خامنئي سيعمل على إقصاء نجاد قبل إلغاء منصب الرئاسة نهائياً

بعد فوزه بالجزء الأكبر من المقاعد في انتخابات البرلمان الايراني، اكتسب الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، أغلبية يحتاج إليها، ليس فقط لإضعاف الرئيس، بل للقضاء على موقعه تماماً. ووفقاً لنظام الانتخابات الإيراني، تم منع معظم المرشحين الإصلاحيين من الترشح، ما أخلى الساحة أمام المعسكرين المتشددين الرئيسين.


بيروت: لطالما شهدت العلاقة بين آية الله خامنئي والرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد - فضلا عن الرؤساء السابقين ndash; نزاعات وصراعات، واليوم بعد فوز أنصاره في الانتخابات، يتجه آية الله إلى quot;القضاء على منصب الرئيسquot;، كما ألمح في السابق، وفقاً لعلي أكبر موسوي خوئيني، عضو إصلاحي سابق في البرلمان الذي يعيش حاليا في المنفى في الولايات المتحدة.
في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; عن خوئيني قوله: quot;إذا تمكن من فعل ذلك، لن تجرى الانتخابات الرئاسية المقبلة. بدلاً من ذلك، سيختار البرلمان رئيساً للوزراءquot;، مضيفاً: quot;عندها سيحظى خامنئي بالتأييد في كل ما يفعله، وسيوافق البرلمان على كل ما يصدر عنه من خلال حلفائهquot;.
واقترح آية الله خامنئي في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي ان ايران ستكون أفضل حالا في ظل حكم النظام البرلماني الذي ينص على أن يتم انتخاب رئيس الوزراء من قبل أعضاء البرلمان المؤلف من 290 مقعداً.

ووفقاً لنظام الانتخابات الإيراني، تم منع معظم المرشحين الإصلاحيين من الترشح في الانتخابات التي جرت يوم الجمعة الماضي، ما ترك الساحة خالية أمام المعسكرين المتشددين الرئيسين.
من اصل 90 في المئة من المناطق التي شاركت في العملية الانتخابية، فاز حلفاء آية الله خامنئي بنحو 75 في المئة من المقاعد الـ 200 في تلك المناطق، وفقاً لتلفزيون برس تي، القناة الايرانية الفضائية الممولة من الدولة، نقلا عن وزارة الداخلية.
واستبعدت الصحيفة أن تؤدي نتائج الانتخابات، التي يمكن أن تعيد تشكيل المشهد السياسي الداخلي بشكل جذري، إلى التأثيرفي السياسة الخارجية. واعتبرت ان آية الله خامنئي لطالما ضغط باتجاه موقف المواجهة نحو الغرب، خصوصاً بشأن البرنامج النووي الايراني، الذي يتمتع بشعبية في الداخل وتأييد لكونه يهدف إلى أغراض سلمية.
وكانت الحكومة تكرر وتشدد على أن نسبة المشاركة الانتخابية الكبيرة ستبعث برسالة تحدٍ وقوة للغرب في الوقت الذي تصاعد فيه التوتر الدولي بشأن برنامجها النووي. وأعلنت وزارة الداخلية ان نسبة المشاركة الوطنية بلغت 64 في المئة، ما دفع الحكومة إلى تهنئة نفسها على هذا الإنجاز.

وأصدرت وزارة الخارجية بياناً على موقعها على الانترنت مشيرة إلى أن نسبة مشاركة الإيرانيين في العملية الانتخابية quot;وخصوصاً في هذه الحقبة التاريخية الحساسة، أظهرت أنه على الرغم من كل المؤامرات والضغوط والعقوبات، والصورة القاتمة التي رسمتها وسائل إعلام الاستكبار العالمي، سيواصل الشعب الايراني الدفاع عن الاستقلال والمصالح الوطنيةquot;.
وعلى الرغم من ان نسبة الإقبال على المشاركة في الانتخابات أتت أعلى قليلاً من 50%، شكك العديد من المعارضين الايرانيين في صحة هذه الأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية.
وأشار هؤلاء إلى أن نسبة المشاركة غير صحيحة، إذ إن مؤيدي الإصلاحيين الكثر قد لزموا منازلهم، احتجاجاً على الإقامة الجبرية المفروضة على مهدي كروبي ومير حسين موسوي، قائدي الحركة الخضراء المؤيدة للديمقراطية اللذين اعتقلا وفرضت عليهما الإقامة الجبرية في منازلهم خلال الاضطرابات التي شهدتها البلاد عام 2009.
توسعت الحركة الخضراء، التي تطالب بمزيد من الشفافية والديمقراطية، وحازت على انتشار أوسع في أعقاب انتخابات عام 2009 الرئاسية المتنازع عليها. وتعتبر هذه الجولة، العملية الانتخابية الأولى منذ ذلك الحين، كما ان القمع العنيف للحركة وضع حداً للإحتجاجات العامة.

إضافة إلى ذلك، تم تقييد حركة المراسلين الأجانب، الذين كانوا في السابق يتمتعون بحرية التجول في ايران خلال الانتخابات، واقتصر وجودهم على مراكز اقتراع محددة، ولا سيما أن الحكومة عملت على الحد من عدد التأشيرات الممنوحة إلى الصحافيين الذين يسعون إلى تغطية العملية الانتخابية.
واعتبرت الـ quot;نيويورك تايمزquot; انه من غير المتوقع أن يحاول آية الله خامنئي القضاء على موقع الرئاسة حتى نهاية ولاية الرئيس أحمدي نجاد الثانية في حزيران 2013. ونقلت عن كريم سجادبور، المحلل في الشؤون الايرانية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، قوله: quot;أحمدي نجاد شخص لا يمكن التنبؤ به، لذلك ليس في مصلحة خامنئي جعله يشعر بالإهانة إلى هذا الحدquot;.

لكن البرلمان، الذي طالب أحمدي نجاد بالإجابة عن أسئلة سياسية في السابق، لديه السلطة لمراقبة وتضييق الخناق على الرئيس أكثر من أي وقت مضى.
quot;أحمدي نجاد سيكون أضعف بكثيرquot;، قال خوئيني، مشيراً إلى أنه في حال قرر نجاد القيام بأي من حركاته المشاكسة المعتادة، مثل محاولته في الربيع الماضي إقالة وزير الاستخبارات، وهو حليف خامنئي، quot;فإن الأخير سيكون لديه النفوذ للردّ بقوة وبسرعةquot;.
واعتبرت الصحيفة أن التوتر متأصل في الدستور بين منصب المرشد الأعلى ورئيس الجمهورية. وعلى الرغم من أن هذه القضية لم تكن لافتة تحت سلطة آية الله روح الله الخميني، لأن كلمته كانت تعتبر أساسية وفوق أي قانون، إلا أن خامنئي يمتلك quot;أوراق اعتماد دينيةquot; أضعف، ولذلك يحاول تطويق خصومه في الرئاسة باستخدام سيطرته على الاجهزة الأمنية والعسكرية ووسائل الإعلام.

ومن المتوقع أن يتم انتخاب حداد عادل رئيساً للبرلمان، في الوقت الذي يستبعد فيه المحللون إعادة انتخاب رئيس البرلمان الحالي علي لاريجاني، حليف خامنئي، لأنه اختلف مع المرشد الاعلى، ولا يعتبر quot;موالياً بما فيه الكفايةquot;.
وفي العام المقبل، مع وجود عادل على رأس البرلمان، من المتوقع أن يتم إلغاء منصب الرئيس وانتخاب رئيس البرلمان رئيساً للوزراء.