أحمدي نجاد في مقر البرلمان الايراني

سخر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد من الأسئلة التي وجهها له النواب في البرلمان خلال جلسة لاستجوابه، وشبه الأسئلة التي طرحت عليه بالمسابقة المدرسية، التي أعدها معلمون يميلون للتبسيط، وقال إنه يتوقع الحصول على درجة عالية.


في واقعة غير مسبوقة، استجوب البرلمان الإيراني، يوم أمس الأربعاء، الرئيس محمود أحمدي نجاد، بخصوص سياساته الاقتصادية وتعييناته الحكومية وعلاقته المتوترة بالمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، في جلسة برلمانية تم بثها علناً، وبدا أن الهدف من ورائها هو إذلال الرئيس في السنوات الأخيرة القليلة المتبقية له في ولايته.

وقالت اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إن هذا الاستجواب الذي استمر على مدار ساعة، وتم بثه على الإذاعة الإيرانية الرسمية، هو الأول منذ ثورة 1979 الإسلامية الذي يُطلَب فيه من رئيس إيراني أن يمثل أمام النواب لكي يجيب على تساؤلاتهم.

وأوضحت الصحيفة أن الجلسة نفسها عكست، على ما يبدو، الموقف الشجاع لآية الله خامنئي في الصراع على السلطة مع أحمدي نجاد، حليفه السابق، الذي أثار حفيظة المرشد الأعلى وأبعد العديد من أعضاء البرلمان من الأغلبية المحافظة خلال السنوات الأخيرة.

ورغم أن أحمدي نجاد شخصية محافظة أيضاً ويقاسمهم كراهيتهم للغرب والكثير من القيم الغربية، إلا أن بعض تصرفاته تحدت التفوق الخاص بالتسلسل الهرمي الديني الإسلامي.

وأعلن أحمد نجاد بشجاعة في البداية أنه لم يكن يريد أن يحضر، وأنه أجاب على الأسئلة بشكل مراوغ وباستخفاف وبسخرية في بعض الأحيان، ما جعل المحققين يشعرون باستياء وحدا ببعضهم إلى المطالبة بعزله.

وأظهرت تلك الجلسة ،على اعتبارها بثاً علنياً غير معتاد، التوترات التي تشهدها السياسة الإيرانية في وقت تتعرض فيه البلاد للمزيد من الضغوطات من جانب قوى خارجية. ونقلت الصحيفة في هذا الإطار عن محللين قولهم إنه كان من المستبعد للغاية عزل نجاد، تلك الاحتمالية التي لطالما هدد بها البرلمان. لكن البعض قال إن الاستجواب قلص بشكل متزايد من الاحتمالات التي تتحدث عن أنه سيتمكن من الترويج لنفسه في الانتخابات الرئاسية المقررة العام 2013 أو سيمارس أي نفوذ سياسي حتى بعد انتهاء فترة ولايته.

لكن الشكوك بدأت تحيط بالفعل بمثل هذه الاحتمالية في أعقاب النتائج التي أسفرت عنها انتخابات البلاد البرلمانية التي جرت في الثاني من الشهر الجاري، والتي فقد فيها أنصاره كثيراً من المقاعد لصالح منافسيه من المحافظين. وأوردت النيويورك تايمز في هذا الصددعن علي رضا نادر، الخبير المتخصص في الشأن الإيراني لدى مقر مؤسسة راند البحثية في واشنطن، قوله :quot; تفوح من خصومه رائحة الدم. لكن التهديد الذي يشكله نجاد بدأ يتراجع في نواح عدة. ولا أرى حقاً أنه من مصلحة النظام بالنسبة له أن يستقيل أو أن يتم عزله. بل من المعقول لنجاد أن يتلاشىquot;.

وغطي بيان رسمي مكون من 10 أسئلة في الاستجواب موضوعات شملت القرارات الشخصية التياتخذها أحمدي نجاد بشكل غير مبرر، ومعدلات النمو الاقتصادية التيلم تتحقق، والتضخم الحاد الذيبدأت تعاني منهإيران، والغموض بشأن الأموال المفقودة التي خصصت لتحسين نظام النقل الجماعي في طهران. وغابت قضية السياسة الخارجية بشكل واضح عن الاستجواب، وبخاصة تحدي نجاد لإسرائيل والغرب في الترويج لبرنامج إيران النووي.

وقد تم توجيه سؤالين محددين لأحمدي نجاد بخصوص الجهود التي بذلها من أجل الاستغناء عن خدمات وزيري الخارجية والاستخبارات السابقين، وهي الخطوات التي رأت الصحيفة الأميركية أنها جاءت لتشكل تحدياً مباشراً لسلطة آية الله خامنئي. وجاءت تلك الخلافات لتضعف علاقات خامنئي الوطيدة بأحمدي نجاد، الذي تم انتخابه أولاً العام 2005، وأعيد انتخابه مرة أخرى في العام 2009 عبر تصويت غير متوازن بشكل مثير للريبة، بعد أن تم تدعيمه من جانب آية الله علي خامنئي. وهي النتيجة التي أثارت اضطرابات سياسية واسعة النطاق، تم قمعها على نحو صارم.

كما رفض نجاد التعليق على الأسئلة التي وجهت له بخصوص إخفاقه في ضبط أسعار السلع الأساسية المتزايدة، لافتاً إلى أنه سيوضح أسباب ذلك في الوقت المناسب. وفي نهاية الاستجواب، شبَّه نجاد الأسئلة التي طرحت عليه بالمسابقة المدرسية، التي أعدها معلمون يميلون للتبسيط، وقال إنه يتوقع الحصول على درجة عالية.

وفي الأخير، نقلت الصحيفة عن فريدة فرحي، وهي أستاذة في جامعة هاواي وخبيرة في شؤون إيران، قولها :quot; بدا وكأنه على دراية بأنه لن يُعزَل من منصبه. وقد عبر أعضاء البرلمان عن امتعاضهم لشعورهم أنه أهان وسخر من أسئلتهم. وأستبعد إمكانية إقدامهم على عزله وسط كل هذه الضغوطات الخارجية التي تواجهها إيرانquot;.