قال مصدر أمني مصري لـquot;إيلافquot; إن جهاز الموساد الإسرائيلي يقف وراء محاولة تهريب نحو 2.5 من الوثائق والمستندات المتعلقة باليهود من مصر إلى إسرائيل، مشيرًا إلى أن التحقيقات متواصلة في القضية لمعرفة كافة تفاصيلها.


القاهرة: مازال الغموض يكتنف قضية إحباط تهريب 13 طرداً تزن نحو 2.5 طن من الوثائق الأثرية، من مصر إلى إسرائيل عبر الأردن، لاسيما أن تلك الوثائق تتعلق بممتلكات اليهود في مصر، وتدخل ضمن الوثائق التاريخية، المحظور تداولها. وكانت الوثائق محفوظة داخل المتاحف أو مؤسسات حفظ الوثائق، ورغم ضبطها داخل إحدى شركات الشحن في مدينة القاهرة، إلا أنه لم يتم التوصل إلى هوية الجناة الذين يقفون وراء عملية التهريب، باستثناء أنها كانت تتم لصالح رجل أعمال لبناني و سيدة يهودية تحمل الجنسية الفرنسية.
وفقاً للتحقيقات التي تجريها النيابة العامة في مصر، فإن البداية كانت عندما تلقت الإدارة العامة لمباحث القاهرة معلومات تفيد بأن شركة شحن تتخذ من مدينة نصر مقراً لها، تستعد لتهريب 13 طرداً من الوثائق والكتب التاريخية، ولم يتضمن البلاغ أنها وثائق يهودية، وبعد مداهمة مخازن الشركة، عثر على 13 طرداً مخزنة في حقائب كبيرة، وبلغت زنة الوثائق أكثر من ألفي كيلو غرام، و اكتشف خبراء من الآثار أنها تاريخية وتضم معلومات عن اليهود وأملاكهم في مصر تعود الى القرن التاسع عشر. وتبين أن شركة الشحن كانت تستعد لإرسالها إلى الأردن، ومنها إلى إسرائيل، ورجحت التحقيقات أن يكون الهدف من التهريب استخدام تلك الوثائق ضد القاهرة في القضية التي أقامتها تل أبيب، لاسترداد أملاك اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل بعد ثورة 23 يوليو/ أيلول 1952.
وقالت مصادر أمنية لـquot;إيلافquot; إن القضية تشترك بالتحقيق فيها مجموعة من الجهات منها المباحث العامة، وجهاز الأمن الوطني، والمخابرات العامة، بهدف كشف خيوطها، لاسيما أنها تتعلق بالأمن القومي المصري، مشيرة إلى أن الرئيس محمد مرسي يتابع القضية شخصياً. وأضافت المصادر أن الوثائق تضم نحو 1.7 مليون وثيقة تاريخية، تعكف لجنة من خبراء وزارة الآثار على فحصها بدقة، وإعادة ترتيبها، لمعرفة الجهة التي تسربت منها، لاسيما في ظل إصرار الجهات التي من مهامها حفظ الوثائق، أنها لم تخرج من مخازنها.
ورجحت المصادر أن تكون تلك الوثائق سرقت من المجمع العلمي الذي تعرض لحرق أثناء أحداث عنف وقعت بعد الثورة، ضد حكومة الدكتور كمال الجنزروي، وتعرف بـquot;أحداث مجلس الوزراءquot;، التي وقعت في 16 ديسمبر/ كانون الأول، 2011، مشيرة إلى أن خيوط القضية مازالت غامضة، وقد تستغرق وقتاً أطول من أجل الوصول إلى الجناة.
وأضافت المصادر أن أصابع الإتهام تشير إلى تورط مسؤولين في وزارة الآثار، ورجال أعمال يعملون في مجال السياحة وتجارة التحف والأنتيكات، وبعضهم ينتمي إلى الحزب الوطني المنحل، الذي كان يسيطر على السلطة في مصر. ونوهت المصادر إلى أن عملية جمع الوثائق وترتيبها من أجل التهريب بدأ التخطيط لها قبل عام أو أكثر، وقادتها السيدة اليهودية التي تحمل الجنسية الفرنسية بالتمويل، وأن الجناة انتهزوا فرصة حرق المتحف للحصول على أكبر قدر من تلك الوثائق.
وأوضحت المصادر أن العملية كانت تتم لحساب رجل أعمال يهودي لبناني، يحمل الجنسية الفرنسية أيضاً، زعم أنه من أصل مصري، وآخر من الأردن، وكان اللبناني يزعم أنه يسعى لجمع وثائق تخص أجداده المصريين، ورجحت المصادر أن يكون هذا الرجل، بالإضافة إلى السيدة الفرنسية، مرتبطاًبعلاقة مع جهاز الإستخبارات الإسرائيلي الموساد.
وقالت المصادر إن الوثائق تضم عقوداً ملكية لمحال تجارية وبنوك ومؤسسات تجارية أسسها يهود في مصر بعضها يعود إلى العام 1863، ومنها: صيدناوي، التي أسسها الإخوان سليم وسمعان صيدناوي، وشملا التي أسسها اليهودي الفرنسي كيلمان شملا، شيكوريل، التي أسسها مورينو شيكوريل، جاتنيو التي أسسها اليهودي المصري موريس جاتنيو، وهانو التي أسسها اليهودي المصري عدس، بالإضافة إلى محال وشركات، بنزايون، عدس وريفولي. مشيراً إلى أن من ضمن الوثائق عقوداً ملكية وحججاً تعود إلى العام 1963، إبان حكم الخديوي إسماعيل، الذي افتتح في عهد قناة السويس، ومنها عقود ملكية أرض المقام عليها حالياً فندق ماريوت في منطقة الزمالك الراقية، وهذه العقود باسم يهودي سوري يدعى ميشيل لطف الله، هذا فضلاً عن وثائق تتعلق بأملاك اليهود في حارة اليهود الشهيرة بوسط القاهرة.
وقالت المصادر إن هذه الوثائق تحت تصرف النيابة العامة حالياً، التي انتدبت لجنة من وزارة الآثار لدراستها، وبيان مصادر تسريبها، لافتة إلى أن هناك إهتمامًا على أعلى المستويات السياسية بتلك القضية.
ومن جانبه، قال الدكتور محمد زين الدين أستاذ التاريخ الحديث في جامعة القاهرة، إن تلك الوثائق لا تدل على ملكية اليهود لأية أراضٍ أو أملاك في مصر، مشيراً إلى أن اليهود باعوا أملاكهم في مصر قبل الهجرة إلى إسرائيل بعد ثورة 23 يوليو/ أيلول 1952.
وأضاف لـquot;إيلافquot; أن هناك عقوداً وحججاً ملكية أخرى لحساب مصريين بتواريخ لاحقة، أو أحدث منها. وأشار إلى أن ما تثيره إسرائيل حول ممتلكات اليهود بمصر لا أساس له من الصحة، والغرض منه إثارة القلاقل، وتشتيت ذهن صانعي القرار في مصر في قضايا هامشية. ولفت إلى أنه من الأولى أن يعمل المصريون على مقاضاة إسرائيل دولياً للحصول على تعويضات عن نهب خيرات وثروات سيناء خلال فترة الإحتلال التي امتدت من يونيو 1967، إلى أن تم تحرير آخر بقعة فيها وهي طابا بتاريخ 19 مارس/ آذار 1989.