الرّمال المتحركة في صحاري العراق مخاطر تهدّد المواطنين

تمتد الهضبة الصحراوية على طول المنطقة الواقعة غرب نهر الفرات وصولاً إلى صحراء سوريا والأردن والسعودية، مخبئة دهاليز من الرمال المتحركة، التي تبتلع كل ما يطأها، وتخبر القلة الناجية منها، عن أسرارها وكيفية الخلاص منها.


بغداد: نجا رحيم الساعدي (30 سنة) في العام 2004 بأعجوبة من إبتلاع الرمال له في صحراء السماوة (280 كم جنوب غرب بغداد) عند الحدود العراقية السعودية.

وحين غرق نصف جسد الساعدي في الرمل لم تسعفه سوى صيحاته، التي حشدت الرفاق من حوله، ليجهدوا في استخراجه.

وكان الساعدي برفقة أصدقائه في رحلة صيد، تعودوا على القيام بها في البرية بين فترة وأخرى.

وتعتبر ظاهرة الرمال المتحركة في الصحارى، من أبرز المخاطر، التي تتعرّض لها الكائنات الحية، فعلى الرغم من ندرتها في البرية الواسعة، إلا أن الكثيرين تعرّضوا لمخاطرها.

وعلى مرّ الأزمان، كانت هناك ضحايا ابتلعتهم الرمال، فلم يعثر عليهم أحد في صحاري العالم المختلفة.

والرمال المتحركة في صحراء العراق عبارة عن خليط من رمال وتراب، في وقت تكون الأمطار عبارة عن خليط من الرمل والماء، فما إن تضع قدمك على سطحها حتى تبتلع جسدك الرمال.

وتمتد الهضبة الصحراوية على طول المنطقة الواقعة غرب نهر الفرات، وتمتد إلى صحراء سوريا والأردن والسعودية، وهي منطقة جافة خلال معظم فصول السنة، ويسكنها البدو، وفيها الكثير من الوديان، التي يصل طول بعضها إلى 400 كم، وتشكل الأمطار الساقطة في الشتاء في بعض الأحيان فيضانات تهدد البدو الساكنين فيها.

ويصف البدوي حميد حسين، الذي شاهد بأمّ عينه ثعلبًا ابتلعته الرمال، كيف أنه جاهد للخروج، لكن الرمال الناعمة ابتلعته شيئًا فشيئًا، فلم يبق له أثر.

وغالبًا ما يعثر الرعاة في الصحراء على الكثير من الحيوانات التي انغرست في الرمال ثم ماتت.

ويقول حسين إن غالبية هذه الحيوانات لا تغرق بالكامل في الرمال، لكن بقاءها أياماً تحت أشعة الشمس الحارقة يؤدي إلى موتها تحت تأثير العطش والجوع.

وعثر حميد على غزالين انغرسا في حفرة من الرمال، حيث أنقذهما، وجاء بهما إلى البيت.

ويؤكد شرطي الحدود المتقاعد أمير حسن، أن دوريات الشرطة عثرت عبر عقود على عشرات الجثث المغروزة في الصحراء لبشر وحيوانات.

طرق النجاة

يروي البدوي سعدون حسين كيف غاص جمله في الرمل إلى المنتصف، وكان إنقاذه عملية معقدة جدًا، استخدمت فيها الحبال والآليات.

ويتابع: quot;في صحراء السعودية هناك الكثير من الناس الذينكانوا ضحية الرمال المتحركة، بعدما غرقوا وسياراتهم في بحر الرمالquot;.

ويشير حسين، الذي أنقد الكثير من الحيوانات التي كانت ضحية فخ الرمال، إلى أن الإنسان إذا ما تعرّض إلى هذا الموقف، فيتوجب عليه أولاًً، أن لا يخاف من أن تبتلعه الرمال، لأن الأمر ليس بهذه السهولة كما تصوّره بعض الأفلام.

ويضيف: quot;يجب على الإنسان أن لا يضطرب ويفقد طاقته بالحركات العشوائية، فالعوم في الرمال المتحركة ليس مثل العوم في الماءquot;.

ويتابع: إذا غاص الشخص إلى المنتصف، فإنه لن يستطيع إنقاذ نفسه إلا بمساعدة الآخرين.

وينصح حسين بمباعدة الأطراف عن بعضها البعض، وتقليل الحركة والإسراع في طلب النجدة طالما أمكن ذلك.

ظاهرة الرمال المتحركة

بدوره، يرى الجيولوجي حمزة حامد أن ظاهرة الكثبان الرملية المتحركة حقيقة، لكنها نادرة جدًا، وغالبًا ما تكون فعالة في الأماكن التي تشتد فيها الريح.

ويشير حمزة إلى أن غالبية مناطق الرمال المتحركة في العراق ليست عميقة، وهي في الغالب بعمق أقدام عدة.

والرمال هي أكثف من الماء، حيث تبلغ كثافتها 125 باوند/قدم مكعب (2غرام/سم مكعب. ويتابع: غالبًا ما يعثر على جثث المفقودين، متحللة، بعد وفاتهم بسبب الحر والعطش.

الجدير بالذكر أن صحراء الربع الخالي في السعودية تشهد في كل عام (غرق) سيارات وأشخاص، تعثر عليهم الشرطة وبدو الصحراء.

ففي العام 2011، وبعد ثلاثة أشهر من البحث المتواصل، عثرت الشرطة على ثلاثة مفقودين، دفنوا في الكثبان الرملية في صحراء الربع الخالي، وكانت جثثهم متحللة بسبب الحرّ والعطش، بحسب صحيفة الوطن السعودية.