يعتقد البعض أن الأسد سيصمد في وجه الثورة

يحظى الرئيس السوري بشار الأسد بوضعية أفضل من تلك التي عايشها الزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي، وتشير بعض التقديرات إلى أن الأسد سينجح في القضاء على الثورة التي تطالب برحيله مستخدماً القوة المفرطة، وفي ظل غياب أي تدخل عسكري خارجي.


رغم لغة التحدي التي يتحدث من خلالها الثوار في سوريا عن عزمهم الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، إلا أنه يحظى بوضعية أفضل، على ما يبدو، من تلك التي كان عليها العقيد الليبي الراحل معمّر القذافيحين نزل الليبيون إلى الشارع للمطالبة برحيله.

وفي الوقت الذي عادت فيه القوات السورية بكامل قوتها الباطشة إلى محافظة إدلب ( الواقعة شمال البلاد ) قبل أيام عدة، قال شهود عيان على المجازر التي وقعت هناك إن ما شهدته المدينة جاء ليجسد حقيقة العراك غير المتكافئ إلى حد بعيد بين هؤلاء الذين يرغبون في التخلص من نظام الأسد وبين جيش الرئيس الضخم والمنظم.

وأبرزت في هذا السياق اليوم صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية تلك التصريحات التلفزيونية التي أدلى بها ناشط يدعى عمر، وقال فيها :quot; بالطبع لا تتماشى مسدسات الكلاشينكوف الخاصة بنا مع دباباتهم. وهناك الكثير من الشهداء الذين يسقطون في صفوف المدنيين ويتم دفنهم تحت ركام بيوتهم جرّاء عملية القصف . ولا يمكنك تصور ما يحدث في المدينة. وقد مات 150 شخصاً خلال اليومين الأولين. فهم يقتلون أقارب النشطاء ويحرقون منازل النشطاء ويعتقلون أي ناشط يجدونهquot;.

وتابعت الصحيفة بقولها إن الأسد، ورغم مرور عام على الانتفاضة الشعبية المطالبة برحيله، يحاول أن يعود الآن، وأن يفرض نظام حكمه الصارم تحت تهديد السلاح. وقد بدأ ذلك بعملية قصف استمرت على مدار شهر لمدينة حمص، ثم قصف عشوائي لإدلب، وها هي قواته بدأت تعود الآن إلى درعا، حيث بدأت الانتفاضة في آذار/ مارس العام 2011. وقد ماتلغاية الآنأكثر من 8000 سوري، وفقاً للأمم المتحدة.

وبينما يردد معظم المحللين حالياً ذلك التصريح الذي سبق وأن أكد من خلاله الرئيس الأميركي باراك أوباما أن أيام الأسد في الحكم باتت معدودة، بدأ يُذكِّر البعض بالطريقة التي سبق أن نجح من خلالها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين العام 1991 في إخماد الانتفاضة الشيعية / الكردية، ثم ساد حكمه بعدها على مدار 12 عاماً. وأن والد الأسد نفسه، حافظ، سبق له أن سحق انتفاضة إسلامية عن طريق إقدامه على تدمير مدينة حماه في مطلع عقد الثمانيناتمن القرن الماضي.

ومضت الصحيفة تنقل هنا عن فواز جرجس، الخبير المتخصص في شؤون الشرق الأوسطفيكلية لندن للاقتصاد، والذي سبق له أن قام بأعمال ميدانية في سوريا خلال العام الماضي، قوله :quot; لم يمتص الأسد فحسب الصدمات الأولى للانتفاضة، لكنه التزم كذلك في حقيقة الأمر بالجانب الهجومي. فهو قادر على تعبئة نصف مليون رجل من المهرة والناشطين والمعافين القادرين على خوض غمار الأعمال القتالية، بينما لم ينشر الأسد تقريباً أيًّا من طائراته ومروحياته التي يقدر عددها بالمئاتquot;.

وتابع جرجس حديثه بالقول:quot; وهنا أنت تتحدث عن نظام يحضّر نفسه منذ 40 عاماً للسيناريو الأسوأ. ويبدو أن الأسد هو المسؤول عن طريقة وتوقيت القوة التي يستعين بها . وهو يتصرف بالطبع بطريقة وحشية للغاية، لكن كرجل منطلق طويل القامة وليس كرجل خائف. ورجل يتصرف بصورة حاسمة. فأمس كانت إدلب واليوم درعا. ويمكنني وصف جهود الأسد بأنها منهجية ومكثفة؛ لاستمراره في القتلquot;.

ثم لفتت الصحيفة إلى أن خروج الآلاف من السوريين في شوارع دمشق مؤخراً للتعبير عن مساندتهم الأسد، في إشارة قال عنها محللون إنها تعني أن ذلك النظام ما زال يحظى بدعم أساسي يقدر بـ 30 % أو أكثر. وبعدها، أبرزت الصحيفة حقيقة ضعف التجهيزات التي تتعامل من خلالها المعارضة مع قوات الأسد، وحقيقة اختلاف الوضع في سوريا عنه في ليبيا، وكذلك استفادة نظام الأسد من جولتين استخدمت فيهما الصين وروسيا حق الفيتو داخل مجلس الأمن بشأن إجراءات كانت تستهدفه.

وقال في هذا الخصوص، مرهف جويجاتي، وهو خبير سوري المولد يعمل حالياً في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن، وهو عضو في المكتب الأجنبي للمجلس الوطني السوري المعارض :quot; أعتقد أن الانهيار سيكون حتمياً في النهاية . لكن سوريا ستمر الآن ببداية مرحلة جديدة، أراها مرحلة في غاية الصعوبة. وسوف نرى أموراً تزداد سوءًا قبل أن تبدأ في التحسن. ورغم كل هذا العويل الدولي، فلم يرَ الأسد أي قوة موازية، ما جعله مصمماً على استخدام أكبر قوة ممكنة لسحق تلك الثورة. لكنني لا أعتقد أن تلك الثورة ستُسحَق، لأن تزايد الوحشية يفجر المزيد من الغضبquot;.

وفي النهاية عاود جرجس ليقول :quot; السيناريو المرجح حدوثه مستقبلاً هو أن سوريا ستنزلق إلى صراع طويل الأمد. وحتى إن نجح الأسد في سحق مواقع المسلحين،إلا أننا سنجدالمزيد من السيارات المفخخة، والمزيد من التفجيرات الانتحارية، وإقدام أطراف إقليمية على تسليح المعارضة من حماة إلى حمص إلى درعا. والتساؤل الذي أراه يطرح نفسه في تلك الأثناء هو: إلى متى سيظل الأسد صامداً؟quot;