دخلت نتائج المباحثات التي أجراها رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني في واشنطن مع الرئيس باراك أوباما ومساعديه وتصريحاته القاسية ضد المالكي على خط الخلافات بين حكومتي بغداد وأربيل، حيث جددت الاتهامات بين الطرفين وعملت على تعقيد علاقاتهما في وقت ينتظر أن يعقد اجتماع عاجل لقادة الكتل لبحث امكانية حل الازمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ أربعة أشهر.


في ختام مباحثاته في واشنطن، قال البيت الابيض إن رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني أجرى مباحثات مثمرة مع اوياما ونائبه جوزيف بايدن، اللذين اكدا التزام الولايات المتحدة بعلاقتها الوثيقة والتاريخية مع كردستان والشعب الكردي في إطار شراكتها الاستراتيجية مع عراق فيدرالي ديمقراطي موحد. وأضاف أن الرئيس أوباما ونائبه شجعا بارزاني على المشاركة المستمرة في العملية السياسية في ظل الدستور العراقي.

وأضاف البيت الابيض، في بيان صحافي الليلة الماضية، في ختام زيارة قام بها بارزاني الى الولايات المتحدة استمرت اربعة ايام، أن رئيس اقليم كردستان بحث مع بايدن عدداً من القضايا المتعلقة بالعراق والمنطقة، والخطوات التي ستتخذها الولايات المتحدة لتوسيع نطاق الخدمات التي تقدمها القنصلية الاميركية في أربيل، كما أعرب الاثنانعن تأييدهما لاستمرار المشاورات الرفيعة المستوى بين المسؤولين الاميركيين وممثلي حكومة إقليم كردستان. ومن جهتها، قالت رئاسة الاقليم إن بارزاني أجرى مباحثات مع اوباما ونائبه تناولت الاوضاع في العراق والمنطقة ودعا واشنطن الى عدم السماح بظهور دكتاتور جديد في العراق.

وخلال وجوده في واشنطن، دعا بارزاني الولايات المتحدة الاميركية الى عدم السماح بظهور quot;دكتاتور جديدquot; في العراق، وأشار في تصريحات لصحيفة quot;واشنطن بوستquot; إلى أن quot;الموقف الاميركي يجب أن يكون واضحًا وجليًا في هذه القضية من خلال عدم السماح بمثل هذه التوجهاتquot;. وحذّر من أن quot;العراق يتعرض الآن لأزمة حقيقية على عكس ما يعتقد البعضquot;. وقال: quot;إننا نلاحظ طرفاً واحداً وحزباً واحداً يسعى إلى تكريس سلطته في العراقquot;.

وأشار بارزاني إلى أنه أبلغ الرئيس اوباما ونائبه خطورة الوضع في العراق، بسبب استئثار نوري المالكي بالسلطة والتوجه نحو الدكتاتورية. وقال إنه ما إن يعود إلى أربيل سيدعو إلى quot;اجتماع عاجل يحضره القادة العراقيون، لوضع كل القضايا على طاولة البحث الجدي والصريح، بعيداً عن أي مجاملة، وفي حال رفض المالكي الحضور أو التعاطي بإيجابية، فإننا سنرفض في المقابل وجوده رئيساً للحكومة العراقيةquot;.

ولفت إلى أنّ العراق يتجه إلى كارثة وإلى عودة الدكتاتورية، والاستئثار بالسلطة في كل مرافق الدولة. يتم تهميش الجميع، وكأنه تم إسقاط النظام الجديد في العراق على يد شخص، فيما الباقون يعيشون على مكرمات القائد الجديد، وهذا غير مقبول وغير ممكن.

وأشار الىquot;استئثار شخص واحد بالحكم في العراق وضرورة إنقاذ الديمقراطية الناشئة من خطر جدي في تحولها إلى دكتاتورية يتم بناؤها عبر سيطرة رئيس الوزراء نوري المالكي على كل مفاتيح القوة في البلادquot;. وتصاعدت حدة الخلافات بين الكتل السياسية بعد أن تحولت من اختلاف العراقية ودولة القانون إلى اختلاف الأخير مع التحالف الكردستاني أيضاً، بعد أن جدد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني في (6 نيسان 2012)، خلال زيارته إلى الولايات المتحدة هجومه ضد الحكومة المركزية في بغداد واتهمها بالتنصل من الوعود والالتزامات، وفيما شدد على أن الكرد لن يقبلوا بأي حال من الأحوال أن تكون المناصب والصلاحيات بيد شخص واحد، محذرًا من الرجوع إلى الشعب في حال لم تحل المشاكل.

وعلى الفور رد ائتلاف المالكي على تصريحات بارزاني معتبرًا أنه يقود quot;حملة إعلامية شرسةquot; ضد الحكومة الاتحادية وبشكل بات يعطي رسالة واضحة أنه فقد توازنه بعد فشل زيارته إلى واشنطن وتكشف عمق الهزيمة السياسية التي يواجهها. وقال النائب عن الائتلاف ياسين مجيد إن quot;الحملة الإعلامية الشرسة التي يقودها مسعود بارزاني على الحكومة الاتحادية وخاصة تلك التي يطلقها من واشنطن تعود لأسباب كثيرة ومؤشرات في مقدمتها فشل رهاناته على زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدةquot;.

وأكد مجيد أن quot;الجميع يعرف أن بارزاني حاول بشتى الوسائل عدم عقد القمة في بغداد وطالب بعقدها في اربيل لكن ما حصل من نجاح لها أغاضهquot;، مضيفاً في تصريح لوكالة quot;السومرية نيوزquot; بالقول quot; إن ما كشفه نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني حول الفساد الكبير في عملية إنتاج وتهريب النفط كان مؤشراً خطيراً على ما يحدث في كردستان وفضيحة كبرى يجب التحقيق بهاquot;.

وأبدى مجيد استغرابه من quot;دعوة رئيس إقليم كردستان من واشنطن قادة الكتل السياسية للحضور إلى اربيلquot;، معتبراً أنها كانت quot;بطريقة إملائية استعلائية مما يدلل على عدم معرفته بكيفية مخاطبة الشركاء السياسيينquot;. وشدد بالقول إن quot;حملة بارزاني باتت تعطي رسالة واضحة أنه فقد توازنه وتكشف عمق الهزيمة السياسية التي يواجههاquot;.

وقد تصاعدت الاتهامات بين تحالفي المالكي وبارزاني بشدة خلال الاسبوع الماضي على خلفية وقف اقليم كردستان تصدير النفط، حيث اتهمت حكومة بغداد نظيرتها في اربيل بتهريب النفط الى ايران وافغانستان، فيما قالت هذه الاخيرة إن مسؤولين في وزارة النفط العراقية يهربون النفط الى اسرائيل.

ومن جهتها، شددت الكتلة العراقية أن العملية السياسية وصلت الى طريق مسدود يهدد وحدة ومستقبل العراق، quot;ولا يمكن للمؤتمر الوطني أو غيره أن يعيدها الى مسارها الصحيح إن لم تكن هناك نوايا صادقة مبنية على اساس المصالحة الحقيقية وترك المصالح الفئوية والحزبية والعودة إلى الشعب العراقي ومحاربة الفاسدين والمفسدين الذين عاثوا بالارض فساداًquot;.

وتتحدث بعض وسائل الإعلام في بغداد وإقليم كردستان منذ ثلاثة ايام عن وجود اتفاق سياسي بين التحالف الوطني والعراقية والتحالف الكردستاني بشأن سحب الثقة عن المالكي وترشيح بديل عنه لترؤسها، مشيرة الى أنه تم الاتفاق على أن رئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي الأكثر حظًا ليكون خليفة للمالكي، الأمر الذي نفاه رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري واصفًا تلك الأنباء بـquot;الأكذوبةquot;، معتبراً أنها quot;محاولة للاصطياد في الماء العكرquot;.

يذكر أن العراق يعيش أزمة سياسية كبيرة هي الأولى بعد الانسحاب الأميركي في أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي على خلفية إصدار مذكرة قبض ضد نائب رئيس الجمهورية القيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي، بعد اتهامه بدعم الإرهاب، وذلك في 19 من الشهر نفسه، وتقديم رئيس الوزراء نوري المالكي طلباً إلى مجلس النواب بسحب الثقة عن نائبه صالح المطلك القيادي في القائمة العراقية أيضاً بعد وصف الأخير للمالكي بأنه quot;دكتاتور لا يبنيquot;، الأمر الذي دفع العراقية إلى تعليق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب، وإلى أن تقدم طلباً إلى البرلمان بحجب الثقة عن المالكي، قبل أن تقرر في 29 من كانون الثاني (يناير) الماضي العودة إلى جلسات مجلس النواب، ثم لتعود في السادس من شباط (فبراير) الماضي وتقرر إنهاء مقاطعة مجلس الوزراء، وعودة جميع وزرائها إلى حضور جلسات المجلس.