عبد المهدي الكربلائي

دعا المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله علي السيستاني النواب الى التخلي عن شراء سيارات مصفحة لحمايتهم وتخصيص مبالغها لتنفيذ مشاريع خدمية ورعاية ضحايا الارهاب والارامل والايتام، كما شدد على ضرورة وجود مهنية وشجاعة في معالجة الأسباب الحقيقية للخروقات الامنية وتشكيل لجان متخصصة من الخبراء لوضع المعالجات المناسبة لايقافها وايجاد منظومة استخبارية قوية وشككت بصحة الأرقام الحكومية عن ضحايا العنف في البلاد.


طالب عبد المهدي الكربلائي ممثلآية الله علي السيستاني خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم النواب بالاستماع الى مطالب المواطنين واحتياجاتهم واتخاذ موقف شجاع بمناقلة الاموال التي أقرّوها ضمن موازنة العام الحالي والبالغة 50 مليون دولار لشراء 350 سيارة مصفحة لحمايتهم وتخصيصها لتنفيذ مشاريع خدمية يعاني العراقيون فقدانها وتعويض المتضررين جرّاء الأعمال الإرهابية في البلاد وكذلك الى الارامل والايتام. وأضاف أن هذه الخطوة ستكون بمثابة بادرة أمل لمجلس النواب في أن ينتهج خططا ايجابية تلبي مطالب الشعب والمرجعية ومدّ جسور الثقة بين المواطنين والمسؤولين. واستغرب من ظهور بعض النواب وبعد التصويت على شراء المصفحات ليقولوا إنهم رافضونلهذا الاجراء، موضحا ان هذا الموقف غير مقبول من اناس انتخبهم الشعب ليكونوا ممثلين عنه.

واشار الى أن إقدام مجلس النواب على هذه الخطوة سيولد انطباعا لدى الشعب العراقي بأن مجلس النواب بدأ في سلوك منهج جديد يتمثل بالاستماع الى مطالبه .. محذرا من أنه بخلاف ذلك فإن الامر سيولد إحباطا كبيرا لدى المواطن نتيجة عدم الامتثال إلى رغباته المشروعة ما سيؤدي الى اهتزاز ثقته بالعملية السياسية برمتها.

وفي هذا الاطار فقد علمت quot;ايلافquot; ان الرئاسة العراقية تتجه لنقض مادة شراء السيارات المصفحة لحماية النواب من الموازنة العامة التي وافق عليها مجلس النواب لحذف تلك المادة التي خصصت مبلغ 50 مليون دولار لشراء 350 سيارة مصفحة. وقال مصدر نيابي ان كتلا سياسية تقدمت بمقترحات عدة من اجل انهاء مشكلة المصفحات التي اثارت استياء شعبيا واسعا خاصة وان قرار شرائها جاء في اليوم نفسه الذي شهدت فيه مناطق مختلفة من البلاد حوالى 30 تفجيرا ادت الى مصرع حوالى 60 مواطنا واصابت اكثر من 350 آخرين.

واشار الى أن هناك اتجاها قويا لإلغاء شراء هذه المصفحات والاستعاضة عنها بتلك التي سيستخدمها القادة العرب واعضاء وفودهم خلال انعقاد القمة العربية في بغداد في 29 من الشهر المقبل والتي يبلغ عددها 400 سيارة مصفحة. وأوضح أنه سيتم الاتفاق بين مجلس النواب والحكومة على كيفية توزيع هذه المصفحات الى النواب وخاصة في المناطق التي تشهد توترات أمنية.

كما دعا رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي النواب الى تأجيل الحصول على السيارات المصفحة على الرغم من انه حق دستوري كما قال. وخاطب النجيفي في رسالة الى النواب قائلاquot;انا اتفهم رغبتكم في الحصول على سيارات مصفحة وذلك لظروف أعمالكم الاستثنائية وهو حق يتمتع به من قبل، نظراؤكم في الدولة العراقية - رئاستا الجمهورية والوزراء والسلطة القضائية والهيئات المستقلة - بل ومن هم ادنى منكم في الدرجات الوظيفيةquot;.
وكان الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر وصف شراء المصفحات بأنه وصمة عار وخيانة للشعب ودعا الى إعلان أسماء المصوتين لهذا القرار والممتنعين عنه ليكون الشعب العراقي على بيّنة منهم. وقال الصدر في بيان إن الشراء quot;وصمة عار في جبين البرلمان العراقي ما لم يتنازلوا عن تصويتهم هذا وهي سرقة لقوت الشعبquot;. كما أكدت مرجعية النجف انزعاجها من شراء مجلس النواب العراقي هذه السيارات المصفحة لحماية اعضائه في وقت تحصد التفجيرات ارواح المواطنين داعيا السياسيين الى تقديم مصالح المواطنين على مصالحهم الشخصية .
يذكر انه على الرغم من ان 222 نائبا من اصل 325 هم اعضاء مجلس النواب العراقي كانوا قد تقدموا في وقت سابق بطلب تزويدهم بسيارات مصفحة لحمايتهم لكنه وبعد ان صوتت كتل المجلس الاسبوع الماضي على موازنة البلاد وبضمنها شراء 350 مصفحة فإنها بدأت وامام ضغط الشارع العراقي واستيائه وانتقاد المرجعيات الدينية بتراشق الاتهامات في ما بينها حول التصويت للمادة او رفضها حيث تلقي كل كتلة على الاخرى مسؤولية الموافقة على الشراء.

الارقام الحكومية عن ضحايا العنف قد تكون أقل من الحقيقية
وحول الارقام التي اعلنتها الحكومة العراقية الاربعاء الماضي عن ضحايا اعمال العنف بين عامي 2004 و2011 والتي قالت إنها بلغت حوالى 70 الف قتيل وحوالى ربع مليون مصاب قال الشيخ الكربلائي انه بغض النظر عن دقة هذه الارقام والتي قد تكون اقل من العدد الحقيقي الا ان المطلوب من الاجهزة المعنية دراسة أسباب وبواعث أعمال العنف التي تشهدها البلاد وسبل مواجهتها في المستقبل خصوصاً وأن الارهابيين بدأوا ينتهجون اساليب جديدة في تنفيذ اعمالهم عبر تفجيرات متزامنة كما حدث يوم الخميس من الاسبوع الماضي والتي وصل عددها الى 30 تفجيرا في يوم واحد ما ادى الى سقوط 60 قتيلا وأكثر من 350 جريحا.

وأشار الى أن التفجيرات الإرهابية لا تزال مستمرة على الرغم من أنها أقل عما كانت في الفترة الماضية ما يتطلب إعادة النظر في الخطط الامنية وتأهيل العناصر الأمنية بشكل جيد. واوضح ان زيادة عدد النقاط التفتيشية او عدد العناصر الامنية لا ينفع في ايقاف الهجمات الارهابية اذا لم يرافقها إعداد جيد لهذه العناصر وايجاد منظومة استخبارية كفوءة . واشار الى أن العمليات الارهابية خلفت حوالى مليون ارملة واربعة ملايين يتيم الأمر الذي ينذر بحدوث مشاكل نفسية وأخلاقية لدى هذه الشرائح في المستقبل . وطالب مجلس النواب والحكومة بتشكيل لجان مختصة لمعالجة المشاكل المحتملة للأرامل والأيتام . وشدد على انه لابد ان تكون هناك مهنية وشجاعة في توضيح الاسباب الحقيقية التي تقف وراء الخروقات الامنية وتشكيل لجان متخصصة من الخبراء واهل الاختصاص لوضع المعالجات المناسبة لايقاف اعمال العنف .

وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ اعلن الاربعاء ان quot;عدد الضحايا الذين سقطوا منذ الخامس من نيسان (ابريل) عام 2004 ولغاية 31 كانون الاول (ديسمبر) عام 2011 بلغ 69 ألفا و163 شهيدا و239 الفا و133 جريحاquot;.
وأوضح ان عدد الضحايا جاء quot;بناء على تقارير الجهات الحكومية المكلفة بمتابعة هذا الأمر وهي وزارة الصحة باعتبارها الجهة الاقرب الى الواقع، ومجلس الامن الوطنيquot;. واشار الى انهذه الارقام تمثل quot;اجمالي عدد الضحايا الذين سقطوا نتيجة اعمال الارهاب والعنف والاعمال العسكريةquot;.

ويثير تقدير عدد الضحايا العراقيين منذ الحرب في العراق التي أسقطت نظامه السابق في اذار (مارس) عام 2003 جدلا كما يختلف بشكل لافت تبعا للمصادر إذ يتراوح بين اقل من مئة الف ومئات آلاف الضحايا. ويتناقض العدد الاجمالي للضحايا الذي اورده الدباغ مع أعداد اخرى لضحايا العنف في العراق سبق وان قدمتها مصادر حكومية اخرى واجنبية.
ففي تقرير نشر في تشرين الاول (اكتوبر) عام 2009 تحدثت وزارة حقوق الانسان العراقية في تقرير رسمي نشرته عن مقتل 85 الفا و694 شخصا نتيجة اعمال العنف بين عامي 2004 و2008. وبحسب الجيش الاميركي قتل نحو 77 الف عراقي بين كانون الثاني (يناير) عام 2004 واب (اغسطس) عام 2008 بينهم نحو 63 الف مدني والباقون من العسكريين.
كما افادت وثائق نشرها موقع ويكيليكس عام 2010 ان عدد القتلى منذ الحرب عام 2003 بلغ 109 آلاف.

ومن جهتها اكدت دراسة مثيرة للجدل نشرتها مجلة quot;ذي لانسيتquot; البريطانية عام 2006 ان الحرب اسفرت عن مقتل 655 الف عراقي وهو رقم تخطى سائر باقي التقديرات.