البابا شنودة أوصى بالالتزام بالشريعة المسيحية في الأحوال الشخصية

في حين يستمر المصريون بكتابة دستور بلادهم الجديد، أشارت مصادر إلى أن وصية البابا شنودة كانت تشدد على أن يكون للشريعة المسيحية القول الفصل في الأحوال الشخصية للمسيحيين. وكشفت معلومات عن رفض وغضب البعض من سفر نحو ألف قبطي إلى إسرائيل للحج.


القاهرة: بينما يمضي الإسلاميون في مصر قدماً في كتابة الدستور الجديد لبلادهم، رغم اعتراضات مختلف التيارات السياسية، بالإضافة إلى الأزهر والكنيسة، كشفت مصادر كنسية لـquot;إيلافquot; أن البابا شنودة الثالث أوصى قيادات الكنيسة قبل رحيله بالوقوف ضد تطبيق الشريعة الإسلامية على الأقباط، لاسيما في الأحوال الشخصية.

الإلتزام بالشريعة المسيحية

طالب البابا الراحل القيادات بالإلتزام بالشريعة المسيحية في هذا الشأن، والضغط بكل ما لديهم من قوة من أجل وضع مادة في الدستور الجديد تنص على أن الشريعة المسيحية لها القول الفصل في مشاكل الأقباط الشخصية، وليست القوانين المدنية أو الشريعة الإسلامية.

ولفتت المصادر إلى أن البابا شدد على ضرورة عدم إعادة النظر في تنفيذ أحكام القضاء الصادرة لصالح نحو 15 ألف قبطي بالزواج الثاني، لأنها تخالف الشريعة المسيحية التي لا تعترف بالزواج الثاني، إلا في حالة وفاة الزوج أو الزوجة أو وقوع أحدهما في الزنى، وأكد لهم ضرورة إظهار قرار رئيس المحكمة الدستورية العليا التي أوقف فيها تنفيذ هذه الأحكام.

عدم تعديل لائحة انتخاب البابا

وأشارت المصادر إلى أن البابا عقد اجتماعاً مع قيادات الكنيسة عندما اشتد عليه المرض وشعر بدنوّ الأجل في بداية شهر آذار (مارس) الماضي، وأوصاهم بعدم التفرق أو الإختلاف من بعده حول طريقة اختيار البطريريك الجديد، وألا يتم تعديل لائحة انتخاب خليفته، وأن يظل الترشح للكرسي البابوي مقصوراً على الرهبان والأساقفة العموم فقط، حتى يظل المنصب روحانيا ودينيا بالأساس، وليس منصباً دنيوياً، كي لا يتسرب إلى شاغله والمحيطين به الفساد، لكنه أبدى مرونة بشأن تعديل بعض بنود اللائحة الخاصة بالناخبين من الأراخنة أي وجهاء الأقباط لتوسيع دائرتهم، حتى يشارك أكبر عدد منهم في اختيار البابا.

أسباب الإنسحاب

ووفقاً للمصادر، فإن انسحاب الكنيسة من اللجنة التأسيسية للدستور جاء بعد أن استشعر ممثلوها أن الإخوان والسلفيين لا قبول لديهم فيما يخص تضمين الدستور مادة تنص على حق غير المسلمين في الإحتكام إلى شرائعهم الخاصة في الأحوال الشخصية، ولفتت إلى أن المجمع المقدس لجأ إلى المجلس العسكري في هذا الصدد، وحذره من الغضب القبطي في حالة الإصرار على تطبيق الشريعة الإسلامية عليهم في ما يخص الأحوال الشخصية.

غير مخالف للشريعة الإسلامية

وقال الدكتور نجيب جبرائيل مستشار الكنيسة لـquot;إيلافquot; إن الأقباط يطالبون بالإحتكام إلى شرائعهم في ما يخص الأحوال الشخصية، مشيراً إلى أن هذا الأمر لا يخالف الشريعة الإسلامية التي تسعى التيارات الإسلامية إلى تطبيقها، وأوضح أنها تنص على أن يتم الفصل بين أهل الكتاب وغير المسلمين بشرائعهم، معتبراً أن آلاف الأحكام القضائية الصادرة للأقباط بالطلاق أو الزواج الثاني صدرت بناء على الشريعة الإسلامية وليس المسيحية، ولفت إلى أن المجمع المقدس أصدر بياناً حدد فيه مطالب الأقباط من الدستور الجديد، وأهمّها تضمينه نصاً يجيز لهم الإحتكام إلى الشريعة المسيحية، وأن تكون مصر دولة مدنية تحترم فيها حقوق الإنسان وتقوم على المساواة والمواطنة، من دون تفريق بين المواطنين على أساس اللون أو الجنس أو العرق.

سفر الأقباط لإسرائيل

وفي سياق متصل، كشفت شركات طيران مصرية عن سفر نحو ألف قبطي إلى إسرائيل لزيارة كنيسة القيامة وقبر المسيح وإحياء أسبوع الآلام وصلب المسيح، رغم إصدار البابا شنودة الراحل قراراً بحظر حج الأقباط إلى القدس ما دامت المدينة تحت الإحتلال الإسرائيلي، وأثار سفر الأقباط لإسرائيل عاصفة من الإحتجاجات والغضب في أوساط المصريين، ورد الأنبا باخوميوس القائم مقام البطريريك بنفي تراجع الكنيسة الأرثوذكسية عن قرارها بحظر سفر الأقباط إلى القدس، وقال في بيان له حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه quot; القرار ليس مرتبطا بحياة البابا الراحل شنودة الثالث، بل سيستمر السير على خطاه ونهجه في كل القضايا القومية والعربية لأن الأيام أثبتت بعد نظره وأن الأمر في صالح الكنيسة والأقباطquot;. ولفت إلى أن هذا القرار يعبر عن موقف تاريخي ووطني للكنيسة لدعم القضية الفلسطينية، وأنها تسير على خطى البابا شنودة الراحل وترفض أي زيارات للقدس. وأكد أن الكنيسة لم تصدر أية تصاريح سفر للأقباط الأرثوذكس إلى إسرائيل، مشيراً إلى أن مصر فيها طوائف مسيحية أخرى غير الأرثوذكس، وليس للكنيسة الأرثوذكسية ولاية عليهم.

سريان حظر السفر

قال الدكتور نجيب جبرائيل المستشار القانوني للكنيسة لـquot;إيلافquot; إن قرار البابا الراحل بحظر سفر الأقباط لإسرائيل ما زال ساري المفعول، ولم يتم إلغاؤه، وأضاف أنه تحدث مع أعضاء في المجمع المقدس في هذا الشأن، ونفوا إصدار أية تصاريح للسفر للقدس، ما دامت المدينة تحت الإحتلال الإسرائيلي، وانتقد جبرائيل الأقباط الذين سافروا للقدس في هذا التوقيت، لا سيما في ظل حالة الحزن العام التي تسيطر على مصر بعد رحيل البابا شنودة الثالث. وأشار إلى أن الذين سافروا إلى القدس في هذه الظروف أضافوا أعباء جديدة على الكنيسة في مرحلة حساسة من تاريخها، بل وأضافوا ضغوطاً أخرى على كاهل المجمع المقدس والبابا الجديد بعد انتخابه.