الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي معروف بتأييده للرئيس السوري بشار الأسد، خطب في الجامع الأموي مماثلًا بين مقاتلي الجيش السوري وصحابة رسول الله، داعيًا إلى الوقوف معهم في خندق واحد، ومحذرًا من الاغتيالات.

بيروت: قسمت الحرب الدائرة في سوريا الشعب السوري بأجمعه بين مؤيد للنظام ومؤيد للثورة. وهذا الانقسام العامودي لم يوفر رجال الدين، فانقسموا هم أنفسهم بين مؤيد لنظام بشار الأسد ومعارض له.
ففي مقابل أحمد معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف السوري المعارض الذي كان خطيب الجامع الأموي بدمشق، ثمة خطيب آخر في الجامع نفسه على الضفة الأخرى من الصراع في سوريا، هو الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، الذي جاهر وما زال بتأييده الشديد للأسد ونظامه، فاعتلى عن جدارة قائمة العار التي نشرها المعارضون السوريون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
غير شريفة
وهذه المجاهرة توّجها الشيخ البوطي في خطبة ألقاها بالجامع الأموي نفسه في 21 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، حين تضرّع إلى الله أن يؤيّد أفراد الجيش السوري وقادته بالتوفيق والسداد، قائلًا: quot;والله لا يفصل بين هؤلاء الأبطال ومرتبة أصحاب رسول الله إلا أن يتّقوا حق الله في أنفسهمquot;، منزلهم بذلك منزلة الصحابة.
ونشر الشيخ البوطي نص خطبته على موقعه الالكتروني quot;نسيم الشامquot;، التي حذر فيها من خطر الاغتيالات الغدرية في سوريا، التي تواجه اليوم معركة غير شريفة، أساسها عمليات الاغتيال التي تنفذها مجموعات مسلحة بحق المواطنين الآمنين والمسؤولين في الدولة.
انضباط بأوامر الله
يحتفظ البوطي بحق quot;سوريا كدولة أن تقدم على ما ينبغي أن تقدم عليه أي دولة تحارَب في مثل هذه الحال، من حقها أن تستدعي الاحتياط، من حقها أن تستعين بالقدرات المتنوعة من الأوساط الداخليةquot;.
وهذا الحق بحسب البوطي يستدعي التوحد والاعتصام بأوامر الله. يقول في خطبته: quot;نحن مكلفون قادة وجيشًا وشعبًا أن نكون في خندق واحد، وأن يكون أساس ذلك كله الانضباط بأوامر الله، وهذا ما ينبغي أن تكون عليه حال قادة الأمة، وهذا ما ينبغي أن تكون عليه حال جيشنا القائم ولله الحمد على تنفيذ ما ينبغي أن ينفَّذ، وإننا لنخجل من الله أن نكون جالسين في بيوتنا ننظر إلى جهود هؤلاء الأبطالquot;.
وختم البوطي بالقول: quot;والله ليس بين أفراد هذا الجيش وبين أن يكونوا في رتبة أصحاب رسول الله إلا أن يراعوا حق الله في أنفسهم، وأن يقبلوا إلى الله وهم تائبون وهم ملتزمون بأمر الله جهد استطاعتهم، لا أقول أكثرquot;.
عمق الانقسام
وفي خضم الحرب الاعلامية الدائرة بموازاة المعارك العسكرية في سوريا، عرض ناشطون سوريون تسجيلًا مصورًا لخطبة البوطي، يصوّره وهو يشبّه عناصر الجيش السوري الأبطال بأصحاب النبي محمد. فحاز التسجيل أكثر من 65 ألف مشاهدة، وعلّق عليه كثيرون.
بينت التعليقات على التسجيل عمق الانقسام السوري حول دور الجيش النظامي في الصراع، الذي ذهب ضحيته حتى الآن أكثر من 50 ألف قتيل. وأتى معظمها رافضًا لخطبة البوطي، فقال فاروق الإسلام: quot;لا أحد بمرتبة الصحابة... يا كاذب.. هذا وأنت مسوي نفسك شيخ.. تقارن عباد بشار بالصحابة؟ الله يحشرك أنت وبشار والشبيحةquot;.
وقال معلق آخر: quot;أتشبّه من يذبح الاطفال ويغتصب النساء ويقصف كل يوم بأطنان القنابل والطائرات الناس العزل في بيوتهم بصحابة رسول الله؟ الا تتقي الله قبل أن تلقاه وأنت موالٍ لفرعون الاسد؟quot;
أما سعود سامي، فقد أيّد الشيخ البوطي قائلًا: quot;قبلة على جبين الشيخ العلامة الفاضل البوطيquot;.
كعبة ثانية
هذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها الشيخ البوطي الجدال الديني من خلال خطبه. ففي الحادي والعشرين من أيلول (سبتمبر) الماضي، وفي المسجد الأموي الكبير نفسه، خطب البوطي قائلًا: quot;كانت سوريا ولا تزال مثال الدولة التي تعلم العالم الاسلامي الاسلام الواعي المنتمي إلى جذعي كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلمquot;.
وأضاف: quot;كانت سوريا ولا تزال الكعبة التي يقصدها المسلمون جميعًا، لمعرفة الدين ولمعرفة حقيقة الاسلام، وإن كانت كعبة الله سبحانه وتعالى يطاف من حولها عبودية لله، فسوريا انما هي الكعبة الاخرى التي يقصدها المسلمون لمعرفة دينهم المعرفة الحقيقيةquot;.rlm;
وبمجرد شيوع هذه الخطبة على الانترنت، حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بحملتين متواجهتين. أولى تشجب هذا التشبيه وتردّه إلى أبرهة الذي قال إن الكعبة في اليمن ولم يصدق، حتى وصلت مغالاة بعض أرباب هذه الحملة إلى الدعوة لإهدار دم الشيخ البوطي بتهمة الزندقة والاشراك. وثانية مناقضة، تصف كلام البوطي بالتشبيه السياسي، لا أكثر، مصرة على أن ما قاله يصب في تمكين المسلمين من دينهم الحنيف وممارسته السمحة، التي لن تسمح بها جماعات إسلامية متطرفة تجتاح أنحاء سوريا تحت ستار الثورة على الطغيان، لتقيم دولة التعصب والجهل.