باسكال وردا

تحدثت وزيرة الهجرة والمهجرين السابقة في العراق باسكال وردا عن وضع المسيحيين في البلاد، والمعاناة التي يعيشونها في ظل غياب الإجراءات المتخذة للتخفيف من معاناتهم، وأضافت وردا أنها مع تحسين منطقة سهل نينوى ولكنها ضد إقامة محافظة خاصة بالمسيحيين.


بغداد:أعربت باسكال وردا، وزيرة الهجرة والمهجرين السابقة ومسؤولة العلاقات العامة لمنظمة حمورابي لحقوق الإنسان، عن تشاؤمها من أحوال مسيحيي العراق مشيرة الى انهم يعانون كثيرا وليس هنالك من إجراءات اتخذت لتخفيف هذه المعاناة، موضحة انهم وقعوا ضحية نزاعات هم ليسوا طرفا فيها، وأكدت أنها مع اقامة محافظة في سهل نينوى من اجل تحسين الأوضاع في تلك المنطقة وليست مع تجميع المسيحيين من أرجاء العراق في هذه المحافظة.

وطالبت السيدة وردا في حوار مع quot;ايلافquot; الحكومة بالالتفات الى وضع المسيحيين وإصدار قرارات من اجل اعادة بناء حياتهم من جديد.

بعد سنتين من حادثة كنيسة النجاة، كيف تقرئين أحوال المسيحيين في العراق؟

يعاني المسيحيون كثيرا من مسألة الهجرة التي كسرت ظهرهم بل كسرت الكثير من تاريخ العراق، خاصة أنهم ذوو كفاءات مشهود لهم بالنزاهة والاخلاص وبالجدية بالعمل، وأعتقد أن هجرتهم خسارة للعراق .

ما الإجراءات التي اتخذت لايقاف نزيف الهجرة ؟

لا يوجد شيء واضح وملموس، هناك بعض الاجراءات، وانا التقيت وزير الهجرة والمهجرين من اجل هذه المسألة لاننا كمنظمة quot;حمورابيquot; لحقوق الانسان عملنا على اكثر من مشروع للمهجرين في سهل نينوى وفي اقليم كردستان والمناطق الأخرى التي لجأ اليها المسيحيون سواء من بغداد او من الموصل، هل تصدق ان الحاجة للسكن صعبة جدا، وهم يتمنون رفع الغبن الواقع عليها بسبب ممتلكاتهم في بغداد. وليس هنالك اي اجراء يخدمهم، فالذين هاجروا وكانوا يعيشون كل ثلاثة اشخاص منهم في شقة صغيرة جدا، أصبحوا الآن اربعة او خمسة، والاكثرية منهم لم يندمجوا مع المجتمعات التي هاجروا اليها فلم يجدوا اعمالا.

هذا في الداخل ماذا عن الخارج؟

الوضع في الخارج كارثي، ولكن ما يهمنا الآن هم الذين في العراق عسى ان نقوم بشيء من اجلهم، ونحن نعمل على مستويات، فلنحل مشكلة الداخل اولا. حاليا هناك فرصة جيدة لان لدينا وزير المهجرين ويجب ألا يكون دوره تنسيقيا فقط ، لأنني أسست وزارة ليست تنسيقية بل تنفيذية حقيقية بحقيبة، والوزير الحالي لديه نظرة ورؤية يستطيع أن يغير شيئا، وأعتقد انه بحاجة الى ميزانية حقيقية كي يستطيع أن يشرع الى تنفيذ ما يؤدي الى إنهاء هذه الظاهرة الكبيرة، ظاهرة التهجير القسري الداخلي، والتي لن تحل ان لم تصدر قرارات حكومية لكي يرجع الى مسكنه من يريد الرجوع، ويتم التعويض لمن لا يرغب في الرجوع بمبالغ مالية لكي يستطيع ان يبدأ من جديد من خلال شراء بيت له وإعادة بناء نفسه.


هل تعرضت مساكن المسيحيين للاستيلاء من قبل آخرين ؟

هناك مساكن أخذت وتعرضت للاستيلاء ومنها بقيت، وللأسف الشديد حدث شيء غريب وكأنه ثقافة لاستهداف المسيحيين، حيث سمعت مؤخرا أن إحدى العائلات المسيحية تلقت تهديدا من جيرانها لكي تترك البيت وإلا فسوف يخطفون بناتهم. إنه أمر يتكرر يوميا، وربّ البيت لم يجد له حلا سوى مغادرة منزلهم. الشرطة لا تقوم بشيء أكثر من مراقبتهم وحراستهم أثناء نقلهم أثاث بيتهم، اذن .. ألا تستطيع الحكومة حل هذه المشكلة؟ السبب هو عدم وجود اولوية للمشاكل المباشرة للمواطنين، لأن الحكومة ما زالت منشغلة بغير هموم المواطنين، وهو ما يؤدي الى تفاقم الوضع وتراجع الإدارات في الوزارات وهو الذي يعزز مسألة الفساد، فعندما لا يتم صرف المال المخصص لمثل تلك المشاريع فإن المسؤول يفكر بشكل آخر لصرفها.

هل انت مع اقامة محافظة في سهل نينوى للمسيحيين؟

هذا من منطلق إعادة ترميم وترتيب إداري في تلك المنطقة، وليس من منطلق طائفي أو من منطلق استخدامها كوسيلة حزبية او طائفية لضرب هؤلاء الناس لمصالح قوائم او احزاب تتصارع على المنطقة، وهذا ما نخاف منه، نحن نريد أن يكون هناك شيء اسمه اعادة بناء البنى التحتية الهشة في المنطقة فلم تأت ادارة حقيقية لتهتم بها، في حين انها منطقة الكفاءات والمفكرين وهي الأكثر سلمية، فيها طوائف وقوميات متعايشة منذ آلاف السنين ولم يسمع لهم احد صوتا، وحاليا هم مجبرون على أن يكونوا أعداء، لأن كل حزب يأتي ويقدم مشاريعه ويحاولون استدراج المواطنين اليهم.

انت مع هذه الفكرة ؟

أنا معها في حالة ترتيب المنطقة وإنجاح الإدارة فقط، فعندما تصرف (قراقوش) ميزانية بعد أخرى الى الأبد دون تحقيق شيء، فهذا معناه ان الميزانية لم تأت من الموصل الى هذه المنطقة لعدة أسباب سواء كانت أمنية او مجرد إهمال إداري أو بسبب أولويات مدينة الموصل، الكبيرة جدا .

أقصد هناك مشروع لتجميع المسيحيين في محافظة خاصة بهم في سهل نينوى، هل هذا ما تريدونه ؟

لا، أنا أرفض هذا المنطلق لأن اقامة محافظة لا يعني اقامتها للون واحد من الناس لأنها ستكون بمثابة سجن او مكان محصور، وهذا ما لا نريده، بل نريد محافظة تضم العربي والكردي والشبكي والايزيدي والمسيحي، كما هو الحال في بغداد، ونريد أن يقوم اهل المنطقة بتخليص أمورها لانهم أدرى بمشاكلها، وهم قادرون على ذلك اذا تهيأت لهم ميزانية خاصة واستقلالية بالمعنى (المحافظاتي) للكلمة، وتكون هناك إمكانية لتطوير المنطقة، وليكن مكانا يلجأ اليه الناس متى شاؤوا، خذ مثلا: هناك اكثرية مسيحية في سهل نينوى، ولكننا لا نستطيع ان نحتفل باعياد الميلاد سنويا، نحن محرومون من هذا والسبب مناسبة عاشوراء.
هل نتخلى عن حقنا بالاحتفال بعيد الميلاد الذي هزّ الأرض وهزّ التاريخ، لكي نعيش عاشوراء ونحن لم نقصر في ذلك. خذ مثلا آخر، في رمضان، اخي المسلم لا يأكل خلال النهار لأنه صائم والله يتقبل منه، فلم يجب ان أصوم معه؟ وهو أيضا ليس مجبورا ان يصوم صومي، ولكن عندما تكون هناك اكثرية فهي تستطيع ان تخلق اجواء تتماشى مع طبيعتها وتقاليدها.

متى شعرت ان المسيحيين في خطر حقيقي ؟

نحن منذ السبعينات في خطر، بل قل منذ الخمسينات، وقد هجرت قرانا بالمئات من شمال العراق وقصفت وحرقت قبل الانفال اربع مرات، وابي بنى بيته للمرة الخامسة بعد تهديم مناطق العمادية وسرسنك.
من بعد عام 1968 لم نعرف الراحة، فكل هدوء نسبي لخمس سنوات تلحقه حرب، لم يكن المسيحيون طرفا في المعاداة، ولكنهم كانوا يستهدفون اكثر من غيرهم كما يحدث الآن حيث السنة والشيعة يتصارعان في ما بينهما من اجل المكاسب والحكم ولكن المسيحيين يقعون ضحايا، فلماذا نكون في العنوان نفسه الذي لا نحارب عليه، نحن ليس لدينا هذا العنوان، الحمد لله والشكر لدينا ممثلون في البرلمان، مع جل احتراماتي لهم، لا يرفعون صوتهم لقضية من قضايانا ولو مرة في السنة، فما الذي يساوينا في المآسي مع غيرنا .