زيباري يتفقد مقر القمة العربية في بغداد

اعتبر رئيس البرلمان العراقي أن الغليان الشعبي العربي والنووي الإيراني والممارسات الإسرائيلية تضع المنطقة على فوهة بركان مدمر، واشتكى من عدم وجود تنسيق عربي فاعل للحفاظ على وحدة أراضيه وتعميق مفهوم المواطنة العراقية بعيداً عن الانتماءات الطائفية، ما يضع الأمن العربي أمام خيارات ضيقة ومحدودة... فيما أكد الرئيس جلال طالباني استكمال استعدادات بلاده لاستضافة القمة العربية المقبلة في 29 من الشهر الحالي.


قال رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي في كلمة بلاده في مؤتمر اتحاد البرلمانات العربية الثامن عشر الذي بدأ أعماله في الكويت اليوم إن العالم العربي لن يبلغ غاياته ما لم يعالج التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهه.. مؤكدا أن قضايا الإصلاح السياسي واستكمال مسيرة التحول الديمقراطي وأوضاع حقوق الإنسان ومواجهة التطرف والعنف الداخلي في البلدان العربية من أبرز التحديات السياسية المطروحة داخل كل دولة عربيةquot;.

وأضاف أن المنطقة تمرّ حاليا باحتدامات مقلقة وتوترات عاصفة لا تهدد شعوبها فقط بل تهدد الامن والسلام العالميين معا. فإضافة الى الغليان الشعبي في بعض الدول العربية وإفرازاته المنظورة وغير المنظورة وتداعياته الداخلية والخارجية يتصاعد مستوى التأزيم في الملفات الساخنة والشائكة التي تواجه المنطقة بدءا من القضية الفلسطينية ومساراتها الحادة وإصرار إسرائيل على المضي في برامجها التوسعية الاستيطانية الاجلائية واهمالها جميع القرارات الدولية، الى الملف النووي الإيراني وتصاعد ذروة المواجهة الى حد التهديد بالحرب وإغلاق المضائق البحرية ما يضع المنطقة على فوهة بركان مدمر يعيد دوامة كوارث الحروب التي أكلت الكثير من فرص شعوبنا في التقدم والرخاء والاستقرار وقوّضت فرص التكافل والتآزر والمحبة بينها وحولت انعدام الثقة بين بعض دولنا الى قاعدة وجعلت من الوئام القائم على الثقة استثناء نادرا.

واشار الى ان الارهاب والتطرف والعنف الداخلي تعتبر تحديات أشدّ تأثيرا على الحاضر والمستقبل بسبب تداعياتها على مسارات التحول الديمقراطي والمحافظة على حقوق الإنسان مثلما يعد اهمال حقوق الانسان واشتراطات التحول الديمقراطي الموضوعية الداخلية والعالمية حاضنة من اشد الحاضنات خصوبة لنمو وانتشار العنف. وقال إن الإصلاح السياسي والديمقراطية المخرج الوحيد من الأزمة الممتدة والشاملة بما يضمن التطور السلمي لمجتمعاتنا ودولنا، بعد أن عاشت أكثر من نصف قرن في ظل أنظمة طوارئ حرمتها من الحقوق والحريات وأضعفت هياكل المشاركة وعانى المجتمع السياسي تشوهات جوهرية وافتقارا إلى آليات العمل السياسي الشعبي المنظم والسلمي.

واضاف قائلا quot;يواجه وطننا العربي جملة من التهديدات السياسية والأمنية بتمظهرات داخلية وخارجية تؤثرفي عالمنا العربي في مجموعه ولا يمكن لدولة بمفردها مواجهتها أو وضع حلول لها، لأنها تستلزم تضافر جهود وإمكانات مجموعة من الدول العربية أو كلها لإيجاد سياسة مشتركة بعيداً عن عوامل القطرية أو التفرد ويبدو لنا ان اعادة نظر جدية في العمل العربي المشترك، على الاصعدة السياسية والامنية والعسكرية والاستراتيجية باتت ضرورة تاريخية لا مندوحة عنها، كي نقي وطننا وشعوبنا مخاطر وشرورًا لا تعد ولا تحصى ونؤمن لنا فعلا دوليا مؤثرا لا متأثرا وصانعا لقرار لا منفذا ومنتجا لاستراتيجيات لا مستهلكا.

واشتكى رئيس مجلس النواب العراقي من عدم وجود تنسيق عربي فاعل حول مسألة العراق حفاظا على وحدة أراضيه وتعميقا لمفهوم المواطنة العراقية بعيدا عن الانتماءات الطائفية لتلك الواقعة التي وضعت الامن العربي أمام خيارات ضيقة ومحدودة كما ليس من الصعب تشخيص ان خطورة الموقف الأمني في الوطن العربي عامة وفي الخليج العربي خاصة تدعو إلى تجاوز الخطاب السياسي الإنشائي واعتماد الخطاب السياسي العملياتي الرصين الذي يضع كل الأطراف أمام مسؤولياتهم، كي لا تتحول الانفلاتات الامنية هنا او هناك الى اهتزازات إقليمية تعلو ذبذباتها وتهدد بكوارث لا سبيل الى معالجتها.

وشدد على ان لغة الحوار تعد اليوم افضل الوسائل الانسانية والديمقراطية في فك الاشتباكات السياسية والامنية والاقتصادية بين الدول كما انها تعد اللغة الفضلى بين بعض الانظمة ومعارضاتها في الوصول الى الخير، وفي الوقت الذي ندعو فيه الى هذه اللغة في علاقاتنا مع الجميع فاننا نتعشم في اشقائنا جميعا ان يعتمدوها فيصلا في حل المآزق الداخلية والخارجية والنأي عن استخدام القوة او التلويح بها، فلم تنتج القوة الا الكوارث ولم تؤد الا الى مذابح انسانية فجائعية.

واوضح ان quot;من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهنا، قضيتي الأمن الغذائي العربيوالأمن المائي، فقد اصبحت سلة غذائنا مستوردة في غالبها وتحولنا الى مستهلكين اكثر منا منتجين مع ان شروط الاكتفاء الغذائي الذاتي العربي متوفرة لو عملنا جهدا جمعيا مسؤولاعن وضع سياسة زراعية موحدة تفيد من تنوع عطاء الارض العربية ووفرة العقول المبدعة والاموال اللازمة لنهضة مثل هذه الزراعة، كما أصبحت أزمة المياه حاليا ورقة مهمة في الصراع السياسي والاقتصادي في المنطقة العربية، وربما ستكون فتيل الأزمة في نزاعات إقليمية ليست مستبعدة لو بقي نهج البعض مستمرا في التجاوز على الاستحقاقات التاريخية والجغرافية والقانونية لمصادر المياهquot;.

وعبر عن الاستغراب من وقوع الشعوب العربية تحت وطأة البطالة والفقر وسوء توزيع الدخل القومي وان يعيش سبعون مليون عربي تحت خط الفقر ونستدعي الاستثمارات الاجنبية بينما رؤوس اموالنا العربية وثروات شعوبنا تحرث الارض وبحور العلوم لتنتج تقدما سريعا ورخاء هائلا في أرجاء اخرى من العالم.

وشدد على ان المسؤولية التاريخية والقومية والانسانية تحتم السعي quot; مجتمعين لفحص جدي ومسؤول لأسباب ارتفاع معدلات البطالة التي هي محصلة لضعف الأداء الاقتصادي من ناحية، وسوء توجهات التنمية او تبعيتها او ارتهانها الى اقتصادات غيرية، وضعف مناهج المؤسسات التعليمية والتدريبية من ناحية أخرى، ما يستوجب إصلاحات اقتصادية عميقة تعالج الاختلالات البنيوية وفلسفات اقتصاداتنا وازماتها ومنها الديون الخارجية، حيث يواجه الاقتصاد العربي منذ مطلع التسعينات ضغوطا وتحديات خارجية قوية للغاية ذات أبعاد وتأثيرات مباشرة على مسيرة التكامل الاقتصادي العربي وجاءت تلك الضغوط إثر توجهات اقتصادية وسياسية لقوى دولية تسعى الى الهيمنة على مقدرات العالم المتقدم والنامي على حد سواء.

واضاف ان هذه التوجهات قد فرضت بيئة دولية جديدة نجمت عنها تحديات مضافة على العالم العربي للشروع في إصلاحات مؤسسية واقتصادية لتجنب سلبيات تلك البيئة ولجني المنافع المتوقعة من التغيرات الحاصلة والمساهمة في دمجها في هذه البيئة التي تسير نحو عولمة التجارة وتحريرها بطريقة تؤدي إلى مثالب في أداء الاقتصاد العربي واستنزاف الأموال العربية لصالح العمالة الأجنبية من خلال الهجرة إلى البلدان العربية.

ودعا النجيفي الى استراتيجية واضحة لقيام السوق العربية المشتركة التي تنهض على ثنائية الممكن والطموح في معالجة الأزمات القائمة والسعي نحو التقدم بخطوات رصينة وثابتة وقوية.
يذكر أن أمير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح قد افتتح ،صباح اليوم الاثنين المؤتمر الثامن عشر لاتحاد البرلمانات العربية والذي بدأ اعماله بإلقاء كلمات الوفود وفي مقدمتها كلمة راعي المؤتمر الشيخ احمد عبدالعزيز السعدون رئيس مجلس الامة الكويتي. وكان رئيس مجلس النواب العراقي قد وصل الى الكويت مساء امس الاحد، على رأس وفد نيابي رفيع المستوى للمشاركة في أعمال المؤتمر الثامن العاشر لاتحاد البرلمانات العربية.

طالباني يؤكد إكمال بلاده استعداداتها لاحتضان القمة العربية

هذا وأكد الرئيس العراقي جلال طالباني أن العاصمة بغداد أنجزت جميع الاستعدادات اللازمة لاستقبال القادة العرب المشاركين في القمة العربية التي ستعقد في 29 من الشهر الحالي. واضاف طالباني لدى مغادرته إلى الولايات المتحدة الاميركية اليوم لتلقي العلاج ان التحضيرات الخاصة بعقد مؤتمر القمة العربية اكتملت وأصبحت بغداد مستعدة لاستقبال القادة العرب للحضور إلى مؤتمر القمة العربية نهاية آذار الحالي وأكد أنه سيعود قريباً الى بغداد لاستقبال الرؤساء القادمين للمشاركة في القمة العربية.

من جهته، زار نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي طالباني في مقر إقامته في محافظة السليمانية وبحث معه عددا من الملفات. وقال المكتب الموقت للهاشمي في إقليم كردستان إن الهاشمي راجع مع طالباني العديد من الملفات السياسية ذات الاهتمام المشترك.

وأضاف أن الهاشمي قام في نهاية اللقاء بتوديع طالباني متمنياً له رحلة علاجية موفقة إلى الولايات المتحدة يعود بعدها إلى أرض الوطن بتمام الصحة والعافية من أجل أن يواصل مسيرته الطيبة في جمع الفرقاء السياسيين على خير بلدهم في الحاضر والمستقبل

وكان مبعوثون عراقيون قد سلموا الاسبوع الماضي في جولة على عواصم الدول العربية دعوات من الرئيس جلال طالباني الى القادة العرب للمشاركة في القمة العربية الثالثة والعشرين التي ستعقد في بغداد في 29 من الشهر المقبل.

يذكر أن العراق استضاف القمة العربية لمرتين الاولى بدورتها التاسعة عام 1978 والتي تقرر خلالها مقاطعة الشركات والمؤسسات العاملة في مصر التي تتعامل مباشرة مع إسرائيل وعدم الموافقة على اتفاقية كامب ديفيد.. والثانية بدورتها الـثانية عشرة عام 1990 والتي شهدت خلافات كبيرة بين العراق ودولتي الكويت والإمارات العربية المتحدة وتبعها احتلال العراق للكويت واندلاع حرب الخليج الثانية عام 1991.

وكانت القمة العربية الاخيرة التي انعقدت في ليبيا في اذار (مارس) عام 2010 قد اتخذت قرارا بعقد القمة المقبلة في العراق على الرغم من ان البروتوكول المعمول به في الجامعة العربية يقر باستضافة مؤتمرات القمة بحسب الترتيب الابجدي حيث كان من المفترض عقد القمة السابقة في بغداد طبقا لهذه القاعدة الا انها عقدت في مدينة سرت الليبية بسبب المخاوف الأمنية في العراق الذي تنازل عن استضافة تلك القمة لليبيا.

وحول الاجتماع الوطني لحل الازمة السياسية في البلاد أشار طالباني إلى أن قادة الكتل الوطنية أكدوا دائماً انحيازهم إلى ما يعزز مسيرة العمل الديمقراطي ويوطد الوحدة الوطنية. ومن المنتظر ان يستأنف ممثلو الكتل السياسية العراقية اجتماعاتهم هذا الاسبوع في محاولة للاتفاق على جدول اعمال مؤتمر حل الازمة وموعد انعقاده وانهاء الخلافات حول ما سيكون قبل القمة العربية أو بعدها لانها قد تؤدي الى إلغائه.

يذكر أن العراق يعيش أزمة سياسية كبيرة هي الأولى بعد الانسحاب الأميركي أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي على خلفية إصدار مذكرة قبض ضد نائب رئيس الجمهورية القيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي بعد اتهامه بدعم الإرهاب وذلك في 19 من الشهر نفسه.. وتقديم رئيس الوزراء نوري المالكي طلباً إلى مجلس النواب بسحب الثقة من نائبه صالح المطلك القيادي في القائمة العراقية أيضاً بعد وصف الأخير المالكي بأنه quot;دكتاتور لا يبنيquot; الأمر الذي دفع العراقية إلى تعليق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب وتقديمها طلباً إلى البرلمان بحجب الثقة عن المالكي قبل أن تقرر في 29 من الشهر الماضي العودة إلى جلسات مجلس النواب ثم تعود في السادس من الشهر الحالي لتقرر إنهاء مقاطعة مجلس الوزراء وعودة جميع وزرائها لحضور جلسات المجلس.