في مواجهة الاستياء الشعبي وضغوط المرجعيات الدينية، بدأت كتل سياسية عراقية بمطالبة الرئاسة العراقية بنقض مادة شراء 350 سيارة مصفحة للنواب من موازنة العام الحالي التي صادق عليها المجلس الخميس الماضي وإرجاعها اليه على الرغم من تصويت غالبية أعضائه على تلك المادة، فيما اكدت الكتلة العراقية ضرورة عقده قبل القمة العربية في بغداد للخروج بخطاب عراقي وطني موحد يدخل فيه الوفد العراقي الى القمةويتأهل لقيادة العمل العربي المشترك خلال العام المقبل.


على الرغم من أن 222 نائباً من أصل 325 هم أعضاء مجلس النواب العراقي كانوا قد تقدموا في وقت سابق بطلب تزويدهم بسيارات مصفحة لحمايتهم. وبعد أن صوتت كتل المجلس الخميس الماضي على موازنة البلاد ومن ضمنها شراء 350 مصفحة بمبلغ قدره50 مليون دولار، فإنها بدأت وامام ضغط الشارع العراقي واستيائه وانتقاد المرجعيات الدينية بتراشق الاتهامات في ما بينها حول التصويت للمادة أو رفضها حيث تلقي كل كتلة على الاخرى مسؤولية الموافقة، الامر الذي دعا بعض النواب الى عرض تسجيل لعملية التصويت ليتبين الشعب حقيقة من رفض ومن وافق على صفقة المصفحات.

اليوم، دعت كتلة مستقلون، بزعامة نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني، ضمن كتلة التحالف الوطني، الرئاسة العراقية الى نقض مادة المصفحات وارجاع قانون الموازنة الى مجلس النواب لالغاء هذه المادة. وقالت الكتلة في بيان صحفي، تسلمت quot;إيلافquot; نسخة منه، إن مجلس النواب صوت على مادة شراء سيارات مصفحة لاعضائه بالتزامن مع يوم أدمى قلوب العراقيين من جراء العمليات الارهابية التي طاولت العاصمة بغداد وعدداً من المحافظات راح ضحيتها العشرات من العراقيين.

ورأت أن هذه الاموال كان الاجدى أن تخصص لدعم موازنة الوزارات الامنية لتمكينها من حماية المواطنين بشكل أفضل بدلاً من تخصيصها لحماية المسؤولين، وطالبت رئاسة الجمهورية بعدم التصديق على الموازنة الاتحادية للعام 2012 وإعادتها الى مجلس النواب للتصويت على الغاء هذه المادة، كما دعت النواب الى ان يتخذوا قرارهم بالرفض القاطع لهذه المادة ليثبتوا لناخبيهم أن مصالح الوطن والشعب فوق المصالح الخاصة والضيقة والاتجاه لاقرار مشاريع القوانين التي تخدم المواطنين وتؤسس لبناء دولة المؤسسات.

ومن جهته، أكد رئيس كتلة حزب الفضيلة، عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عمار طعمة، أن البرلمان وقع في خطأ عند التصويت على السيارات المصفحة التي كان من الأجدر مناقلة أموالها وتحويلها لدعم الاجهزة الاستخبارية، كما قال في تصريح صحفي تلقته quot;إيلافquot;.

ومن جانبه، استغرب النائب في ائتلاف العراقية حامد المطلك تصريحات بعض النواب من التحالف الوطني بأن اغلب نواب التحالف لم يصوتوا لقانون شراء السيارات المصفحة لمجلس النواب، بينما العراقية والتحالف الكردستاني صوتت لصالح القرار مبيناً أن هناك من وافق وهناك من عارض القرار في الكتل الثلاث. وأكد أنه لم يكن هناك أي كتلة مصرة على القانون سواء في العراقية أو التحالف الكردستاني أو التحالف الوطني وإن الغلبة كانت للموافقين فأقرّ الأمر.

وكان النائب حيدر العبادي، عضو دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، قد قال في تصريح بثته قناة العراقية إنه دعا النواب خلال الجلسة للتصويت ضد القرار لكن تم حذف صوته أثناء بث الجلسة تلفزيونياً، وأضاف أن أغلب أعضاء التحالف الوطني صوتوا ضد القرار فيما صوت أغلب أعضاء الكتلتين الرئيسيتين الأخريين (ائتلاف العراقية والتحالف الكردستاني) مع القرار.

وإزاء تراشق الاتهامات هذا، فقد طالب النائب باقر الزبيدي، رئيس كتلة المواطن، الممثلة للمجلس الاعلى الاسلامي بزعامة عمار الحكيم بعرض الجلسة الخاصة بالتصويت على السيارات المصفحة المخصصة للبرلمان، وقال الزبيدي إن عرض جلسة التصويت على السيارات المصفحة على الشعب هو الحل الأمثل لانهاء المزايدات ومن حق الشعب العراقي أن يطلع عليها.

وأشار الى أن هناك امكانية لنقض القانون والغاء التصويت الخاصة بها ومناقلة الاموال التي خُصصت للسيارات المصفحة إلى الفقراء والمحرومين. وأكد بالقول في تصريح لوكالة كل العراق quot;إننا في كتلة المواطن لم نصوت ومازلنا عند رأينا بمناقلة اموالها إلى ابواب أكثر أهمية مع أننا نعلم أن النواب ليس وحدهم من يستخدم السيارات المصفحةquot;.

وأوضح أن رئاسة الوزراء لديها مالايقل عن 70 سيارة مصفحة، ورئاسة الجمهورية ما لايقل عن 80 سيارة مصفحة ،والوزارات مالايقل عن 30 سيارة مصفحة، لكل وزارة وهيئة النزاهة لديها ما لايقل عن 25 سيارة مصفحة، ومفوضية الانتخابات مالا يقل عن 20 سيارة مصفحة. وشدد على أن الاموال التي تذهب لشراء هذه السيارات الشعب أولى بها. وقد أثار قرار شراء المصفحات استياء شعبياً واسعاً وهتف ضده المتظاهرون الذين خرجوا وسط بغداد يومي الجمعة والسبت الماضيين.

كما وصف الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر شراء المصفحات بأنه وصمة عار وخيانة للشعب ودعا الى إعلان أسماء المصوتين لهذا القرار والممتنعين عنه ليكون الشعب العراقي على بينة منهم. وقال الصدر، في رد على سؤال وجهه اليه احد انصاره،عن موقفه من شراء النواب لهذه السيارات المصفحة، بأنه quot;وصمة عار في جبين البرلمان العراقي ما لم يتنازلوا عن تصويتهم هذا، وهي سرقة لقوت الشعبquot;. وشدد على أن هذا التصويت وصمة عار لن تمحى ما لم يتنازلوا عن تصويتهم هذا. وأضاف أن quot;مَن يركب تلك المدرعات فهو خائن لشعبه ووطنه بل وعاص لربه quot;.

ومن جهتها، أكدت مرجعية المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني انزعاجها من شراء مجلس النواب العراقي لهذه السيارات المصفحة لحماية اعضائه في وقت تحصد التفجيرات أرواح المواطنين، داعياً السياسيين الى تقديم مصالح المواطنين على مصالحهم الشخصية.

وطالب السيد احمد الصافي، معتمد مرجعية السيستاني، خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد)، النواب بالتفكير بمصلحة الشعب قبل مصالحهم الشخصية، وأن تكون الاولويات للمواطن وليس للنائب. ودعا السلطات الى العمل الجاد لتوفير الحماية للمواطنين وانتقد موقفها من التفجيرات التي شهدتها مناطق متفرقة من العراق الخميس وما سبقها من تفجيرات، ودعا الاجهزة الامنية الى اتخاذ اجراءات حازمة لوضع حد للاعتداءات التي يتعرض لها المواطنون، التي قال إنها تهز البلاد بين الحين والآخر، مشدداً على ضرورة تبيان الاسباب الحقيقية وراء تكرار عمليات التفجير. وأشار الى أن المسؤولين باتوا يمتلكون اعذاراً جاهزة لتبرير وقوع التفجيرات من دون أن يقدموا برامج وخططاً لمواجهتها.

كتلة علاوي تدعو إلى عقد مؤتمر حل الازمة قبل القمة العربية

هذا واعتبرت الكتلة العراقية، بزعامة رئيس الوزراء السابق أياد علاوي، أن محاولات بعض القوى السياسية لتأجيل المؤتمر الوطني العام، الذي يجري التحضير له حالياً لحل الازمة السياسية الحالية، هو مقدمة لالغائه، مؤكدة ضرورة عقده قبل القمة العربية في بغداد للخروج بخطاب عراقي وطني موحد يدخل فيه الوفد العراقي إلى القمة ويتأهل لقيادة العمل العربي المشترك خلال العام المقبل.

وأكد مستشار العراقية هاني عاشور في تصريح صحفي مكتوب تلقته quot;ايلافquot; اليوم، عدم وجود أي ضمانات حتى الآن ومن أية جهة سياسية أو حكومية بشأن انعقاد المؤتمر الوطني العراقي بعد قمة بغداد مع عدم وجود ضمانات لمناقشة الأوراق المقدمة من الكتل السياسية وفق ما تم التفاهم عليه خلال اجتماعات اللجنة التحضيرية للمؤتمر.

وقال عاشور إن تأجيل المؤتمر الوطني يمكن أن يكون خطوة استباقية لالغائه بعد مؤتمر القمة العربية في بغداد نهاية شهر آذار، موضحاً اذا كانت الكتل السياسية لم تتمكن ومنذ نهاية العام الماضي حتى الآن من عقد المؤتمر فما الضمانة لعقده بعد القمة العربية من دون تحديد موعد لأن الزمان من بعد القمة العربية مفتوح ويمكن أن يستمر لسنوات ولكنه سيكون زمناً مشحوناً بالأزمات.

وأشار عاشور الى أن الراعي والداعي للمؤتمر الوطني الرئيس جلال طالباني لم يؤكد أو ينفِ حتى الآن عقد المؤتمر الوطني قبل القمة العربية أو بعدها ولم يحدد سقفاً زمنياً وموعداً ثابتاً لذلك، ولم يوضح نتيجة الاتفاق على ورقة العمل التي يمكن مناقشتها.

وحذر من أن تأجيل عقد المؤتمر الوطني من دون تحديد موعد ثابت ومحاولات تغيير اسمه والتصريحات بشأن أوراق العمل فيه وصعوبة توحيدها في ورقة واحدة بزمن محدد يشير الى أن هناك خطوات ومحاولات استباقية لالغائه وأن حسن النوايا يفترض تحديد موعد ثابت او عقده قبل القمة للخروج بخطاب عراقي وطني موحد يدخل فيه الوفد العراقي إلى القمة ويتأهل لقيادة العمل العربي المشترك خلال العام المقبل.

أخيراً، فقد اتفقت الكتل السياسية على عقد الاجتماع التحضيري الخامس للمؤتمر يوم الجمعة المقبل من أجل منح فرصة أكبر للتداول بين الكتل والتوصل الى تفاهمات حول النقاط المطروحة. لكن هذه الكتل لم تتفق في ما بينها على عقد الاجتماع التحضيري لوضع ورقة عمل واحدة حيث أن ممثليها يجرون الآن مناقشاتهم داخل كتلهم والعودة إلى عقد الاجتماع التحضيري الذي يمهد لعقد الاجتماع الوطني ضمن ورقة عمل واحدة تتفق عليها الاطراف الثلاثة المشاركة، وهي التحالف الوطني والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني.

ومن جهته، دعا القيادي في التحالف الكردستاني محمود عثمان الكتل السياسية لعقد المؤتمر الوطني قبيل انعقاد القمة العربية في آذار المقبل، مؤكداً أن حل الخلافات سيقوي موقف العراق ويسهم بإرجاعه إلى محيطه العربي والإقليمي والدولي.

وقال عثمان في تصريح صحفي: quot;توحيد البيت العراقي قبيل انعقاد المؤتمر بات مطلباً شعبيًا بسبب استياء الشارع من استمرار الخلافات بين الكتل السياسيةquot;. وأشار الى أن quot;الاستعجال في حل المشاكل الداخلية سيدعم رجوع العراق إلى الصف الدولي ومحيطه الإقليمي والعربي ويقوي موقفهquot;.

وطالب عثمان بعقد المؤتمر الوطني قبيل انعقاد القمة العربيةفي 29 من الشهر المقبل في بغداد، مؤكداً أن استمرار الخلافات بين الكتل السياسية يؤثر سلباً على انعقاد القمة والاتفاق سيعكس صورة ايجابية عن العراق. وأشار إلى أن هناك محاولات من قبل الإرهابيين لإرباك الوضع الأمني وإيصال رسالة للدول التي ترغب بالمشاركة في القمة العربية مفادها أن العراق غير مهيأ لاستقبال القمة من الناحية الأمنية بالإضافة إلى عدم وجود تفاهم بين الكتل السياسية.

يذكر أن العراق يعيش أزمة سياسية كبيرة هي الأولى بعد الانسحاب الأميركي أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي على خلفية إصدار مذكرة قبض ضد نائب رئيس الجمهورية القيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي بعد اتهامه بدعم الإرهاب، وذلك في 19 من الشهر نفسه، وتقديم رئيس الوزراء نوري المالكي طلباً إلى مجلس النواب بسحب الثقة عن نائبه صالح المطلك القيادي في القائمة العراقية أيضاً بعد وصف الأخير للمالكي بأنه quot;ديكتاتور لا يبنيquot; الأمر الذي دفع العراقية إلى تعليق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب وتقديمها طلباً إلى البرلمان بحجب الثقة عن المالكي قبل أن تقرر في 29 من الشهر الماضي العودة إلى جلسات مجلس النواب ثم تعود في السادس من الشهر الحالي لتقرر إنهاء مقاطعة مجلس الوزراء وعودة جميع وزرائها لحضور جلسات المجلس.