لأن الإخصاء بالجراحة في الغرب أمر مثير للجدل حول حقوق الإنسان، فقد اختارت بريطانيا الإخصاء الكيمياوي الموقت لكبح جماح الشهوة الجنسية عند 100 من السجناء المدانين بجرائم اغتصاب بحق الأطفال. واقتصرت التجربة على سجن واحد، لكن يُتوقع أن تعمّم بحلول نهاية السنة.


الآثار النفسية السلبية على الأطفال قد تدوم إلى نهاية العمر

صلاح أحمد: أقدمت بريطانيا للمرة الأولى على إخصاء نحو مائة رجل، انتهى الأمر بهم خلف القضبان، لأنهم من الساعين أبدًا إلى استغلال الأطفال جنسيًا.

تم هذا في إطار مشروع حكومي طوعي، يهدف إلى منع هؤلاء، وغيرهم، من تكرار ارتكابهم هذه الجريمة المريعة. واتبعت السلطات في هذا الصدد laquo;الإخصاء الكيمياويraquo; الذي يُعطى فيه المجرم عقارًا طبيًا، يتكفّل بإطفاء القدر الأكبر من شهوته الجنسية. وبدأت هذه التجربة، المتوقع أن تعمّم، سواء في معتقلات البلاد أو وسط الجناة، خارج الأسوار، في سجن واتون في مقاطعة نوتنغهامشاير الانكليزية، بعد دراسات بدأت في العام 2007.

يؤدي العقار مفعوله عبر خفضه مستويات هرمون التستوسترون إلى المستوى الذي يتمتع به صبي لم يصل إلى سنّ البلوغ بعد. ويدوم هذا المفعول ثلاثة أشهر، قبل أن يبدأ بالانحسار، ثم الزوال، إلا إذا نُشِّط بجرعة جديدة. لكنه يُخمد في فترة فعاليته قدرًا كبيرًا من الشهوة الجنسية، التي يمكن أن تدفع بالرجل إلى ارتكاب إحدى أبشع الجرائم في حق الصغار.

ورغم أن الإخصاء الكيمياوي طوعي حاليًا في إطار التجربة البريطانية، فهو إجباري في عدد من الدول، مثل بولندا وروسيا وعدد من الولايات الأميركية. وكانت بولندا أول من عمل به وسط عتاة مجرمي الجنس في 2009. ثم تبعتها كوريا الجنوبية وروسيا ومولدوفا. لكن ألمانيا وجمهورية التشيك تعرّضتا لانتقادات من laquo;هيومان رايتس ووتشraquo;، المعنية بحقوق الإنسان، لأنهما انتهجتا الإخصاء الدائم بالعمليات الجراحية، رغم أن هذه تتم بشكل طوعي.

ومع أن إخصاء السجناء المائة في واتون مشروع تجريبي، كما تقول الحكومة، فإن هناك إجماعًا تقريبًا وسط المراقبين والخبراء على أنه سيعمّم في سائر أنحاء بريطانيا في وقت ما على المدى المتوسط، وقد يصبح إجباريًا بحق غلاظ المجرمين. وتشير التوقعات إلى أن المشروع الطوعي سيتوسع، بحيث يشمل كل بريطانيا، بحلول نهاية العام الحالي.

يذكر أيضًا أن العقار المستخدم في هذه الحالات يخفّض عودة الجناة إلى أفعالهم من 40 في المائة بدونه إلى 5 في المائة به في المتوسط، وفقًا لما نقلته الصحافة البريطانية عن الباحثين في إسكندنافيا. وإضافة إلى حماية الأطفال من شهوات الكبار الخارجة عن السيطرة، فهو يكبح جماح الإنسان في علل أخرى مثل السادية (التلذذ بإيذاء الآخرين) والمازوشية (التلذذ بإيذاء النفس) ومجامعة الحيوانات والأموات... إلى آخر قائمة طويلة يجدها الشخص laquo;العاديraquo; غير مفهومة ومنفّرة.