عنصر من الجيش السوري الحر في أدلب

أثير العديد من التساؤلات مؤخرا حول قدرة القوات السورية الخاضعة لسيطرة الرئيس بشار الأسد على الصمود أمام الجيش السوري الحر، ويذكر أن قوات الأسد نجحت أمس في اجتياح المعقل الرئيس للثوار في مدينة حمص المحاصرة.



نجحت القوات السورية يوم أمس في اجتياح المعقل الرئيس للثوار في مدينة حمص المحاصرة، لتمهيد الساحة لجنود النخبة للوصول إلى باقي حصون المتمردين في الأماكن البعيدة في الشمال، رغم تزايد الضغوط الدولية لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية.

وبعد إعلانهم عن quot;انسحاب تكتيكيquot; من حي بابا عمرو في حمص بعد تعرضهم لقصف شديد بالمدفعية والدبابات ونيران القناصة على مدار ما يقرب من شهر، قالت كتائب ثوار بابا عمرو في بيان لها إنهم لم يستطيعوا مجاراة القوات الأمنية وأنهم لا يستطيعون تبرير الإبقاء على الآلاف من المدنيين تتقطع بهم السبل في ظل هذه الظروف القاسية، التي يفتقر فيها السكان إلى الغذاء والدواء والمياه والكهرباء، فضلاً عن انعزالهم عن العالم الخارجي، تبعاً لما ذكرته اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية.

ورأت الصحيفة أن انسحاب الثوار بهذا الشكل جاء ليشكل انتصاراً هاماً بالنسبة إلى الرئيس بشار الأسد، في الوقت الذي سارعت فيه قواته لقمع تلك الحركة الثورية المسلحة قبل أن تتزايد الضغوط الدولية بشكل كبير أو قبل أن يتفكك تماسك القوات المسلحة، تحت وطأة الانتفاضة الشعبية المتواصلة بلا هوادة منذ ما يقارب العام.

ومضت الصحيفة تقول إن الحكومة السورية تفتقر إلى القدر الكافي من قوات النخبة لإخضاع جميع المدن الثائرة في آن واحد، خاصة وأن استراتيجيتها بنيت على أساس التوقف لوقت كاف كي تتمكن من إعادة السيطرة على إحدى البقاع الساخنة في وقت واحد بالاتساق مع طرحها لمقترحاتها الخاصة بإحداث تغيير سياسي على نطاق محدود.

لكن الأمر ظل بمثابة السباق ضد الإنهاك والانشقاقات وتناقص الموارد. وأوردت النيويورك تايمز هنا عن عقيل هاشم، جنرال سوري متقاعد يسدي المشورة حالياً للمجلس الوطني السوري، قوله quot;الجيش السوري ليس قوياً بما يكفي لكي يخوض القتال في أنحاء البلاد كافة، لكنه قوي بما يكفي لمحاربة المدنيين والمنشقين بالأسلحة الخفيفةquot;.
وتابع هاشم حديثه بالقول :quot; ليس لديهم قوات كافية للتعامل مع كل هذه الانتفاضات في الوقت نفسه، لذلك تجدهم يتعاملون مع كل واحدة منها كل على حدةquot;. وفي ظل النجاح الواضح الذي حققه في حمص، قالت الصحيفة إنه من المتوقع أن يكثف الجيش السوري هجماته على حماة، في منطقة أبعد إلى الشمال، وسيحاول في غضون ذلك أن يروّض محافظة إدلب، التي أعلن فيها عدد كبير من المدن ومناطق شاسعة من الريف أنهم باتوا أماكن غير خاضعة لهيمنة الحكومة.

هذا ولا تزال تتزايد المطالبات الدولية المنادية بضرورة وقف إطلاق النار، وقد صوتت الصين وروسيا كذلك يوم أمس لصالح قرار في مجلس الأمن يطالب بضرورة إدخال المساعدات الإنسانية على الفور إلى داخل البلاد. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن الحكومة السورية منحتها إذنا لدخول حي بابا عمرو. وعلى الرغم من ذلك، يخشى أنصار المعارضة من احتمالية شن عمليات انتقامية في حمص، مع استمرار التقارير التي تتحدث عن مواصلة إطلاق النار والمداهمات والاعتقالات.

ومضت النيويورك تايمز تنوه بأنه ما زال من غير المعلوم إلى أي مدى يتمكن الجيش السوري من الاحتفاظ بالزخم الذي يعمل من خلاله الآن، خاصة وأن الثوار يحاولون إعادة تجميع صفوفهم الآن. لكن الأمر المؤكد هو أن عائلة الأسد لطالما نجحت في إحكام سيطرتها على الجيش. ونقلت الصحيفة هنا عن الياس حنا، جنرال سابق في الجيش اللبناني ويعمل الآن محللا عسكريا، قوله :quot; منذ 40 عاماً، وذلك الجيش يتم إعداده وتكوينه لأسوأ سيناريو يمكن أن يواجهه، مثل ذلك الحاصل اليوم، وهذا هو السبب وراء حالة التماسك التي يبدو عليها في تلك المواجهات المتواصلةquot;.

ومنذ بدء الانتفاضة في البلاد من شهر آذار/ مارس عام 2011، والقوات التي تدعم حكم الرئيس الأسد تتمتع بالعديد من المزايا الواضحة. أولها : امتلاك الحكومة قوة نارية ساحقة، بما في ذلك امتلاكها الدبابات والمدفعية الثقيلة، وإن دعت الحاجة، تكون هناك طائرات هليكوبتر أو طائرات حربية. وثانيها : أن أغلبية الضباط ورجال المخابرات وأفراد وحدات النخبة من العلويين، وقد أقنعتهم الأسرة الحاكمة بأنهم سيتعرّضون لإبادة إذا فشلوا في إخماد الانتفاضة. وثالثها: أن ضباط الجيش يتم رصدهم باستمرار في دولة بوليسية مثل سوريا، كما يساعد المخبرون الشرطة السرية في تتبع الأحداث داخل القرى التي يفترض أنها تخضع لهيمنة المعارضة.

وتابعت الصحيفة بنقلها عن جيمس كلابر، مدير المخابرات الأميركية، في شهادة له أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، قوله :quot; بعد مرور ما يقارب العام على بدء الانتفاضة، تميزت سوريا بتماسك النخبquot;. وختمت النيويورك تايمز بنقلها عن محلل سوري، لم يرد أن يفصح عن هويته لأسباب أمنية، قوله :quot; إنها حرب مقدسة بالنسبة إليهم ( العلويين ) نظراً لعدم وجود بديل أمامهمquot;.