رئيس المجلس الوطني السوري

انتقل المجلس الوطني السوري بإعلانه عن تسليح المعارضة العسكرية بموجب مؤتمر صحافي عقد أمس في باريس إلى مرحلة جديدة في تعاطيه مع الداخل السوري، لكن بوادر الخلاف بين المجلس والجيش الحر المعني بهذا الدعم، نشبت بعد ساعات فقط من الإعلان المذكور.


اصطدم المجلس الوطني السوري برفض الجيش الحر القرارات التي أعلنها المجلس أمس، بشأن تسليح المعارضة وتنظيم صفوفها وإنشاء مكتب عسكري، حيث أعلن الجيش الحر أنه لم يتم التنسيق معه بشأن هذه القرارات.

وقد قرّر المجلس الوطني السوري إنشاء مكتب استشاري عسكري يتكون من مدنيين وعسكريين، وحدد عمله في quot;متابعة شؤون قوى المقاومة المسلحة المختلفة وتنظيم صفوفها وتوحيد قواها ضمن قيادة مركزية واحدة، وتعريف مهماتها الدفاعية، ووضعها تحت الإشراف السياسي للمجلس الوطني السوري، وكذلك تنسيق نشاطاتها مع الاستراتيجية العامة للثورة...quot; حسب ما أفاد بيان المجلس.

وبحسب البيان ذاته،quot;سيعمل المجلس على توفير كل ما تحتاجه المقاومة والجيش الحر من أجل القيام بواجباته الدفاعية على أكمل وجه وتأمين الحماية اللازمة للمدنيين ورعاية الثوار الذين يدافعون عن السوريين في وجه العصابة المجرمة...quot;، بحسب تعبير البيان.

ولفت إلى أن quot;الثورة السورية بدأت سلمية، وحافظت على سلميتها لأشهر طويلة، إلا أن الواقع اليوم مختلف، وعلى المجلس الوطني أن يتحمل مسؤولياته أمام الواقع الجديد...quot;،مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه من واجبه أن quot;يعمل على الحيلولة لمنع حال التشتت و الفوضى في انتشار استعمال السلاح، ومنع أي اختراقات أو تجاوزات لا تصب في مصلحة الثورة السورية والمصلحة الوطنية العلياquot;.

و لم يحدد البيان قائمة بأسماء تشكيلة هذا المكتب، واكتفى بالإشارة إلى أنه quot;سيستعين أعضاء المكتب بمن يرونه مناسبا من الخبراء و المساعدين...quot;، فيما أعلن في وقت سابق على لسان أحد أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس هيثم المالح عن تشكيل quot;مجموعة العمل الوطني السوريquot;، لها أهداف تلتقي كثيرا مع المكتب المشكل من طرف المجلس الوطني السوري.

و قال المالح في حوار مع صحيفة quot;الرأيquot; إن مجموعة العمل الوطني السوري quot;تتكون من عدة شخصيات وتهدف إلىدعم الجيش السوري الحر والتنسيق معه بغية ضبط أي انفلات أمني بعد سقوط النظام...quot;،إلا أنه يرمي quot;بالدرجة الأولىquot;،بحسبه،quot;إلى التنسيق مع القطاعات المنشقة عن الجيش السوري من أجل ضبط إيقاع العمل مع مفاصل الجيش الحر والثوار كافةquot;.

كما أكد أن هذه المجموعة تعمل تحت quot;مظلة المجلس الوطنيquot;،quot;نافيا أن تكون هذه المجموعة قد انشقت عن المجلس الوطني السوري، ليدحض بذلك ما رددته بعض الأوساط على أن مجلس برهان غليون تعرض للتصدع.

مصادر من داخل المجلس فضلت عدم ذكر اسمها قالت لإيلاف إنها quot;تفاجأتquot; لورود اسمها ضمن هذه المجموعة، إلا أنها تحبذ الفكرة باعتبار أنه تنظر للمجموعة كنوع من quot;اللوبي داخل المجلس يدفعه للإنصات أكثر لصوت الداخل ويحمل لهياكله المزيد من الديمقراطيةquot;.

خلافات في وجهات النظر
وكان برهان غليون قال في ندوة صحافية عقدها أمس في باريس أنه تباحث مع العقيد رياض الاسعد قائد الجيش السوري الحر والعميد مصطفى الشيخ متزعم المجلس العسكري الثوري الاعلى، وكلاهما quot;موافقان على الانضمام الى هذا المكتبquot; العسكري.
لكن بعد ساعات من ذلك، ذكرت مصادر صحافية أن القائدين العسكريين استغربا الإعلان من طرف واحد عن تأسيس هذا المكتب، حيث قال قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد، في تصريح له ،نقلته عنه صحيفة الشرق الأوسط quot;تفاجأنا بما أعلنه برهان غليون و لا علم لنا بتفاصيل مهام هذا المكتبquot;
وأكد الأسعد أنه quot;غير مستعد للتعامل مع شيء مازال مجهولا بالنسبة إليناquot;،معتبرا أن quot;المجلس يتعامل بأمور عائمة...quot;،كما أشار في الوقت نفسه إلى quot;اختلافات في وجهات النظر بين كل من المجلس و الجيش الحر...،بل إنه وصف خطوة المجلس quot;بالتدخل في العمل العسكريquot;.

براء مكيائيل: مشكلة المجلس أنه أخفق في جمع أصوات المعارضة

ويعتقد المتخصص في شؤون الشرق الأوسط براء ميكائيل أن هذه الاستراتيجية العسكرية للمجلس quot;تسليح يعبّر عن إرادة الرّئيس برهان غليون حسم الأمور في ظرف محرج له، إذ إنّ الانتقادات اللاذعة انهالت عليه إلى الآن كونه سعى إلى إرضاء الجميع والنتيجة أنّه لم يُرضِ أحداquot;.

quot;و في الوقت نفسهquot;،يضيف ميكائيل مصرحا لإيلاف:quot;قد يتيح قراره هذا تقوية الجيش الحرّ غير أنّه في الوقت نفسه هذا لا يعني أنّه سيستفيد من نتائج مثمرة إبّان قراره هذا. الجيش الحرّ ضعيف كما أنّه متمسّك بآليّات قراره الذاتيّة. الصّراع على من هو ممثّل المعارضة الفعليّ، ما زال قائماً، وإذاً قد يوحي المجلس الوطني والجيش الحرّ باتّفاقهما على المدى القصير، لكنّ ظروف اندماجهما او تعاطيهما السّليم مع بعضهما البعض لا تبدو لي متوفّرة إلى حدّ الآنquot; يقول مدير أبحاث في أحد المراكز الأوروبية في مدريد.

و يرى براء quot;أنّ مشكلة المجلس أنّه أخفق من البداية في جمع اصوات المعارضة السّوريّة وخصوصاً تلك المتواجدة على السّاحة الداخليّة. وبالمحصّلة فقد تشرذمت أصواتها، فلا معارضو الداخل تمكّنوا من إبراز وحدة صفّ ولا معارضو الخارج تمكّنوا من الثّبات ومن الإتّفاق على رؤية واضحة لمستقبل سورياquot;.

و يزيد متابعا في المنحى نفسه quot;أن المجلس الوطني بحدّ ذاته، مشكلته تبقى هي هي، أيّ أنّه ما زال غير قادر على إثبات شعبيّته على الصّعيد الداخلي السّوري. من هذا الاساس فنعم قد آن الاوان ليصغي المجلس إلى ما يريده معارضو الداخل تحديداً بدل أن يقرّر التّصرف على هواه ودون استشارة أوّل من تعنيهم الأمورquot;.

و حول الجهة التي يمكن لها أن تحسم في الأزمة السورية لصالح التغيير،أي الجيش الحر و معهم الثوار السوريون الذين اختاروا حمل السلاح أم المعارضة السياسية بمكوناتها في الداخل و الخارج، يعتقد هذا الباحث quot;أنّ الحلول السّلميّة والمبنيّة على التنسيق السّياسي تبقى هي الأفضلquot;.

ويرى في المنحى ذاته أن quot;سوريا على باب حرب أهليّة وسيزيد قرار التسليح هذا من التوتّر وخطر الانزلاق إلى حرب شاسعة.أمّا النظام السّوري فلا أرى من بإمكانه أن يؤثّر فيه، الثورة المسلحة أم المعارضة السياسية، وعلى العموم فقد ولّى الزمن الّذي كان بإمكانه أن ينسّق أيّ بوادر لحلول مع المعارضينquot;.