركة علَّقت شحناتها بعدما علمت أن مخلوف هو أحد المساهمين فيها.

وأضاف المتحدث: quot;لم نتلق أو ننفذ أي طلبات على شحنات إلى السوق السورية الحرة منذ 19 أيار/ مايو 2011quot;، مؤكدًا: quot;لم نتلق نحن كشركة أو كموزّعين أية دفعات، كما لم نطالب بأموالنا، كإجراء احترازي، وعلاقة الشركة التجارية مع السوق السورية الحرة قيد المراجعة، لضمان أنها لن تفيد أي شخص يخضع للعقوبات الدوليةquot;.

ويعتبر مخلوف، أحد المقرّبين المموّلين لنظام الأسد، الذي قامت قواته بقتل ما يقدر بنحو 6000 شخص منذ بدء الانتفاضة، ويخضع لعقوبات الولايات المتحدة لمدة ثلاث سنوات.

ويزعم ابن خال الرئيس الأسد، أنه تنازل عن حصته في السوق السورية الحرة في 20 أيار/مايو عام 2011. مع ذلك، قالت الحكومة الأميركية إنها تعتقد أنه quot;ينأى بنفسهquot; عن أعماله التجارية اسمياً فقط، وليس فعلياً.

وعلاقة الشركة اليابانية للتبغ مع موزعيها، تخضع الآن لمراقبة وثيقة من قبل مكتب التحقيق، بعد تسريب وثيقة داخلية.

وزعم الملف، الذي أعدّه ديفيد رينولدز، عضو سابق في وكالة المخابرات المركزية، الذي أصبح رئيساً لسلامة العلامات التجارية في الشركة، أن موزّعي الشركة يهرّبون المنتوجات عبر أكثر من12 بلداً لتجنّب دفع الضرائب، كما أشار إلى أنه تم تهريب الكثير من منتجات الشركة إلى إيران.

وفي نيسان/أبريل 2010، اشتكى رينولدز في رسالة بالبريد الالكتروني إلى ريوتشي شيمومورا، الضابط القانوني في الشركة اليابانية، أن المديرين التنفيذيين فشلوا في معالجة هذه المشكلة.

وفي ما يتعلق بتهريب التبغ من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي، الذي يفرض ضريبة كبيرة، كتب رينولدز: quot;الشحنات التي يتم إرسالها إلى المشترين غير القانونيين أو المصرّح بهم، بلغت حداً كبيراً، لدرجة إنها تعرّض الشركة لغرامات محتملة، قد تصل إلى 30 مليون جنيه إسترلينيquot;.

وأضاف: quot;لقد بلغنا إدارة الشركة مراراً وتكراراً بالنتائج التي توصلنا إليها، لكن لم نجد أي جهد منسق لوقف هذه التحويلات. تم الطلب من فريقي بعدم التحقيق في حالات تهريب عدةلموزعين مرتبطين بالشركة، واحتمال تورّط موظفين من الشركة مع مهرّبين معروفينquot;.

المفارقة أن رينولدز أقيل بعد ثلاثة أيام من إرسال البريد الإلكتروني، الذي تم الحصول عليه من قبل مشروع مراقبة الجريمة المنظمة والفساد، وهي شبكة تحقيق تدعمها الأمم المتحدة والوكالة الأميركية للتنمية، ووكالة المعونة الأميركية.

شكلت هذه المزاعم إحراجاً للشركة اليابانية للتبغ، التي تمتلك شركةquot;غلاهارquot; للتبغ، إضافة إلى 39% من سوق المملكة المتحدة.

ووصف متحدث باسم الشركة اليابانية للتبغ، رينولدز بأنه quot;موظف ساخطquot;، مشيراً إلى أن مكتب المحاماة قد حقق في الإدعاءات، نافياً وجود أية مخالفات، وقال إن quot;رينولدز وفريقه انتهكوا قواعد السلوكquot;.

من جانبهم، ينفي أنصار رينولدز هذه الاتهامات، معتبرين أن رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلها تظهر أنه كان يتصرف دائماً وفقاً لمصلحة صاحب العمل. ويشير هؤلاء إلى أنه الآن ضابط كبير في مكتب التحقيقات الفدرالية، وتم إجراء دراسة وتحقيق في خلفيته القانونية قبل السماح لهبالانضمام إلى المكتب.

علماً أنه في عام 2007، إتفقت الشركة مع الاتحاد الأوروبي، على دفع مبلغ 400 مليون دولار للتصدي لعمليات التهريب، بعد اتهامها بأنها فشلت في معالجة هذه المشكلة.

إلا أن الشركة تدّعي أنها تطبّق quot;معايير صارمةquot; لتحديد عملائها في السوق الحرة.

من جهتها قالت ديبورا أرنوت، الرئيس التنفيذي لمؤسسة quot;آشquot; الخيرية، التي تطلق حملات توعية صحية: quot;في العام 2002 بدأت لجنة الحسابات العامة في البرلمان في إجراء تحقيق شاملحول دور صناعة التبغ في تسهيل تهريب السجائرquot;.

وأضافت: quot;بعد جلسات عديدة، ونشر تقرير يحمل انتقادات شديدة من قبل اللجنة، إدّعت الشركة أنها ستتخلص من أعمالها غير القانونية، ومع ذلك، وبعد 10 سنوات، نسمع إدعاءات كبار المسؤولين التنفيذيين من الشركة، يقولون إن موزّعيها يشاركون في عمليات تهريب واسعة النطاق لمنتجاتها في 12 بلداًquot;.