اشتباكات بين رجال الأمن ومحتجين

تتواصل أعمال العنف في مصر على خلفية مذبحة إستاد بورسعيد، حيث شهدت البلاد اليوم مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 1700 في اشتباكات بين قوات الشرطة والمحتجّين. من جانبها، اتهمت جبهة التغيير السلمي، إحدى فصائل شباب الثورة، المجلس العسكري بالضلوع في أحداث بورسعيد.


صبري حسنين من القاهرة، وكالات: شهدت مصر اليوم سقوط أربعة قتلى وإصابة نحو 1700 في إشتباكات بين قوات الشرطة والمحتجّين على مقتل 74 شخصاً في أحداث إستاد بورسعيد يوم 31 كانون الثاني (يناير) الماضي، فيما تواصلت المظاهرات والمسيرات الإحتجاجية ضد المجلس العسكري فيمدن عدة، فيما سمّي بـquot;جمعة الحدادquot; أو quot;الرئيس أولاًquot;.

1700 مصابًا

تواصلت الإشتباكات بين المحتجّين والشرطة في محيط وزارة الداخلية المصرية، لليوم الثاني على التوالي، على خلفية مقتل 75 شخصاً وإصابة المئات في إستاد بورسعيد يوم 31 كانون الثاني (يناير) الماضي، عقب مبارة كرة قدم بين فريقي المصري البورسعيدي والأهلي.

ولقي شخصان مصرعهما في الإشتباكات أمام الوزارة، التي تقع على مقربة من ميدان التحرير، بينما أصيب نحو 1700 شخصًا، حسبما أفادت إحصائيات وزارة الصحة، وأجريت الإسعافات لـ835 حالة في موقع الأحداث، وتتلقى 647 حالة العلاج في المستشفيات والعيادات المتنقلة والمستشفى الميداني في التحرير وقصر الدوبارة.

وفي السويس، تتواصل الإشتباكات بين المحتجّين والشرطة في محيط مبني مديرية الأمن، مما أسفر عن حالتي وفاة، نتيجة الإصابات برصاص الخرطوش، وهبوط حاد في ضربات القلب، وإصابة نحو 207 حالة، تم إسعاف 190 منهم في مكان الأحداث، بينما تم تحويل 17 حالة إلى مستشفى السويس العام.

وقال الدكتور عادل العدوي مساعد وزير الصحة للشؤون العلاجية إن الإصابات كانت ما بين إختناقات بسبب استخدام الغاز المسيل للدموع، وكدمات وجروح وكسور.

الداخلية تحت الحصار

ويحاصر الآلاف من الشباب المنتمين إلى quot;الألتراسquot; مبنى وزارة الداخلية المصرية من الإتجاهات كافة، ويرشقونها بالحجارة، والزجاجات الحارقة، ويرددون هتافات من قبيل: quot;الشعب يريد إعدام المشيرquot;، quot;يسقط يسقط حكم العسكرquot;، quot;القصاص القصاص.. قتلونا بالرصاصquot;، quot;يا نجيب حقهم يا نموت زيهمquot;، quot;المحاكمة المحاكمة.. العصابة لسه حاكمةquot;، quot;الدخلية بلطجيةquot;.

قتيلان بالقاهرة

وقال الدكتور يوسف محمد، طبيب في المستشفى الميداني في شارع محمد محمود، لـquot;إيلافquot;، إن الإشتباكات متواصلة منذ ليلة أمس مع قوات الشرطة أمام وزارة الداخلية، وفي الشوارع المؤدية إليها، ومنها شوارع: الفلكي، والمنصور، ومحمد محمود، والشيخ ريحان، مشيراً إلى أن حالتي الوفاة اللتين سقطتا، كانت الأولى نتيجة الإصابة بالرصاص في الصدر، والثانية نتيجة هبوط في ضربات القلب، بعد إستنشاق الغاز المسيل للدموع.

وأضاف إن قوات الأمن تطلق الغاز بكثافة شديدة على المتظاهرين، ولفت إلى أن غالبية الإصابات كانت نتيجة اشتنشاق الغاز أو كدمات أو جروح بسيطة نتيجة التدافع أو الإصابات بالخرطوش أو إلقاء الحجارة.

وأبدي محمد غضبه الشديد من أحداث بورسعيد، لافتاً إلى أنها مدبّرة، وإتهم قوات الشرطة بالتواطؤ والتقاعسعن حماية الأرواح والممتلكات بعد ثورة 25 يناير.

وتابع محمد، الذي شارك في الثورة منذ يوم 26 يناير، قائلاً: إن الثورة إندلعت بالأساس ضد ظلم واستبداد الشرطة، ونحن نعلم أنها تحاول الإنتقام من الشعب الآن، عبر فتح السجون، وإطلاق البلطجية، أو التخاذل في القيام بواجبها، ولذلك آن الآوان لإعادة هيكلة وتطهير الجهاز الأمني في مصر، وإخراج أتباع حبيب العادلي منه.

مظاهرات ضد العسكر

شاب يلوّح بيده الملطخة بالدماء أمام وزارة الداخلية

في ميدان التحرير، يتظاهر عشرات الآلاف فيما سمّي بجمعة quot;الحدادquot; أو quot;الرئيس أولاًquot;، الذين رددوا هتافات ضد المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والشرطة، ومن تلك الهتافات: quot;يسقط حكم العسكرquot;، quot;الشعب يريد إعدام المشيرquot;، quot;عسكر عسكر ليه.. إحنا في معسكر ولا إيهquot;، quot;يا شهيد نام وارتاح وإحنا نكمل الكفاحquot;.

وانطلقت مسيرات عدة في شوارع وميادين القاهرة من وإلى ميدان التحرير، وكان أبرزها المسيرة، التي إنطلقت من الميدان إلى ميدان العباسية، معقل المظاهرات المؤيدة للمجلس العسكري، ولاقت ترحيباً من متظاهري العباسية، وإنطلقوا جميعاً في مسيرة بإتجاه مقر المجلس العسكري في وزارة الدفاع، وهتفوا جميعاً يسقط حكم العسكر، في مؤشر يدل على فقدان المجلس العسكري الكثير من مؤيديه، ورد متظاهرو التحرير على متظاهري العباسية بالهتاف: quot;مرحب مرحب بالثوارquot;، quot;أهلاً أهلاً بالأحرار اللي انضموا للثوارquot;، وquot;ثوار أحرار هنكمل المشوارquot;. ورفعوا جميعاً لافتات الحداد على ضحايا أحداث بورسعيد.

كما شهدت محافظات السويس والإسماعلية والمنيا والإسكندرية والمنصورة مظاهرات ومسيرات مماثلة، ضمن فعاليات جمعة الحداد، لكن المظاهرات الأكبر شهدتها مدينة بورسعيد، التي وقعت فيها أحداث الشغب والقتل يوم 31 يناير الماضي، حيث رفع أهالي المدينة لافتات يتبرأون فيها مما حدث، وهتفوا quot;البورسعيدية مش بلطجيةquot;، quot;البورسعيدية براءة من دم المصريينquot;، quot;يسقط حكم العسكرquot;، quot;الشعب يريد إعدام مبارك السفاحquot;، quot;يا شهيد نام وارتاح وإحنا هنعدم السفاحquot;.

اشتعال النار في مبنى الضرائب في القاهرة

أعلن التلفزيون المصري أن النار شبّت في مبنى مأمورية الضرائب المقابل لوزارة الداخلية في وسط القاهرة، حيث كان الآلاف يتظاهرون مساء الجمعة.

وأعلن التلفزيون في شريطه الإخباري أن quot;مبنى مأمورية ضرائب عابدين يحترقquot;، من دون ذكر أسباب الحريق، الذي شبّ في الطبقة الأخيرة من المبنى. غير أن مصدرًا أمنيًا أفاد فرانس برس أن مجهولين تسللوا إلى المبنى قبل ذلك بقليل.

وقتل متظاهران الجمعة مع تجدد الاشتباكات، لليوم الثاني على التوالي، بين المتظاهرين والشرطة المصرية، وتصاعد الغضب ضد المجلس العسكري الحاكم، بعد مقتل 74 شخصًا إثر مباراة لكرة القدم الأربعاء في بورسعيد.

وتدفق المتظاهرون على البرلمان من مساجد عدة في أنحاء القاهرة لمطالبة المجلس العسكري بالتخلّي عن السلطة فورًا، بعد ليلة من التظاهرات في كبرى المدن المصرية، قتل خلالها شخصان.

وذكرت وزارة الداخلية أن عدد الجرحى منذ الخميس وصل إلى 1482 جريحًا. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن جنديًا أصيب الخميس أمام وزارة الداخلية، قضى الجمعة في المستشفى.

فوضى مدبرة

من جانبها، اتهمت جبهة التغيير السلمي، إحدى فصائل شباب الثورة، المجلس العسكري بالضلوع في أحداث بورسعيد، وقال بلال دياب المتحدث باسم الجبهة لـquot;إيلافquot;: إن أحداث بورسعيد جاءت رداً على المطالبة بتسليم السلطة إلى المدنيين، وكأن المجلس العسكري يقول لنا ما قاله مبارك في السابق: quot;إما أنا أو الفوضىquot;.

وأضاف إن هذه المذبحة لم تنتج من إهمال جسيم يحاسب عليه القانون في توفير الأمن للمشجعين وحسب، بل تخطت ذلك إلى قيام قوات الأمن بمشاهدة هذه الأحداث عند وقوعها، وعدم التحرك لوقفها أو منعها من الحدوث، وتسهيل دخول البلطجية المأجورين المتسربين وسط جماهير النادي المصري وهم مسلحون إلى منطقة مشجعي الأهلي، بعد إغلاق الأبواب عليهم، على الرغم من حتمية الكارثة في هذه الحالة، وترك الجانبين يقتلون بعضهم البعض من دون التدخل لمنع ذلك، وترك مدينة بورسعيد تتحول إلى ساحة حرب.

ولفت إلى أن ما يؤكد أن الفوضى مخطط لها بحرفية شديدة هو أن تلك الأحداث تزامنت مع وقوع أحداث شغب وعنف في إستاد القاهرة على خلفية مبارة الزمالك والإسماعيلي، إضافة إلى وقوع سبع حالات سطو مسلح على بنوك ومكاتب صرافة ومحال تجارية في وضح النهار، وكأن الهدف الرئيس هو إثارة الذعر والشعور بعدم الأمان بين المصريين.

فيما وصف حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ما يحدث بـquot;مؤامرة على استقرار البلادquot;، ودعا إلى التحقيق مع كل قيادات وزارة الداخلية وعلى المستويات كافة،وإقصاء أي قيادة يثبت تورطها في مثل هذه الأحداث أو عدم أداء واجبها على الوجه الكامل في حفظ الأمن وحماية الأرواح والممتلكات، مشدداً على ضرورة إعلان نتائج التحقيقات للرأي العام، مع أخذ الاحتياطيات اللازمة والكفيلة لمنع تكرار ما حدث في أي حال من الأحوال لمنع سقوط قتلي ومصابين في أي أحداث مقبلة.

الجنزوري يناشد المصريين الحفاظ على الثورة والممتلكات

دعا رئيس الوزراء المصري الدكتور كمال الجنزوري المصريين إلى الحفاظ على ثورة 25 يناير، والحفاظ على المرافق والممتلكات العامة والخاصة.

وقال الجنزوري، في تصريح له اليوم، إننا كلنا مطالبون بالحفاظ على المرافق والممتلكات العامة والخاصة، منبهًا إلى أن إصرار بعض المتظاهرين على اقتحام مبنى وزارة الداخلية أمر غير مبرر، وquot;لا يصبّ إلا في مصلحة الذين يحاولون هدم الدولة والقضاء على هيبتها، وتشويه الثورةquot;.

وأضاف إن ثورة الخامس والعشرين من يناير إنجاز قومي وتاريخي حققه الشعب المصري، مشددًا على ضرورة الحفاظ على الثورة من أجل مستقبل مصر والأجيال المقبلة.

وأكد الجنزوري أن عناصر الشرطة المدنية ملتزمة تمامًا بضبط النفس إلى أقصى الحدود، رغم إصابة 138 فردًا حتى الآن بإصابات مختلفة بالأحجار والحروق، ومنهم 16 مجنداً أصيبوا بطلقات خرطوش، رغم أن أقصى ما استخدموه للدفاع عن النفس هو الغازات المسيلة للدموع.

وناشد رئيس الوزراء المصري شباب الثورة العمل على احتواء وتهدئة الموقف في محيط وزارة الداخلية، لتفويت الفرصة على من وصفهم بـ quot;العناصر المندسة والمتآمرةquot; على الثورة، مشدداً على ضرورة تماسك وتوافق كل الأطياف، والحفاظ على ممتلكات الشعب، وإعلاء المصلحة العليا لمصر.