من اليسار في الأعلى سليم العوا، وأسفل الصورة نبيل أبو الفتوح، وعلى اليمين السلفي حازم أبو اسماعيل

بينما يشتعل سباق الإنتخابات الرئاسية المصرية، أصابت quot;لعنة الجنسية الأجنبيةquot; أو ازدواج الجنسية عدداً من المرشحين المنتمين إلى التيار الإسلامي، وصارت تهددهم بالخروج من الماراتون نحو القصر الجمهوري، لخلافة الرئيس السابق حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة شعبية اندلعت في 25 يناير 2011.


كان المرشح السلفي حازم أبو اسماعيل أول من أصابتهم لعنة الجنسية الأجنبية، بعد الكشف عن أن والدته السيدة نوال عبد العزيز تحمل الجنسية الأميركية، رغم أن برنامجه الإنتخابي يقوم على معاداة أميركا وإسرائيل والإنعتاق من التبعية للأولى، وتطبيق الشريعة الإسلامية، ما منحه شعبية واسعة في أوساط التيار السلفي وبعض المصريين المتدينين، وصار أكثر المرشحين شعبية وقوة في مصر، ما شكل تهديداً حقيقياً لباقي المرشحين، لاسيما الإسلاميين، بل صار يهدد أميركا والمجلس العسكري، و تقدم أبو اسماعيل للترشح رسمياً للإنتخابات الرئاسية بـ 151 ألف نموذج تأييد من مصريين عاديين، رغم أن القانون يشترط 30 ألف تأييد فقط، بالإضافة إلى 45 نموذج تأييد من نواب في البرلمان رغم أن القانون يشترط 30 تأييدا فقط، ورغم أن القانون يشترط تأييد 30 برلمانياً أو تأييد 30 ألف مصري، إلا أن أبو اسماعيل جمع الشرطين معاً، ورافقه إلى مقر اللجنة نحو 15000 من مؤيديه.

ووفقاً للمستشار حاتم بجاتو رئيس اللجنة المسؤولة عن تلقي أوراق المرشحين للإنتخابات الرئاسية فإن اللجنة تلقت إخطاراً من مصلحة الجوازات والهجرة المصرية، يفيد بأن والدة أبو اسماعيل تحمل جواز سفر أميركيا، وأنها دخلت وخرجت به من البلاد عدة مرات، إلا أن أبو اسماعيل يصر على أن والدته مصرية الجنسية، وأنها لم تحصل على الجنسية الأميركية يوماً، بل كانت تحمل quot;غرين كاردquot;.

تأييد أبو اسماعيل برايات القاعدة

وفي محاولة منه للضغط على السلطة في مصر، نظم عشرات الآلاف من أنصار أبو إسماعيل تظاهرات تأييد له، بعد صلاة الجمعة اليوم 6 نيسان (أبريل) الجاري، ورفعوا خلالها صوره، ولافتات له، إضافة إلى رايات تنظيم القاعدة السوداء المدون عليها عبارة quot;لا إله إلا الله محمد رسول اللهquot;، ومن العبارات المكتوبة على اللافتات: quot;stop لو هتغير في الجنسية إحنا هنعمل ثورة ثانيةquot;، quot;رسالة للعسكري التزوير يعني التدميرquot;، quot;مؤامرة ولن نستسلمquot;، quot;سنحيا كرامًاquot;، quot;لا إله إلا الله، إسلامية إن شاء اللهquot;.

وجابت التظاهرات المؤيدة لأبو اسماعيل شوارع القاهرة، إنطلاقاً من مسجد الفتح الذي يسيطر عليه السلفيون في ميدان رمسيس في وسط القاهرة، وانتهاء بميدان التحرير الذي يعد رمزاً للثورة المصرية. ورددوا هتافات مؤيدة له، وأخرى مناهضة لأميركا والمجلس العسكري، منها: quot;مش أميركية دي مصريةquot;، quot;يسقط حكم العسكرquot;، quot;مسرحية مسرحية قالوا جنسية أميركيةquot;، quot; لو فيها تزوير يبقى الإعدام للمشيرquot;، quot;الشعب يريد حازم أبو إسماعيلquot;، quot;أبو إسماعيل الرئيسquot;، quot;الشعب يريد تطبيق شرع اللهquot;، quot;الله أكبر.. الله أكبرquot;، quot;مش أميركا اللي هتختار الشعب اللي هيختارquot;، quot;الصحافة فين الرئيس أهوquot;، quot;بايعناه.. بايعناهquot;، quot;قالك أمه أميركية علشان هيطهر الداخليةquot;، quot;إسلامية.. إسلاميةquot;.

العوا سوري

كما طالت لعنة الجنسية المزدوجة المرشح الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا، فقد كشف أن والده يحمل الجنسية السورية، إلا أنه نفى ذلك، مؤكداً أن والده لم يحمل أية جنسية سوى المصرية، واتصلت إيلاف بالحملة الإنتخابية للعوا لتوضيح الحقيقة، وردت بإرسال بيان حول الأمر ورد فيه أن والده ووالدته لم يحمل أي منهما أية جنسية سوى الجنسية المصرية.

وأضاف أن جده عبد الله سليم العوا ينتمي إلى أسرة العوا الشامية التي لا يزال العدد الأكبر من أبنائها يعيشون في دمشق، ولها فروع في مختلف أنحاء العالم، واختار جده أن يقيم في مصر منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر (حوالى عام 1880 / 1881) فأقام في الإسكندرية، وتزوج فيها من سيدة أصلها من سوهاج في صعيد مصر، وأنجب في الإسكندرية جميع أبنائه وبناته. وأشار إلى أنه لم يكن في مصر آنذاك قانونا للجنسية، وكانت كل الدول العربية تحت الحكم العثماني، ثم صدر أول قانون للجنسية في مصر باعتبار كل مقيم على أرض مصر يوم 1 / 1/ 1914 مصري الجنسية، فشمله هذا القانون، وبذلك كانت الجنسية المصرية هي الجنسية الوحيدة التي حملها جد الدكتور محمد سليم العوا، لأنه كان قبل ذلك quot;رعية عثمانيةquot; شأنه شأن سائر المشمولين بحكم الدولة العثمانية، التي لم تكن فيها جنسيات على أساس بلد الميلاد أو الإقامة على النحو المعروف حديثا، ولم يكن في الدولة العثمانية، أو في أي جزء منها، قانونا للجنسية غير القانون العثماني. ولفت إلى أن جده توفي عام 1942، بينما كان أبوه سليم العوا قد ولد عام 1903 فشمله هو الآخر قانون الجنسية المصرية، وتوفي عام 1983، دون أن ينتسب هو أو أي من أبنائه إلى أي دولة أخرى ويحملون جنسيتها، وبذلك كانت الجنسية المصرية هي الجنسية الوحيدة التي حملها طول حياته.

أبو الفتوح قطري

ونالت لعنة الجنسية الأجنبية من المرشح الرئاسي الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، فقد تداولت وسائل الإعلام أنباء تزعم أنه يحمل الجنسية القطرية إلى جانب المصرية، بناء على أمر من أمير قطر تكريماً لأبو الفتوح على جهود في منظمة الإغاثة الإسلامية في بداية التسعينات من القرن الماضي. غير أن الحملة الإنتخابية لأبو الفتوح نفت تلك الأنباء، وقالت إيمان محمد، عضو الحملة لـquot;إيلافquot; إن هذه الأنباء لا تخرج عن كونها شائعات لا أساس لها من الصحة، تستهدف إعاقة أبو الفتوح عن السير في الحملات الإنتخابية، مشيرةً إلى أن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لا يحمل سوى الجنسية المصرية، ودعت من يروج تلك الشائعات إلى أن يقدم ما لديه من مستندات للنائب العام أو اللجنة العليا لإنتخابات. فيما قال أبو الفتوح في مؤتمر جماهيري إنه لم ينتم طوال حياته لغير مصر، مشيراً إلى أن انتخابات الرئاسة تتعرض لمؤامرة لها أطراف خارجية، بالإضافة إلى محاولات تشويه صورة بعض المرشحين لمصلحة مرشحي الفلول.

مصداقية التيار الإسلامي مهددة

نال ما يثار عن حمل والدة المرشح حازم أبو إسماعيل من مصداقية التيار السلفي في مصر، لاسيما أنها تعتبر الواقعة الثانية لرموز التيار، بعد واقعة النائب في البرلمان أنور البلكيمي، الذي أجرى عملية تجميل لأنفه، وزعم أنه تعرض لاعتداء من مسلحين، وثبتت كذبه فيما بعد، وقال الدكتور محمد عبد السلام الخبير السياسي إن مصداقية الإسلاميين عموماً في مصر صارت على المحك، وأوضح لـquot;إيلافquot; أن التيار الٍإسلامي في مصر ثبت من خلال عديد الوقائع بعد الثورة أنه تيار سياسي يستخدم الدين لتحقيق أهداف سياسية أو من أجل الوصول إلى السلطة، وأضاف أن واقعة البلكيمي لم تؤثر تأثيراً كبيراً في مصداقية الإسلاميين، لاسيما أن حزب النور السلفي أصدر قراراً بفصله من الحزب، ورفع الحصانة البرلمانية عنه، لتقديمه للمحاكمة أمام القضاء، مشيراً إلى أن واقعة الجنسية الأميركية لوالدة المرشح السلفي حازم أبو اسماعيل كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، خاصة أنه كان يتمتع بشعبية طاغية، ولم يكن أحد يتصور أنه يمارس الكذب السياسي أيضاً، ولفت عبد السلام إلى أن التيار الٍإسلامي سدد طعنة جديدة لمصداقيته عندما أعلن الإخوان ترشيح المهندس خيرت الشاطر للإنتخابات الرئاسية رغم تعهد الجماعة في السابق عدم الدفع بأي مرشح أو دعم آخر، وأنها غير طامعة في السلطة.