وجه عراقيون انتقادات للقادة السياسيين بسبب عدم قدرتهم على الاجتماع لحل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، معبرين عن خيبتهم بعد أن كانوا يتمنون أن يعقد الاجتماع الوطني ويخرج بنتيجة ايجابية تسعد الناس.


بغداد: أبدى عدد من العراقيين صحة توقعاتهم من أن الاجتماع الوطني المزمع عقده لحل الأزمات السياسية في البلاد غير قادر على الالتئام، وأن التأجيل أو الإلغاء هو الأمر الواقع له، مستغربين أحوال السياسيين العراقيين الذين لا يثبتون على رأي ولا تهمهم المصلحة الوطنية العليا بقدر مصالحهم الحزبية والفئوية، معبرين عن خيبتهم بعد أن كانوا يتمنون أن يعقد الاجتماع ويخرج بنتيجة ايجابية تسعد الناس وتخفف من الضغط الحياتي اليومي الذي يعانون منه بسبب الخلافات الكثيرة والمتجددة بين الكتل السياسية لاسيما الكبيرة منها.

قادة الكتل السياسية العراقية خلال قمة طالباني

فبقدر الأسف الذي اعلنه البعض من تأجيل الاجتماع، بقدر ما رأى البعض الآخرأن عوامل كثيرة أدت الى أن ينتهي التحضير الى حد عدم التمكن من الجلوس على طاولة واحدة ومناقشة القضايا الوطنية العالقةوغيرها، وأشار بعض المتحدثين لـ (ايلاف) إلى أن المستجدات المتلاحقة في الساحة السياسية كانت أحد أسباب تأجيل الاجتماع، في اشارة الى زيارة مسعود بارزاني الى اميركا وسفر طارق الهاشمي إلى قطر والسعودية، فيما أشار البعض الآخر إلى القوى الخارجية التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع القوى الداخلية، وأنها كانت تجيب على الأسئلة المطروحة في الواقع العراقي حسب مصلحتها هي لا حسب مصلحة العراق وأبنائه.

فقد اكد الدكتور عبد الهادي مشتاق، رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان، على أنه توقع منذ البداية أن لا يعقد الاجتماع لصعوبة الأزمة، وبالتالي عدم قدرة الأطراف على الخروج بنتيجة جيدة، فقال: quot;توقعت منذ البداية أن لا يعقد الاجتماع، مثلما توقعت أنه إن عقد فسوف لا يؤدي إلى النتيجة المرجوة منه،لأننا نمر بأزمة سياسية خطيرة وهي تتعمق يومًا بعد آخر نتيجة الخلافات المستمرة بين حكومة المالكي والقائمة العراقية، وتعمقت المشاكل اكثر بعد أن شملت الازمة القائمة الكردستانية وأخذت تتصاعد لتتحول الى هجمات وتهديدات علنية، فالقائمة العراقية لديها مطالب تعجيزية والأكراد يتجهون اتجاهًا أقرب الى الانفصال، ووجود مسعود بارزاني في اميركا مع بايدن صاحب نظرية الفيدراليات الثلاث يمكن أن يغذي بهذا الاتجاه، وكل هذا جعلني أتوقع أن الاجتماع لن يعقد حاليًاquot;.

واضاف: quot;اعتقد أيضا أن وراء التأجيل أسباباً عديدة منها وجود (اعلام انفعالي)، يسعى الى تعميق الخلافات بين الكتل السياسية، وهذا الاعلام بالتأكيد محسوب على اتجاهات مختلفة تبحث عن مصالحها فتحاول أن تؤكد طروحاتها من خلال هذا الاعلام الذي ينتهج اساليب انفعالية تؤثر في الناس سلبًاquot;.

ومن جانبه، اعرب الاديب والكاتب ابراهيم الخياط عن أسفه لتأجيل الاجتماع بعدما كان حلمًا للعراقيين من أجل حل مشاكلهم، وقال: quot;الآن أصبح الأمر أكثر وضوحًا وتم تأجيل الاجتماع للأسف لأسباب الخلافات المفتعلة بين الكتل، وإن كنت من الداعين إلى عدم اعتبار الاجتماع معولاً عليه، لان هذا عين الخطأ، ثم أنني مؤمن أن انعقاد المؤتمر ونجاحه يعتمدان على أمرين أولهما احترام الدستور وثانيهما التنازلات المتقابلة، وما دامت ليست هناك تنازلات، وهناك شروط مسبقة فقط فهذا يعني أن هناك سعياً إلى إجهاض المؤتمر قبل عقده، وكنت أتمنى لو أن كل الأطراف اتفقت على أن تذهب إلى الاجتماع بتنازلاتها لكان الأمر على غير ما هو عليه الآن، وانعقد الاجتماع، أنا أرى أن تأجيل الاجتماع ربما هو خطوة لإلغائه وبهذه الحالة ليس أمام البلد من حل دستوري سوى إجراء انتخابات مبكرة على اقل تقديرquot;.

واضاف: quot;جاء التأجيل وفق توقعات وتكهنات شخصية، لانني لم أجد الثقة بالكتل المتنفذة، فالممارسات اليومية لها تدل على أنها لا تفكر بالمصلحة الوطنية العليا، والمصلحة الوطنية العليا هي مصلحة المواطن،أيالخدمات وفرص العمل والظرف الأمني وملف الحريات، وكل الكتل تفكر بنظرة ضيقة، نظرة غير عابرة للطوائف والقوميات والاثنياتquot;.

اما المحلل السياسي والكاتب عبد الأمير المجر، فقد أشار الى التأثيرات الإقليمية على الكتل وهي التي تسببت في تعطيل المؤتمر، وقال: quot;من السهل أن نتصور أن المؤتمر الوطني سيكون لحل مشاكل العملية السياسية، ولكن من الصعب التوقع أنه فعلاً سيعقد وسيجتمع الفرقاء في العملية السياسية الذين يمسكون بها والمتنافسون على مواقع السلطة، فلم أكن اعتقد أصلا أن الاجتماع سيؤدي الغرض المطلوب من عقده، فالأمر كما اعتقد ليس بيد القوى الداخلية، فهناك قوى خارجية تؤثر في وجهات نظر الذين في الداخل، وهذه القوى اقليمية ودولية، وهو ما يجعل أي طرف لا يتنازل للطرف الآخر، وهذا ما كان يجعلني، قبل الإعلان عن تأجيل المؤتمر، أراهن على فشله، لأن البعض لا يريد أن يتنازل للبعض الآخر، وإن كانوا عراقيين، إذ إن القوى الخارجية لها كلمة في الموضوع وهذا ما تحقق على أرض الواقعquot;.

واعرب الصحافي باسم عبس عن اعتقاده أن بعض الكتل لا تريد للاجتماع أن يعقد ولا تريد لهأن يفشل لأنها ستكون المذنبة أمام الشعب العراقي، وقال: quot;منذ أن أصبحت هناك شروط وهناك مطالبات بحضور (قادة الصف الأول) وتنفيذ التزامات معينة كنت اعرف أن الاجتماع لن يفضي إلى خير، وهناك من أراد التشويش به على مؤتمر القمة العربية، لأن البعض لا تهمه سوى مكاسبه وزيادة الأزمات، وكلما زادت الأزمات كلما أصبح الوضع في العراق سيئًا وهو ما يريده البعض ليعطي صورة للعالم أن العراق هذا حاله، ولن تقوم له قائمة إلا بتغييرات جوهرية، فأنا استغرب مثلا أن يقال لو أن المؤتمر الوطني فشل على الحكومة أن تستقيل، هذا يعني أن هناك من يعمل على إفشال الاجتماع قبل انعقاده، وهذا منطق واضح والمراد منه أكثر وضوحًا، وأفضل ما كان هو تأجيل الاجتماع إلى ظروف افضل إن وجدتquot;.

أما الصحافي غانم الحسناوي فقال: quot;تأجل الاجتماع وهو في طريقه إلى الإلغاء لان النفوس غير متصافية، والكتل السياسية لم تضع مصلحة الناس في رأس قائمة الأولويات، فنحن نسمع ونرى ونحلل أيضًا أن كل كتلة تريد أن يعطيها الآخرون أكثر من استحقاقها وإلا فهناك المؤامرات والاصطفافات والتهديدات والتصريحات الصحافية التي تدل على قسوة البعض وعلى خيانته للامانة، لاننا نسمع من البعض أنه يكشف اوراق الفساد بعد أن تتعرض مصالحه للضرر، وهذا حال يحزننا حقيقةquot;.

وأضاف: quot;انا اعتقد أن السبب الحقيقي للتأجيل هو المستجدات في الواقع العراقي مثل زيارة رئيس اقليم كردستان الى اميركا وسفر طارق الهاشمي إلى قطر والسعودية، وهو ما اعطى بعض الكتل شيئًا من القوة لعدم التنازل عما كانت تطلبه في السابق، بمعنى آخر أنها وجدت أن هذه المستجدات بمثابة ضغوط لتحصيل مطالبهاquot;.

أما الإعلامي وليد العبيدي فقد استغرب من اتجاه الكتل السياسية إلى تأجيل الاجتماع الذي يراه خطوة ايجابية لحل المشاكل، وقال: quot;استغربت بصراحة أن تتجه الكتل السياسية إلى تأجيل المؤتمر الذي كان الجميع يصر على عقده اليوم قبل الغد من أجل تصفير الأزمات والانطلاق نحو تقديم ما يلزم المواطن العراقي، وكنت اعتقد أن الجميع يتنازل عن سقف مطالبه بعد أن ارتفع صوت المواطن منددًا بسوء الأوضاع وغياب الثقة بين الكتل السياسية، ولكن يبدو نحن في وادٍ والكتل السياسية في وادٍ آخر، وأن تفاؤلنا كان محض سراب، وللأسف أن ما حدث سيكون أزمة كبيرة خاصة أن بعض الكتل صارت تجد في مصائب بعض الكتل الأخرى فوائد لها فيما سيكون المواطن العراقي المتضرر الوحيد.