في الوقت الذي أقرت فيه وزارة الداخلية العراقية مقتل شباب على خلفيات قالت إنها ثأرية واجتماعية، فقد نفت أن يكونوا من أتباع ظاهرة quot;الايموquot; أو الذين يطلق عليهم quot;عبدة الشيطانquot;، وأشارت إلى أن دخول وسائل إعلام وناشطين على الخط أضفى عليها بعداً سياسياً وثقافياً وحقوقياً وهددت كل من يحاول استغلالها للإضرار بالمجتمع العراقي بمتابعته قانونياً، في وقت أشارت معلومات إلى أن عدد القتلى من اتباع الايمو قد تجاوز المئة.


مراهقة عراقية ترتدي ملابس الايمو

قال مسؤول في وزارة الداخلية العراقية، تعقيباً على تقارير لنواب وناشطين أشارت الى قتل متشددين حوالى 85 شاباً من اتباع ظاهرة الايمو الذين يمارسون عادات غريبة وشاذة عن المجتمع، إن العديد من وسائل الإعلام تتناقل حالياً quot;أخباراً وتقارير مفبركة عن ظاهرة ما يسمى بـ (الايمو) وصيغ على أساسها الكثير من القصص والحكايات والروايات التي تشير إلى قتل العشرات من الشباب بطرق متعددة منها ما عرف - بموت البلوكة- وهي استخدام مادة البلوك (الحجر) في القتل.

إضافة إلى تقارير تحدثت عن مص الدماء بين الشباب، وما إلى ذلك من الأقاويل التي ما أنزل الله بها من سلطان مما كانت له انعكاسات وآثار سلبية على المجتمع العراقي أثارت قلقاً بين العوائل عامة والمجتمع الشبابي خاصة.

وتعني كلمة الايمو Emo باللغة الانكليزية الحساس أو العاطفي أو المتهيج، ويمارساتباع الظاهرة سلوكيات تركز على الاستماع إلى موسيقى الروك واتخاذ تسريحة شعر معينة وملابس سوداء وسراويل ضيقة جداً أو فضفاضة جداً وتغطية المعصم. وهي انتشرت مؤخراً.

محال بيع الملابس والإكسسوارات الخاصة بهذه الظاهرة

وأشار المسؤول في تصريح صحافي تلقته quot;إيلافquot; اليوم إلى أنه لدى التدقيق والتحري الجنائي الذي أجرته الداخلية، فقد تأكد أنه لم تسجل أية حالة قتل على هذا الأساس بل إن القضية ضخمت وأخذت أكثر من مداها الطبيعي.

ونفت الوزارة quot;نفياً قاطعاً كل هذه الأكاذيب، وتؤكد أن هذه الحالة لا تتعدى أن تكون تقاليد شبابية لعدد محدود جداً من الشباب وقعوا تحت مؤثرات ثقافات أخرى،إضافة إلى تأثيرات الموضة في الملبس وقصات الشعر وغيرها من الأمور التي تثير الشباب ليس إلا، ومن الممكن أن يكون الحديث عن هذه الحالة بهذه الضخامة على المستوى العالمي، أما على المستوى المحلي فإنها لا يمكن تأطيرها في إطار أيديولوجي أو عقائدي كما حاولت بعض وسائل الإعلام تصويرها ووظفت لأجلها إمكانياتها المادية والمعنويةquot;.

وأضاف أن وزارة الداخلية quot;تحذر كل من يحاول استغلال وتوظيف الموضوع بتوظيفات سلبية لإيقاع الضرر على المجتمع العراقي ومحاولة تفكيك اللحمة بين أبنائه وتفتيت أواصر التماسك بين مكوناته وستتخذ الإجراءات القانونية المناسبة بحق كل من يحاول الترويج لهذه الحالة وإخراجها خارج إطارهاquot;.

ودعا وسائل الإعلام المحلية والمهتمين بقضايا الحريات وحقوق الإنسان وأعضاء اللجان النيابية إلى الدقة في التصريحات وأخذ المعلومات والحقائق من مصادرها المخولة ومن المؤسسات الرسمية والمعنية إذ لم تسجل لدى وزارة الداخلية حالة قتل على خلفية ما يدعى بظاهرة (الايمو)، وجميع حالات القتل التي أشيع عنها كانت لأسباب ثأرية واجتماعية وإجرامية تحدث دائماً لكن دخول وسائل الإعلام وبعض الناشطين على هذا الخط أضفى عليها بعداً سياسياً وثقافياً وحقوقياً.

ملابس الايمو معروضة في أحد متاجر بغداد

ووجه المسؤول تحذيراً الى quot;جماعات متطرفة ومغالية تحاول أن تنصب نفسها حامية للأخلاق وللشرائع الدينية، من التصرف ضد الناس على خلفية موضة أو لباس أو قصات شعر على اعتبار أن الدستور ضمن الحريات العامة وأية ظواهر شاذة أو غريبة، فإن المجتمع يرفضها من الأساس والعائلات تتابع أبناءها وبناتها دونما حاجة إلى مثل هذا الضجيج الذي لا مبرر له لأن الايمو حالة فردية لم تتحول إلى ظاهرة اجتماعية.

وأن وزارة الداخلية هي المسؤولة عن تطبيق القانون وحفظ الامن والنظام وأي تصرف من أي جهة سيكون عرضة للمساءلة القانونيةquot;، كما قال المسؤول في الداخلية.

ومن جهته، اعتبر المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني أناستهداف شباب quot;الايموquot; تهديد للسلم الأهلي . وقال معتمد السيستاني في بغداد الشيخ عبد الرحيم الركابي في تصريحات صحافية أن quot;استهداف هؤلاء الشباب ظاهرة سيئة لمشروع التعايش السلميquot;، واعتبر استهدافهم عملاً إرهابياً.

يأتي هذا بعد أن أكدت معلومات عن تجاوز عدد الضحايا من الشباب مقلدي quot;الإيموquot; المئة قتيل، بعد أن تم العثور أمس على أكثر من 15 جثة منهم في بغداد. وقالت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب إن الأجهزة الأمنية قد أخفقت في حماية هذه الشريحة من الشباب.

وأبلغ مواطنون عراقيون في اتصالات أجرتها معهم quot;ايلافquot; أنهم شاهدوا العديد من الشباب الذين ينتمون إلى ظاهرة الايمو في مناطق مختلفةمن العاصمة، وأشاروا الى أن هؤلاء يمارسون تصرفات ويرتدون ملابس غريبة على المجتمع . وأكدوا أن المواطنين يواجهونهم بالاستنكار احياناً وبالتهديد بالقتل والحرق احياناً أخرى.

وأشاروا الى أن ظاهرة الايمو لم تعد تقتصر على الشباب وانما انخرط فيها الكثير من الشابات العراقيات، حيث يقمن بجرح معاصمهن بشيفرات الحلاقة. وقالواإن اتباع هذه الظواهر يؤكدون أنهم يريدون ممارسة أي شيء يرغبون به بعيداً عن كلمة quot;العيبquot;.

ومن جهتها، كانت النائبة المستقلة صفية السهيل قد دعت في تصريح الى quot;ايلافquot; الاربعاء الماضي وزارة الداخلية ولجنتي حقوق الانسان والأمن والدفاع البرلمانية بسرعة الكشف والتحقق من الجهات التي تقف وراء اغتيال الشباب الذين يسمون بالايمو أو quot;عبدة الشيطانquot;.

وطالبت بالتحقق من الجهات التي تقف خلف التعديات والاعتقالات التي طالت عددا من الشباب والطلاب مؤخراً في شوارع بغداد ومنها الشوارع القريبة للبوابات الرئيسة لعدد من الكليات والجامعات، quot;حيث وصلتنا العديد من الشكاوى عن اعتقالات تمت لشباب بسبب شكلهم الذي اعتبره بعض المكلفين من العناصر الأمنية ومنها الشرطة المجتمعية مناظر غير مألوفة لهم وليس لمجتمعهم العام، وأن الاعتقالات ومنها ما تمّ اليوم جاءت للباسهم للجينز أو بسبب تصفيف أو قص شعرهم على الموضة الغربية بحسب ما نقله لنا عدد من الطلابquot;.

وquot;بين أن ما سبق أحدث حالة من الرعب والهلع لدى الطلاب والشباب مع تزامن هذا الامر مع تناقل معلومات بين الطلاب والشباب عن تكليف جهات أمنية عددا من الطلاب من زملائهم داخل الجامعات والكليات بتقديم تقارير باسماء الطلاب الذين تنطبق عليهم مواصفات كهذه، وأدين بشدة هذه الاجراءات اذا كانت صحيحة والتي تعيد لأذهاننا صور من بوليس النظام السابق الذي ثقف المجتمع على كتابة التقارير من داخل المنزل الواحد وخلق ثقافة ما زال مجتمعنا يعاني الأمرين منهاquot;.

وحالياً تعتزم لجان متخصصة في مجلس النواب مناقشة ظاهرة الاستهدافات التي يتعرض لها شباب الايمو باعتبارها جريمة وسلوكاً سلبياً يتعارض مع مبادئ حقوق الانسان.

وأشار ناشطون في مجال حقوق الانسان إلى أن الجماعات المتشددة نفذت عملياتها ضد اكثر من 85 شاباً بتهمة الانتماء الى الايمو. وتعمل قيادة الشرطة منذ فترة على رصد هذه الظاهرة بين الشباب، وتقول إنها أعدت خططاً ودراسات ميدانية من أجل ايجاد ثقافة تحد منها، مشددة على أن لها أثاراً مستقبلية تقود الى سلوكيات تصفها بغير الصحيحة.

وتؤكد لجنة الامن النيابية أن الدستور كفل الحريات، وهو من يحدد طريقة التعامل معهم، وقال عضو اللجنة حامد المطلك: quot;إن لجنة الأمن والدفاع ستناقش قريباً قضية استهداف بعض الشباب من الذين يسمون بالايمو، وستتابع التحقيقات لمعرفة الجهات التي تقف وراء اغتيالهمquot;. وأوضح أن quot;الدستور العراقي كفل الحريات لجميع العراقيين على الا تتعارض مع الاعراف والاخلاق العامة، والقانون هو السبيل الوحيد للتعامل مع أي ظاهرة تهدد المجتمع وليس من حق أحد أن يحاسب أو ينصب نفسه بديلاً عن القانونquot;.

ومن جانبها، استغربت هناء ادورد، الناشطة المدنية في مجال حقوق الانسان، نية الحكومة استخدام أقصى العقوبات مع الايمو. وقالت في تصريح نشرته quot;المدىquot; اليوم: quot;لا يمكن التعامل مع الشباب بهذا الشكل مهما وصلت درجة تمردهم على المجتمعquot; . ورأت ادورد أن الحاجة اصبحت ملحة لحلول نفسية واجتماعية، مبينة quot;أن هذه الشريحة من الشباب سلمية ولم تقم بأي أعمال عنف، وبالتالي على الحكومة العطف عليهاquot;. وأكدت الناشطة في مجال حقوق الانسان أن هناكquot; يداً مطلقة السراح للتعامل بهذه الطريقة الوحشية مع هذه الفئة من الشبابquot;.

لكن القيادي في التيار الصدري أمير الكناني يقول إن الايمو رجال يتشبهون بالنساء، وهم quot;ملعونونquot; وفق قول للرسول محمد (ص)، رافضاً التبرير لجواز قتلهم تحت أي ظرف من الظروف، ولكن يمكن أن يتم فرض quot;التعزيرquot; من خلال مجموعة من العقوبات تفرض في حالة كون الدولة تعتمد الحكم الاسلامي، وهي عقوباتquot;الجلد والحبسquot; .