في مواجهة الاستياء الشعبي والمرجعي في العراق لتخصيص 50 مليون دولار لشراء 350 سيارة مصفحة لحماية النواب، فإن محاولات للالتفاف على هذا الإجراء من خلال إلغاء مادة شرائها من الموازنة واستفادة النواب من المصفحات التي سيستخدمها القادة العرب وأعضاء وفودهم المشاركة في القمة العربية وحيث دعا رئيس البرلمان نوابه الى تأجيل قرار الشراء.. في وقت تستأنف لجنة الإعداد لمؤتمر حل الازمة السياسية اجتماعاتها الجمعة المقبل لتحديد موعد المؤتمر وجدول اعماله .


علمت quot;إيلافquot; أن الرئاسة العراقيّة تتجه لنقض مادة شراء السيارات المصفحة لحماية النواب من الموازنة العامة للعام الحالي 2012 التي وافق عليها مجلس النواب الخميس الماضي وإعادتها الى المجلس لحذف تلك المادة التي خصصت مبلغ 50 مليون دولار لشراء 350 سيارة مصفحة.

وقال مصدر نيابي إن كتلا سياسية تقدّمت بمقترحات عدة من أجل إنهاء مشكلة المصفحات التي أثارت استياء شعبيا واسعا خاصة وأن قرار شرائها جاء في اليوم نفسه الذي شهدت فيه مناطق مختلفة من البلاد حوالى 30 تفجيرا أدت الى مصرع حوالى 60 مواطنا وأصابت أكثر من 350 آخرين.

واشار إلى أنّ هناك اتجاها قويا لإلغاء شراء هذه المصفحات والاستعاضة منها بتلك التي سيستخدمها القادة العرب وأعضاء وفودهم خلال انعقاد القمة العربية في بغداد في 29 من الشهر المقبل والتي يبلغ عددها 400 سيارة مصفحة. وأوضح أنه سيتم الاتفاق بين مجلس النواب والحكومة على كيفية توزيع هذه المصفحات الى النواب وخاصة في المناطق التي تشهد توترات أمنية.

رئيس البرلمان يدعو النواب الى تأجيل قرار شراء المصفحات

واليوم دعا رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي اليوم النواب الى تأجيل الحصول على السيارات المصفحة على الرغم من انه حق دستوري كما قال. واشار النجيفي إلى أنّ مجلس النواب يتعرض منذ اكثر من خمسة ايام الى حملة اعلامية ظالمة ظاهرها شراء سيارات مصفحة لأعضائه الذين استشهد خمسة منهم وتعرض العشرات الى محاولات اغتيال على أيدي العصابات الإرهابية وهم يؤدّون واجباتهم اليومية خدمة للشعب والوطن.

وخاطب النجيفي في رسالة الى النواب حصلت quot;ايلافquot; على نسخة منها قائلاquot;انا اتفهم رغبتكم في الحصول على سيارات مصفحة وذلك لظروف اعمالكم الاستثنائية وهو حق يتمتع به من قبل نظراؤكم في الدولة العراقية - رئاستا الجمهورية والوزراء والسلطة القضائية والهيئات المستقلة - بل ومن هم أدنى منكم في الدرجات الوظيفيةquot;.

وأضاف انه رغم quot; ان هذه السيارات هي ملك لمجلس النواب وليس من حق النائب ان يصطحبها معه عندما يغادر بعد الانتهاء من الدورة التشريعية الحالية لتتحول الذمة بعد ذلك الى نواب الدورات اللاحقة لتمكينهم في إنجاز مهامهم بصورة سلسلة في ظروف أمنية صعبة للغاية الا انكم ولحساسية وضعكم وتأمينا لثقة الشعب بكم فرجائي منكم ان تتخلوا عن هذا الحق الدستوري ومناقلة أمواله لأبواب أكثر أهمية وحيوية للمجتمع والوطن، وتأجيل اتخاذ مثل هذا القرار الى وقت يكون الشعب فيه أكثر تفهما لعملكم الشاق استجابة لما تناهى الى مسامعنا من تحفظ الرأي الشعبي والفعاليات المجتمعية العامة والخاصة إزاء ما يعتبرونه فائضاً من رفاه يتمتع به النواب يوسع الفجوة بين الشعب وممثليه ويستفز الفقراء والمحتاجين والمرضى والعاطلين عن العمل والأيتام والذين لا يهنأون بعشاء اذا ما تحصلوا على الغداء في بلد النفط..
فرحم الله من جب الغيبة عن نفسهquot;.

كتل تدعو إلى تحويل مبالغ المصفحات للنفع العام

وقد أعلنت كتلة الاحرار النيابية الممثلة للتيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر عن جمعها 53 توقيعا على طلب الى رئاسة مجلس النواب لإلغاء مادة تخصيص 50 مليون دولار لشراء السيارات المصفحة للنواب. ومن جهتها، طلبت الكتلة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي تخصيص مبالغ السيارات المصفحة الى عوائل المعتقلين وضحايا الارهاب.

ودعا المتحدث باسم العراقية حيدر الملا في تصريح مكتوب تلقته quot;ايلافquot; اليوم رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي الى تحويل تخصيصات مبالغ السيارات المصفحة الى عوائل المعتقلين وضحايا الإرهاب مؤكداً أن المجلس قد quot;دأب على تبني المشاريع التي تخدم أبناء الشعب العراقي وان وضع تخصيصات عالية لتوفير المستلزمات الأمنية في الموازنة يدل بوضوح وبما لا يقبل الشك أن هناك إخفاقاً كبيراً في ادارة الملف الأمني اصبحت بموجبه حتى المنطقة الخضراء هدفاً سهلاً للقوى الظلامية والارهابquot;.

اما ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي فقد أشار إلى أنّ الحديث عن المصفحات أصبح مادة للمزايدات الاعلامية والتسقيط السياسي.. ودعت عضو الائتلاف حنان الفتلاوي رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي الى حسم هذا الجدل بعرض التسجيل الكامل للتصويت وبخلافه سيكون ائتلاف دولة القانون الذي يمتلك التسجيل مضطرا الى عرضه على الفضائيات ليطلع المواطن على الجهات التي صوتت لصالح مادة المصفحات. واوضحت ان ائتلاف دولة القانون قدم مقترحا لتحويل الأموال التي رصدت لشراء السيارات المصفحة الى شريحة المتقاعدين في حال تمت الموافقة على إلغاء مادتها من الموازنة.

كما دعت كتلة quot;مستقلونquot; بزعامة نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني ضمن كتلة التحالف الوطني الرئاسة العراقية في بيان تلقته quot;ايلافquot; الى نقض مادة المصفحات وتخصيص أموالها الى دعم موازنة الوزارات الأمنية لتمكينها من حماية المواطنين بشكل أفضل بدلا من تخصيصها لحماية المسؤولين.

ومن جهته، أكد رئيس كتلة حزب الفضيلة عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عمار طعمة أن البرلمان وقع في خطأ عند التصويت على السيارات المصفحة التي كان من الأجدر مناقلة أموالها وتحويلها لدعم الأجهزة الاستخبارية كما قالفي تصريح صحافي تلقته quot;إيلافquot;.

أما النائب باقر الزبيدي رئيس كتلة المواطن الممثلة للمجلس الاعلى الاسلامي بزعامة عمار الحكيم، فقد أكد عدم الحاجة إلى هذه المصفحات منوها بأنّ رئاسة الوزراء لديها ما لايقل عن 70 مصفحة ورئاسة الجمهورية 80 والوزارات اكثر من 30 مصفحة لكل وزارة وهيئة النزاهة لديها 25 ومفوضية الانتخابات 20 سيارة مصفحة. وشدد على أن الأموال التي تذهب إلى شراء هذه السيارات الشعب اولى بها.

وقد وصف مقتدى الصدر شراء المصفحات بأنه وصمة عار وخيانة للشعب ودعا الى إعلان أسماء المصوتين لهذا القرار والممتنعين عنه ليكون الشعب العراقي على بيّنة منهم. وقال الصدر في بيان إن الشراء quot;وصمة عار في جبين البرلمان العراقي ما لم يتنازلوا عن تصويتهم هذا وهي سرقة لقوت الشعبquot;.

كما أكد المرجع الشيعي الاعلى في العراق السيد علي السيستاني انزعاجه من شراء مجلس النواب العراقي هذه السيارات المصفحة لحماية اعضائه في وقت تحصد التفجيرات ارواح المواطنين داعيا السياسيين الى تقديم مصالح المواطنين على مصالحهم الشخصية.

يذكر انه على الرغم من ان 222 نائبا من اصل 325 هم اعضاء مجلس النواب العراقي كانوا قد تقدموا في وقت سابق بطلب تزويدهم بسيارات مصفحة لحمايتهم لكنه وبعد أن صوتت كتل المجلس الخميس الماضي على موازنة البلاد وبضمنها شراء 350 مصفحة فإنها بدأت وامام ضغط الشارع العراقي واستيائه وانتقاد المرجعيات الدينية بتراشق الاتهامات في ما بينها حول التصويت للمادة او رفضها حيث تلقي كل كتلة على الاخرى مسؤولية الموافقة على الشراء.

الكتل السياسية تحدد الجمعة موعد مؤتمر حل الأزمة وجدول أعماله

إلى ذلك، قررت اللجنة الممثلة للكتل السياسية العراقية المكلفة بالتحضير للمؤتمر الوطني العام لحل الازمة السياسية الحالية في البلاد استئناف اعمالها بعد توقف استمر عشرة ايام وعقد اجتماعها الخامس الجمعة المقبل. ومن المقرر ان يناقش الاجتماع المقبل اوراق العمل التي طرحتها الكتل الثلاث الرئيسة المشاركة في المؤتمر وهي التحالف الوطني والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني من اجل توحيدها بورقة عمل واحدة تشكل جدولا لاعمال المؤتمر المنتظر الذي سيتم تحديد موعد انعقاده خلال اجتماع الجمعة أيضا.

واعلنت اللجنة انها تمكنت من اعداد 100 نقطة للورقة الموحدة الخاصة بالاجتماع الوطني وذلك خلال اجتماعاتها الاربعة الماضية وقد توزعت على ثلاثة محاور بهدف حلحلة المسائل الخلافية بين الكتل السياسية. فقد تم الاتفاق على اعداد 46 نقطة للسلطة التنفيذية ومثلها للتشريعية و8 نقاط للسلطة القضائية.

وتضم التحضيرية النواب عن التحالف الوطني حسن السنيد وبهاء الاعرجي وحميد معلة ومحمد الهاشمي وخالد العطية وعمار طعمة.. وعن العراقية سلمان الجميلي واحمد المساري وحسين الشعلان وارشد الصالحي.. وعن التحالف الكردستاني فؤاد معصوم ونائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس.. اضافة الى نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي الذي يرعى الاجتماعات.

وأمس، اعترضت الكتلة العراقية على محاولات بعض القوى السياسية لتأجيل المؤتمر الوطني العام الذي يجري التحضير له حاليا لحل الازمة السياسية الحالية معتبرة ذلك مقدمة لالغائه ودعت الى عقده قبل القمة العربية في بغداد للخروج بخطاب عراقي وطني موحد يدخل فيه الوفد العراقي للقمة ويتأهل لقيادة العمل العربي المشترك خلال العام المقبل.

واكد مستشار العراقية هاني عاشور في تصريح صحافي مكتوب تلقته quot;ايلافquot; عدم وجود اي ضمانات حتى الان ومن أي اية جهة سياسية او حكومية بشأن انعقاد المؤتمر الوطني العراقي بعد قمة بغداد مع عدم وجود ضمانات لمناقشة الأوراق المقدمة من الكتل السياسية وفق ما تم التفاهم عليه خلال اجتماعات اللجنة التحضيرية للمؤتمر.

يذكر أن العراق يعيش أزمة سياسية كبيرة هي الأولى بعد الانسحاب الأميركي أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي على خلفية إصدار مذكرة قبض ضد نائب رئيس الجمهورية القيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي بعد اتهامه بدعم الإرهاب وذلك في 19 من الشهر نفسه.. وتقديم رئيس الوزراء نوري المالكي طلباً إلى مجلس النواب بسحب الثقة عن نائبه صالح المطلك القيادي في القائمة العراقية أيضاً بعد وصف الأخير للمالكي بأنه quot;ديكتاتور لا يبنيquot; الأمر الذي دفع العراقية إلى تعليق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب وتقديمها طلباً إلى البرلمان بحجب الثقة عن المالكي قبل أن تقرر في 29 من الشهر الماضي العودة إلى جلسات مجلس النواب ثم تعود في السادس من الشهر الحالي لتقرر إنهاء مقاطعة مجلس الوزراء وعودة جميع وزرائها لحضور جلسات المجلس.